محمد الدسوقى رشدى يكتب: من مرحلة الإمام الشهيد حسن البنا «قدوتنا» إلى مرحلة هزة وسط سما المصرى «سبيلنا»..جماعة الإخوان «الأبيحة»

الإثنين، 31 مارس 2014 08:42 ص
محمد الدسوقى رشدى يكتب: من مرحلة الإمام الشهيد حسن البنا «قدوتنا» إلى مرحلة هزة وسط سما المصرى «سبيلنا»..جماعة الإخوان «الأبيحة» حسن البنا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نقلاً عن العدد اليومى

«1»
هذا ليس درساً فى الأخلاق، ولا حديثا عن العفة والطهارة، فلا أنا قيم عليك ولا أنت طفل صغير، أيضاً هذا ليس تأففاً من العمل السياسى المغموس بالأباحة والوقاحة، فلا القاهرة مدينة «يوتبيا» الفاضلة، ولا تملك يدى قيداً لحريتك الشخصية، ولا أنت ستخضع لأى وصاية أخلاقية، ولا الزمن الذى نعيشه يسمح بالتوجيه.

هذا أيضاً كلام موجه.. يخص شباب الإخوان وحدهم، فلم نسمع يوماً شابا من 6 أبريل أو من الاشتراكيين الثوريين أو الدستور أو أى تيار سياسى آخر يدعى العفة والطهارة، فقط سمعنا من الإخوان وقياداتهم وشبابهم آلاف القصائد عن التربية الإخوانية التى تهتم بأخلاق الفرد والمجتمع، وقرأ علينا شباب الإخوان تعريف حسن البنا القائل بأن الإخوان المسلمين يقصدون أول ما يقصدون إلى تربية النفوس وتجديد الأرواح وتقوية الأخلاق، لأن ذلك هو الأساس الأول الذى تبنى عليه نهضات الأمم والشعوب، وشاهدنا على الفضائيات بعد كل مظاهرة لـ6 أبريل أو بعد اشتباكات الاتحادية والمقطم وجرافيتى أحمد دومة الشهير مئات الآلاف من المقارنات بين مثالية وأخلاق شباب الإخوان وبين المنحرفين والمثليين والخمورجية والملحدين فى التيارات السياسية الأخرى.

«2»
بنفس حماس هتاف صفوت حجازى الشهير «على القدس رايحين شهداء بالملايين» شارك الإخوان فى «هشتاج اللفظ الأبيح» على موقع تويتر واللفظ المقصود هو المعنى الشعبى لكلمة قواد التى يكتبها البعض تأدباً «العرض»، والهشتاج هدفه «شتيمة» عبدالفتاح السيسى، وانتشاره دفع الإخوان للاحتفال بغزوة الأباحة بنفس بهجة جمهور الزمالك، وهو يحتفل بالفوز بكأس مصر بعد سنوات طويلة من الهزيمة والغياب.

المهم هنا ليس الهشتاج ولا اللفظ الأبيح، ولا شتيمة السيسى لأنه فى النهاية شخصية عامة سيقابله من النقد والسخرية والشتائم ما لم يحلم به أو يتمناه، الأمر هنا يتعلق برفع غطاء البلاعة لتبدو للجميع فى الأفق روائح الجماعة الكريهة، التى بدت وتجلت فى اجتهاد قيادات الإخوان وشباب الجماعة فى تلفيق تأصيل فقهى وشرعى للشتائم الأبيحة، باختصار اختار الإخوان التضحية بالدين وتشويه صورة الصحابة من أجل تبرير استخدام لفظ خارج يظنون أنه سيشفى بعض من غليلهم أو يطفئ نار غضبهم نحو من أزاحهم بعيداً عن السلطة وكشف سذاجة اختيارهم وفشلهم أمام الناس..

بيان انتشر على صفحات الإخوان كتبه واحد من القيادات الوسيطة ليبرر قلة أدب الإخوان واعتمادهم طريقة سما المصرى التى استخدمتها ضدهم كأسلوب معارضة وحياة، يقول الإخوان: (البعض قال إن شتيمة السيسى بهذا اللفظ ليست من الأخلاق ولكنها ليست معصية أو مخالفة أو فحش بالقول. والدليل على الشرعى فى موقف أبى بكر الصديق رضى الله عنه عندما رد بالشتائم على بعض من أغضبوه، وقال الإمام ابن حجر فى شرح صحيح البخارى تعليقا على لفظ (امصص ببظر اللات) التى قالها الصديق رضى الله عنه وسكت عنها النبى صلى الله عليه وسلم: «وفيه جواز النطق بما يستبشع من الألفاظ لإرادة زجر من بدا منه ما يستحق به ذلك».

شباب الإخوان الذين استخدموا قصة سيدنا أبو بكر للتغطية على لسانهم القذر، هم أنفسهم الذين رفضوا شتائم عبدالله بدر، وغضبوا منه حينما استشهد بنفس الكلمة لسيدنا أبوبكر، ورد عليه مفتى الإخوان عبدالرحمن البر رافضا سلوكه، مستشهداً بقول الإمام الغزالى: (إن السب والفحش وبذاءة اللسان مذمومة ومنهى عنها، ومصدرها الخبث واللؤم، والباعث عليها إما قصد الإيذاء، وإما الاعتياد الحاصل من مخالطة الفساق)، مستطرداً بالتأكيد على أنه حاشا لله أن يكون رجلاً منتميا للتيار الإسلامى سبباً فى اعتياد الناس نطلق الألفاظ الخارجة والشتائم.

«3»
يتباهى الإخوان فى كتب التربية، وفى جلسات الأسر والشعب بأن حسن البنا مؤسس الدعوة وضع الأخلاق فوق كل شىء، وفى كتاب مواقف فى الدعوة والتربية ترد هذه القصة التى يستخدمها الإخوان للتدليل على عظمة البنا وحسن أخلاقه فى وقت الخلاف: (هاجمت صحف حزب الوفد الإخوان وشخص الإمام هجوماً فاجراً يفتقر إلى أدنى مقومات شرف الخصومة، مستخدمة فى ذلك كل شؤون الكذب والافتراء، فإذا ببعض الإخوان يقوم بالرد عليهم بأسلوب يقترب من أسلوبهم، فغضب الإمام حسن البنا وكتب إليهم هذه الرسالة التى نشرت على صفحات جريدة الإخوان «حضرة المفضال رئيس تحرير (الإخوان المسلمون)، فقد قرأت ما كتب من تعليقات فى الرد على ما تنشره صحف حزب الوفد فلم أره يساير الأسلوب الذى ترتضيه دعوة الإخوان، ويتفق مع طابع الجريدة التى تنطق بلسانها، بل هو بالأساليب الحزبية والصحف التجارية أشبه وإليها أقرب، وكان الأخ الكاتب يستطيع أن يصل إلى كل ما يريد بعبارة قوية رصينة تحمل طابع النصيحة والحرص على قبولها والاستماع إليها، وتبتعد عن التشهير واللمز، وأين إذا فضل الدعوة وسمو الفكرة وجلال درجة العفو ومنزلة الكاظمين الغيظ، والاقتداء بسيد البشر - صلى الله عيه وسلم - «اللهم اهد قومى فإنهم لا يعلمون»، ولهذا أرجو أن تحرص الجريدة كل الحرص على تخير الألفاظ، وانتقاء العبارات وتجنب النواحى الشخصية التافهة).

«4»
الاستشهاد بحسن البنا ليس تحسينا لأصل الجماعة أو منبعها، أو تدليلاً جديداً على تناقضات الجماعة أو ارتفاع مستوى الانتهازية فى دمها، بل هو تأكيد جديد على أن قيادات الإخوان لا تمانع أبدا فى أن تبيع حسن البنا وكتبه، وأن تشوه صحابة رسول الله وتخلع عنهم رداء عفة اللسان مقابل تحقيق مصلحة قريبة، هو أيضاً تأكيد جديد على فشل الإخوان.. فشلهم فى ستر أنفسهم من عورات التناقض والكذب، فشلهم فى الحفاظ على سيرة مؤسسهم، فشلهم فى مطابقة أفعالهم لأقوالهم، ومن فى المستقبل سيصدق إخوانيا يرفع شعار «قرآننا دستورنا ورسولنا قدوتنا»، فى المستقبل ربما تجد مشهداً مثل هذا: شيخ أو شاب إخوانى يقف فى المسجد أو الجامعة يخطب الناس ويدعوهم للالتزام والتدين، ويحدثهم عن أخلاق البنا، وأهمية تربية الفرد المسلم للنهوض بالمجتمع، ويستدل على كلامه بحديث نبوى عن عفة اللسان، وبقول مأثور للبنا عن سمو الأخلاق، ولكنه لن يجد من الناس إعجاباً أو دموعاً فى العين، كما كان يجد فى السابق، سيجد هتافاً جماعياً من الحضور قائلين: (اسكت.. يابن.. كذا وكذا) ضع ما تشاء من ألفاظ أبيحة تعبر عن المعنى.

«5»
(ليست المشكلة أن يكون الإنسان «قليل الأدب»، ولا أن يختار «السفالة» أسلوبا، ولا أن يتخذ «البذاءة» منهجا، ولا أن يعتبر «السب والشتم» لغة حوار.. لكن الكارثة أن يقنع نفسه أن هذا المسلك تعبير عن روح نضالية، أو حماسة مشروعة، أو معارضة وطنية.
السافل الذى أمسك بعلبة (الإسبراى) ليكتب على حائط شارع محمد محمود عبارة قذرة منحطة، لم يسئ إلى الكيان الذى سبه بأبشع الألفاظ، إنما عبر تعبيرا دقيقا عن مستوى أخلاقه المتدنية، ودرجة تربيته المنعدمة، وتفاهة رأسه وفكره. السافل - الذى لا يستحق ذكر اسمه - وجد من مجموعة أقذار مثله من يؤيد ذلك الفعل المشين، ويكتبون عبر صفحة رسمية لحركة (كفاية) أن هذا «الثائر البطل.. يكتب الوصف الصحيح للإخوان».
دعك من اللفظ الخادش لحياء من تقشعر جلودهم، وليس أصحاب الجلود السميكة من أمثالهم، ودعك من نشر عبارة مسيئة مشينة إلى هذه الدرجة، وبهذا القدر من الانحطاط والسفالة، ولكن أى لدد فى الخصومة، وأى شطط فى المعارضة وأى استباحة للعرض، وأى حقد فى الصدور، هذا الذى يدفع إنساناً ليكتب تلك العبارة البغيضة على مرأى ومسمع من الناس، وعلى جدران شوارع يمر فيها سيدات وأطفال، وأناس يستحون من الله، ويتعففون عن رؤية البذاءات؟)
الكلام السابق جزء من مقال نشرته جريدة الحرية والعدالة الناطقة بلسان الإخوان مقالاً بعنوان «السافل الحق» لمدير تحريرها الزميل محمد مصطفى عن أخلاق أحمد دومة الذى رسم جرافيتى يشتم الإخوان مستخدما لفظاً لا يختلف كثيراً فى قذارته عن اللفظ الذى يستخدمه الإخوان الآن فى شتيمة السيسى.. وقتها حظى المقال بانتشار ورواج بين شباب الجماعة، ووجد احتفاء غير عادى من قبل فضائيات الإخوان للتدليل على رقى وسمو أخلاق الجماعة ورجالها.. هل يجوز أن أطلب منك تطبيق ما رود فى هذا المقال على شباب الإخوان الذين شاركوا فى الهاشتاج ودعموه؟

«6»
بعض شباب الإخوان لم يشاركوا فى الهاشتاج ولكنهم برروا لمن شارك، تحت عنوان الشباب الإخوانى غاضب من الظلم، وبعضهم قال إن الثورية لا تعنى أبداً المثالية، وأن الجماعة خسرت الكثير من معاركها بسبب مثالية وتأدب شبابها، وبغض النظر عن هزلية حديث الإخوان عن مثالية شباب الإخوان التى مازلت صور سحلهم واعتدائهم على البنات أمام الاتحادية والمقطم موجودة، فإن تطور التبرير الإخوانى وتعامله بهذه الحفاوة مع هاشتاج الشتيمة والاهتمام بما حققه من انتشار وقلق لسلطة ما بعد 30 يونيو، يؤكد أننا قريباً وربما أقرب مما نتوقع، وطبقا لاهتمام الجماعة بمبدأ الانتشار وانحصار هدفها فى تشويه السيسى سنرى الإخوان وهم يقدمون ولنا عدة راقصات تدافعن عن الشرعية على طريقة سما المصرى، وربما سيتطور الأمر أكثر وأكثر وسنجد بعض قيادات الجماعة تدعو البنات لتقليد علياء المهدى، والوقوف عرايا فى شوارع باريس وواشنطن، وكتابة شتائم السيسى على الأماكن الحساسة فى أجسادهن من أجل خدمة القضية، وتحقيق أعلى قدر من الانتشار لرفض الانقلاب.

«7»
عزيزى الإخوانى استخدم ما تشاء فى مواجهة خصمك السياسى، أقبح الألفاظ، شتائم الشوارع، ردح المصاطب، كن كـ «سما المصرى» أو توفيق عكاشة، تلك حريتك انزعها ومارسها كما تشاء، ولكن لا تصعد قبلها أو بعدها فوق منبر الفضيلة لتحاضر فينا عن طهارة الأخلاق وعفة اللسان، ولا تسير فى الشوارع رافعا لافتات «القرآن دستورنا والرسول قدوتنا»، ولا تخرج على الشاشات التلفزيونية لتقارن بين تربية شباب الإخوان وخلقهم القويم وبين شباب 6 أبريل الذين طالما هاجمتهم بحجة انفلات الأخلاق، ولا تخطب فى الناس قائلاً: «إن دعوة حسن البنا أساسها الأخلاق».. فقط قف أمام المرآة واستدع ما كنت تقوله عن باسم يوسف ومرتضى منصور وسما المصرى، وأخبر الملامح التى تراها فى المرآة بنفس ما تذكرته، وضاعف فوق ذلك المزيد من الاحتقار عقابا على توريط الدين فى مستنقعك كريه الروائح عفن الأخلاق.






















مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة