تحليل تكتبه منى ضياء : خريف الموازنة.. إهدار 25 مليار جنيه بسبب قانون مبيعات «مرسى» وتعطيل الضريبة العقارية

الإثنين، 17 مارس 2014 06:40 ص
 تحليل تكتبه منى ضياء : خريف الموازنة.. إهدار 25 مليار جنيه بسبب قانون مبيعات «مرسى» وتعطيل الضريبة العقارية مرسى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تعانى الموازنة المصرية من ثقوب كثيرة تجعل الإصلاح المالى أشبه بمهمة انتحارية فى ظل التوتر السياسى الممتد لأكثر من ثلاث سنوات، صاحبه تدهور حاد فى المؤشرات الاقتصادية، وأبرز هذه الثقوب هو العوار الذى يكتف جهود توفير موارد مالية فى بلد تراجع فيه النمو الاقتصادى إلى %1 خلال الثلاثة أشهر الأخيرة من العام المالى.

وفى المقدمة من هذا العوار يأتى التراجع المتوقع فى الإيرادات الضريبية المستهدفة بموازنة العام الحالى 2013 - 2014 والذى لم يتبق على انتهائه سوى 4 أشهر فقط، حيث قد لا تتمكن الحكومة الحالية من تدارك هذه الأزمة لضيق الوقت.

وتكمن المشكلة المتوقعة فى أن 26.5 مليار جنيه من حصيلة الإيرادات الضريبية المدرجة بالموازنة الحالية قد لا تدخل الخزانة العامة أو الجزء الأكبر منها، نتيجة تعطل بعض القوانين.
وبتحليل هذا الرقم، نجد أن الحصيلة المدرجة بموازنة العام المالى الحالى، والتى كان متوقعا تحصيلها من تعديل قانون ضريبة المبيعات الذى أصدره الرئيس المعزول مرسى برقم 102 لسنة 2012 تم إدراجها بالموازنة العامة كإيرادات مستهدف تحصيلها بقيمة 21 مليار جنيه.
هذه التعديلات تم إيقافها بمجرد صدورها بعد أن تسببت فى إثارة الرأى العام، وتم هذا الإيقاف شفويا دون أن تلغى بقانون ولم يتم العمل بها، فيما يعد سابقة تشريعية، ونتيجة غموض موقف هذا القانون المعدل، كان أمام وزارة المالية بالحكومة السابقة أحد طريقين إما سرعة تعديل هذا القانون بتعديل آخر لقانون ضريبة المبيعات يلغى بموجبه التعديل السابق، أو أن يتم التحول لنظام القيمة المضافة بديلا لضريبة المبيعات وهو ما يلغى بدوره «قانون مرسى».
هذه الأزمة ستعمق جراح الاقتصاد المصرى الذى تنذر جميع مؤشراته - فى حالة استمرار التوتر السياسى - بأنه سيواصل التراجع، حيث إن عجز الموازنة حقق %13.9 بنهاية العام المالى السابق 2012 - 2013، وكانت الحكومة تأمل أن يتراجع هذا العجز بنسبة كبيرة إلى %10 خلال العام المالى، وهو من الصعب تحقيقه فعليا بحسب تصريحات وزير المالية الجديد هانى قدرى، الذى قال فى لقاء تليفزيونى عبر الهاتف: «موقف الموازنة العامة صعب وأتوقع أن يصل العجز إلى %12 بنهاية يوليو المقبل».
وفضل وزير المالية السابق أحمد جلال أن يتم التحول بشكل كامل إلى نظام القيمة المضافة لوجود العديد من عيوب ضريبة المبيعات فى القانون المعمول به حاليا، وأعدت وزارة المالية بالفعل مشروع قانون بالتعاون مع صندوق النقد الدولى، انتظارا لعرضه فى حوار مجتمعى، دون أن يتم التطرق إلى الحديث عن التعديلات الموقوفة شفويا، رغم خطورة هذا الموقف من ناحية الإيرادات الضريبية المستهدفة بالموازنة.
وحتى الآن لم يتم إقرار قانون القيمة المضافة الجديد انتظارا لمناقشته فى حوار مجتمعى، وهو ما يعنى أن الإيرادات التى كان متوقعا تحصيلها من القانون «الموقوف» بقيمة 21 مليار جنيه مهددة بالضياع، لقرب انتهاء السنة المالية.
موقف الحصيلة من ضريبة المبيعات هو الأخطر لكبر المبلغ المستهدف تحصيله، ولكن هذا لا ينفى وجود مشكلات أخرى تتعلق بالضريبة المستهدفة من قانون الضريبة العقارية، والتى تصل إلى 4 مليارات جنيه بموازنة العام المالى الحالى، وهو القانون الذى لم يطبق حتى الآن رغم سريانه من أول يوليو الماضى، وحتى الآن لا تزال مصلحة الضرائب العقارية فى انتظار إقرار تعديلات القانون، والتى تمت صياغتها العديد من المرات على مدار أكثر من عام، وما زالت هذه التعديلات «محلك سر» رغم إعلان الوزير السابق أحمد جلال الانتهاء منها وإرسالها للرئاسة لإقرارها منذ ما يقرب من شهرين، وهو ما لم يحدث حتى الآن، لوجود عدد من التعديلات الأخرى التى ترغب الحكومة فى إضافتها قبل إقرارها نهائيا.
ومن غير المأمول أن تدخل خزانة الدولة أى إيرادات من الضريبة على العقارات المبنية فى الوقت الحالى، لأن القانون معطل تطبيقه حتى الآن، وهو ما يهدد بضياع إيرادات تقدر بقيمة 4 مليارات جنيه بموازنة العام الحالى.
أما ضريبة الأطيان الزراعية فتعتبرها الحكومة بمثابة عش الدبابير الذى تخشى الاقتراب منه «لدواع سياسية» والذى يستهدف تحقيق حصيلة قدرها 1.5 مليار جنيه، إذا تم تطبيقه من أول يناير كما هو مقرر، فمن الناحية القانونية انتهى العمل بالتقديرات السارية منذ عام 1989 والتى تصل فيها ضريبة الأطيان الزراعية على الفدان الواحد 28 جنيها سنويا، وهو مبلغ ضئيل للغاية، وهى التقديرات التى انتهى العمل بها قانونا فى 31 ديسمبر الماضى.
وهو ما يعنى أن الحكومة أمامها أحد طريقين الأول: إصدار تعديل تشريعى يقضى بمد العمل بالتقديرات الحالية، أو إقرار التعديلات الجديدة، وهو ما تخشى منه سياسيا فى الوقت الراهن رغم ضآلة المبالغ المقررة كضريبة على الفدان والتى لن تزيد على 300 جنيه للفدان سنويا.
ربما لن يكون هذا التحدى هو الوحيد أمام وزير المالية لكنه الأكبر، فى الوقت الذى يسعى فيه هانى قدرى لإنقاذ ما بقى من تماسك الوضع المالى، فسريعا ما ستحاصره المطالب الفئوية التى تتركز أغلبها على زيادة الأجور، فى ظل محدودية الموارد العامة مما يشكل ضغطا متزايدا على الموازنة، ويهدد بارتفاع العجز عن المستهدف %10 بنسبة كبيرة، وهو ما يتطلب من الحكومة الجديدة إجراءات إصلاحية هيكلية حازمة، ومصارحة كاملة للجميع بتكلفة الإصلاح، حتى لا تجد نفسها فى موقف غير قادر على الوفاء بالاحتياجات الأساسية للمواطنين.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة