"أحبها بإرهاب" أبرز ما كتبه أنسى الحاج عن الفنانة الكبيرة فيروز

الثلاثاء، 27 يوليو 2021 11:00 م
"أحبها بإرهاب" أبرز ما كتبه أنسى الحاج عن الفنانة الكبيرة فيروز أنسى الحاج وفيروز
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الشاعر اللبنانى أنسى الحاج (27 يوليو 1937 – 18 فبراير 2014" من الشعراء المشهورين فى النصف الثانى من القرن العشرين، كما كان كاتبا صحفيًا مميزًا، إضافة إلى علاقته بالفنانة الكبيرة فيروز فقد كان يحبها جدًا وكتب لها العديد من المقالات المهمة، لكن أهمها على الإطلاق هو "أحبها بإرهاب" الذى كتبه فى سنة 1970.
 
 

ومما جاء فى المقالة:

 
فى حياتنا لا مكان لفيروز، كلّ المكان هو لفيروز وحدها، ليكن للعلماء علم بالصوت وللخبراء معرفة، وليقولوا عن الجيِّد والعاطل، أنا أركع أمام صوتها كالجائع أمام اللقمة، أحبه فى جوعى حتى الشبع، وفى شبعى أحبه حتى الجوع، أضم يدى كالمصلّين وأناديكَ: إحفظْها! إحفظها... ويقول أيضا: لقد وقعتُ سابقاً فى بشاعة الكبرياء فكتمتُ اعترافى، والآن أقول اعترافى: إنى لا أؤمن إلا بها، و أعيش لأنها هى الحياة، باقى ما أفعله أفعله مرغماً، أنا مرهون بنزوات حنجرتها، عاقد مصيرى على نظرها وخنصرها و آثار قدميها، لقد أعادت اختراع الينابيع، ليست هى طريق الحياة بل الحياة، إنى أتكلم من أعماق البصيرة حيث الصدق لا يختبىء من الخجل و لا يتدلّل لكى يتعرّى، يا رب احفظها! يا رب اخدمها! يا رب اعطنى كلاماً يليق بها! لقد ساقوا إليها المديح، و ارتكبوا بحقها خطيئة التعظيم.
 
 
ويتابع أنسى الحاج : أخاف فلا ينقذنى إلا صوتها، فى فراغ المكان، يتردد كالبشارة فى ضميرى، فى الوقت والأبدية ، هو حبى، إنى أشتهى أن أضمه بيدى كيدى  أو أنفخه فيطير كرماد وردة.
 
ويضيف تغنى لنا الأسرار التى جهلناها والأحلام التى نسيناها، تغنّى و صوتها مكشوف كاليد المفتوحة، وتغنّى و صوتها محجّب كوجه خفضه العذاب و الخفر إلى رجاء الأرض، حتى لو لم يُكتب لها شعر جميل، فإن صوتها كفيل أن يجعل أى كلام شعراً جميلاً، حتى لو لم يكن اللحن رائعاً، فإن صوتها كفيل أن يجعل أى لحن رائعاً، لأن صوتها هو الشعر، والموسيقى، و .. الصوت، لأن صوتها هو الأكثر من الشعر و الموسيقى و الصوت ، صوتها وتمثيلها وحضورها، إن فى وجودها إشعاعاً يبهر كالبرق ، ويستولى على الناظر إليها كما يستولى الكنز على المسافر، صوتها الذى أسمعه فكأنه هو الذى يسمعنى، بل كأنه أحسن من يصغى إلى و أنا أصغى إليه، صوتها الساقط فينا كالشهيد، المُخمِد حولنا العواصف، المُلهب فينا غرائز البراءة و الوحشية، صوتها كمصابيح فى المذبح، وكزهرة جديدة حمراء فى حديقة قديمة، لا صوتها فى سمعنا فحسب، بل إلى الأمام من حياتنا، صوتها المنوِّر، الذى تنويره كتنوير الصليب، لنتوقف و نقدّم لفيروز الشكر فى جميع العالم ، لأن صوتها راعى الرعشة، لأنه هو الرعشة، وهو نار الحب الأخيرة الممشوقة كعروس فوق الماء.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة