د. فاطمة سيد أحمد

الكوتة وجوليا و"فيزياء السعى"

الأحد، 19 ديسمبر 2010 07:39 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا أعلم كيف ربط عقلى بين كوتة المرأة المصرية والممثلة الموهوبة "جوليا روبرتس" فى فيلمها الشهير "الطعام - الصلاة – الحب" فـ "جوليا" تؤكد على أهمية السعى لمعرفة الحقيقة التى تحقق السعادة والنجاح ولا تنسى وهى فى طريقها لاكتشاف حقيقة ذاتها أن يكون معها زاد الحياة وهى الضرورات الثلاث لكى يعيش أى إنسان "طعام ودين وحب" وقد بحثت جوليا بطول الأرض وعرضها عن ماتحققه تلك المعادلة التى تسمى "السعى" وترى أنها نتاج فيزيائى لدورة الحياة الطبيعية ويختلف هذا السعى من شخص لآخر.

فهناك من يسعى بالكاد لإرضاء أحلام صغيرة ومتواضعة؛ وهناك من يسعى بطول الأرض وعرضها مثل "روبرتس" حتى لا يتهم بالكسل وهم بالطبع الطموحون الذين يكتشفون فى رحلة سعيهم الكثير من الحقائق الدنيوية مثل عدم فهم الناس لبعضهم مهما كانت العشرة بينهم أو الظلم الذى قد يكون وقع على الآخرين بواسطتنا ولا ندرى والعكس.

ولأن فى السفر فوائد كثيرة للاكتشاف والمصالحة مع النفس فإن "جوليا" تكتشف فى رحلة سفرها أننا طوال الوقت نتعامل مع بعضنا بخلفيات قد تحجب حقيقتنا وأنه يجب علينا ألا نعذب أنفسنا، ونحرمها من أى متعة كانت فإذا كنا نحب طعام ما ويعمل على زيادة وزننا فلا بأس بالإكثار منه ولكن نكون واعين لذلك، وأيضا الصلاة لا يهم أداؤها بديانة محددة، ولكن المهم ما تحققه هذه الصلاة من إشباع روحانى ونقاء للنفس، لأن الله يسكن فى كل واحد، وترى "جوليا" أن تحصيل الرغبتين السابقتين هو "الحب" ولا يهم الوصول اليه متى وكيف؟ المهم أن نجده.

وتلخص جوليا أهمية المكان فى حياتنا بقولها "أكلت فى إيطاليا وصليت فى الهند وأحببت فى بالى" وتأخذنا جوليا فى الفيلم لتجعلنا نؤمن بأن الحياة مزيج ما بين الاختيار والقدر "أرسل لى الحب والنور ثم انسى الموضوع".. ولا يمكن لنا أن نؤمن بالقدر من غير وجود "الحكمة" التى نسترشد بها فى طريقة الحياة والتى تأتى فى أقوال الحكيم العجوز لبطلة الفيلم من خلال عدة أقوال "إن فقدت توازنك فقدت الأمل - التوازن هو أن تحبين نفسك - أحيانا فقد التوازن من أجل الحب" والحكمة أيضا دائما ما تلفت نظرنا إلى مواطن حياتية لم تكن طرأت على ذهننا من قبل وهو ما أوحى به الرجل الحكيم لـ "جوليا" بأن تكون ذات أربع للتشبث بالحياة وقد راعى صناع الفيلم أن تظهر الصورة التى يريد الحكيم أن نكون عليها وهى رسم إنسان بأربع أرجل ليمحى صانع الفيلم صورة أن يصير الإنسان بأربع مثل الحيوان، ولذلك اشترط الحكيم على جوليا بأنها إذا جعلت لنفسها اثنين من الأرجل الإضافية فعليها أن تكون "قدها"، بمعنى أنه ليس بالإضافة فقط نحقق المزيد ولكن بالإرادة، والأرجل هنا معناها زيادة حركة السعى الدائبة والطموحة..

وفى مواصلة جوليا لرحلة السعى يحدث لها حادث بسيط يجعلها سبباً لشفاء جروح المطببة التى تقوم على تطبيبها للاستشفاء من مضاعفات الحادث وتطيب كل منهما الأخرى، فيتقابل العلاج العضوى بالعلاج المعنوى ليقول إن بداخل كل منا جرحاً حتى لو اختلفت آلامه، ولعل أوجاع المطببة هى إبراز لمعاناة المرأة فى كل دول العالم النامى، وهو شكل المرأة المطلقة فى عيون المجتمع، فتقول المطببة لجوليا "الطلاق يثير حزنك ويجعلك منبوذة"، رغم أنها هى التى طلبت الطلاق لتنجو وابنتها من عنف الزوج واستغلاله لها حتى إن الابنة الصغيرة التى لا يتعدى عمرها الست سنوات هى التى ألحت على الأم أن تنفصل عن الأب التى لم تنجُ من عنفه هى الأخرى وكانت تأمل الصغيرة أن تعيش مع أمها حياة هادئة، إلا أن المجتمع لم يمنحهم هذه الصفة.

لقد كان فى عرضى لوجهة نظرى فى فيلم "جوليا" الأمل الذى أريد أن أرى عليه برلمانيات الكوتة، وهو أن يكونوا على إيمان قوى بأهمية "فيزياء السعى" والطموح الناتج عنه، لأننا نريد منهم سعيا متواصلا لأغوار المجتمع الذى يعوق بتقاليده أى امرأة تريد أن تضع أرجلا إضافية، ونساء الكوتة فى البرلمان ليس من أجل الحديث عن المشاكل المعتادة، ولكن لتفجير ثورة تشريعات تنهض بالمرأة المصرية، وتغير المفاهيم المجتمعية والنظرة التخلفية لأوضاع المرأة بكل صورها وأدوارها.

وأخيرا أرجو من الكوتة البرلمانية أن يكون أمام أعينها هذه التعبيرات التى وردت فى فيلم "جوليا" وهى:

- المرأة تبحث عن كلمتها وإذا وجدتها عبرت الحياة.
- نعيش تعساء لأننا نخاف التغيير.
- الدمار هدية لأنه الطريق إلى التحول.
- إن حماسى مرهق للرجل وسئمت قول الناس إنى بحاجة إلى رجل.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة