د. عثمان فكرى يكتب: صكوك الغفران الإخوانية

الجمعة، 30 ديسمبر 2011 01:50 م
د. عثمان فكرى يكتب: صكوك الغفران الإخوانية صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وأنا فى طريقى إلى المدرسة التى قررت اللجنة العليا للانتخابات أن أدلى بصوتى فيها قبيل أيام قليلة، تذكرت حوارى مع صديقى المخرج التلفزيونى، حينما سألته لمن ستعطى صوتك؟ للحرية والعدالة.. قالها بمنتهى الحزم.. فتابعت لماذا؟ لم يفكر كثير أيضا وهو يرد: لأن الله سيسألنى يوم القيامة عن صوتي، وأنا أحب أن أعطيه لمن يعرفون الله. توقفت حينا، ثم سألته: إذا كان الأمر كذلك، وإذا كنت تحسبها بحسابات الجنة والنار، فإن السلفيين أولى، فهم أكثر وضوحا من الإخوان المسلمين، لا يمسكون العصا من المنتصف، يعلنون عن آرائهم المتشددة بكل فخر ودون خوف، حينها صمت قليلا، فأدركت أنه يفكر فى الأمر.. ابتسمت فى داخلى حزنا أن يخترق هذا النوع من الدعاية الدينية عقل وقلب من أحسبه من المطلعين العالمين.

السؤال الذى تبادر إلى ذهنى حينها، هل تتمكن التيارات الإسلامية من حصد نجاح مماثل فى المرحلة الثانية من الانتخابات بعدما قادت العديد من الوسائل الإعلامية حملات توعية للناخبين سواء بشكل مباشر أو غير مباشر تحذرهم من سيطرة تيار بعينه على تشكيلة البرلمان، حتى لا نصنع بأيدينا صورة جديدة للحزب الوطنى صاحب الأغلبية المريحة التى تمكنه من اتخاذ وتمرير كافة القوانين والقرارات التى يريدها، ولا مانع من وجود قليل من المعارضة تكمل صورة الديكور الديمقراطى فى شكله العربى المعتاد؟

الإجابة لم تتأخر كثيرا.. فور وصولى إلى لجنة الانتخابات، وحين دخلت الغرفة المخصصة للإدلاء بصوتى، وحصلت على الأوراق التى تضم أسماء المرشحين، وقف إلى جوارى شاب يبدو من ملبسه وطريقة كلامه وتصفيفة شعره أنه أحد الشباب "المودرن"، أخذ الورقة، وأمسك بالقلم دون تردد، ووضع علامة كبيرة أمام أحد القوائم، وحين هم بوضع الورقة فى الصندوق، تعثرت، جاءت إليه إحدى الموظفات لتساعده، فأمسكت بالورقة، ونظرت إليها، ثم نظرت إليه وقالت فى لهجة سيطرت عليها الدهشة: " كلكم حرية وعدالة! ".. حينها فقط تيقنت أن التيارات الإسلامية سوف تحصد الغالبية العظمى من مقاعد البرلمان القادم.. برلمان الثورة بحسب ما يحلو للبعض تسميته. يقينى لم يكن بسبب هذه الموظفة التى يبدو أنها كانت تتفحص الأوراق قبل وضعها بالصناديق حتى تأكدت أن الغالبية العظمى من الناخبين تعطى أصواتها لحزب الحرية والعدالة، بل لأننى حين تفحصت صورة الشاب " المودرن"، وجمعت عليها صورة صديقى المخرج التلفزيونى، وحاولت تحليل موقفيهما، لم أجد أمامى إلا " صكوك الغفران " التى كانت تعطيها الكنيسة الكاثوليكية فى أوربا فى العصور الوسطى للمسيحيين كنوع من الإعفاء الكلى أو الجزئى من العقاب الدنيوى مقابل مبالغ مالية كبيرة، يشترون بها مساحات فى الجنة.. التيارات الإسلامية تقدم مقابلا من هذا النوع، حينما اخترقت أذهان الناس بالدعايات الدينية، وألحت فى إقناعهم بأن صوتهم أمانة يسألون عنها أمام الله، ومن ثم فإن إعطاء الصوت لمن لا يتقى الله فى هذه الأمانة، هو ذنب يحاسبون عليه، وقد يتضاعف هذا الجزاء حين تنتهى نتائج الانتخابات إلى فوز جماعة ليبرالية لا تعلى كلمة الله فى الأرض! هذا الترهيب الذى مورس من قبل الجماعات والتيارات الدينية فى مصر كان له أثرا بالغا فى نفوس المصريين الذين ذهبوا إلى صناديق الانتخابات، وهم يحدثون أنفسهم: " لقد أدينا الأمانة، وأدينا صوتنا للحرية والعدالة والنور، إحنا كده عملنا اللى علينا، ضميرنا مستريح، نصرنا الإسلام".. لم تكن الاعتبارات السياسية هى الفيصل فى الاختيار، ولا حتى الثورة وصناعها، كل هذا يتوارى أمام سطوة التفكير الدينى.. وفى جزء خفى من عقلهم كان السؤال مدفون : هل ما فعلوه هو الصواب؟ هل تستحق هذه التيارات أصواتهم؟ حين عجزت عقولهم عن الإجابة، كان الجامع هو الحل .. ولهذا قصة أخرى فى مقال آخر إن شاء الله.








مشاركة

التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

أشرف

ليتكم تسكتون

عدد الردود 0

بواسطة:

معاذ فرماوي

نباح الكلاب

عدد الردود 0

بواسطة:

سمير عبد الواحد

انا كمان

عدد الردود 0

بواسطة:

الطاهر محمد أمين

رائع

عدد الردود 0

بواسطة:

أسامة هنيدي

لا يستحق

عدد الردود 0

بواسطة:

طارق بترجى

تجربه ربما تكون ناجحه

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد افندى

عايزين كوكتيل

عدد الردود 0

بواسطة:

سعيد سالم .com

لو سألت مُجرِب فسوف يُجيب بما جَرْب ..

عدد الردود 0

بواسطة:

عثمان مكاوى

مقالة رائعة

عدد الردود 0

بواسطة:

ايمن موسي

سخافة

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة