حلمى النمنم

الأزهر ومعنى الاستقلال

الأحد، 17 يوليو 2011 04:52 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أعلن فضيلة الإمام الأكبر أنه لن يبدى رأيًا فى أى من المرشحين «المحتملين» لرئاسة الجمهورية، وفسر د.أحمد الطيب موقفه هذا بأنه حرصًا منه على استقلال الأزهر.

والواقع أن الأمر أكبر من ذلك بكثير، وأعرف أن بعض السادة من الذين قرروا خوض الانتخابات الرئاسية حاولوا عبر وسطاء زيارة الإمام الأكبر والالتقاء به، وقد تحرج الرجل، وأعرف أيضًا أن بعض الزملاء الصحفيين طرحوا على فضيلة الإمام أسئلة حول بعض الأسماء التى تتردد فى المجال الرئاسى وقد آثر أيضًا عدم الرد.

الأزهر منذ تأسيسه، قبل أكثر من ألف عام، هو مؤسسة من مؤسسات الدولة المصرية، لم يكن يومًا مؤسسة موازية للدولة ولا معارضا لها، ولكن يجب أن يكون على مسافة من الدولة، وحين كانت هذه المسافة كان الأزهر أكثر قوة وازدهارًا، وبقدر اتساع المسافة تكون قوة الأزهر، وإذا ضاقت تلك المسافة يضعف دوره ويتراجع، وفى بعض الأوقات كانت تلك المسافة تلغى تمامًا، فيصبح الأزهر وكأنه مؤسسة حكومية تقليدية وليس مؤسسة علمية وفقهية، ولنا فى السنوات من 2005 وحتى 2010 نموذج، ففى انتخابات مجلس الشعب سنة 2005 دعا فضيلة شيخ الأزهر للمشاركة فى ندوة انتخابية بالمنوفية لمناصرة أحمد عز فى دائرته، وفى اللحظات الأخيرة نبه بعض الراشدين شيخ الأزهر إلى ضرورة الاعتذار، فراح الرجل يسأل ويستفسر إن كان ذهابه تكليفًا من جهة أعلى، ولما تأكد من عدم ذلك أناب عنه أحد «العلماء» الكبار.

شيخ الأزهر يعبر عن كل المصريين المسلمين والمسيحيين، ذلك أن الثقافة العربية والإسلامية تظلّ الجميع وهى إطار جامع لكل المواطنين المسلم والمسيحى، بغض النظر عن المعتقد الدينى لكل مواطن.. ولذا لا يصح للأزهر - ممثلاً فى الإمام الأكبر - أن يدخل طرفًا فى معركة سياسية تتعلق باختيارات المواطنين وتوجهاتهم السياسية، خاصة ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية أو البرلمانية، فضلاً عن الانحياز لحزب دون آخر، ونذكر جميعًا أن د.أحمد الطيب حين صدر قرار تعيينه شيخًا للأزهر، وكان عضوًا فى المكتب السياسى للحزب الوطنى، طالبه الجميع بأن ينسحب من ذلك الحزب، ليس فقط بسبب السمعة السيئة تاريخيًا لذلك الحزب «المنحل» ولكن لأن من يجلس فى هذا الموقع ينبغى أن يكون مستقلاً تمامًا.

والاستقلال لا يجب أن يتحقق لرأى المؤسسة فقط، بل للمؤسسة ذاتها، حتى لا تكون طرفًا فى نزاع سياسى محض، بين مرشح هنا أو هناك.. ويمين أو يسار، خاصة أننا بإزاء مزاج لدى بعض التيارات لتوظيف الدين سياسيًا والاحتماء بالدين وشعاراته فى المنافسات الانتخابية، وهذا يفرض مزيدا من التأكيد على استقلال الأزهر، وأن يتجنب هذا الميدان تمامًا.

لا يعنى ذلك أن يبتعد الأزهر عن المجالس والقضايا الوطنية، وقد عرفناه تاريخيًا عنصرًا أساسيًا فى القضايا الوطنية، حدث ذلك أيام حملة بونابرت، وبعد ذلك أثناء الثورة العرابية وكذلك فى ثورة 1919، ومن أجل القضية الوطنية صعد القمص سرجيوس وآخرون غيره منبر الأزهر يخطبون فى المواطنين دفاعًا عن استقلال مصر.. وأتصور أن تجنب المجال السياسى المباشر يعلى من الدور الوطنى للأزهر، ويمنحه مصداقية أكثر وأعمق.

وللأزهر بعد آخر لا يجب أن نغفله وهو أن دوره يتخطى حدود الوطن، فهو مؤسسة تعبر عن الإسلام السنى فى العالم كله، من مصر إلى تركيا وماليزيا وإندونيسيا، فضلاً عن أفريقيا وغيرها، وإذا دخل الأزهر فى المعارك السياسية الضيقة الخاصة بمصر، يمكن أن يهتز دوره، ليس فقط داخليًا ومحليًا، بل عربيًا وإسلاميًا.

باختصار لو أن الأزهر انحاز لعمرو موسى - مثلاً - فماذا يفعل أنصار البرادعى أو أبوالفتوح والبسطويسى؟!!

أيها السادة يا من تريدون خوض الانتخابات الرئاسية، رجاء ابتعدوا عن الأزهر وشيخه ولا تزجوا به فى المنافسة الانتخابية، وأتمنى على زملائى الصحفيين ألا يثقلوا على فضيلة الإمام ويلحوا عليه فى هذه الأمور.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة