"اليوم السابع" يرصد ملامح الحرب القادمة ضد إعلام المصاطب

الثلاثاء، 10 سبتمبر 2013 05:46 م
"اليوم السابع" يرصد ملامح الحرب القادمة ضد إعلام المصاطب وزيرة الإعلام درية شرف الدين
علا الشافعى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء


إذا كانت العشوائية هى سيدة "الموقف المصرى" سياسيا واجتماعيا، فانها بلا أدنى شك هى صاحبة الصوت الأعلى أيضا فى المشهد الإعلامى المصرى، والذى بات لا يقل عبثية وجنونا عما نعيشه، فلم نعد نرى أى مهنية أو تحر للدقة والتأكد من المعلومة وتوثيقها، حتى القلة من الإعلاميين الذين يصرون على انتهاج المهنية يضيع صوتهم ويختفى وسط الصراخ العالى والمشهد الإعلامى المنفلت، وصار كل من يعلو صوته، ويسب ويلعن كل المختلفين معه بأقذع الألفاظ هو الأكثر جذبا للأنظار، ومثارا للجدل بين مرتادى مواقع التواصل الاجتماعى من "فيس بوك" وتويتر" وصار من السهل إلقاء التهم وتصنيف البشر كل حسب مزاجه وأهوائه، هذا وطنى شريف وهذا مخلص وذاك خائن ومغرض وعميل.

ويبدو أن حالة الاستقطاب السياسى ووصولها إلى درجة الانقسام المجتمعى، والتى زادت حدتها أثناء فترة حكم الإخوان، أدت إلى فقدان المعايير الإعلامية بشكل تدريجى، حتى اختفت تماما وأصبح المشاهد مسكينا، يدور بالريموت كنترول من قناة إلى أخرى فلا يجد غير الصوت العالى والصراخ، غابت الحكمة والعقل عن المشهد الإعلامى، وأصبح كل مقدم برنامج توك شو يوميا صباحا أو مساء يجلس أمام الكاميرا، وكأنه ملك الأرض وما عليها، يحق له أن يقول ما يرغب فيه ويبخ فى آذاننا، محطما كل قواعد المهنة المتعارف عليها فى كل البرامج العالمية، وبات من الطبيعى أن تجد "انترو أو مقدمة برنامج من المفترض ألا تزيد عن ربع ساعة تمتد وتصل لساعتين.

ولا يوجد سبب واحد لذلك غير أن مقدم البرنامج اعتبر نفسه النجم يجلس ويتحدث ويخطب فى الناس طبقا لمزاجه ويدلو بدلوه فى كل ما تشهده مصر أو المنطقة العربية من أحداث، وعلى المشاهد أن يكون صبورا ويتحمل ويتحامل على نفسه فالمذيع قرر أن يلعب كافة الأدوار المقدم والضيف سواء المختلف فى الرأى أو المؤيد له، وبعد مرور ساعة أو ساعتين يتذكر المقدم أن هناك برنامج وفقرات وضيوف يجلسون فى الاستراحة تحت أمره، وأعرف أن البعض أصبح يرفع شعار أن زمن المذيع المحايد قد انتهى، وإلى حد ما أتفق مع هذا الرأى فلا يوجد إعلام محايد فى أى مكان فى العالم، ويجب أن يكون المذيع له رأى واضح وقاطع، خصوصا فى الظروف السياسية الخطرة والحرجة، وعلى مستوى العالم بأكمله هناك قنوات تأخذ موقفا سياسيا واضحا مع أو ضد ويعمل كل العاملين بالمحطة فى إطار هذا التوجه، فهناك قنوات بالكامل، تقف مع أوباما وأخرى ضده بشأن قراره بتوجيه ضربة عسكرية إلى سوريا، وما تمر به مصر من ظرف تاريخى استثنائى من الصعب أن يكون أى مواطن وليس إعلاميا حياديا بشأنه، ولكن السعى دائما يجب أن يتم فى اتجاه الموضوعية.

وليس على طريقة إعلام "اللت والعجن وجلسات المصاطب"، وبالطبع هناك إعلام "وان مان شو"، ولكن أن يتحول المشهد الإعلامى كله إلى هذا النمط فتلك كارثة، وأن يحق لكل من مر أمام الكاميرا وتتوفر فيه صفات شكلية معقولة أن يتحول إلى إعلامى، تطلقه القنوات الفضائية علينا، ليقول ما يحلو من آراء، أعرف أن الطبيب من الممكن أن يقدم برنامجا طبيا ولاعب الكرة برنامجا رياضيا والشيخ برنامجا دينيا، ولكن أن يتحول الجميع إلى منظرين فى السياسية، وإلى قادة رأى عام وإعلاميين، فهذا هو العبث بعينه، وتلك هى الفوضى فى المشهد الإعلامى، والتى لا تقل عن فوضى وعبثية المشهد السياسى.

ومع كامل احترامى وتقديرى لكافة رموز العمل الإعلامى المصرى، ولكن ما يحدث حقيقة يستحق إلى وقفة من كل العاملين بالقنوات الفضائية، لإعادة الانضباط إلى المشهد الإعلام، فليتحزب من يتحزب ويتحمس من يتحمس وينحاز من يرغب إلى أى طرف يراه، ولكن موضوعية الطرح وممارسة المهنة طبقا لأصولها هو الأساس، وهو ما يجب أن ترتكز عليه القنوات الفضائية، فى عملها وأن يعمل مقدمو البرامج وإعلامييها على هذا الأساس، ولكن نظرية "دا برنامجى وأعمل فيه اللى أنا عايزه أو دى قناتى أطلع فيها ضيف أطلع فيها مذيع أو أجيب أصحابى"، هذا منطق لا يصنع إعلاما يليق بمصر، وبالمرحلة التاريخية الحرجة التى تمر بها.

ولا أعرف هل المسئولون فى هذه الدولة معجبون بحالة الانفلات الإعلامى أو لغة الخطاب الإعلامى المتدنية، والتى تصل فى كثير من الأحيان إلى حد الإسفاف والابتذال فهو ما لا يجوز ولا يجب السكوت عليه، وهنا أنا لا أدعى إلى اتخاذ إجراءات استثنائية ضد الإعلام، ولكن على كل قناة أن تنظم نفسها من الداخل وأن يكون هناك تقييما للأداء ومراجعة الأخطاء، والعمل بمبدأ أن الإعلامى يعمل عند المشاهد عليه أن يقدم له معلومات موثقة ولا يكون ناقل للشائعات ومروج لها، بل كاشف للحائق وناقل للواقع لا يزيد الفتن أو الكراهية الاجتماعية.

ولماذا لا يتحول الشعار الذى أطلقه البعض فى القنوات الفضائية إلى شعار تنعكس روحه على جميع برامج التوك شو "يد تحارب ويد تبنى"، مصر تحتاج لمن يعمل لخاطرها أكثر، مصر تحتاج للروح الإيجابية وتنمية الرغبة فى البناء وليس إعلام المصاطب أو "خالتى اللتاتة"، كما أننا لا نحتاج إلى مئات النسخ من توفيق عكاشة، فهناك توفيق واحد له مشاهدوه ويكفينا ما فعله بالإعلام، ولا أيضا نحتاج لأن يتبارى الآخرون فى تقليد إبراهيم عيسى فهو له طريقته، نحتاج إعلاما موضوعيا يعى أهمية الظرف التاريخى لا نحتاج إلى أن يتحول الجميع إلى "وان مان شو" وإذا كان معظم هؤلاء الإعلاميون يطالبون الناس بالعمل والإنجاز لأجل مصر، وأن يعطى كل واحد فى مهنته فهم الأولى أن يطبقوا ذلك عن أنفسهم، ويبعدون ملامح الفوضى المسيطرة بشدة على المشهد الإعلامى.



موضوعات متعلقة:


خبراء: لجنة تقييم الأداء الإعلامى ضرورة لعلاج الهرتلة الإعلامية

إعلاميون: الشاشات تحولت إلى ساحات "حرب"

رؤساء القنوات يطالبون بإنشاء "مجلس الإعلام"

فضائيات ترفع شعار «المشتمة» و«المكلمة"

الثورجى بقى مذيع والمحامى بقى إعلامى

توفيق عكاشة وحياة الدرديرى على رأس القائمة السوداء لإعلاميى التضليل









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة