مصر هى الحضن الأفريقى والملاذ للقارة السمراء، ودعما لدولة السودان الشقيقة يشارك الرئيس السيسى، اليوم وغد على التوالى، فى مؤتمر باريس لدعم الانتقال الديمقراطى بالسودان ومساعدته على تجاوز الأزمة الاقتصادية ومؤتمر تمويل الاقتصاديات الأفريقية فى ظل جائحة كورونا والذين سيقاما فى العاصمة الفرنسية باريس.
وتأتى المشاركة المصرية على أعلى المستويات، نتيجة للثقل الذى تتمتع به مصر على مستوى القارة الأفريقية بما يساهم فى تعزيز المبادرات الدولية الهادفة لدعم الدول الأفريقية، وتأتى ايضا تلبيةً لدعوة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، وذلك فى ضوء العلاقات الوثيقة والمتنامية التى تربط بين مصر وفرنسا، فضلاً عن الدور المصرى الحيوى لدعم المرحلة الانتقالية فى السودان الشقيق على الصعيدين الإقليمى والدولى.
وتنطلق القمة بمشاركة رئيس مجلس السيادة الانتقالى فى السودان الفريق عبدالفتاح البرهان ورئيس الوزراء السودانى عبدالله حمدوك والوفد المرافق لهما الذى يضم 31 مسؤولا حكوميا سودانيا والرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون.
كما يشارك فى المؤتمر عدد كبير من الدول وممثلين من الأمم المتحدة والاتحاد الأوربى ورجال الأعمال وعدد كبير من المنظمات الدولية والعربية والأفريقية، فضلا عن 15 رئيسا إفريقيا، وعددا من كبار المسؤولين الأوروبيين، بالاضافة إلى ممثلى عدد من مؤسسات التمويل الدولى وعلى رأسها بنك التنمية الإفريقى والمديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولى كريستالينا جورجيف ورئيس بنك الاستثمار الأوروبى فيرنار هويار، ورئيس المفوضية الأوروبية أورسولا فوندرلين، والبنك الأوروبى للإنشاء والتنمية، وعدد من مسئولى الدول الأوربية ومجموعة السبع الصناعية الكبرى ومجموعة العشرين.
وبحسب وكالة الأنباء سونا السودانية، يهدف المؤتمر إلى التطبيع الكامل للسودان فى المجتمع الدولى وتنوير المستثمرين الأجانب والقطاع الخاص والمصرفيين بالإصلاحات الاقتصادية التى تقوم بها حكومة السودان وإبراز فرص الاستثمار فى القطاعين العام والخاص.
وبحسب الوكالة السودانية، فأن المؤتمر الأول سيناقش الوصول لالتزامات حول إزالة أعباء الدين الخارجى (60 مليار دولار)، كله أو جزء كبير منه، والتى ستأخذ فترة تمتد من عام إلى 5 أعوام، والوصول لنقطة اتخاذ القرار حسب مبادرة (هيبك) بواسطة الدائنين (نادى باريس وغيره) والتى ستثمر بعد عمل مضنى شمل الإصلاح الاقتصادى الهيكلى لتشوهات الاقتصاد، ومعالجة مشكلة الدعم السلعى (البنزين والجاز)، وتوحيد سعر الصرف، والإصلاحات التشريعية والسياسية وإجازة قانون تشجيع الاستثمار وقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص للعام 2021، بالإضافة إلى إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وتسديد متأخرات السودان للبنك الدولى (مليار و100 مليون دولار) وبنك التنمية الافريقى (413 مليون دولار).
ومن المتوقع أن يتوصل مؤتمر باريس بشأن الديون السودانية إذا سار حسب ما خطط له حصول السودان على التمويل والمساعدات والقروض المُيسّرة من كافة المؤسسات والصناديق المالية الدولية. كما ستحصل الحكومة على موارد مالية مقدّرة لسد عجز الموازنة والوصول بها إلى الحدود الآمنة (أقل من 3% من إجمالى الناتج المحلي).
وأعلنت دكتورة مريم الصادق المهدى وزيرة الخارجية السودانية فى تصريحات لوكالة السودان للأنباء سونا، أن انعقاد المؤتمر يعد غاية فى الأهمية، حيث يعد أكبر منتدى دولى يتم من خلاله تقديم السودان للعالم، بعد رفع اسمه من قائمة الدول الداعمة للإرهاب وهو بمثابة تدشين لعودته للمجتمع الدولى وانخراطه بشكل إيجابى فاعل بعد أن ظل محروما من المشاركات الدولية بسبب ممارسة النظام السابق.
من جانبه، كشف وزير الاستثمار السودانى، الهادى محمد إبراهيم، أن بلاده جهزت قائمة مشروعات حيوية لطرحها خلال المؤتمر تتضمن 18 مشروعا بمجالات الطاقة والصناعة والزراعة والبنى التحتية والموانئ.
وأضاف "تم أيضا إعداد 26 موقعا للتعدين سيتم طرحها خلال المؤتمر". وأكد الوزير على أن السودان لا يريد أن يتسول فى مؤتمر باريس، إنما لعرض فرص استثمار.
وتابع "المؤتمر يهدف إلى عرض وتقديم السودان الجديد أمام العالم ويحتوى على عدة برامج، من بينها اقتصادية وثقافية". وقال "المؤتمر يؤكد على أن السودان قد تأهل تماما للاندماج مع العالم عبر إجراءات إصلاحية اقتصادية وسياسية".
وأضاف أن "المؤتمر سيشهد عقد ملتقى لرجال الأعمال، كما سيتحدث رئيس الوزراء السودانى عبدالله حمدوك عن الإصلاحات التى تمت فى البلاد فى كافة القطاعات".
وحول مؤتمر تمويل الاقتصادات الإفريقية، من المقرر أن يجمع هذا الاجتماع رؤساء 30 دولة أفريقية، وحكومة ومسؤولى مؤسسات دولية الثلاثاء، على أن يشارك البعض عن بعد عبر تقنية الاتصال بالفيديو، ويهدف إلى مقدمتها مساعدة اقتصاد إفريقيا ودعم التنمية.
وسجلت اقتصاد القارة العام الماضى أول ركود لها منذ نصف قرن (-2,1%)، يتوقع أن يسجل نموا من جديد بنسبة 3,4% عام 2021 و4% فى العام التالى، وسمح تعليق سداد خدمة الدين العام المطبق منذ ابريل بمبادرة من نادى باريس ومجموعة العشرين، ببعض الانتعاش عبر وقف تسديد 5,7 مليارات دولار من الفوائد المترتبة على نحو خمسين دولة، كما نجحت مجموعة العشرين فى اقناع الصين، أكبر دائن فى القارة، ودائنين من القطاع الخاص، بالمشاركة فى إعادة التفاوض حول الديون.
فضلا عن الأزمة الوبائية. فإفريقيا سجّلت حسب البيانات الرسمية 130 ألف وفاة، ودعا 18 قائداً إفريقياً وأوروبياً فى مقالة صدرت فى مجلة "جون افريك" منتصف ابريل، إلى "تعليق خدمة جميع الديون الخارجية على الفور حتى نهاية الوباء" وتعزيز المساعدات الإنمائية. وحثّوا أيضاً صندوق النقد الدولى على تخصيص حقوق سحب خاصة للبلدان الإفريقية لمنحها "السيولة اللازمة لشراء منتجات أساسية ومعدات طبية أساسية".