المستشار أسامة الجروانى يكتب: قراءة فى قانون التظاهر

الثلاثاء، 10 ديسمبر 2013 12:10 ص
المستشار أسامة الجروانى يكتب: قراءة فى قانون التظاهر صورة ارشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من المهم وقبل إلقاء الضوء على قانون التظاهر الذى قدمته حكومة الدكتور الببلاوى وأصدره المستشار عدلى منصور رئيس الجمهورية، أن نتطرق قليلا إلى دراسة الحالة المجتمعية للدولة المصرية منذ 30 يونيه الماضى وحتى إصدار القانون.

ولعل الحالة المجتمعية التى سبقت إقرار قانون التظاهر والتى تتمثل فى زيادة معدلات العنف بالشارع والإرهاب السياسى واقتحام الهيئات وقطع الطرق وتعطيل المترو باسم الحرية والحق فى التظاهر محركًا أساسيًا للحكومة الحالية، للعمل على ضرورة تنظيم الحق فى التظاهر والاجتماعات العامة والمواكب وردًا منها على الادعاءات القائلة بأنها حكومة الأيدى المرتعشة أو أنها حكومة تهادن الإخوان، لعدم قدرتها على المواجهة أو عدم قدرتها على تلبيه طموحات 30 يونيه وضبط الأمن العام.

وإزاء الاعتبارات السابقة قدمت الحكومة مشروع قانون تنظيم الحق فى الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية إلى السيد المستشار رئيس الجمهورية، والذى قام بإصداره برقم 107 لسنة 2013.

ويتكون قانون تنظيم الحق فى الاجتماعات والتظاهرات السلمية من خمسة وعشرين مادة مقسمة على أربعة فصول، ويأتى الفصل الأول لبيان (الأحكام العامة والتعريفات)، ويؤكد على حق المواطنين فى تنظيم الاجتماعات العامة والتظاهرات السلمية والانضمام إليها، وقد عرف الاجتماع العام بأنه كل تجمع يقام فى مكان أو محل عام يدخله أشخاص دون دعوة شخصية مسبقة لمناقشة أو تبادل الآراء حول موضوع ذى طابع عام، كما عرف التظاهرة بأنها كل تجمع لأشخاص يقام فى مكان عام أو يسير فى الطرق والميادين العامة يزيد عددهم على عشرة، للتعبير سلميًا عن آرائهم أو مطالبهم أو احتجاجاتهم السياسية، وحظر على المشاركين فى هذه الفعاليات الإخلال بالأمن أو النظام العام أو تعطيل الإنتاج أو التحريض على ذلك أو إتلاف الممتلكات العامة أو الخاصة، كما حظر حمل الأسلحة أو الذخائر أو غير ذلك من الأدوات التى تعرض الأشخاص أو الممتلكات للخطر، كما حظر ارتداء الأقنعة أو أغطية لإخفاء ملامح الوجه بقصد ارتكاب أى من تلك الأفعال، كما حظر الاجتماع أو التظاهر لأغراض سياسية داخل أماكن العبادة أو فى ساحاتها أو ملحقاتها، وكل ما سبق هى مظاهر يرفضها الشعب المصرى وينبذ فاعليها ناهيك عن حالة الإحباط التى يعانيها المواطن وهو يرى هذه المشاهد تحدث فى بلد الأمن والأمان (مصر) وتذاع على فضائيات العالم كله، مما يجعل القانون موفق فى منع هذه المظاهر.

ويستعرض الفصل الثانى (الإجراءات والضوابط التنظيمية للاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات) وضرورة إخطار القسم أو مركز الشرطة الذى يقع بدائرته مكان الاجتماع العام أو التظاهرة، على أن يتم ذلك قبل الاجتماع أو المظاهرة بثلاثة أيام عمل على الأقل، وتشكل لجنة فى كل محافظة برئاسة مدير الأمن بها تكون مهمتها وضع الإجراءات والتدابير الكفيلة بتامين الاجتماع أو التظاهرة المخطر عنها، وهنا يكشف القانون عن التزام وزارة الداخلية بتأمين المظاهرة ومنع صور الاحتكاك بها بل وتأمينها التأمين اللازم لضمان عدم خروجها عن السلمية المطلوبة وعدم تحولها إلى مواجهات بين أصحاب الرأى والرأى الآخر، مما قد يؤدى إلى حدوث إصابات أو وفيات كما اعتدنا فى السنوات السابقة ومنذ اندلاع ثورة 25 يناير وهو التزام مقابل للإخطار المقدم، لتنظيم الاجتماع أو المظاهرة، بل ونظم القانون الإجراءات الواجبة تجاه الخروج على الطابع السلمى للتعبير عن الرأى وطرق فض التظاهرات التى تخرج عن ذلك، وفق مراحل تبدأ بمطالبة المشاركين بالانصراف الطوعى وتنتهى باستخدام القوة فى حال عدم الانصياع أو ممارسة العنف، ثم أجاز القانون لوزير الداخلية أو مدير الأمن المختص فى حال الحصول على معلومات جدية تهدد الأمن والسلم إصدار قرار مسبب بمنع الاجتماع أو المظاهرة ويبلغ لمقدمى الإخطار، وهو ما يكشف عن رغبة المشرع فى إطلاق حرية الاجتماع أو التظاهر إلا ما كان منها قد يؤدى إلى إخلال بالأمن ويتعين بيان الأسباب فى الحالة الأخيرة لمقدمى الإخطار وللعامة، كما نظم القانون إجراءات التظلم من قرار منع الاجتماع أو المظاهرة أمام قاضى الأمور الوقتية بالمحكمة الابتدائية المختصة على أن يصدر قراره على وجه السرعة مما يشكل ضمانه ثانية لحرية الاجتماع والتظاهر بوضع الأمر بين يدى القضاء، وقد نظم القانون استثناء من الأصل العام وألزم المحافظ كل فى محافظته بضرورة تحديد منطقة داخل المحافظة تباح فيها الاجتماعات والتظاهرات دون التقيد بالإخطار.

وقد افرد القانون الباب الثالث لبيان (العقوبات) المترتبة على مخالفة أحكام القانون، والباب الرابع (أحكام إجرائية) للنص على إلغاء كل ما يخالف أحكام القانون وتحديد نطاق سريانه.

إذن؛ نحن أمام قانون محترم لتنظيم الحق فى الاجتماع والتظاهر وليس كما يروج ضده البعض بأنه قانون يسلب المواطنين الحق فى التظاهر، إذ انه وبمقارنة نصوصه بمثيلاتها من النصوص المنظمة للحق فى التظاهر فى قوانين بعض الدول المتقدمة فى مجال الحقوق والحريات مثل الولايات المتحدة الأمريكية أو سويسرا نجد شبه تطابق بين القانون الجديد وهذه القوانين سواء فى الإجراءات أو العقوبات، بل قد تنص قوانين هذه الدول على مظاهر للمنع أو التقييد أكثر من التى نظمها القانون المصرى فنجد مثلا قانون التظاهر الأمريكى قد نظم إجراءات الإخطار بالرغبة فى التظاهر فى موعد أدناه ثلاثة أيام قبل موعد التظاهر ومنع منعًا باتًا التظاهر بالقرب من المدارس أو المستشفيات أو المكاتب الحكومية أو المطارات ومنع منعا باتا إغلاق الشوارع قبل أو أثناء أو بعد المظاهرة وألزم طالبى التظاهر بتحديد حد أقصى متوقع لعدد المشاركين حتى تتمكن السلطات الأمنية من تدبير العدد الكافى من الضباط للحماية والتأمين وتجهيز العدد الكافى من الحواجز المتحركة لحماية المتظاهرين من الغير وإذا وصل العدد للحد الأقصى المرخص به فمن حق السلطات منع دخول أى شخص للمشاركة فى المظاهرة، كما لا يسمح للمتظاهرين بالمبيت فى المكان المحدد للتظاهرة لأى سبب وإذا كانت التظاهرة تحتاج للاستمرار أيام أخرى فانه يتعين فض التظاهر بعد الساعة السادسة مساء والعودة فى اليوم التالى بعد العاشرة صباحا كما يحق للشرطة اعتقال أى شخص يحاول الاعتداء على المنشآت الخاصة أو العامة ويحق لها أن تفض المظاهرة فى حال حدوث أى أعمال مخالفة قد تقدرها السلطات الأمنية.

وأخيرًا فان قوانين الدولة توضع لكى تحترم، والدولة التى ليس بها سيادة للقانون أو قدرة على تطبيقه تندرج ضمن عداد الدول الفاشلة، ولا داعى يا أبناء شعب مصر لتحدى القانون طالما لم يحرم أحدا من حقه، فمن غير المقبول أن نحيا فى مجتمع فوضوى، فحقوقنا وحرياتنا تقف عند حدود حقوق وحريات الآخرين ومن غير المتصور أن نمارس جميعا حقوقنا بدون تنظيم.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة