د.فوزى حتحوت

من أجلك أنت

الأحد، 01 نوفمبر 2009 07:17 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تشهد مصر خلال هذه الأيام انعقاد المؤتمر السنوى السادس للحزب الوطنى، تحت شعار "من أجلك أنت" الذى يناقش فيه الحزب إنجازاته خلال العام الماضى ورؤيته للعام المقبل، بالإضافة إلى بعض الموضوعات العامة التى تمس المواطن فى إطار الكلام المنمق والبيانات المعدة بعناية فائقة، والنجاحات التى حققتها حكومة الحزب لإنجاز برنامج السيد رئيس الجمهورية، ودور الحزب فى الرقى بحال المواطن ضحية الصورة، فالحزب يريد أن يرسم لنفسه صورة الحزب الملم بمشاكل المواطنين والذى يعمل من أجل خدمة المواطن، هذا المواطن المعرض للهلاك من جوانب عدة، سواء أكان فى حوادث الطرق أو النقل أو الأسمدة المسرطنة أو الأغذية الفاسدة أو مياه الشرب الممزوجة بمياه الصرف الصحى أو التعذيب أو غيرهم من وسائل قادرة أن تتلاعب بصحته وقدراته ونفسيته وحياته.

وبالرغم من محاولات الحزب لرسم صورة له فى الذهنية المصرية قادرة أن تحتوى غضب رجل الشارع وتلميع شخص تشير المؤشرات إلى أنه يسعى لحكم مصر والوصول لرجل الشارع فى أسرع وقت ممكن، إذ إن الحزب على إدراك تام بأنه يتحدى الزمن للوصول بالرجل المأمول عنده لحكم مصر ما بعد فترة الرئيس حسنى مبارك، فالحزب يستعرض صورة له قد تكون لها أثر فى استقبال الشعب له، وخاصة مع فراغ الساحة فى المعارضة من بدائل حقيقيين قادرين أن يقودوا مصر إلى الأفضل، وينقلوها إلى دولة ذات مجد ورخاء ونماء.

فعلى الحزب الحاكم فى مؤتمره السنوى أن يناقش أسباب تراجع مستوى التعليم والجامعات المصرية على المستوى العالمى، وأن يناقش مدى قبول الشعب المصرى لتصدير الغاز لإسرائيل، وإخفاقات النظام المصرى فى الإقناع والحشد لتصعيد وزيره لمنصب مدير عام "اليونسكو"، والإضرابات المتوالية والملايين التى أهدرت فى الدعاية على تطوير السكة الحديد، دون طائل حقيقى غير المساس بسلامة المواطن المصرى، ودون تطوير حقيقى فى مهارات وقدرات العاملين بهيئة السكة الحديد، إنها دوما الاهتمام بالصورة دون الجوهر، الاهتمام بالمنظر على حساب الحقيقة.

كما على الحزب الحاكم أن يتخلص من الادعاء وأن يرتبط بالواقع المعاش، فعلينا أن نعيش الوصف الحقيقى لما يحدث دون الارتكان إلى بعض البيانات المضللة أو الخافية لأوضاع يرزح تحتها المجتمع ويعانى من وطأتها، فاستبعاد المواطن ومشاكله الحقيقية من حسابات الحزب وحكومته تعد بمثابة تعذيب حقيقى له، فقد أثبتت الدراسات المتعلقة بالمسح الدماغى الحديثة أن الآلام الناجمة عن الاستبعاد والتجاهل تماثل ذات الآلام الناجمة عن الألم البدنى فى حدتها، فمناطق المخ التى تستثار نتيجة الاستبعاد والتجاهل هى نفسها التى تستثار عند الشعور بالألم البدنى.

إذا أراد حقًا الحزب الوطنى أن يجعل شعاره "من أجلك أنت" أن يحدد لنا من المقصود من ضمير "أنت" هذا؟، هل هو جمال مبارك أم المقصود من هذا الضمير الإشارة إلى كل فرد من أفراد الشعب المصرى، وإذا كان من أجل جمال مبارك فمن المؤكد أنه يدرك إن الكثير من أصحاب المصالح يكبتون آرائهم من أجل صالح اللاعب الكبير، ويتبنون جدول غيرهم، لأنهم يخافون من الاستبعاد والتجاهل، فيدفعهم خوفهم إلى قول ما يتوقعه اللاعب الكبير منهم، وهذا أمر ليس ببعيد فهم يسعون إلى التكيف والتوافق والتفاعل، لأن رئيسهم الأعلى قد يتصرف بشكل يؤثر على حياتهم المهنية والمستقبلية.

أما إذا كان المراد من ضمير "أنت" الشعب وأفراده، فعلى الحزب الحاكم وأمين لجنة السياسات أن يتحدثا عن المبادرات اللازمة لنهضة الشعب المصرى، وكيف يمكن أن توضع موضع التنفيذ، مثل المبادرات القادرة على عمل نقلة نوعية لمصر قادرة أن تنقلها إلى مصاف الدول المتقدمة واسترداد ريادتها على المستوى الإقليمى، ومبادرات دعم العلم والتكنولوجيا والتعليم ومواجهة الفساد، والانتقال بالمستوى الاقتصادى للأفراد إلى مستوى الحياة الكريمة والسياسات والآليات اللازمة فى هذا السياق، ورفع اللبس لدى الشعب ونخبته بشأن مستقبل مصر، فعلى الحزب الحاكم أن يقدم من المعلومات ما من شأنها أن تزيل كل لبس لدى المواطن وليس مجرد المناورة واللعب على الأوتار دون الوصول إلى أجوبة على أسئلة تدور حقًا فى رأس المواطن والنخبة، فعلى الحزب الحاكم أن يدرك أنه أحد الأسباب الرئيسية وراء اللبس الذى أعتلى المواطن والنخبة بشأن مستقبل مصر ورئيسها القادم، ولا يجوز اللعب على أوتار عامة لا تفيد ولا تغنى ولا تسمن من فقر فى المعرفة، وتزيد فى تضليل المواطن، إذ كان فعلا شعار الحزب ليس صورة فقط دون جوهر، فمن أجلك أنت أيها المواطن على الحزب أن يقول ما المستقبل المرسوم لمصر فى أجندة الحزب الحاكم، ولو كان فقط قلة التى تعلمه، وتضع خيوطه وركائزه، فإذا أردتم حقًا أن يكون الشعار "من أجلك أنت" لزم أن يكون الحزب صادق فى قوله للشعب لأن هذا كان اختياره، وأن يكون قادرا على الرد بشكل واضح وقاطع دون تلاعب، فعلى الحزب أن يكون لديه أجندة تؤسس وعى المواطن لا أن تضلله وتتجاهل ما ينشده.

*رئيس جماعة القسطاس للحقوق القانونية








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة