اليوم.. ذكرى ميلاد ووفاة "سيد قراء هذا الزمن".. الشيخ محمد رفعت.. الحسد أصابه بالعمى وهو طفل.. أصيب بـ"الزغطة" وتوقف عن القراءة.. ورفض المساعدات لعلاجه وقال: "إن قارئ القرآن لا يهان"

الجمعة، 09 مايو 2014 10:26 ص
اليوم.. ذكرى ميلاد ووفاة "سيد قراء هذا الزمن".. الشيخ محمد رفعت.. الحسد أصابه بالعمى وهو طفل.. أصيب بـ"الزغطة" وتوقف عن القراءة.. ورفض المساعدات لعلاجه وقال: "إن قارئ القرآن لا يهان" الشيخ محمد رفعت
كتب - على عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"سيد قراء هذا الزمن، موسيقى بفطرته وطبيعته، إنه يزجى إلى نفوسنا أرفع أنواعها وأقدس وأزهى ألوانها، وإنه بصوته فقط يأسرنا ويسحرنا دون أن يحتاج إلى أوركسترا".. هكذا وصف الأديب محمد السيد المويلحى، أما على خليل "شيخ الإذاعيين" فيقول عنه: "إنه كان هادئ النفس، تحس وأنت جالس معه أن الرجل مستمتع بحياته وكأنه فى جنة الخلد، كان كيانًا ملائكيًّا، ترى فى وجهه الصفاء والنقاء والطمأنينة والإيمان الخالص للخالق، وكأنه ليس من أهل الأرض".

ما من مصرى إلا ويرتبط لديه أذان المغرب فى شهر رمضان بصوته إنه الشيخ "المعجزة" و"قيثارة السماء"... الشيخ محمد رفعت، المولود فى مثل هذا اليوم 9 مايو من عام 1882 بحى المغربلين فى القاهرة، وهو من أوائل من أقاموا مدرسة للتجويد الفرقانى فى مصر، وكانت طريقته تتسم بالتجسيد للمعانى الظاهرة بالقرآن الكريم وإمكانية تجلى بواطن الأمور للمتفهم المستمع بكل جوارحه لا بأذنه فقط.

فقد الشيخ محمد رفعت، بصره صغيراً وهو فى سن الثانية من عمره، وقيل إن إحدى السيدات حسدته فقالت: له عيون ملوك فالعين حق تدخل الجمل القدر وتدخل الرجل القبر، فأصيب بالعمى نتيجة مرض أصاب عينيه‏، وحفظ القرآن فى سن الخامسة، حيث التحق بكتاب مسجد فاضل باشا بدرب الجماميز بالسيدة زينب ودرس علم القراءات وعلم التفسير ثم المقامات الموسيقية على أيدى شيوخ عصره، توفى والده محمود رفعت والذى كان يعمل مأمورا بقسم شرطة الخليفة وهو فى التاسعة من عمره فوجد الطفل اليتيم نفسه مسئولا عن أسرته وأصبح عائلها الوحيد، فلجأ إلى القرآن يعتصم به ولا يرتزق منه، تولى القراءة بمسجد فاضل باشا بحى السيدة زينب سنة 1918م وهو فى سن الخامسة عشرة، فبلغ شهرة ونال محبة الناس، وافتتح بث الإذاعة المصرية سنة 1934م، وذلك بعد أن استفتى شيخ الأزهر محمد الأحمدى الظواهرى عن جواز إذاعة القرآن الكريم فأفتى له بجواز ذلك فافتتحها بقول من أول سورة الفتح (إنا فتحنا لك فتحا مبينا)، فكان أول قارئ بالإذاعة الأهلية، وسجل له صديقاه "زكريا باشا مهران" والحاج "محمد خميس" سورتى الكهف ومريم على أسطوانة.

ولما سمعت الإذاعة البريطانية "بى بى سى العربية" صوته أرسلت إليه وطلبت منه تسجيل القرآن، فرفض ظنا منه أنه حرام لأنهم غير مسلمين، فاستفتى الإمام المراغى فشرح له الأمر وأخبره بأنه غير حرام، فسجل لهم سورة مريم، وعرض عليه الفنان محمد عبد الوهاب أن يسجل القرآن الكريم بصوته مقابل أى أجر يطلبه ولكنه اعتذر خشية أن يمس أسطوانة القرآن سكران أو جنب.

ورفض الشيخ رفعت، التكسب من القرآن الكريم؛ حيث تنافست على تلاواته العديد من المحطات الأجنبية، مثل إذاعات برلين ولندن وباريس؛ إبان الحرب العالمية الثانية؛ لتستهل افتتاح برامجها العربية بصوته لجذب أكبر عدد من المستمعين، إلا أنه كان عفيفًا متواضعًا لا يرضى بأن يتكسب من القرآن، وعُرض عليه أن يذهب إلى الهند عام 1935 ليقرأ القرآن مقابل 15 ألف جنيه فرفض، فما كان من الحكومة الهندية إلا مضاعفة المبلغ ليصل إلى 45 ألف جنيه، لكنه اعتذر أيضًا، وكان يرى أموال الدنيا عرضًا زائلاً.

لم يكتفِ الشيخ محمد رفعت بموهبته الصوتية، فعمق دراسته لعلم القراءات وبعض التفاسير، واهتم بشراء الكتب، ودراسة الموسيقى الرقيقة والمقامات الموسيقية، فدرس موسيقى "بيتهوفن"، وغيرهم، وكان يحتفظ بالعديد من الأوبريتات والسيمفونيات العالمية فى مكتبته.

أصيب الشيخ محمد رفعت فى عام 1943م بمرض سرطان الحنجرة الذى كان معروفاً وقتئذ "بمرض الزغطة"، حينما كان يقرأ القرآن وتحديدًا فى سورة الكهف وشعر بغصة فى حلقة واحتباس فى صوته فشعر بالانكسار وحاول أن يكمل القراءة إلا أنه لم يستطع وبكى وأبكى من حوله.

ويقال: إنه بالرغم أنه لم يكن يملك تكاليف العلاج إلا أنه اعتذر عن قبول أى مدد أو عون ألح به عليه ملوك ورؤساء العالم الإسلامى، وكانت كلمته المشهورة "إن قارئ القرآن لا يهان"، وفضل أن يبيع أثاث بيته، وتوفى فى نفس يوم مولده عام 1950.












مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة