د.فوزى حتحوت

الطريق الخطأ

الثلاثاء، 30 يونيو 2009 10:51 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رائحة الفساد تزكم الأنوف، الفساد وصل للركب، الفساد يحكم مصر، إنها عبارات أصبحنا نسمعها ونرددها فقط!!.

إنه ليس صراعا ماديا فى المقام الأول، بقدر كونه صراعا متعلقا بالإحساس وبالقيم وبالأفكار، صراع قد تحسمه العقول والقلوب، إن أرادت أن تحيا وأن يكون لها مكان فى هذا العالم، صراع قائم ما بين الفساد والعدالة المترهلة، صراع خفى يدور ما بين الفوضى والحقيقة، ما أصعب أن تختلط الفوضى بالحقائق، فلا تعلم لك طريقًا ولا تعلم إلى أى جانب تقف، بجوار الغنى أم الفقير، بجوار الرجل أم المرأة، أم بجوار الإنسان والعدالة والقيم والتنمية والإصلاح، ولكن ما هى الحدود، وما هى العدالة وما هى آلياتها، وما هى وسائل تفعيلها فى مجتمع ونظام لا ترى فيهما إلا الصراخ والحلول الفردية والمهارات العشوائية غير الممنهجة.

هل نحن نقف فى الجانب الخطأ من الحياة، ونردد مجرد عبارات الهزيمة ومصطلحات الضعف من أجل البقاء، وفلسفة كل شىء بما يضمن لنا الإحساس بوجودنا، هل نحن اتخذنا آليات قادرة على أن تنقلنا إلى مستويات أفضل؟!، هل نحن كمجتمعات وأنظمة استطعنا أن نضيف شيئاً جديداً لنا وللعالم نعتز به فى حاضرنا الآن ومستقبلنا؟!، هل استطعنا أن نبنى قواعد للعدالة؟!، هل استطعنا أن نضع قاعدة بحث علمى حقيقية فى مجتمعاتنا؟!، هل تمكنا من التخلص من النظام الاستهلاكى الذى وضعنا أنفسنا فيه؟! هل تمكنا من وضع نظام تعليمى حقيقى قادر على بناء القدرات العقلية والجسدية والروحية؟! وحتى القيم الروحية التى قد كانت لنا معينًا أوشكت على النضوب، إن لم تكن نضبت!! ماذا فعلنا بأنفسنا، ماذا نريد، هل هى مسئولية أنظمة قائمة أم مسئولية شعوب أم مسئولية نخبة، أم مسئولياتنا أجمعين، متى يمكننا أن نستيقظ لمواجهة أنفسنا، متى يمكننا مواجهة الخوف الذى يحكمنا، هل نحن مجتمعات ودول تم تصفيتها، أصبحت لا تحمل شيئاً سوى الصراخ والادعاء بالمعرفة والإعجاب بالقول، هل استطعنا أن نقيم مناخاً قابلاً أن تحيا فيه الديمقراطية، وأن نؤسس أجواء لحياة نيابية سليمة، ما أسوأ الحسابات الضيقة، ماذا أعجزنا، ماذا اعتلى عقولنا؟!، أين ضمائرنا...قد تكون لهت بنا الحياة، ولكن من المؤكد أنه مازال الأمل فيها.

هل مصر أصبحت فى حاجة إلى وجود جهة عليا للعدالة والتنمية، قد يكون مجلساً أعلى أو جهازاً منتخباً أو حتى يتبع ديوان رئاسة الجمهورية، ويملك قوة التنفيذ، بدلاً من جهات متفرقة لا يربطها ببعض سوى الأمل فى تنفيذ توصياتها وقراراتها، مجلس قادر على وضع سياسات وتوجيهات آمرة وآليات حقيقية لرصد العدالة ودعم التنمية، ومهاجمة الفساد، بجبروته وقوته، مازال الأمل فى جهاز قادر على المواجهة والحسم ومراقبة موارد مصر وإدارتها، مجلس قادر على محاسبة إهدار المال والعقول والقيم، جهاز يستطيع أن يؤسس مصر العدالة، جهاز قادر أن يضرب على يد الظالم ويرد الحقوق وينصف المظلوم، ويؤسس قواعد التنمية والبناء والتطوير الشامل لمصر، وأن يضع نظاماً تعليمياً صالحاً لبناء الإنسان المصرى وتنمية مهاراته، وأن تخضع له العديد من الجهات التنفيذية، ويشارك المجتمع بمؤسساته معه فى رصد أسباب التأخر والتراجع ومواجهتها، وأن يراجع الأبحاث والدراسات التى أبرمت فى هذا السياق، وأن يطلع على تجارب الآخرين فى مواجهة الفساد، ويعمل على تفعيل الآليات اللازمة، ودعمها بشكل يضمن تصفية الصراع لصالحه بمرور الوقت، وأن يقضى على بؤر تنمية الفساد.

وعلى المجتمع المدنى وعلى الصحافة والإعلام، أن يشاركوا وأن يتحركوا بوضع منظومة كاملة للقيم وللتعليم، ومشروع للقضاء على الفساد، وتقديم مقترحات لمواجهة التخلف، وأن لا يكتفوا بمجرد عرض حالات وصور للفساد، والتخلف، ولكن عليهم أن يشنوا معركة حقيقية مع جذور الفساد وأسباب تنميته، وأن يعلنوا حالة الطوارئ ضد أسباب التخلف وتطويرها فى مصر المحروسة، إنها مسئولية واقعة على النظام وعلى المجتمع بأسره إن أراد يومًا الحياة.

علينا أن نختار طريقنا، إذا أردنا حياة نحيا فيها، ونبنى فيها، ونعتز بها، ونهديها لأجيال قادمة ليتحملوا أيضًا مسئولياتها وتبعاتها.

*رئيس جماعة القسطاس للحقوق القانونية








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة