أوجاع الجنوب.. آثار المنيا مجهولة وخارج نطاق الخدمة.. الطريق الصعب إلى صحراء تل العمارنة.. مدينة إخناتون "خاوية على عروشها".. ومفتشو الآثار فى إجازة.. ومدير المنطقة لا يفتحها إلا للأجانب

الأربعاء، 15 أبريل 2015 10:31 ص
أوجاع الجنوب.. آثار المنيا مجهولة وخارج نطاق الخدمة.. الطريق الصعب إلى صحراء تل العمارنة.. مدينة إخناتون "خاوية على عروشها".. ومفتشو الآثار فى إجازة.. ومدير المنطقة لا يفتحها إلا للأجانب الطريق إلى تل العمارنة
تحقيق صفاء عاشور - آيه نبيل - تصوير ماهر اسكندر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا يكتمل الحضور لمحافظة المنيا، إلا بزيارة مواقعها الأثرية الفريدة الممتدة عبر ضفتها الشرقية، والتى تشهد على التاريخ المصرى الممتد، بدءًا من الحضارة «الفرعونية» إلى «اليونانية» و«الرومانية» و«القبطية» وصولا للآثار الإسلامية، بلا شك، إنك أمام محافظة أثرية لا تقل عن الأقصر وأسوان، هنا بدأ إخناتون حضارته وتظل مدينته بتل العمارنة شاهدة على ذلك، ومن هنا مرت العائلة المقدسة ويظل دير السيدة العذراء مزارا دائما يتجه إليه الزوار من كل أنحاء العالم، وهنا مقابر الآلاف من شهداء الفتح الإسلامى والعديد من الأضرحة والمقامات والمساجد الأثرية.

فى هذا التحقيق، زارت «اليوم السابع» الأماكن الأثرية للمحافظة، للتعرف على الحالة التى عليها، وواقع استفادة أهلها من عوائد السياحة، إلا أن الواقع كان على عكس توقعاتنا، وتنقلنا فى هذه الجولة من مدينة إخناتون «تل العمارنة» فى دير مواس، إلى بنى حسن فى أبو قرقاص، إلى البهنسا فى بنى مزار، لنلقى نظرة على واقع هذه المناطق.

من الطبيعى أن تشهد القرى والمناطق المحيطة بالمواقع الأثرية ثراء نسبيا، والمفترض أن تكون هذه المواقع بابا للرزق من السياحة، ومجالا لتوفير فرص العمل، إلا أن الأمر فى المنيا لم يكن كذلك تماما، فمنذ نزولنا من المعدية التى أقلتنا من مركز دير مواس لنصل إلى الضفة الشرقية من النيل، والتى يقع بها تل العمارنة (مدينة إخناتون)، لم نجد من يعرف أهمية هذه المنطقة الأثرية.

مدينة إخناتون


وبعد السير على طريق صحراوى تحده رمال صفراء قاحلة شديدة الحرارة من يمينك، وعليه تمتد بيوت متراصة للقرى التى تجاور «مدينة إخناتون» أو «تل العمارنة»، وبعد التوقف عدة مرات للسؤال عن كيفية الوصول إلى المدينة، وصلنا إلى غرفة صغيرة أخبرونا أنها تابعة للخفير الذى يحرس بقايا معبد صغير كان يتبع إخناتون.

خرج «جميل كمال»، الذى يعمل بالمنطقة منذ 26 عاما، بسلاحه الميرى، والذى أكد أنه قطعة من جسده كدليل على أنها لا تفارقه، ليفتح لنا بوابة من السلك تطل على بقايا معبد صغير لـ«آتون»، يتوسطها لوحة مغطاة ببوابة حديدية، أوضح لنا أنها لا تفتح سوى للأفواج السياحية التى تأتى إليها، مشيرا إلى أن المنطقة انهار معدل زياراتها منذ التسعينيات، حيث كان يزورها من قبل ما يقرب من 1000 سائح، أما حاليا فقد يمر الأسبوع دون أن يأتى 100 سائح فقط، وقد يكونون مصريين. على بعد 3 كيلو تقع البوابة الرئيسية للاستقبال أسفل تل العمارنة، والذى سمى بهذا الاسم نسبة لقبيلة بنى عمران التى أقامت فيها قبل أن يتم اكتشاف المواقع الأثرية بها، ولم يكن هناك سوى أفراد الأمن من شرطة السياحة والأمن العام، أما مفتشو الآثار فقد أوضح لنا أحد أمناء الشرطة أنهم إجازة يومى الجمعة والسبت، رغم أن المنطقة لا تغلق أبوابها للزيارات فى هذين اليومين. كافتيريا وبازار تابعان للمحافظة فقط هما المبنيان الموجودان فى موقع الاستقبال، وعبر ممشى تصل عدد سلالمه إلى حوالى 105 درجات، تبدأ فى الصعود إلى الجبل، تقابلك فى نهايتها لوحة حديدية يبدو عليها الصدأ مكتوبة باللغة العربية وتقابلها من ناحية أخرى ترجمتها باللغة الإنجليزية تشرح تاريخ المدينة، والتى تتكون من مقابر للأفراد المعاونين للملك «شمالية وجنوبية»، ومقابر ملكية، وقصرين ملكيين «الشمالى والجنوبى».

حادث الأقصر


اصطحبنا فى هذه الرحلة أحد مراقبى الأمن والذى لم يكن يعلم أى معلومة بالطبع عن الموقع الأثرى، سوى أنه كان يفتح لنا المقابر، والتى بدت رسوماتها مدمرة ومهملة. وتبدو مدينة إخناتون «مؤسس التوحيد»، أو تل العمارنة من الظاهر مفتوحة للجميع، إلا أنها فى الواقع تفتح للأفواج السياحية التى تقوم بإبلاغ مسؤولى المنطقة قبل قدومها، يقول «جميل»، إن الأفواج غالبا ما تأتى من الأقصر عبر النيل أو تأتى من المنيا نفسها، وتعود إلى حيث جاءت أو إلى القاهرة مباشرة، حيث يأتى معهم مجموعات تأمين مشددة حتى تنتهى الزيارة، ويأتى معهم المرشدون السياحيون التابعون لهم، وهذا أمر طبيعى، فالمنطقة لا يتوافر فيها أى عوامل جذب للزيارات الفردية، فلا يوجد وسائل مواصلات إلا خاصة، كما لا يوجد أى إشارات على الطريق لتدل على المنطقة، فضلا عن أن كل القرى المحيطة لها وإن كانت تعيش فى فقر مدقع فلا يبدو عليهم إدراكهم ما يجاورونه من موقع أثرى مهم.

«جميل»، على سبيل المثال، منذ حادث الأقصر لديه تعليمات أن يضرب فى المليان أى شخص يقترب من الموقع، دون أن يثبت أنه زائر، وهو الأمر النادر، حيث إن أغلب الزيارات التى تنظمها المحافظة تأتى فى «أفواج»، يقول رجل الأمن: «كل القرى المحيطة بنا الناس فيها طيبين، ومفيش أى مشاكل حصلت فى السنوات الماضية، زمان كانوا بيعملوا أطباق ويبيعوها للسياح، لكن بعد حادثة الأقصر الأمن منع ذلك، وغالبا أهالى القرى لا يقتربون من المنطقة».

تزايد السكان وعدم وجود فرص عمل فى ظل تآكل مساحة الرقعة الزراعية بالقرى المحيطة بتل العمارنة دفع السكان إلى الصعود إلى الجبل للعمل فى المحاجر، إلا أن حادث وفاة 19 فردا من القرية عقب سقوط حجارة الجبل عليهم، دفع الأهالى بشكل ضمنى لأن يقرروا عدم العمل فى الجبل مرة أخرى، يعلق جميل قائلا: «كانوا بيروحوا شرم الشيخ والغردقة، لكن بعد تدهور أوضاع السياحة بعد الثورة، يقبع أغلبهم فى البطالة».

من الطبيعى أن تشهد القرى والمناطق المحيطة بالمواقع الأثرية ثراء نسبيا، والمفترض أن تكون هذه المواقع بابا للرزق من السياحة، ومجالا لتوفير فرص العمل، إلا أن الأمر فى المنيا لم يكن كذلك تماما، فمنذ نزولنا من المعدية التى أقلتنا من مركز دير مواس لنصل إلى الضفة الشرقية من النيل، والتى يقع بها تل العمارنة (مدينة إخناتون)، لم نجد من يعرف أهمية هذه المنطقة الأثرية.
الأفواج السياحية

وبعد السير على طريق صحراوى تحده رمال صفراء قاحلة شديدة الحرارة من يمينك، وعليه تمتد بيوت متراصة للقرى التى تجاور «مدينة إخناتون» أو «تل العمارنة»، وبعد التوقف عدة مرات للسؤال عن كيفية الوصول إلى المدينة، وصلنا إلى غرفة صغيرة أخبرونا أنها تابعة للخفير الذى يحرس بقايا معبد صغير كان يتبع إخناتون.

خرج «جميل كمال»، الذى يعمل بالمنطقة منذ 26 عاما، بسلاحه الميرى، والذى أكد أنه قطعة من جسده كدليل على أنها لا تفارقه، ليفتح لنا بوابة من السلك تطل على بقايا معبد صغير لـ«آتون»، يتوسطها لوحة مغطاة ببوابة حديدية، أوضح لنا أنها لا تفتح سوى للأفواج السياحية التى تأتى إليها، مشيرا إلى أن المنطقة انهار معدل زياراتها منذ التسعينيات، حيث كان يزورها من قبل ما يقرب من 1000 سائح، أما حاليا فقد يمر الأسبوع دون أن يأتى 100 سائح فقط، وقد يكونون مصريين. على بعد 3 كيلو تقع البوابة الرئيسية للاستقبال أسفل تل العمارنة، والذى سمى بهذا الاسم نسبة لقبيلة بنى عمران التى أقامت فيها قبل أن يتم اكتشاف المواقع الأثرية بها، ولم يكن هناك سوى أفراد الأمن من شرطة السياحة والأمن العام، أما مفتشو الآثار فقد أوضح لنا أحد أمناء الشرطة أنهم إجازة يومى الجمعة والسبت، رغم أن المنطقة لا تغلق أبوابها للزيارات فى هذين اليومين. كافتيريا وبازار تابعان للمحافظة فقط هما المبنيان الموجودان فى موقع الاستقبال، وعبر ممشى تصل عدد سلالمه إلى حوالى 105 درجات، تبدأ فى الصعود إلى الجبل، تقابلك فى نهايتها لوحة حديدية يبدو عليها الصدأ مكتوبة باللغة العربية وتقابلها من ناحية أخرى ترجمتها باللغة الإنجليزية تشرح تاريخ المدينة، والتى تتكون من مقابر للأفراد المعاونين للملك «شمالية وجنوبية»، ومقابر ملكية، وقصرين ملكيين «الشمالى والجنوبى».

اصطحبنا فى هذه الرحلة أحد مراقبى الأمن والذى لم يكن يعلم أى معلومة بالطبع عن الموقع الأثرى، سوى أنه كان يفتح لنا المقابر، والتى بدت رسوماتها مدمرة ومهملة. وتبدو مدينة إخناتون «مؤسس التوحيد»، أو تل العمارنة من الظاهر مفتوحة للجميع، إلا أنها فى الواقع تفتح للأفواج السياحية التى تقوم بإبلاغ مسؤولى المنطقة قبل قدومها، يقول «جميل»، إن الأفواج غالبا ما تأتى من الأقصر عبر النيل أو تأتى من المنيا نفسها، وتعود إلى حيث جاءت أو إلى القاهرة مباشرة، حيث يأتى معهم مجموعات تأمين مشددة حتى تنتهى الزيارة، ويأتى معهم المرشدون السياحيون التابعون لهم، وهذا أمر طبيعى، فالمنطقة لا يتوافر فيها أى عوامل جذب للزيارات الفردية، فلا يوجد وسائل مواصلات إلا خاصة، كما لا يوجد أى إشارات على الطريق لتدل على المنطقة، فضلا عن أن كل القرى المحيطة لها وإن كانت تعيش فى فقر مدقع فلا يبدو عليهم إدراكهم ما يجاورونه من موقع أثرى مهم.

«جميل»، على سبيل المثال، منذ حادث الأقصر لديه تعليمات أن يضرب فى المليان أى شخص يقترب من الموقع، دون أن يثبت أنه زائر، وهو الأمر النادر، حيث إن أغلب الزيارات التى تنظمها المحافظة تأتى فى «أفواج»، يقول رجل الأمن: «كل القرى المحيطة بنا الناس فيها طيبين، ومفيش أى مشاكل حصلت فى السنوات الماضية، زمان كانوا بيعملوا أطباق ويبيعوها للسياح، لكن بعد حادثة الأقصر الأمن منع ذلك، وغالبا أهالى القرى لا يقتربون من المنطقة».

تزايد السكان وعدم وجود فرص عمل فى ظل تآكل مساحة الرقعة الزراعية بالقرى المحيطة بتل العمارنة دفع السكان إلى الصعود إلى الجبل للعمل فى المحاجر، إلا أن حادث وفاة 19 فردا من القرية عقب سقوط حجارة الجبل عليهم، دفع الأهالى بشكل ضمنى لأن يقرروا عدم العمل فى الجبل مرة أخرى، يعلق جميل قائلا: «كانوا بيروحوا شرم الشيخ والغردقة، لكن بعد تدهور أوضاع السياحة بعد الثورة، يقبع أغلبهم فى البطالة».

100 سائح فقط يزورون مقابر الأسرة الوسطى فى بنى حسن


بمركز أبو قرقاص، يتزاحم التوك توك ليقل الركاب إلى القرى المختلفة، حيث أخبرنا أحد أفراد الأمن أن «مقابر بنى حسن» الأثرية على الجانب الآخر من النيل، ليقابلنا أمين محمد على، مفتش الآثار بالمنطقة، الذى أكد أن السياحة بدأت مؤخراً فى العودة، لكن بنسبة أقل من السابق، حيث كان الأثر يستقبل يومياً ما يزيد عن ألف سائح، فى حين لا يستقبل اليوم أكثر من 100 سائح فقط. ويضيف مفتش الآثار: منذ الانفلات الأمنى الذى أعقب الثورة، منعت البواخر الآتية من الأقصر للوصول للمنيا، لزيارة آثار بنى حسن، وأصبحت الوفود السياحية تأتى فى صحبة قوات تأمين.

وتضم منطقة آثار بنى حسن، 39 مقبرة، لحكام الأقاليم أثناء عصر المملكة الوسطى.

وكعادة المناطق الأثرية بمحافظة المنيا، تخلو المنطقة المحيطة من البازارات، والكافتيريات، وعوامل الجذب السياحى، وهو ما يؤكده خالد ربيع، المرشد المقيم بالأثر، مضيفاً أن الأمن يبعد أى بائع سريح، يحاول بيع مشغولات يدوية، وما إلى ذلك للسائحين، لدواع أمنية.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة