-
تحملت الضرب والتعذيب والعطف والإيواء بدور إيواء بـ 4 محافظات
-
كان والدى طوال تلك السنوات يبحث عنى وينشر صورى
-
وتعرف والدى على صورتى بصفحات التواصل الاجتماعى
-
عرفنى بعلامة فى وجهى وفرح بحضورى واكتملت سعادتى بعودتى لأسرتى
تعددت المواقف الإنسانية التى يتعرض لها الأطفال الذين يغادرون أسرهم، ويتيهون بين الزحام فى محافظات مصر، وخلال سنوات ضياعهم يمرون بتجارب ولحظات ومواقف متباينة، ومنهم من يتعرض للإيذاء والضرب والتعدي، ومنهم من يجد من يحنوا ويطبطب عليه.
ومن بين هؤلاء محمد إبراهيم، الذى خرج من منزل أسرته بمحافظة الدقهلية وكان عمره 7 سنوات، ولم يكن خروجه بسبب إيذاء أسرته له، ولكن بسبب انزعاجه من البكاء واللطم وشق الملابس فى منزلهم لوفاة جدته، فانزعج الطفل فقرر الخروج للشارع لعله يجد جواً مغايرا للحزن والألم، ولم يكن يعلم أنه سيتعرض خلال 21 سنة للضرب والإيذاء، والانتقال من محافظة لأخرى ومن جمعية أهلية ومن دار إيواء عبر تلك السنوات، حتى توقف قطار الزمن فى دار إيواء بقرية الورق التابعة لمركز سيدى سالم بمحافظة كفر الشيخ، ويجد بها العطف والحب والراحة النفسية لتغسل الأيام التى قضاها بها أيام الذل والحرمان، ويختتم مشوار 21 سنة بالعثور على أسرته، وتعود لحظات الصفاء والحب والدفء بين الطفل الكفيف الذى أصبح شابا وبين والده وأشقائه.
وكشف محمد إبراهيم 28 سنة، الشاب الكفيف عن سبب تركه لأسرته وهروبه وهو فى السابعة من عمره، مؤكداً أن جدته توفيت ووجد الحزن يملأ أسرته وشاهد اللطم وشق الملابس حزنا على وفاتها، فشعر بالضيق فخرج من منزلهم هربا من هذا الجو الكئيب على أنه سيعود مرة أخرى ولكنه استقل إحدى السيارات ومن يومها لم يعرف طريقا لمنزلهم.
قال محمد إبراهيم، إنه سعيد بعودته لأسرته بعد غيابه طوال تلك السنوات، مؤكداً أن ما يحدث له أمر لا يصدقه عقل، فكل ما يتذكره أنه استقل سيارة ووجد نفسه بالإسكندرية، وفى شوارع الإسكندرية عاش لحظات الخوف وعدم النوم والجوع، وعثرت عليه سيدة بالإسكندرية وتوجهت به لقسم الشرطة ليجد مكانا ينام فيه، ومنها لقسم الشرطة بالجيزة، وتم نقله لعدد من دور الرعاية بالإسكندرية وبرج العرب والجيزة، فلم يجد فيهم أى راحة له حتى تم نقله لدار رعاية بالبحيرة ومنها لكفر الشيخ الذى وجد فيها حسن معاملة.
محمد ابراهيم سعيد بعثوره على اسرته
وقال محمد إبراهيم، إنه يتذكر طفولته ووالده وأشقاءه، وأن والده طوال تلك السنوات كان يبحث عنه وينشر إعلانات حتى تعرف على صورته على صفحات التواصل الاجتماعي، وعندما جاء والده عرفه بعلامة فى وجهه، ففرح بحضوره، وأنه ينتظر عودته لمنزله.
وأضاف الشاب الكفيف، لـ"اليوم السابع"، مرت 21 سنة لقى فيها الحزن والألم وأحيانا العطف وأحيانا الضرب والتعدى، وانتقل من مكان لآخر ومن محافظة لأخرى ومن دار رعاية لأخرى فى 4 محافظات "الإسكندرية والجيزة والبحيرة وكفر الشيخ"، فلم يجد اهتمام وراحة ورعاية إلا بكفر الشيخ فقط ،فتعرض للضرب فى عدد من الجمعيات التى عاش بها صغيراً، مؤكداً أنه يقدم كل الشكر للقائمين والعاملين بالجمعية الأهلية بكفر الشيخ على حسن المعاملة والضيافة، لأنهم اعتبرونى نجلهم.
وقال محمد إبراهيم، يتذكر أنه كان يساعد والده فى عمله فى محطة وقود، واشتغل عدد من الأعمال وهو صغير، وكان آخرها تباع على سيارة، كما كان يساعد والده فى محطة الوقود، وكان يجد الحب والرعاية من والده، ويتذكر أشقائه من أبيه وأمه، وبعد تعرفه على أسرته تعرف على أشقائه من والده، مؤكداً أن والده زاره بدار الإيواء وجلس معه وتناولا الطعام لأول مرة بعد 21 سنة وتبادل مع والده الذكريات عندما كان طفلا، وذكره بمواقف متعددة مرت عليهما بمنزلهم بالدقهلية، وبات والده فى منزل مشرف الجمعية والذى يكن له كل حب واحترام وتقدير،مؤكداً أنه يتلقى اتصالات يوميا من والده وأشقائه وخاصة شقيقته بالقاهرة ومن أنجالها، فكان يتمنى أن تكون له أسرة تؤويه، ووالد يشعر معه بالدفئ، مؤكداً أنه يشعر بالسعادة بالكلمات التى يسمعها من والده ومنها "ابنى حبيبى وحشتني"، ومن شقيقه "اخويا الغالى نفسى أشوفك وتزرني"، ومن نجل شقيقته "عاوز أشوفك يا خالو" .
محمد ابراهيم كفيف تعرف على اسرته بعد 21 سنة
وأضاف إبراهيم أنه ينتظر اليوم الذى يعيش مع أسرته فى الدقهلية، ليتنقل بين شقيقته المتزوجة بالقاهرة والدقهلية، وأنه سعيد عندما تواصلت شقيقته معه وكذلك أبناء شقيقته، مؤكداً أن والده عرفه بعلامة فى جبينه كانت إصابة ومازال أثرها ظاهر، وأنه تذكر الكثير مما كان يحدث فى بيت والده عندما جلس معه من عدة أيام.
وقال محمد إبراهيم، ينصح الأطفال بعدم ترك أسرهم ومنازلهم حتى لا يتعرضوا لما تعرض له، مؤكدا أنه طوال السنوات الماضية كان يخشى وهو طفل أن يتم قتله وبيع أعضاءه، لذا ينصح كل طفل عدم ترك منزلهم، رحمة بأنفسهم وبأسرهم، ولو كان يعرف ما سيحدث له طوال السنوات الماضية ما ترك منزل والده، ومن نعمة الله عليه أنه عادة مرة أخرى لأسرته.
وأكد محمد إبراهيم، مهما عبر عن مشاعر السعادة والفرحة فلن يستطيع، لأنه سيعود للأمن والأمان برغم شعوره بالحزن من ترك الجمعية الأهلية بكفر الشيخ لحسن معاملتهم، وخلال عامين كون صداقات قوية، ناصحا كل العاملين بالجمعيات ودور الرعاية حسن معاملة الأطفال لتكون ذكرى خالدة طيبة فى ذهنه عندما يكبر، مشيراً إلى أن والده كان يبحث عنه طوال السنوات الماضية، وعرفه عندما نشرت صورته وشعر من خلال ملامحه طفلا أن ذلك الشباب نجله، فكان بداية التواصل واللقاء.