كما توقع الجميع أن يكون مسلسل الاختيار 2 أحد أهم الأعمال والمسلسلات المعروضة فى شهر رمضان وأكثرها قوة وجذباً للمشاهد، بعد أن حقق الجزء الأول من المسلسل والذى عرض رمضان الماضى نجاحاً منقطع النظير، وأصبحت عبارات الحوار بين أبطاله أيقونات يحفظها الجميع وخاصة عبارات الشهيد أحمد المنسى.
وبالرغم من أن نجاح الأجزاء الأولى من الأعمال الفنية يمنح الأجزاء التالية ثقة الجمهور المبدئية ويضمن لهذه الأعمال مشاهدا مضمونا، إلا أنه يضع الأجزاء التالية من العمل فى تحد كبير، فالمشاهد لا يرضى بأقل من المستوى الذى أعجبه فى الجزء الأول ويلجأ دائماً للمقارنة بين عناصر المسلسل فى الجزأين، وخاصة أبطال العمل.
لكن وبكل مهارة وإبداع وإتقان استطاع صناع مسسل الاختيار 2 أن يواصلوا فى الجزء الثانى إبهار الجمهور وجذبه، ونجحوا فى أن يجعلونه يستعيد ذكريات الأحداث التى عاشها وعاشتها مصر خلال فترة حكم الجماعة الإرهابية، وهو تحد يضاف إلى التحديات الكثيرة التى واجهت صناع العمل، خاصة أن أحداث المسلسل عاشها المصريون على أرض الواقع، فالمسلسل يقدم ملحمة وطنية وأحداثاً وقعت فى وقت غير بعيد، ومنها اعتصام رابعة والتفجيرات والعمليات الإرهابية التى شهدتها مصر خلال هذه الفترة سواء فى سيناء أو فى القاهرة، واستطاع المسلسل بكل براعة أن يقدم كواليس هذه الأحداث فى سلاسة متقنة وحركة وتسارع وانتقال وتناغم بين كل عناصر العمل جعل أنظار وقلوب الجمهور تتعلق بكل مشهد وتنتظر ما يليه.
يبقى التحدى الأكبر لأبطال العمل أحمد مكى وكريم عبدالعزيز اللذين يقدمان ملحمة فنية يعيد فيها كل منهما اكتشاف نفسه ويكتشفهما الجمهور من جديد فى مناطق إبداع لم يرهما فيها من قبل.
نجح الفنان كريم عبدالعزيز أن يقنع الجمهور بأنه ضابط حقيقى يواجه إرهاب الجماعة الإرهابية فى الشوارع والميادين، ويستجوب العناصر الإرهابية، يتحرك ويتحدث وينظر ويلتفت بثبات وجدية متشبعاً بالشخصية وبأداء أكثر من رائع ، يصل كريم عبدالعزيز إلى أكبر درجات النضج الفنى فى الاختيار 2، يمزج بين الإتقان والأداء الواثق القوى دون تشنج أو انفعال زائد، وساهم فى ذلك دراسته للإخراج.
تعامل كريم عبدالعزيز مع دوره المهم فى هذا المسلسل وكأنه الضابط الذى يتعامل بحرص وثبات مع متفجرات ومناطق مفخخة وخطرة ، ويعرف أن أى انفعال زائد قد يفسد الملحمة الوطنية، وامتاز بهذه الصفات والدقة فى كل التفاصيل وهو يمسك بالإرهابيين، أو يتتبعهم ويحقق معهم، كما تجسد فى مشهد التحقيق مع الفنان محمد فراج والذى كان مباراة فنية أجاد فيها النجمان.
أما أحمد مكى المعجون موهبة والمبهر دائماً فتشعر فى كل دور يقدمه أنه يملك جراباً مملوءا بالشخصيات والمفاجآت يخرج منه فى كل عمل شخصية ومفاجأة جديدة، بل إنه القادر على أن يقدم فى العمل الوحيد ما يقرب من 7 شخصيات مختلفة، وهو ما فعله فى مسلسل الكبير قوى وغيره من الأعمال، فتراه بصوت وأداء وشخصية وحركة مختلفة، وكأنه عفريت يتحول بسهولة ويسر، فضلاً عن قدراته المتعددة فى الغناء والحركة والإخراج والتأليف.
وفى الاختيار 2 يزداد إبهار مكى ويكتشف الجمهور مناطق إبداع جديدة لدى النجم المحبوب الذى اشتهر بالأدوار الكوميدية، فلا يستطيع المشاهد أن يرمش من شدة الانبهار والإعجاب، وهو يؤدى دور ضابط عمليات فى سيناء، شخصية جديدة تماما يقدمها مكى، يعيش داخلها ويمنح الجمهور صورة حقيقة للضابط الذى يحمل روحه على كفه ويواجه الإرهاب فى سيناء، ينطق اللهجة السيناوية والبدوية بإتقان لافت وغير مسبوق، ليكون وبلا مبالغة أفضل فنان ينطق هذه اللهجة وكأنه من أهلها، أداء سلس بلا تشنج أو افتعال، كل هذا يؤكد حجم المجهود والتدريب الذى بذله مكى ليكون على قدر مسئولية تجسيد هذه الملحمة الوطنية وترجمتها بملحمة فنية موازية.
نجح معظم المشاركون فى الاختيار 2 فى تقديم أدوارهم بصورة متقنة وبأداء رائع، حتى من قاموا بمشاهد قليلة فى العمل، خاصة مجموعة الفنانين الذين قدموا أدوار أهالى سيناء، وكان من العناصر الجاذبة فى المسلسل الظهور الخاص للفنان الراحل الكبير هادى الجيار، ومشاركة الفنان الكبير رياض الخولى، أما الموهوب إياد نصار والذى ظهر فى الحلقة الثانية من المسلسل مجسدًا شخصية الضابط الشهيد محمد مبروك الذى تولى قضية تخابر مرسى، فمن المتوقع أن تشهد الحلقات القادمة تألقه فى هذا الدور.
ويتميز الاختيار 2 بالتوازن بين الدراما والأكشن والحركة والجوانب الإنسانية، والإبداع فى انتقال الأحداث بين القاهرة وسيناء، والاستعانة بأحداث ومشاهد حقيقية فى مزج رائع يضفى على المسلسل جوانب واقعية، وكذلك الاستعانة بمشاهد من الجزء الأول من المسلسل ومنها ظهور شخصية الشهيد المنسى وأحمد العوضى ومحمد إمام فى الجزء الثانى من الاختيار والذى تم بشكل جاذب وموفق.
ومن المتوقع أن تشهد الحلقات القادمة من مسلسل الاختيار 2 مزيداً من الإبداع والجذب والتوفيق فى تقديم هذه الملحمة الوطنية والفنية.
