كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن التوترات بين روسيا وأوكرانيا لم تنحسر تأثيرها فقط على مناطق الصراع بل ستمتد أثارها على العالم برمته وعلى منطقة الشرق الأوسط أيضا وذلك لأن الكثير من صادرات القمح تذهب إلى منطقة الشرق الأوسط، مما يشكا تهديدا كبير لأسعار السلع الغذائية وخاصة الخبز.
وبحسب الصحيفة، ساعدت التوترات المتصاعدة والحركة العسكرية المتزايدة على طول الحدود الروسية الأوكرانية في دفع العقود الآجلة للقمح المتداولة في شيكاغو إلى الارتفاع بأكثر من 7% خلال شهر يناير إلى حوالي 8 دولارات للبوشل (مكيال الحبوب) وهو أقل بقليل من أعلى مستوى له خلال 10 سنوات تقريبًا عند 8.50 دولارات للبوشل.
القمح
ويخشى بعض المحللين من أن التوغل الروسي العميق في أوكرانيا والعقوبات الغربية التي تحد من الصادرات الروسية ستمثل أسوأ سيناريو عالمى، كما يمكنها أن تحرم الأسواق العالمية من نصيب الأسد من إمدادات القمح لكلا البلدين، بحسب الصحيفة.
وتعرف أوكرانيا باسم سلة الخبز فى أوروبا، وهى مسئولة عن 10% من صادرات القمح فى العالم، كما تصل صادرات القمح الوفير فى أوكرانيا إلى دول شمال أفريقيا.
أندرى سيزوف، العضو المنتدب لشركة SovEcon، وهي شركة أبحاث روسية تركز على أسواق الحبوب في البحر الأسود، قال إن الأضرار التي قد تحيق بالبنية التحتية الزراعية فى أوكرانيا قد تؤدى إلى ارتفاع الأسعار بنسبة تتراوح بين 10% و20%.
ويستفيد المشترون في الشرق الأوسط من الطريق البحري القصير عبر مضيق البوسفور وسيتعين عليهم دفع المزيد في تكاليف الشحن لجلب القمح من الولايات المتحدة أو أستراليا.
الخبز
وتأتي الأسعار المرتفعة في وقت صعب بالنسبة للبلدان التي تعتمد على واردات القمح، إذ دفعت تحديات الإمدادات المستمرة الناجمة عن الجائحة في دفع أسعار الغذاء العالمية إلى أعلى مستوياتها خلال عقد من الزمان.
ويحوم مؤشر أسعار الغذاء لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة بالقرب من أعلى مستوى له منذ عام 2011.
وخلال العقد الأخير صعدت أوكرانيا إلى المراتب الأولى في صادرات الحبوب، حيث كانت تهدف هذا العام إلى احتلال المرتبة الثالثة في القمح والمرتبة الرابعة في الذرة، على الرغم من أن الصراع الأخير مع روسيا قد غرس الخوف في الأسواق بشأن ما إذا كانت جهود التصدير الأوكرانية يمكن أن تنجح.
وبحسب رويترز، فإن الاحتلال الروسى للأراضى الأوكرانية قبل 8 سنوات لم يعرقل صادرات الحبوب، لكن مخاوف عدم الاستقرار فى العملة الأوكرانية هي التي قد تؤثر على صادرات المحاصيل.
يشكل الأمن الغذائي العالمي مصدر قلق كبير في حالة ما تعرضت الصادرات الأوكرانية للاضطراب، لأن الكثير من الحبوب موجهة إلى دول الشرق الأوسط وأفريقيا التى تعتمد بشكل كبير على الواردات.
وفي الآونة الأخيرة، توجه أكثر من 40% من شحنات الذرة والقمح السنوية لأوكرانيا إلى الشرق الأوسط أو إفريقيا.
كما أدت موجات الجفاف التاريخية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا العام الماضي إلى تفاقم الاحتياجات من الحبوب مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية المحلية والمخاوف المستمرة بشأن النقص.
الذرة
وأدى الدور المتزايد لأوكرانيا في السوق الزراعية العالمية إلى جذب الكثير من الاستثمار الأجنبي إلى البلاد، مما أدى إلى زيادة المحاصيل الزراعية.
ومع ذلك، فقد أشار المزارعون بالفعل إلى مخاوفهم قبل موسم الذرة 2022 بشأن التأثير السلبي المحتمل لارتفاع أسعار الوقود.
وقال أليكس سميث، المحلل الزراعي في معهد Breakthrough لصحيفة Washington Post، إن التهديدات لصادرات القمح الأوكرانية تشكل أكبر خطر على الأمن الغذائي العالمي.
وأشار سميث إلى أنه في عام 2020، جاء نصف القمح المستهلك في لبنان من أوكرانيا، وتستورد اليمن وليبيا على التوالي 22% و43% من إجمالي استهلاكهما من القمح من أوكرانيا.
وفي عام 2020، صدرت أوكرانيا أيضًا أكثر من 20% من القمح لماليزيا وإندونيسيا وبنجلاديش.
وأضاف سميث إلى أنه إذا حدث هجوم على أوكرانيا، قد يؤدي ذلك إلى استيلاء روسي على الأرض، مما فقد يؤدي لانخفاض إنتاج القمح وسط فرار المزارعين وتدمير البنية التحتية.
من ناحية أخرى، صدرت أوكرانيا أكثر من 8 ملايين طن من الذرة إلى الصين في عام 2020، وهو ما يزيد قليلاً عن ربع إجمالي صادرات الذرة الأوكرانية في ذلك العام، وفقًا لوزارة الزراعة الأمريكية.
لذلك قد يؤدي نقص الذرة الأوكراني إلى قيام الصين بشراء الذرة من الولايات المتحدة الأمريكية.
وبحسب رويترز، تشكل صادرات الحبوب هي حجر الزاوية في الاقتصاد الأوكراني، ومن المتوقع أن تصدر البلاد هذا العام أكثر من ثلاثة أرباع محصولها المحلي من الذرة والقمح.
حيث تزداد أهمية أوكرانيا بالنسبة للبذور الزيتية لأنها تمثل نصف صادرات زيت عباد الشمس في العالم، وهي المصدر الثالث لبذور اللفت.
وسجلت العديد من البذور الزيتية العالمية، وخاصة الزيوت النباتية، أسعارًا قياسية مرتفعة خلال العام الماضي.
وفي هذا العام، من المتوقع أن تمثل أوكرانيا 12% من صادرات القمح العالمية، و16% للذرة، و18% للشعير، و19% لبذور اللفت.