"سيادة القانون والديمقراطية وحقوق الإنسان" هذه هى إنجازات الدولة القومية الحديثة أو هكذا نعتقد بشكل عام، وقد وضعت الدساتير والإعلان العالمى لحقوق الإنسان معايير يجب على الملوك والحكام الأقوياء الالتزام بها، لكن هل كانت هذه الأحداث أساسية كما نعتقد؟ وهل كانت الأفكار التى أطلقوها ثورية إلى هذا الحد؟
إن الفكرة القائلة بوجوب محاسبة الحكام وفقًا لقوانين موضوعية، ووجوب وجود حكم القانون، بدلاً من الحكم المطلق فكرة قديمة، يمكن إرجاعها إلى ما يقرب من 2000 قبل الميلاد عندما وجه أحد أمراء الحرب فى بلاد ما بين النهرين بنقش قائمة طويلة من القوانين على لوح حجرى، لم يكن حمورابى أول من يضع القوانين، لكن قوانينه مثل فتوحاته العسكرية كانت ضخمة.
فى الجزء العلوى من حجر الجرانيت الخاص به (الموجود الآن فى متحف اللوفر فى باريس) نحت البناؤون صورة للملك يتلقى السلطة من إله الشمس. وأعلن حمورابي أن القوانين ستضمن العدالة لجميع البابليين لأجيال قادمة. لقد أضاف دعاءً للآلهة لإلقاء الوباء والبؤس على أي حاكم لاحق يتجرأ على مخالفته.
قوانين حمورابى تقدم نموذجا للسلام أو الديمقراطية أو حقوق الإنسان. لكن كلماته تعبر عن جوهر سيادة القانون: أى أن حاكم يجب أن يخضع للمساءلة وفقًا لمعايير قانونية موضوعية، بينما لا نعرف كيف طبق القضاة البابليون قوانينه، هذا إذا طبقت على الإطلاق، لكن حتى بعد أن فقد خلفاء حمورابي السلطة واجتياح القوات الآشورية للمنطقة، استمر سكان بلاد ما بين النهرين في الرجوع إلى قوانينه. وقد نسخها الكتبة بعد قرون عندما تعلموا حرفتهم. وألهمت القوانين أيضًا رجال القبائل في في أقصى الغرب وفقا لمجلة تايم الأمريكية.
تحتوى مسلة حمورابى التى ضمت قوانينه على 282 مادة تعالج مختلف شئون الحياة الاقتصادية والاجتماعية على جانب كبير من الدقة لواجبات الأفراد وحقوقهم في المجتمع، كل حسب وظيفته ومسئوليته، ويشتمل قانون حمورابي الذي صدر في السنوات الأخيرة من عهده قمة ما وصلت إليه وحدة البلاد السياسية والحضارية حيث طبق القانون على جميع المدن والأقاليم التي ضمتها الدولة البابلية وضم القانون مختلف القواعد والأحكام القانونية كمبدأ التعويض ومبدأ القصاص ومبدأ عدم جواز التعسف باستعمال الحق الفردي ومبدأ القوة القاهرة وكان يتم تعديل بعض القوانين وإضافة القواعد التي تتطلبها المرحلة الجديدة التي تمر بها الإمبراطورية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة