يتابع العالم عن كثب تطورات الأزمة ما ستسفر عنه تطورات الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، وسط تصعيد لخطاب الحرب وتحذيرات غربية من عواقب وخيمة ونفى روسى للسعى لغزو أوكرانيا، الأمر الذى ألقى بظلاله على أسعار النفط والطاقة وأثار المخاوف من تداعيات أكبر تتجاوز حدود الجغرافيا.
الأزمة الراهنة بدأت فى العاشر من نوفمبر الماضى عندما طلبت الولايات المتحدة من روسيا توضيح التحركات غير العادية لقواتها على حدودها مع أوكرانيا، فى الوقت الذى اتهم فيه الرئيس الروسى فلاديمير بوتين الغرب بتسليم أسلحة إلى كييف وإجراء مناورات عسكرية استفزازية فى البحر الأسود وقرب الحدود.
قد يبدو للوهلة الأولى صراع وليد اللحظة، لكن بالعودة إلى الوراء ثمانية أعوام، تتضح الصورة بشكل أكبر، حيث شهد عام 2014 احتجاجات أطاحت برئيس أوكرانيا الموالى لروسيا فيكتور يانوكوفيتش، وتولى بعده حكومة موالية للولايات المتحدة وأوروبا، الأمر الذى أشعل مخاوف روسيا بشأن وجود أنصار لخصمها التاريخى واشنطن على حدودها وفى منطقة نفوذها.
سمحت الطبيعة السكانية فى أوكرانيا لروسيا بمحاولة الحفاظ على النفوذ، حيث يغلب على سكان مناطق شرق أوكرانيا الحديث باللغة الروسية، ويؤيدون روسيا بطبيعة الحال، وهو ما شجع موسكو على التحرك لضم شبه جزيرة القرم فى عام 2014 بعد إجراء استفتاء فيها جاءت نتائجه لصالح الانضمام للاتحاد الروسى، فى تحرك لم يستطع الغرب بأسره أن يمنعه، واكتفى بفرض عقوبات على موسكو. وعقب ضم القرم، اندلعت حرب فى شرق أوكرانيا بين كييف والانفصاليين المؤيدين لروسيا، وهى حرب سقط فيها الآلاف.
تزعزع استقرار مناطق كثيرة فى أوكرانيا، منها دونتسيك ولوجانسك، اللتين أعلنتا بدوريهما استقلالهما عن سلطة كييف بعد إجراء استفتاءين فيهما. وكان الرئيس الأوكرانى يانوكوفيتش منحدرا بالأساس من دونتسيك. وفى ظل الأزمة الراهنة، صوت البرلمان الروسى للاعتراف باستقلال كلا من دونتسيك ولوجانسك، فى خطوة لم تقم بها أى دولة أخرى، وهو ما يتعارض مع اتفاقيات منسيك التى تنص على أن تظل المنطقتين تحت سيادة أوكرانيا.
ورغم أن الأمور حتى الآن لم تشهد توغلا عسكريا أو استخدام للقوات من أى من الجانبين، إلا أن الأزمة الراهنة ربما تبدو أكثر تعقيدا تتشابك فيها الأطراف ، وتعكس صراعا أكبر بين معسكر الشرق محددا فى روسيا والصين ومعسكر الغرب بقيادة أمريكا. فروسيارغم نفيها الاتهامات الغربية بالاستعداد لغزو أوكرانيا، تؤكد على رفضها التام انضمام كييف إلى حلف الناتو، وهو تحالف عسكرى غربى من شأن انضمام أوكرانيا به أن يجلب جنود "العدو" على أبواب روسيا. وفى ظل الضغوط الغربية الكثيفة، لجأ بوتين لتأكيد شراكته القوية مع الصين التى تواجه هى الأخرى اتهامات وانتقادات وعداوات غربية مستمرة.