تحركات من وراء الستار يقودها كبار الساسة داخل الحزب الديمقراطي لحماية شعبية وسمعة كامالا هاريس، نائبة الرئيس الأمريكي جو بايدن، وهو ما يشي بوجود اتجاه قوي داخل الحزب الذي ينتمي إليه بايدن للدفع بها مرشحة للانتخابات الرئاسية المقبلة، والتي تشير كافة التقديرات إلى اعتزام الرئيس السابق دونالد ترامب خوضها للثأر من الهزيمة في المعركة الانتخابية التي جرت في 2020، وطالما شكك ترامب في نزاهتها.
التقديرات التي تحدثت عنها صحيفة تليجراف في تقرير لها الأربعاء ، يرجحها عدة عوامل بمقدمتها كبر سن الرئيس الأمريكي الحالي، وحالة الغموض التي تحيط بقدراته الصحية علي الاستمرار في ولاية ثانية، فضلاً عن الأزمات العديدة التي تعصف بإدارته وبمقدمتها الفوضى التي صاحبت الانسحاب الأمريكي من أفغانستان.
وبحسب تقرير تليجراف، فإن التراجع الملحوظ في وتيرة الاجتماعات المشتركة بين بايدن ونائبته خلال الفترة الأخيرة، وقلة ظهورها يبدوا متعمداً، حيث أكدت مصادر وثيقة الصلة بكلاً من هاريس وبايدن أن علاقتهما وثيقة للغاية.
وقالت صحيفة "تليجراف" البريطانية إن كامالا هاريس نائبة الرئيس الأمريكى، جو بايدن يبدو أنها تنأى بنفسها عن الرئيس حتى لا تتأثر حظوظها حال قررت خوض الانتخابات الرئاسية عام 2024، لاسيما مع تراجع شعبيته منذ الانسحاب الفوضوى من أفغانستان.
وأوضحت الصحيفة أن وتيرة الاجتماعات الخاصة والعامة بين بايدن وهاريس تراجعت بشكل كبير، منذ أن بدأت شعبية الرئيس، معتبرة أن عدم الظهور معا منذ ذلك الحين يؤكد تقريرًا سابقًا لصحيفة "التليجراف" يفيد بأن استراتيجيي البيت الأبيض قرروا عمدًا حماية هاريس من التلوث السياسي.
وقالت الصحيفة إن معدل تأييد بايدن انخفض الآن بشكل أسرع في الأشهر التسعة الأولى له من أي رئيس منذ الحرب العالمية الثانية ، ويواجه العديد من الأزمات بما في ذلك ارتفاع التضخم وقضايا سلسلة التوريد.
وبحسب مصادر أمريكية تحدثت للصحيفة، كانت هناك قلق في معسكر النائبة هاريس من أنها لم تحصل على ما أطلق عليه أحد المستشارين السابقين "محفظة كل النجوم"، حيث طُلب منها بدلاً من ذلك تولي القضايا الخلافية للغاية المتعلقة بأمن الحدود وحقوق التصويت.
وأوضحت الصحيفة أن عدد المرات التى ظهر فيها الرئيس وهاريس علنا، كان 38 حدثًا مشتركًا في فبراير ، أول شهر كامل لهم في المنصب ، و 38 حدثًا آخر معًا في مارس، لكن ذلك انخفض تدريجياً ، خاصة بعد الانسحاب من أفغانستان فى أغسطس.
وأضافت الصحيفة أنهما اجتمعا فى ثمانية أحداث فقط معًا في سبتمبر، وسبعة حتى الآن في أكتوبر.
وكانت الغالبية العظمى من هذه الفعاليات في جلسات خاصة ، مع ظهورهما علنًا مرتين فقط في الشهرين الماضيين. وظهر بايدن وهاريس معًا علنًا في البنتاجون للاحتفال بالذكرى السنوية لأحداث 11 سبتمبر، وللذكرى العاشرة لإحياء ذكرى مارتن لوثر كينج جونيور في أكتوبر.
واعتبرت الصحيفة أن قلة اللقاءات بينهما بمثابة تذكير بأن بايدن وهاريس ليس لهما تاريخ شخصي أو سياسي طويل معا ، حتى أنهما اشتباكا بقوة في المناظرات خلال المنافسة على ترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة في عام 2020.
وأعرب بعض المسئولين الديمقراطيين المشاركين في عملية التدقيق لاختيار نائب بايدن في الانتخابات عن قلقهم في ذلك الوقت بشأن مستوى الثقة بين السياسيين.
وكانت العديد من أحداثهم المشتركة هي الغداء الأسبوعي الخاص المعتاد الذي يعقده الرئيس تقليديًا مع نائب الرئيس. بينما كانا يجتمعان للاستماع إلى الإحاطة اليومية للرئيس، وهو التقييم الاستخباراتي الذي يتم تسليمه إلى بايدن كل صباح.
وقالت الصحيفة إن هاريس شاركت في الإحاطة الاستخباراتية 15 مرة في فبراير ، و 17 مرة في مارس ، ولكن مرتين فقط حتى الآن في أكتوبر.
وفقًا لتحليل شامل لجدول أعمالها أجرته صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية ، عقدت هاريس ما مجموعه 485 حدثًا في 278 يومًا في المنصب.
وقال مطلعون في وقت سابق لصحيفة "تليجراف"إن الجهود بُذلت لوضع مسافة بين السيدة هاريس وبايدن في أعقاب كارثة أفغانستان.
وقال أحد المطلعين: "إنه أفضل شيء يمكن أن يفعله [بايدن] ، هو إبعاد نائبة الرئيس عنه قدر الإمكان".
وينفي مسؤولو البيت الأبيض وممثلو هاريس أن التراجع الدراماتيكي في الأحداث المشتركة بين الرئيس ونائبة الرئيس يشير إلى أي تغيير في علاقتهما.
وقالوا إنه مع رفع القيود الوبائية ، تسافر هاريس أكثر ، ويتم إرسالها إلى أجزاء مختلفة من البلاد للترويج لأجندة بايدن. كما أشاروا أيضًا إلى وجود اجتماعات خاصة ومكالمات هاتفية بينهما ليست مدرجة في الجدول العام لأي منهما.
ومع ذلك، يبدو أن عدم الظهور علنًا مع بايدن له تأثير مفيد لهاريس، حيث أظهر أحد استطلاعات الرأي الشهر الماضي ارتفاع نسبة التأييد لديها إلى 49 في المائة بعد كان دائما أقل من 40.
وفي غضون ذلك، وفقًا لمؤسسة جالوب، انخفض متوسط التأييد لبايدن بمقدار 11.3 نقطة إلى 44.7 في المائة في الأشهر التسعة الأولى من حكمه ، وهو انخفاض أكبر من أي من الرؤساء العشرة السابقين.