تصدر ملف تغيير الحكومة المشهد على مدار الأيام الماضية ونظرا لضخامة الجهاز الإداري للدولة المصرية حيث واحدة من أهم المشكلات التي تعاني منها الدولة خاصة في ظل كبر عدد الوزارات بالمقارنة بعدد من الدول المتقدمة؛ إذ يضم التشكيل الوزاري الحالي 32 حقيبة وزارية بالإضافة إلى عدد من الهيئات التابعة لمجلس الوزارة مباشرة ولذلك سعت الحكومة الى تقليل عدد من الوزارات ودمج بعضها البعض حيث يؤدي تقسيم المهام والأدوار إلى تيسير المتابعة الدقيقة للمهام المنوط بها كل وزارة، ويهدف دمج الوزارات بشكل عام إلى تحقيق تكامل أكبر بين السياسات ذات الصلة، وتعزيز التعاون بين الوزارات، ولتقليل التعارض في السياسات، وتعظيم الموارد بما ينعكس على القدرة على الفاعلية في تنفيذ السياسات ذو التأثير المباشر على المواطن ، كما يؤدي دمج الوزارات إلى مواجهة تحديات زيادة عدد الوزارات، وهي تداخل اختصاصات الوزارات مع بعضها البعض وتكامل أكبر بين السياسات ذات الصلة وتفتيت المهمة الواحدة بين أكثر من وزارة وعدم وضوح الأهداف، وتضارب الصلاحيات والمسئوليات.
دمج بعض الوزارات مع بعض البعض الهدف منها هو توحيد الاختصاص خاصة بين الملفات ذات الصلة والمتداخلة مع بعضها ويتم تنفيذ عملية الدمج بين وزارتين قد يمكن من خلال اختيار الوزير المختص بالوزارة الجديدة، وتعيين مساعدين له كل منهم يختص بالملف المنوط به الوزرات المندمجة وإصدار قرار جمهوري بشأن تعديل مسمى الوزارات وتحديد تفصيلي للمهام المنوطة للوزارة الجديدة.
من ضمن الوزارات التي من المقرر دمجها وزارتي التخطيط والتعاون الدولي حيث ينقسم دور وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية إلى محورين رئيسين محور التخطيط والذي يختص بإعداد خطط التنمية المستدامة طويلة ومتوسطة وقصيرة الأجل، وتطبيق أحكام قانون إعداد الخطة العامة للدولة ومتابعة تنفيذها ,محور التنمية الاقتصادية والذي يختص بتحديد الأهداف الكلية للتنمية الاقتصادية ،واقتراح السياسات الاقتصادية لتحقيق تلك الأهداف، وصياغة استراتيجية التنمية المستدامة الوطنية ومتابعة تنفيذها ، بينما تتولى وزارة التعاون الدولي تعزيز التعاون مع شركاء التنمية الدوليين لدعم اجندة التنمية الوطنية، ويستفيد من تلك الشراكات الدولية كل من الوزارات والجهات الحكومية، الجامعات والمراكز البحثية القطاع الخاص والمجتمع المدني ، ولعل من إيجابيات دمج وزارتي التخطيط والتعاون الدولي ،تحقيق التكامل الحكومي بين ملفات الوزارتين، مما يسهل وضع خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة حتى عام 2023 ومتابعة تنفيذها وتقويمها وضمان حسن استغلال أصول الدولة بالتعاون مع كافة الجهات المعنية وتعزيز التعاون مع شركاء التنمية الدوليين، لجذب التمويل الدولي للمشروعات التي تساهم في تحقيق خطط وأهداف التنمية الاقتصادية.
يعد دمج بعض الوزارات مع بعضها من الملفات الهامة، حيث من المقرر دمج وزارتي الخارجية والهجرة وان هذا لم يعد مقتصرا على الحكومة المصرية حيث تقوم العديد من الدول العربية بدمج ملفي الشئون الدبلوماسية الخارجية والمواطنين والمهاجرين تحت مظلة إدارية حكومية واحدة، وإن اختلفت تلك المسميات من دولة لأخرى ليضمن ذلك بدوره رعاية مصالح مواطني تلك الدول من خلال البعثات الدبلوماسية وفق ما تنص عليه القوانين ،ولعل من إيجابيات دمج وزارتي الهجرة ووزارة الخارجية تحقيق التكامل الحكومي بين ملفات الوزارتين، مما يسهل عملية التفاعل مع المواطنين سواء المسافرين لمدد قصيرة او المهاجرين لفترات طويلة وهو ما يساعد على تقديم أفضل مستوى ممكن من الخدمة والرعاية لمصالح أبناء مصر في الخارج وتعظيم كفاءة استخدام الموارد المالية المخصصة لملفي الخارجية الهجرة وتقليل الاهدار والانفاق على أكثر من كيان حكومي ، كما أن من إيجابيات دمج وزارتى الخارجية والهجرة تركيز اغلب الجهود المتعلقة بمصالح المصريين في الخارج في يد جهة واحدة، مما يمنع تعارض السلطات والمسؤوليات وما يتبعها من تعطيل لمصالح المواطنين
دمج بعض الوزارات ليس فريدة على التجربة المصرية ،حيث تتجه العديد من الدول إلى تقليص عدد الوزارات من خلال دمج بعض الوزارات التي تشترك في المهام، وذلك لتحقيق عدد من الأهداف، منها تقليل البيروقراطية بشكل أكبر من خلال تغيير ثقافة صنع القرار وتقليل عدد القرارات التي يتعين على مجلس الوزراء اتخاذها، وبالتالي تمكين الوزراء التنفيذيين من اتخاذ قرارات تتوافق مع سياسة الحكومة وارتفاع العائد على الاستثمار وسرعة الإنجاز وعدم تضارب المصالح مع تحقيق معيار أعلي وأفضل استثمارا بعمل الحقائب الوزارية في حلقات متصلة وليست منفصلة لتحقيق البعد الاجتماعي والاقتصادي والقومي والأمني.
تعتمد أغلب الدول المتقدمة حول العالم على منهج بسيط في إدارة شئونها يقوم على التقسيم الوظيفي والتخصص الدقيق، ووضوح السلطات والمسئوليات، فمثلا الولايات المتحدة الأمريكية تعمل من خلال حكومة فيدرالية يتبعها 14 وزارة فقط، كما أن عدد الوزارات في مختلف دول أوروبا لا يتخطى 22 وزارة، وفي شرق آسيا يدور حول 20 وزارة ،وفي الدول العربية يتأرجح بين 18 وزارة و30 وزارة.
وتجربة دولة باكستان قامت بدمج وزارة النفط والموارد الطبيعية بوزارة الكهرباء والطاقة لإنشاء وزارة الطاقة ،كما قامت الدولة بدمج هيئات تنظيم الكهرباء والنفط والغاز لإنشاء هيئة تنظيمية واحدة وذلك كخطوة أولى نحو إنهاء الديون الدائرية بين الوزارات والتي كانت قد تضخمت لتصل إلى 500 مليار روبية، وتحسين كفاءة قطاع الطاقة وقضايا الطاقة المتجددة، وإنهاء البيروقراطية والفساد والروتين وقامت بدمج عدة وزارات أخرى مثل دمج وزارتي المالية والاقتصاد، ووزارتي الإعلام والثقافة، ووزارتي الصناعة والتجارة.
تجربة دولة الإمارات ..في عام 2020 قامت الدولة بإعادة هيكلة الحكومة لتكون أكثر مرونة وسرعة" في اتخاذ القرارات، خاصة بعد الأزمة الصحية التي سببها انتشار فيروس كورونا في أنحاء العالم وتأثيرها المباشر على الاقتصاد العالمي وشملت عملية إعادة الهيكلة دمج وزارتي الطاقة والبنية التحتية في وزارة واحدة وإلغاء نصف مراكز الخدمة الحكومية وتحويلها لمنصات رقمية خلال عامين ودمج حوالي نصف الهيئات الاتحادية مع بعضها أو ضمن عدة وزارات.
تجربة دولة الارجنتين ..فور تنصيب رئيس الأرجنتين الجديد خافيير ميلي، كانت أولى قراراته هو خفض عدد الوزارات في حكومته من 18 وزارة إلى 9 وزارات، وذلك تنفيذا لتدابير خفض الانفاق العام وتحرير الاقتصاد ومواجهة التضخم وترشيد أعمال الدولة الوطنية وجعلها أكثر كفاءة.
تجربة الولايات المتحدة الأمريكية ..في عام 2002 تم دمج وزارة الطاقة ووزارة الموارد الطبيعية في وزارة الطاقة والموارد الطبيعية. وكان الهدف من هذا الدمج هو تحقيق كفاءة أكبر في إدارة الموارد الطبيعية وتعزيز التعاون بين الوزارتين في مجال الطاقة.
تجربة المملكة المتحدة ..في عام 2009 تم دمج وزارة الطاقة والتغير المناخي ووزارة التجارة والصناعة في وزارة الطاقة والتغير المناخي والتجارة. وكان الهدف من هذا الدمج هو تحقيق تكامل أكبر بين السياسات المتعلقة بالطاقة والبيئة والتجارة.
تجربة دولة كندا ..في عام 2015، تم دمج وزارة الموارد الطبيعية ووزارة الطاقة في وزارة الموارد الطبيعية والطاقة. وكان الهدف من هذا الدمج هو تحقيق كفاءة أكبر في إدارة الموارد الطبيعية وتعزيز التعاون بين الوزارتين في مجال الطاقة.
تجربة دولة أستراليا ..في عام 2007 تم دمج وزارة الطاقة وتغير المناخ ووزارة الموارد المائية والري في وزارة الطاقة والموارد المائية وتغير المناخ.
تجربة دولة فرنسا ..في عام 2009 تم دمج وزارة الطاقة والتنمية المستدامة ووزارة البيئة في وزارة الطاقة والتنمية المستدامة والبيئة.
تجربة دولة إيطاليا ..في عام 2014، تم دمج وزارة البيئة ووزارة الموارد الطبيعية في وزارة البيئة والتنمية المستدامة.
تجربة دولة ألمانيا في عام 2013، تم دمج وزارة الطاقة ووزارة البيئة في وزارة الطاقة والبيئة.
استحداث وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية يتماشى مع نهج الدولة الذي يستهدف زيادة الاستثمار المحلي والأجنبي وتعزيز التجارة ومن أجل تحقيق هذا الهدف، سوف يكون من أولويات عمل الوزارة العمل على تحسين مناخ وتشريعات الاستثمار وزيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية داخل الدولة وجذب صفقات الاستثمار الأجنبي الضخمة، وترويج الفرص الاستثمارية في القطاعات الاقتصادية المختلفة والقطاعات ذات الأولوية فضلا عن تعظيم الاستفادة من الاتفاقيات التجارية المختلفة والعمل على السيطرة على عجز الميزان التجاري وتعظيم الصادرات وفتح أسواق جديدة لها والتوسع في الأسواق القائمة مع ضمان ضبط التجارة الخارجية من خلال السيطرة على عجز الميزان التجاري وتعظيم
إعداد خطط لتنمية وزيادة الصادرات المصرية إلى الأسواق العالمية، والعمل على رفع جودة المنتجات المصرية وتوافقها مع المعايير والمواصفات الدولية وإتاحة المزيد من الفرص التصديرية من خلال الترويج لمنتجات الشركات المصرية في تجمعات رجال الأعمال والمعارض والفاعليات الإقليمية والدولية، وزيادة فاعلية مكاتب التمثيل التجاري لتكون أداة مؤثرة في زيادة الصادرات وإزالة أي عوائق قد تعيق نفاذ المنتجات المصرية للخارج فضلا عن تعظيم الاستفادة من الاتفاقيات التجارية المختلفة والعمل على السيطرة على عجز الميزان التجاري وتعظيم الصادرات وفتح أسواق جديدة لها والتوسع في الأسواق القائمة مع مراجعة كافة التشريعات المحلية والضوابط الحاكمة للاستثمار في البلاد وكذا المشكلات الجمركية والسياسات الضريبية والمالية وضوابط التراخيص لبعض الأنشطة بالتنسيق مع الجهات المعنية لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة كذلك العمل على تحسين ترتيب مصر في المؤشرات الدولية ذات الصلة بالاستثمار بالتنسيق مع وزراء المجموعة الاقتصادية، إلى جانب تحسين الصورة الذهنية عن المناخ العام للاستثمار في مصر لدى المؤسسات الدولية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة