48 ساعة لـ"اليوم السابع" بين حطام الحرب وأمل الانتصار داخل غزة.. عائلات مشردة بين منازل الإيجار وسكن الأقارب.. واتهامات لحماس بتجاهل مساعدة غير المنتمين للحركة

الخميس، 27 يونيو 2013 12:09 م
48 ساعة لـ"اليوم السابع" بين حطام الحرب وأمل الانتصار داخل غزة.. عائلات مشردة بين منازل الإيجار وسكن الأقارب.. واتهامات لحماس بتجاهل مساعدة غير المنتمين للحركة صورة أرشيفية
رسالة غزة - أمل صالح

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«على هذه الأرض ما يستحق الحياة» جملة قالها الشاعر الفلسطينى محمود درويش، وحققها شعب أثبت للعالم أنه لا يزال قادرا على الاستمرار رغم ظروف الحرب والحصار، بعد 6 ساعات داخل معبر رفح البرى، المسافة بين رفح مصر ورفح غزة بضعة أمتار، مسافة لا تتعدى الدقائق، ولكن الإجراءات الحكومية والتى يسقط بين سطورها كل مشاعر الغضب أضاعت نصف اليوم تقريبا، بعد ساعات من الانتظار.

كان ينتظرنا على أبواب المعبر وزير العدل بحكومة حماس « عطا لله أبو السبح»، حالة الكرم التى أغرقنا بها الرجل لا يمكن إنكارها، على بعد 15 دقيقة بالسيارة داخل رفح غزة وصلنا لمنزل وزير العدل، منزل بسيط من طابقين يطل على حديقة بسيطة تضم مجموعة من أشجار الزيتون، فى قاعة الجلوس التى ضمت جلستنا وحديثنا أول شىء تقع عليه العين كانت صورة بمساحة تقريبية 55 سم طول و45 سم عرض، تجمع الوزير ورئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية وشخص ثالث حكى عنه الوزير بأنه كان شهيدا فى إحدى المعارك مع جيش الاحتلال، الصورة تحكى قصة لا تزال عالقة فى ذهن أبو السبح والتى رواها قائلا « الصورة منذ سنوات قليلة كانت عند معبر رفح وقتها كنت وزيرا للثقافة، كنا جالسين على أرض المعبر بعد انتظارنا ما يقرب من خمسة ساعات، أوقفتنا خلالها السلطات المصرية دون سبب، بعد عبورنا المعبر ووصولنا لرفح غزة أطلق علينا مجهولون الرصاص فى محاولة اغتيال رئيس الوزراء إسماعيل هنية » _ رغم الصداقة الكبيرة التى تجمع أبو السبح وإسماعيل هنية إلا أنه كان يناديه دوما برئيس الوزراء.

على مائدته البسيطة دارت النقاشات بينا وبين وزير العدل، مرتديا جلبابا أبيض وحذاء منزلى بسيط، دارت النقاشات متنوعة.. حديثه عن أفضل الكتاب العرب وأساتذة القانون المصريين ودورهم فى تشكيل وعيه الشخصى لم ينقطع، بالطبع كنا مختلفين على طول الخط خاصة فيما يتعلق بالسياسات الداخلية الخاصة بحكم الإخوان المسلمين وإدارتهم للمرحلة فى مصر، وكيف للإعلام المصرى ودوره السلبى _ من وجهة نظره_ فى تشويه سمعة رجل يحاول جاهدا أن يبنى أمه _ قاصدا الدكتور محمد مرسى _ الرجل الذى يسعى جاهدا أن يحفر مكان للإسلام فى التاريخ الحديث.

بعد نقاش استمر ما يقرب ساعة ونصف، حددنا هدفنا وقمنا بالبدء فى مهمتنا المقسمة لجزئيين، الأولى فى بعض الزيارات الميدانية والأخرى إجراء مجموعة من الحوارات الصحفية، على رأسها حوار مع وزير داخلية حماس، ومقابلة نائب رئيس الوزراء وبالطبع إجراء حوار مع وزير العدل، الحظ لم يسعفنا فى مقابلة هنية، لانشغاله فى عقد قران ابنه، توجهنا لبدء أول خطوة إجراء تحقيق أنفاق حماس، التحقيق الذى استغرق ثلاث ساعات ونصف قادنا خلالها شباب من حماس وعدد من أفراد الأمن والأجهزة الأمنية بحكومة حماس طوال الرحلة، الطرق الوعرة جعلتنا نقود العربة بشىء من الهدوء حتى لا نسقط فريسة حادث من الحوادث المتكررة التى تشهدها شوارع رفح بسبب السرعة الجنونية فوق مطبات القطاع، الميزة الواضحة فى القطاع هو الهدوء الذى يتجلى مبكرا على إحياء غزة.

الرحلة داخل القطاع التى استغرقت 48 ساعة، كانت لحظاتها شديدة الضغط، فمدة الرحلة أقصر من المطلوب لإتمام مهمة العمل، استيقظنا فى اليوم الثانى مبكرا جدا لاستكمال ما تبقى من خطة العمل توجهنا لمكتب نائب رئيس الوزراء، الرجل لم يمانع فى إجراء الحوار رغم أننا لم نأخذ موعدا مسبقا، وكانت أولى كلماته «المصريين لا يستأذنون»، بعد 45 دقيقة هى كل مدة الحوار، توجهنا بصحبة الحارس الشخصى لوزير العدل وسائقه، على مدار ثلاث ساعات تقريبا أجرينا خلالها جولة ميدانية فى شوارع قطاع غزة.

شوارع غزة إلى حد كبير هادئة، المرور على أعلى درجات النظام، الضابط المختص حدثنا أن العقوبات على خرق قواعد المرور تكون غليظة لذا الالتزام بها يكون لأقصى الدرجات، رغم وجود بعض آثار دمار غزة بعد الحرب الأخيرة التى عرفت إعلاميا بحرب « الثمانية أيام »، إلا أن الشوارع أشبه بالإحياء الأوروبية، آثار الحطام ترتكن فقط فى مكان القصف، محاطة بمجموعة من الأسلاك الشائكة، أو بعض أعواد الخشب التى ترمز لوجود منطقة عمل فى تلك المنطقة، حيث تتم أعمال إزالة الدمار على قدم وساق فى بعض الأماكن.

فى جنوب قطاع غزة العديد من المبانى الحكومية التابعة لحكومة حماس تم استهدافها بشكل مباشر خلال أيام الحرب، كمبنى مجلس الوزراء الذى لا يزال يحتفظ بحطامه حتى الآن بمنطقة شمال القطاع، والعديد من مقرات الحكومة ومقرات الشرطة، أيضا العديد من عمارات منطقة الكتيبة الخضراء ومبنى أبو خضرة، والمكتبة العامة التى لم يتم افتتاحها إلى اليوم لعدم إزالة ركامها، بوسط القطاع أيضا لا يزال الملعب العام مهدم تماما، الملعب الذى كان يضم مئات المباريات، ومئات الأنشطة التى كانت تجمع شباب وصبية القطاع، تغيرت ملامحه تماما لم يبق منه إلا أطنان من الركام وبعض المكاتب الإدارية، على يمين الملعب يوجد ونش واحد وثلاثة عمال يحاولون إزالة آثار الحطام استعدادا فى وقت ما لبنائه من جديد.

على بعد خمسة دقائق من الملعب توجد ساحة كبيرة تصل مساحتها إلى 7 فدادين بمنطقة السرايا تعرضت للقصف ولكنها تم إخلاؤها تماما من آثار الحطام، الآن هى بمثابة أرض للعروض الرمزية، حيث توجد بعض الخيام التمثيلية كتب عليها « معتقل.. ممنوع الاقتراب أو التصوير »، الخيمة هى مجرد قطعة رمزية بداخلها يوجد بعض الرسومات والصور للمعتقلين داخل السجون الإسرائيلية، حولها كان يوجد بعض الأطفال ممكن يتابعون باهتمام تلك العروض، وأحيانا لمساعدة القائمين على العروض عند بدايتها، معظم هؤلاء الأطفال ممن تعرضت منازلهم للقصف ويسكنون فى منازل للإيجار..

هانى كرم، 8 سنوات كان يجلس ببراءة وهدوء بجوار إحدى خيم « ساحة المعتقلين » _ كما يطلقون عليها _، قال ببراءة إنه يأتى هنا ليلعب مع رفاقه، كما أن وجوده بجوار خيمة المعتقلين بعد الحرب واجب واكتفى دون أسباب، كرم طفل فقد والده وأخيه الأكبر بحرب الأيام الثمانية، وله جار إلى اليوم والده داخل المعتقلات الإسرائيلية، لم يعد سبب مجيئه بالأمر الغريب الآن.

بمنطقة تل الهوى جنوب قطاع غزة، خلال حرب الأيام الثمانية والتى بدأت رسميا 14 نوفمبر 2012 العديد من المبانى التى تعرضت للقصف ونجت من الهدم والسقوط.. أرضا تحتفظ بآثار طلقات الرصاص على جدرانها، أثار الدماء لا تزال على بعض الجدران، معظمها بدأ العمل فى إزالة أنقاضها، والبعض الآخر لا يزال يحتفظ بهيئته كما هو كالحال فى العمارات التى تعرضت للقصف قرب وزارة الداخلية، بمنطقة أنصار_، تل الهوى، شمال القطاع .

خلال الجولة الميدانية التى قمنا بها داخل قطاع غزة، الوضع من خارج الصورة يوضح أن عمليات الأعمار بالقطاع تسير على قدم وساق، بداخل أحياء قطاع غزة الجرارات منتشرة بين حطام القصف فى وسط وشمال قطاع غزة، بعض العمال يحملون آثار الحطام ويلقونه فى حاملات عملاقة يلقونها على أطراف البلد، وغيرهم يستعدون للانتقال إلى وحدات مختلفة، على الجانب الآخر بعض المناطق فى جنوب القطاع كمنطقة تل الهوى تحتفظ بعض المنازل بركام القصف، لم تقترب عمليات الإزالة منها حتى الآن، ركام العمارات لا يزال يحتفظ بلون الدماء، بعض العمارات المحيطة آثار طلقات الرصاص لا يزال عالقا على جدرانها، اقتربنا أكثر من الوضع، الحقيقة ليست تباين فى خطة الحكومة لتعمير القطاع أو هى مجرد خطة حكومة للتعمير ولكن ووفقا لعشرات من أهالى القطاع تحدثنا معهم، والذين أكدوا أنه إلى الآن لم يتم اتخاذ إلا خطوات هامشية _ على حد تعبيرهم لإعادة أعمار القطاع اللهم إزالة بعض الركام ببعض المناطق الحرب التى عرفت لدى الجيش الإسرائيلى بعملية عامود السحاب سقط خلالها مئات القتلى والجرحى، خلفت أيضا آلاف العائلات المشردة، معظمهم لم تتكلف بهم حكومة حماس ليس لأنهم لا يحملون الجنسية الفلسطينية ولكن لأنهم لا ينتمون لحركة حماس، وعليه كل من لا ينتمى لحماس، وعليه فكل من تعرض منزله للقصف أن يتحمل التكاليف.

مجيدة عدلى، امرأة خمسينية العمر التقيناها فى منزل شقيقتها بمنطقة تل الهوى جنوب قطاع غزة التى استضافتها هى وأطفالها الثلاث بعد قصف منزلهم واستشهاد زوجها، قالت لنا«حكومة حماس لم تدفع أى مقابل لتعويض الأهالى المنكوبين، اللهم المنتمين لحكومة حماس، فالمئات من العائلات يسكنون بالإيجار على حسابهم الشخصى أو عند أقاربهم ».

شكوى الأهالى من عدم ضخ أموال المعونات أو بدء أعمال الأعمار فى القطاع متزايدة، وتزداد على مدار الأيام خاصة مع شعور فئة ليست بالقليلة بالتشرد داخل وطنها فى ظل وقوف حكومة حماس مكتوفة الأيدى _ على حد تعبير الأهالى بالقطاع، يقول عامر حسن 33 عاما أحد سكان قطاع غزة طلب وصفه بالـ «مشرد » يقول « وكالة الغوث لم تبدأ بعمليات الأعمار حتى اليوم، ويتردد عن أموال قطر أنها ضخت بشرط سياسية، فهى أموال ضخت لحكومة حماس بشرط أن توافق حكومة حماس على تمرير طموحات قطر فى فرض هيمنتها على العالم العربى ».

ليلتقط منه طرف الحديث شقيقة خالد حسن 44 عاما، يسكن مع شقيقة فى منزل واحد يتحملون هم تكاليف الإقامة به مع عائلة كلاهما، يقول «حكومة حماس لا تتحمل إلا تكاليف العائلات المنتمين لفصيل حماس، فعندما قصف منزل عائلة الدول وعائلة العسكرى تحملت حكومة حماس تكاليف إقامتهم كاملة وتركت كل من لا ينتمى لها يتحمل تكاليف إقامته » .
كامل الخطيب صحفى فلسطينى وناشط سياسى بقطاع غزة، تحدث معنا عن عمليات ترميم القطاع قائلا« تتم بواسطة مساعدات بعض الجمعيات الدولية ومساعدات حكومة قطر والتى تبرعت بنصف مليار دولار لإعادة ترميم القطاع، وذلك لبناء مدينة سكنية وسط قطاع غزة ورصف الشوارع وبماء مستشفى إلا أن الدعم القطرى لم يصل إلينا حتى الآن».

أكد على ما سبق محمد الغزالى صحفى فلسطينى وناشط، قائلا « القطاع إلى الآن لم يستفيد بأموال المعونات أو أموال قطر، وكل ما تم فعله طوال الأشهر الماضية هو إزالة الأنقاض ليس أكثر، وهو على عكس بداية حكومة حماس عندما وظفت سريعا أموال المعونات فى الحرب على غزة الماضية عام 2008، وهو ما يوضح تغير موقف الحكومة بمرور الوقت فى التعاطى مع مطالب شعبها وكل ما تسعى إلية هو تحقيق طموحها الشخصى » .

حرب العام الماضى على قطاع غزة لا يمكن تصنيفها أنها كانت الحرب الأعنف على الإطلاق، فبالعودة للوراء شنت القوات الإسرائيلية الحرب على قطاع غزة عام 2008، حيث قامت إسرائيل خلالها بتنفيذ «162» خرق للتهدئة، كان أشدها وأشهرها الخرق المنفذ فى تاريخ 4 نوفمبر 2008 عندما قامت بتنفيذ غارة أدت لمقتل ستة أعضاء من مسلحى حماس كما اعتبرت حماس أن إسرائيل لم توف باستحقاقات المستوجبة عليها من إنهاء الحصار الفروض غزة .

وقتها قدم برنامج دول مجلس التعاون الخليجى لإعادة إعمار قطاع غزة قدم دعما ماليا بقيمة « 35 مليون دولار » لتمويل مشاريع لتأهيل شوارع وطرق رئيسية ودعم بلديات القطاع، بلغت الأموال المخصصة لها حتى اللحظة نحــو«367.1 مليــون دولار » من خلال 6 حزم تغطى جميـع القطاعــات المتضـررة مــن الحــرب الإسرائيلية على قطاع غزة أواخر 2008 وبداية 2009.








مشاركة

التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد احمد عارف

نفس الفكر ونفس المبادىء.

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة