زواج الفضائيات أحدث طرق "النصب" الاجتماعى.. إعلانات "الخاطبة" تعرض الزواج كسلعة لتحقيق الربح.. ونسبة نجاحه لا تتعدى الـ10%.. وخبراء علم النفس والاجتماع يصفونه بـ"الدعارة المقنعة"

الإثنين، 23 ديسمبر 2013 01:22 م
زواج الفضائيات أحدث طرق "النصب" الاجتماعى.. إعلانات "الخاطبة" تعرض الزواج كسلعة لتحقيق الربح.. ونسبة نجاحه لا تتعدى الـ10%.. وخبراء علم النفس والاجتماع يصفونه بـ"الدعارة المقنعة" إعلانات الخاطبة على التليفزيون
كتبت إيناس الشيخ

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
جرس طويل تعقبه رسالة مسجلة تأمرك بالانتظار على الخط، تمر الدقائق سريعاً ويبقى المتصل متمسكاً بالمكالمة حتى انتهاء رصيد الشحن أملاً فى الحصول على شريك الحياة بطريقة سهلة، بعد أن حول المجتمع الزواج إلى درب من دروب المستحيل فى ظل ارتفاع تكاليفه التى خلقت وسائل أخرى للزواج، كان آخرها إعلانات الخاطبة على القنوات الفضائية التى اتسمت بطابع تجارى خارج عن سيطرة الدولة.

بعد عدة محاولات عابثة للاتصال يبادرك صوت أنثوى بسؤالك عن طلبك ويطلب منك الانتظار مرة أخرى، يعود إليك الصوت الأنثوى بعد دقائق طويلة يخبرك بحسن حظك وتوفر شريك حياتك فى الشركة وهمية الاسم، يطلب منك الحضور فى عنوان معين مع التأكيد على السرية التامة، وإحضار مبلغ مالى ضخم لشراء استمارة التقديم بمواصفاتك والمواصفات التى تطلبها فى شريك حياتك، تمر التجربة التى تنتهى بالفشل غالباً، وخسرت مبلغاً مالياً لا بأس به، وربما حصلت على شريك للتعارف تكتشف شخصيته الحقيقة بعد الزواج الذى يتم فى حالات نادرة فى نهاية الأمر، وغالباً ما يتسبب هذا الزواج فى زيادة معدلات الطلاق المبكر أحياناً أو النصب والدعارة أحياناً أخرى.

نوع آخر من القنوات هى التى تحصل على ربحها بالكامل من تركك على الخط لساعات طويلة دون الوصول إلى نتيجة، وغالباً ما يكون الخط الساخن للاتصالات الذى يعرض على قناة بعينها عبارة عن مكتب صغير جلست فيه مجموعة من الفتيات للإجابة على الهاتف، وترك "الزبون" ملطوعاً على الطرف الثانى من الخط، أو تبادل محادثة طويلة بتكاليف باهظة، وهى المحادثة التى قد تتضمن تعارفا على إحدى فتيات الخط الساخن، أو فتح محادثة جنسية مع إحداهن كوسيلة من وسائل الربح المادى السريع لاستغلال مصطلح "الزواج" على القنوات الفضائية.

إعلانات الزواج والقنوات الفضائية مجهولة المصدر خارج السيطرة..
خارج السيطرة هى الإجابة على التساؤل عن المصدر الذى خرجت منه هذه القنوات، وهذه الإعلانات التى لا تتبع أى رقابة من الدولة، وهو ما أكده "محمد سميح" المتحدث الإعلامى باسم النايل سات، الذى أكد أن هذه القنوات غير مرخصة ولا تتبع قمر النايل سات، أو المنطقة الحرة الإعلامية التابعة لوزارة الاستثمار، وهو ما يجعلها خارج سيطرة الرقابة، ويفسر ظاهرة إعلانات الزواج والخاطبة، أو الإعلانات عن مواد طبية غير مصرح بتداولها.

ويقول "سميح": مثل هذه القنوات تحصل على ترخيصها من خارج مصر، وتدخل إلى البيوت من خلال موجة من قمر "يوبيل سات"، وهو أحد الأقمار الصناعية القريبة من النايل سات، والذى يتيح لها العرض داخل البيوت المصرية مثل القنوات التابعة للنايل سات.

وعن الأحكام القانونية ضد هذه القنوات يتحدث "سميح": يجب أن تقوم الدولة بالرقابة على هذه القنوات من خلال اللجوء إلى القضاء لمتابعة ترخيصها، خاصة فى ظل ما تروجه من ظواهر اجتماعية خطيرة مثل الزواج من خلال الإعلانات والقنوات الفضائية بشكل عام.

الجواز من خلال القنوات الفضائية مرض نفسى لأصحاب الشخصيات الضعيفة ..
الشخصيات الضعيفة والانطوائية والخجولة، ثلاثة أنواع من الشخصيات التى صنفتها الدكتورة هبة عيسوى، أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس، لوصف الفئة المقبلة على الزواج من خلال ما سمته "بالواقع الافتراضى" الذى لا يمت بصلة للعالم الحقيقى، كما وصفت ظاهرة إعلانات الزواج أو قنوات الزواج بما يشبه الخلل الاجتماعى المصحوب بمجموعة من الدوافع التى تعود لأسباب نفسية لكلا الطرفين.

وتقول "عيسوى": طرق الجواز الحديثة، وخاصة الزواج من خلال القنوات الفضائية، هى ظاهرة غير صحية، نظراً لعودة هذه الطريقة لواقع خيالى لا يمكن استخدامه لبناء الواقع، وتركز القنوات الفضائية على عرض المواصفات التى يضعها المشتركون من وجهة نظرهم، وهى المواصفات التى يقومون باختيارها بدقة قبل عرضها مما يخرج فى النهاية بشكل غير حقيقى بالنسبة للطرف الآخر الذى يتوقع الحياة مع رجل أو فتاة بالمواصفات المطلوبة، والتى تأتى غالباً عكس ما تم تدوينه بالاستمارة.

أما عن دوافع هذه الظاهرة الاجتماعية، تقول "عيسوى": الزواج من خلال القنوات الفضائية نتج عن مجموعة من الأمراض النفسية التى يعانيها البعض ممن يلجأن للزواج بهذه الطريقة، وأبرز هذه الأمراض هو الانطواء والشخصيات الخجولة وعدم الثقة بالنفس، والشك فى قدرة الشخص على إقامة علاقات اجتماعية سوية من خلال الاحتكاك بالآخرين، وهى الأمراض التى يحاول الشخص إخفاءها من خلال الاستمارة التى يملؤنها للحصول على شريك الحياة، وتقوم بالضغط عليها هذه القنوات التى تلجأ لمكسب سريع مستغلة العوائق النفسية عند البعض، وغالباً ما تظهر هذه الأمراض النفسية بعد الزواج، ويجد الشخص نفسه أمام شريك مختلف عن الذى قرأ مواصفاته فى الاستمارة أو من خلال الإعلان.

تكمل "عيسوى": إخفاء الحقيقة عن الشريك من خلال هذه الإعلانات يؤدى إلى إلغاء القدرة على إقامة علاقات اجتماعية من خلال مسكن سهل وسريع، وهو ما يؤدى بالضرورة إلى فشل هذه العلاقة التى تحتاج لنجاحها تواصل حقيقى أمام شريك الحياة وتأهيل نفسى قبل مواجهة العيوب والأخطاء.

نسبة نجاح الزواج من خلال القنوات الفضائية لا تتعدى الـ 10 %..
إحصائيات ورسالات لمناقشة الظاهرة هى ما أشرف عليها الدكتور حسن الخولى، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، والذى أكد على فشل ظاهرة الزواج من خلال القنوات الفضائية بنسبة كبيرة، كما وصفها بالآفة الاجتماعية الخطيرة التى تهدد قيم وتقاليد المجتمع المصرى.

"الزواج عبر الإنترنت والقنوات الفضائية" هو عنوان الإحصائية الأخيرة التى خرجت عن قسم الاجتماع بكلية الآداب جامعة عين شمس، والتى جاءت نتيجتها بفشل معظم الحالات التى تناولتها الدراسة، وخرجت بنتيجة لا تتجاوز الـ 10% لنجاح مثل هذه الزيجات، كما أكد "الخولى"، قائلاً: "الزواج من خلال القنوات الفضائية ظاهرة دخيلة على مجتمع احتفظ طوال عقود بتقاليد صارمة للزواج من خلال معرفة الأهل ودراسة العائلة، وهى التقاليد التى انهارت أمام رغبة المعلنين فى مكاسب طائلة من خلال اللعب بعقول الشباب والضغط على نفسية المتأخرين فى الزواج، واستغلال ظاهرة العنوسة فى زيادة ظاهرة أخرى، وهى زيادة معدلات الطلاق والتفكك الأسرى فى المجتمع".

وعن الدوافع الاجتماعية يقول "الخولى"، إن الزواج من خلال القنوات الفضائية ظاهرة تم رصدها من خلال مجموعة من الدوافع الاجتماعية، فى بدايتها التجارة والمكسب وتأثير وسائل الاتصال الحديثة على الشباب، إلى جانب الرغبة فى الزواج بأقل التكاليف، وظاهرة تأخر سن الزواج مقارنة بالماضى، وهى ما تحولت إلى ظاهرة "العنوسة" التى لم تكن موجودة فى المجتمع المصرى قديماً.

أما عن الشركات والقنوات التى تلجأ لهذه الطرق للتجارة والربح، فيصفها "الخولى" بالدعارة المقنعة، ويؤكد: معظم هذه القنوات تلجأ إلى الربح عن طريق تعريف الطرفين، وتركهما لممارسة العلاقة فى إطار اجتماعى فاسد، قد يدخل فى حيز الدعارة أو السلوك الخاطئ تحت مظلة توفير شريك الحياة، ولا يتجاوز عدد الحالات التى تنتهى بالزواج بالفعل إلا نسبة ضئيلة جداً من العلاقات المشبوهة التى تساهم فى تحقيقها هذه القنوات تحت مسمى حل مشكلة العنوسة، واختيار "عريس أو عروس" الأحلام.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة