"اليوم السابع" تحاور أحمد هارون الوزير السودانى الملاحق جنائياً:

حركات التمرد فى دارفور تتكاثر كـ"الأميبا" وتطيل عمر الأزمة فى الإقليم

الخميس، 05 يونيو 2008 06:05 م
حركات التمرد فى دارفور تتكاثر كـ"الأميبا" وتطيل عمر الأزمة فى الإقليم أحمد هارون وزير الدولة للشئون الإنسانية
حاورته أميرة سلام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أحمد هارون وزير الدولة للشئون الإنسانية ونائب رئيس اللجنة السياسية فى حزب المؤتمر الوطنى السودانى بزعامة الرئيس عمر البشير، اسم تجتمع حوله العديد من علامات الاستفهام بعد اتهامه بارتكاب جرائم حرب فى إقليم دارفور، بناء على حكم أصدره المدعى العام الدولى لمحكمة الجنايات الدولية فى لاهاى ..هذا الحوار أجرته معه لـ اليوم السابع عبر التليفون.

اتهامك بارتكاب جرائم حرب فى دارفورلايزال مفتوحاً فما هو موقفك من هذه القضية ؟

أشعر أن القضية تافهة ولا تستحق كل هذا التوقف أمامها، فأنا مع أى خيار تتخذه الحكومة سواء التسليم من عدمه لمحكمة لاهاى، لست مذنباً والعدالة لن تظلمنى, كل ما فعلته يتوافق مع صحيح القانون ومقتضى الواجب، وأنا فى قمة التصالح مع نفسى.

و ما هو ردك على ما هو منسوب إليك من أدلة اتهام؟

ادعاءات المدعى العام تتعلق بمنصبى، باعتبارى وزير دولة سابق بوزارة الداخلية، لم أرتكب شيئاً بيدى, ورغم هذا أنا ملتزم بقرار الحكومة السودانية والتى لم تصادق على عمل محكمة الجنايات الدولية فى لاهاى, ولا تنسى أننى أصلاً قاض ومشتغل بالقانون.

ما ردك على الاتهامات تحديداً ؟
الاتهامات فى مجملها سياسية, تهدف إلى تحويل الأزمة فى إقليم دارفور إلى شىء أكثر تعقيداً من الوضع القائم.

ما موقف الحكومة السودانية من اتفاقية "أبوجا" حاليا ً؟

ما تم التوافق عليه فى اتفاق سلام "أبوجا" مجرد اتفاقات تتعلق بالأسباب الجذرية لحل مشكلة دارفور, وهو فعلاً الحل الموضوعى للمشكلة، صحيح أن هناك صعوبات تعترض تنفيذ هذه الاتفاقية تتعلق بعدم توقيع الحركات عليها, لكننا لا نستطيع نفى موضوعية القضايا التى تعرضت لها"أبوجا" لتبقى استخدامات الأراضى والموارد فى دارفور من الموضوعات الأساسية التى أدت إلى هذا النزاع القائم، فالدارفوريون يحصرون كل مطالبهم فى الحصول على موقع نائب رئيس الجمهورية, والعودة بدارفور إلى إقليم واحد. واتفاقية "أبوجا" اشتبكت مع هذين المطلبين, فمنصب نائب الرئيس يحكمه اتفاق السلام الشامل، مما لا يتيح الفرصة لتحقيق هذا المطلب، ولكن المعادلة التى تم التوصل إليها هى استحداث منصب كبير مساعدى رئيس الجمهورية لحل هذه الأزمة.

وماذا عن المطلب الثانى؟

توصلت الاتفاقية إلى أن هذا الأمر يقرره أهل دارفور عن طريق استفتاء عام، يحدد وضعية تقسيم الإقليم من عدمه, والتسوية قائمة على أن الحركات لا تمثل كل أهل دارفور، لذلك علينا أن نحتكم إلى صناديق الاقتراع التى ستقرر هذا الشأن , لأن المفاوضات ليست روشتة تقدمها الأطراف المتنازعة, بل هى عملية تسوية و موازنة، وبناء على هذا فاتفاق"أبوجا" يصلح أساساً لحل مشكلة دارفور.

نظرياً, نجح اتفاق"أبوجا", لكن لماذا لم يتحقق على أرض الواقع ؟
الاتفاق فى مضامينه الأساسية كان صالحاً، لأنه شخص المشكلة وقدم العلاج الموضوعى لها, ولو بدأنا عملية تفاوض جديدة سنصل إلى ذات النتائج. فالخلاف يكمن فى وضعية المواقع التنفيذية للسلطة, لذلك لابد أن نجرد القضية ونضعها فى إطارها الصحيح.

ظهرت فى الفترة الأخيرة العديد من الاتفاقيات الفرعية، مثل اتفاق "منى" والحوار "الدارفورى/الدارفورى" ما هو موقف الحكومة السودانية منها ؟
للحكومة السودانية موقف موحد من كل اتفاقيات حركات دارفور جميعا،ً وليس حركة "منى" (رئيس إحدى الحركات الدارفورية)فقط، فقد تم فصل الحصة الخاصة به و تعيينه كبير مساعدى رئيس الجمهورية, بالإضافة إلى تعيين وزير دولة من الحركة فى الحكومة الاتحادية، ونحن فى انتظار ترشيحات من جميع الحركات الموقعة على اتفاقية "أبوجا"، أو التى انضمت إليها لاحقاً ليصدر رئيس الجمهورية القرارات اللازمة وفق الحصة المقررة لكل حركة كما نصت الاتفاقية.
أما فيما يتعلق بالحوار "الدارفورى" فقد تم تعيين وزير البيئة بالسودان من أبناء دارفور, وهو رئيس لجنة الحوار ذاته. كما عين الاتحاد الأفريقى منسق الحوار الآخر, وهو بصدد إعداد الترتيبات التنفيذية لإنجاز هذا الحوار, لأننا نعول كثيراً عليه كمدخل نعالج به قضية تشرذم الحركات.

بهذا تكون الاتفاقيات مجرد مناصب لقادة الحركات فقط ؟

أبداً... الاتفاق يمنح صلاحيات محددة لمنصب كبير المساعدين ووزير الدولة بديوان الحكم الاتحادي, ولا أتصور أن يمنحوا صلاحيات أكثر من تلك التى منحتها الاتفاقية، ولكن كون أنهم يعانون قصوراً ما فى هذه المواقع، هذا أمر متروك لقدرات كل شخص فكل ميسر لما خلق له.

ما هى العوامل الداخلية والخارجية المؤثرة على سير عملية السلام واستقرار الوضع فى دارفور؟

تشتت الحركات وتشرذمها وانقساماتها الأميبية اليومية، تشطر هذه الحركات إلى عدد من الأجنحة وعدد من الأقسام, وهذا ناتج عن ضعف الرؤية السياسية لدى هذه الحركات، وهذا يعزز تحليلنا لوضعها بأن هذه الحركات ليست إلا ميليشيات قبلية سيست عوامل وجودها, وبالتالى هى انعكاس لأوضاع غياب الفكر للمطالبة بالسلطة، وهذا يعقد العملية التفاوضية، ويفسر لماذا استمرت لأكثر من عامين.

هل هناك تدخلات خارجية تحرك الصراع؟

بالطبع هناك أجندة دولية تستهدف عدم استقرار الأوضاع فى السودان, وهذا يفسر أنه فى اللحظات التى وصل فيها اتفاق السلام الشامل إلى خواتمه بدأت حرب دارفور, رغم أن المطالب التى يدعى البعض أنها أدت إلى رفع السلاح، قد تم علاجها من خلال الاتفاق، ولم يكن هناك مبرر أصلاً لاستخدام السلاح, فالأوضاع فى شرق السودان مسرح مهم، وهى جزء من الحالة العامة للمنطقة والاستراتيجية الأمريكية القائمة على تفتيت وتجزئة السودان، وما يتعرض له السودان لا يختلف عما يجرى فى العراق وفلسطين ولبنان والصومال, وما تستهدفه الولايات المتحدة بالنسبة للمملكة العربية السعودية ومصر ..نحن أمام مخطط شامل, السودان أحد أضلاعه والحالة السودانية واحدة من تجليات هذا المخطط.

ما مصادر تمويل الحركات المسلحة بدارفور؟

الحركات تتلقى تمويلاً منتظماً من بعض الدول الأجنبية عبر حدود السودان, وهذا ما يفسر الإمكانيات العسكرية والاقتصادية العالية التى تتحرك من خلالها بطريقة مكوكية، تؤكد أن مصادر تمويلها خارجية دولية هى التى تحرك أطراف العملية المسلحة فى إقليم دارفور كله بجميع حركاته.

لايزال الحوار مع هذه الفصائل هو الحل؟
أعلن رئيس الجمهورية أننا جاهزون فى أى وقت وأى مكان، لاستعادة حيوية العملية السلمية, وأن يبدأ تفاوض على أساس اتفاقية "أبوجا".
و بالتالى نحن على هذا الموقف, لكن الطرف الآخر لم يعلن استعداده حتى الآن.

بعد أزمة القرار "17.6" هل هناك دعم دولى بدارفور؟

القرار "1706" تم تجاوزه عملياً, وانتقلنا إلى القرار الجديد المسمى قرار الدعم, وجزء من هذا الدعم إرسال قوات لدعم بعثة الاتحاد الأفريقى فى دارفور، وهذه القوات من المتصور أن تكون من أفريقيا ومن الدول العربية, ولكن الفكرة الأساسية أن تكون قوات مهمتها دعم الاتحاد الأفريقى من مناطق مختلفة, لا أن تحل محل قوات الاتحاد. بل هى قوات تأتى من دول صديقة للسودان وليس من دول معادية لها.

ما تفسيرك لتغيير ميزان العلاقات مع السودان بعد أزمة القرار "1706"؟
تعدد مراكز اتخاذ القرار فى الإدارة الأمريكية, وهذا ما تحس به معظم الأطراف المتعاملة مع الولايات المتحدة, فالبعض يرى أن لديه مصالح فى السودان، وينبغى أن يقيم ذلك بالحوار والوفاق مع الحكومة السودانية. والبعض الآخر لا يرى سوى علاقته بالفصائل الأخرى ودعمها عسكرياً، وهى تفاعلات داخلية مرتبطة بصنع القرار فى الولايات، وهذا جزء من تعزيزات النظام الدولى فالعملية متداخلة ما بين الشد والجذب، ولا يمكن أن نغلق الأبواب تماماً أو نفتحها, وفى ضوء هذا أتصور أن تنشأ أوضاع متذبذبة نوعاً ما.
أما القرار "1706"فأصبح جزءاً من مخلفات التاريخ و تم تجاوزه باتفاق حزم الدعم الثلاث، واعتماده بمعرفة مجلس الأمن وجارى تنفيذه حالياً.

ما تقييمك للأدوار العربية و الأفريقية حتى الآن؟

الدور العربى تتصدره مصر بنشاط دبلوماسى مساند بجدية, وقد تمكنا من خلال العمل المشترك الذى ضم السودان ومصر والجامعة العربية احتواء أزمة القرار"1706"، وهذا دور رائد، الاتحاد الأفريقى أيضاً له دور إنسانى كبير فى دارفور عن طريق البعثات الطبية والمساعدات والإمدادات الغذائية.
بعدها تتفاوت الأدوار العربية الأخرى فيما يتعلق بالنشاط الإنسانى، ولكن ما يميز الدور العربى أنه داعم للحكومة السودانية، والاتحاد الأفريقى يقوم بدور حى يعزز العملية التفاوضية فى"أبوجا"
من خلال بعثته العسكرية بدارفور. لذلك حافظ السودان على مبادرته دون اختطافها وهذا ما تم ترسيخه فى الاتفاق الأخير لدعم هذه القوات.

ولكن لتشاد دوراً مختلفاً مقارنة بدول الجوار الأخرى؟

دور عدائى فى كل مراحل الأزمة، على الرغم من أننا سعينا إلى أن تكون العلاقات صحية بين السودان والتشاد، لكن النظام التشادى دوماً ما يخرج من مشاكله الداخلية بالتبضع فى مشكلة دارفور ودعم الحركات المسلحة الإرهابية بهدف إحداث فوضى دون أية أهداف أخرى.
أما علاقتنا بدولة أخرى مثل "إريتريا "،فهى فى أحسن حالة وهى دولة راعية لاتفاق السلام الخاص بشرق السودان, وتم فتح الحدود, والعلاقات معها تأخذ دوراً مهماً يوماً بعد الآخر، وبالمثل العلاقات السودانية الإثيوبية تجاوزت مرحلة السؤال بارتبطات اقتصادية وسياسية واجتماعية كبيرة جداً.

وماذا عن دور ليبيا؟

دورها لم يحسم بعد، وموقفنا منها قد لا يكون من المناسب التحدث عنه إعلاميا الآن.

للتعامل مع الأزمة بشكلها الحالى هل نحن بحاجة إلى موقف دولى أم أفريقى أم عربى؟

الموقف العربى والأفريقى موحد الآن مع موقف الحكومة السودانية، ضد الموقف الدولى الرامى لاختطاف المبادرة من البيت العربى والأفريقى، لصالح القوى الغربية التى تسعى لتدمير كل جسور السلام فى الإقليم كهدف أولى فى المنطقة كلها, لذلك نحن بحاجة إلى موقف أقوى لصد الخطر الذى يهددنا كلنا.

أصابع الاتهام تشير إلى دور الحكومة السودانية فى تفتيت الحركات التحريرية فى دارفور؟
هذه مجرد اتهامات سياسية متبادلة من حين لآخر بين أطراف أى نزاع، فالتنظيم الذى يطلق على نفسه تحريرى، لا يستطيع حتى الآن أن يحمى وجوده التنظيمى، وفى المقابل الحكومة السودانية ليست لها مصلحة فى أن تشق هذا التنظيم, بل نبذل المساعى نحو تجميعه ولكنهم لم يتحدوا أصلاً على فكرة, حتى تشق صفوفهم الحكومة السودانية.

لكن كل الأطراف تحمل الرئيس السودانى دواعى الأزمة الحالية؟

ليس صحيحاً ...ولا أتفق مع هذا, فالرئيس جمع كل مثقفى وسياسى وقيادات دارفور وطلب منهم حل هذه المشكلة، وصارحهم بخطورة اللجوء إلى خيار العنف وما يمكن أن يحدثه من دمار فى البنية التحتية للسودان, وعليه فقد تقدم الرئيس بـ 67 مبادرة لمجموعات أو أفراد أو شخصيات ليحتوى هذه الأزمة, و على العكس تماماً كان موقف الحركات الرفض أو قتل مبعوثى السلام أو حجزهم أو اعتقالهم، وذلك عكس الصورة التى يتحدثون عليها.

لمعلوماتك

أحمد هارون .. ولد فى النصف الأول من ستينيات القرن الماضى بمدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان بوسط السودان الغربى لأب فقيه، وينتمى لقبيلة ذات أصول غير عربية من دارفور. درس القانون بجامعة القاهرة وتخرج عام 1987، وعاد إلى السودان ليعمل فى السلك القضائى لفترة قبل أن يتم اختياره ليعمل وزيراً للشئون الاجتماعية فى ولاية جنوب كردفان فى التسعينيات، يعتبر من العناصر الشبابية البارزة فى الحركة الإسلامية السودانية التى دبرت الانقلاب العسكرى، الذى قاد الرئيس عمر البشير إلى السلطة فى عام 1989، برز فى مهمته كوزير موالٍ للسلطة وجرت ترقيته إلى وظيفة أعلى، إذ تم تعيينه منسقاً عاماً للشرطة الشعبية، وهى ميليشيا شبه عسكرية تتبع لوزارة الداخلية السودانية وتستعين بها فى بسط الأمن، إلى أن قرر الرئيس السودانى تعيينه وزير دولة بوزارة الداخلية فى العام 2003 بعد اشتداد التمرد فى إقليم دارفور، إلى أن أعفى من منصبه بوزارة الداخلية وتحول إلى منصب وزير الدولة بوزارة الشئون الإنسانية فى سبتمبر 2005 فى حكومة الوحدة الوطنية، التى شكلت بموجب اتفاق السلام فى جنوب البلاد.

المحكمة الجنائية الدولية تأسست عام 2002 كأول محكمة لمحاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية و الجرائم ضد الإنسانية و جرائم الحرب، تعمل هذه المحكمة على إتمام الأجهزة القضائية الموجودة، فهى لا تستطيع أن تقوم بدورها القضائى ما لم تبد المحاكم الوطنية رغبتها فى التعاون أو كانت غير قادرة على التحقيق أو الادعاء ضد تلك القضايا. فالمسئولية الأولية تتجه إلى الدول نفسها، كما تقتصر قدرة المحكمة على النظر فى الجرائم المرتكبة بعد 1 يوليو 2002، تاريخ إنشائها. هولندا المقر الرئيسى للمحكمة، لكنها قادرة على تنفيذ إجراءاتها فى أى مكان وقد يخلط البعض ما بين المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، والتى تدعى اختصاراً فى بعض الأحيان المحكمة الدولية، وهى ذراع تابع للأمم المتحدة يهدف لحل النزاعات بين الدول.

إقليم دارفور
تقدر مساحته بخمس مساحة السودان، وتحد الإقليم ثلاث دول، من الشمال ليبيا ومن الغرب تشاد ومن الجنوب الغربى أفريقيا الوسطى، فضلاً عن متاخمته لبعض الأقاليم السودانية مثل بحر الغزال وكردفان من الشرق.
ينقسم الإقليم إدارياً إلى ثلاث مناطق شمال دارفور، وعاصمته مدينة الفاشر، وجنوب دارفور وعاصمته مدينة نيالا، وغرب دارفور وعاصمته مدينة الجنينة.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة