د. شوقى علام يكتب : الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها .. لجوء البعض إلى القصاص والثأر بأيديهم دون الرجوع إلى الدولة مفسدة عظيمة .. وفتح لباب الفتنة والاقتتال بين أفراد المجتمع

السبت، 12 أبريل 2014 07:54 ص
د. شوقى علام يكتب : الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها .. لجوء البعض إلى القصاص والثأر بأيديهم دون الرجوع إلى الدولة مفسدة عظيمة .. وفتح لباب الفتنة والاقتتال بين أفراد المجتمع د. شوقى علام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«الإنسان بنيان الرب.. ملعون من هدمه».. هكذا جاء فى الأثر، وهكذا أكدت شريعتنا الإسلامية فى مقاصدها العليا التى جاءت من أجل عبادة الله، وتزكية النفس، وعمارة الأرض، ونزع الشحناء والبغضاء والعصبية من القلوب، وإرساء مكارم الأخلاق والقيم الإنسانية السامية لنكون فى هذا الكون عباد الله إخوانًا.

لقد جاء الإسلام ليقضى على آثار القبلية والعصبيَّة البغيضة والممقوتة من خطابنا وأفعالنا، وكان من مقاصد الشرع الحنيف حفظ النفس والدم والمال والعرض، وكل خطاب يفقد مقاصد الشريعة، فيؤدى إلى القتل، أو تخريب الأوطان، أو انتهاك القيم العليا للأخلاق فهو خطاب مرفوض جملة وتفصيلًا.

والخطاب الدينى الصحيح هو الخطاب النبوى الربانى الأخلاقى الراقى، الذى يستمع إليه الناس، فتهدأ فى نفوسهم نوازع الشر والخلاف، وهو خطاب يملأ القلوب سكينة، وهو خطاب يرجع على العباد والبلاد بالرحمة والراحة، بل هو خطاب ممتلئ بالعلم والحلم والبصيرة، يحفظ الأوطان، ويحترم الإنسان، وينشر العمران، ويزيد الإنسان قربًا من ربه سبحانه وتعالى.
لقد فجعت عندما شاهدت وسمعت عن فتنة أسوان الكبرى، وحالات القتل العشوائى، والتمثيل بالقتلى، التى دارت بين قبيلتين فى محافظة اشتهرت منذ قديم الزمان بالطيبة والتسامح، وعرفنا أهلها بالسلام والحب والوفاء، وتعجبت كيف تبدلت سمات البعض لتصل إلى حد هتك حرمة الدماء التى حرم الله إلا بالحق؟!

إن المبدأ المقدس عند كل إنسان، فضلًا عن كل صاحب عقل ودين، هو الحرمة الشديدة والمعظمة للدماء، وحرمة النفس الإنسانية، وإحياؤها وإكرامها من أعظم مقاصد الشريعة على الإطلاق، والآيات والأحاديث النبوية فى هذا المعنى كثيرة جدًا ومشهورة.

وأخبرنا نبينا صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله كيف أن من أعان على سفك دم امرئ مسلم ولو بشطر كلمة لقى الله يوم القيامة مكتوبًا بين عينيه آيس من رحمة الله، فلو نطق أحد بكلمة «أقتل» وقال: «أق» ولم يكمل الكلمة وكان قاصدا مريدا للقتل كان معينًا عليه وآيساً من رحمه الله يوم القيامة.

كذلك فإن كل من يخرج على المجتمع حاملًا سلاحه، ملوحًا ومهددًا بالعنف والقتل، أو مستخدمًا له، فقد بادر هو بالعدوان، وهدد أمن البلاد والعباد، ولا بد من التصدى له بكل الوسائل القانونية الرادعة.

وفى لجوء البعض إلى القصاص والثأر بأيديهم دون الرجوع إلى الدولة مفسدة عظيمة، وفتح لباب الفتنة والاقتتال بين أفراد المجتمع، بل بين أبناء البلد الواحد، وهى فتنة لا تنتهى ولا تنطفئ حتى مع مرور السنين، وقد توقد من جديد فى أى لحظة من اللحظات لتسال دماء جديدة، وتيتم أطفال صغار، وتهدم أسر لا ذنب لهم.

وإذا كنا حريصين على وضع نهاية نار الفتنة وتبادل الاتهامات بين الأطراف المتنازعة لا يوجد إلا ملجأ وحيد، ألا وهو «القضاء»، حتى ينجلى الحق، ولا يكون ذلك إلا من خلال التحقيق القضائى العادل والفورى، حتى يقول القضاء كلمته، ويفصل فى هذه الخصومات الشديدة الملتبسة.

بقى أن أؤكد على جملة من الأمور:
أولاً: نشدد أن دماءَ المصريين بلا استثناء حرام، ولا بد من إدانة كلّ عمل يدفع أهلَنا للاقتتال سواء بالقول، أو التبرير، أو بالفعل، أو التحريض، أو أى وسيلة كانت.

ثانيًا: فتنة القتل فى محافظة أسوان هى اعتداء على الدولة بأكملها، لذا يجب الوقوف وبشدة ضدَّ كلّ ما يهدد مؤسسات الدولة وكيانها ويحاول النَّيلَ منها، فالبناء لا يجدى مع الانقسام والتشويه، ومؤسسات الدولة المختلفة هى الحامية والضامنة لأمن هذا المجتمع وسلامته وتحقيق رغباته وتطلعاته، وأىّ محاولة لهدم تلك المؤسسات هى تهديدٌ للدولة المصرية

ومحاولةٌ لإفشال نموذَجها الفريد، ومن ثَمَّ، كان لزامًا علينا كمصريين أن ننطلقَ فى حوارنا من توافقنا على أهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة وكيانها، وعدم السماح تحت أى ظرف بالنيْل منها أو التشكيك فيها.

ثالثًا: إننا ندعم كلَّ ما من شأنه حقنَ دماء المصريين والحفاظَ على سلمية الدولة والمجتمع والنسيج الوطنى من مخاطر الانشقاق، وندعم كلَّ ما يردع الإرهابَ بكل أشكاله وألوانه، ويحقق السلمَ والأمنَ الاجتماعىَّ.

وأختم بأن أدعو لمصر بالأمان والحفظ والرعاية، وأن ينزل الله السكينة على مصر وأهلها، ويجمع من شملهم ما تفرق، ويفتح لهم بركات من السماء والأرض، ويوسع أرزاقهم، ويجمّل أخلاقهم، ويبدلهم من بعد خوفهم بأمن، ومن بعد عسرهم بيسر، ومن بعد ضيقهم بسعة، ومن بعد حيرتهم بحكمة، ومن بعد شتاتهم بعصمة، ولأن يجعل عاقبة أمرهم رشدًا.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة