باعة جائلون ومعتقلون ورجال شرطة وطلاب

المحرومون من ليلة رأس السنة

الثلاثاء، 30 ديسمبر 2008 05:06 م
المحرومون من ليلة رأس السنة
كتبت سارة سند

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عام انقضى بحلوه ومره، وعام آخر يشرف على الدخول، أمنيات بأن يحمل فى شهوره الحلو فقط، وتوقعات خبراء بأنه لن يحمل سوى "المر" فى صورة أزمات عالمية جديدة، بالإضافة إلى الأزمات المحلية القائمة منذ عشرات السنوات. وما بين الأمنيات والتوقعات يظل الاحتفال بليلة رأس السنة واحداً من أجمل الطقوس التى ينتظرها الجميع "من السنة.. للسنة"، وفيما لم يبقَ سوى القليل على الساعة الفاصلة بين عامين، والتى عادة ما تحمل ذكريات خاصة نظل نحتفظ بها طويلاً، تظل هناك بعض الفئات التى تفوتها فرصة الاحتفال بليلة رأس السنة، أو تعيشها على طريقتها الخاصة، نبقى معهم فى السطور التالية:

طراطير يا واد طراطير

"ده الموسم بتاعنا، ولو ما اشتغلناش اليومين دول مش هنشتغل خالص" هكذا علق أحمد عبود بائع زينة فى إحدى إشارات الدقى. عبود الذى يبيع تماثيل بابا نويل والطراطير الحمراء وباروكات الشعر "المنكوش" يقول، إن ليلة رأس السنة فرصة لا تعوض، حيث نبيع فيها البضاعة المخزنة لدينا أو لدى التجار الكبار منذ الموسم الماضى، وأحياناً نبيع بضائع مخزنة منذ عامين. عبود لا يقضى الليلة وسط أهله وأصدقائه، لكنه يقضيها بين كل المحتفلين برأس السنة فى الشارع.

الحاج عيد أحمد بائع زينة آخر يقول، إنه يواصل البيع حتى الساعة الثانية عشرة فقط ثم يعود لبيته، ومنطقه فى ذلك أن أغلب زبائنه من العائلات والأسر الذين يصطحبون أطفالهم ويرغبون فى إسعادهم بالطراطير الملونة وتماثيل بابا نويل، أما المحتفلين برأس السنة الساهرين لما بعد هذا التوقيت، فلهم فى الليلة مآرب أخرى، بعيدة عن "بلالين" الحاج أحمد.

الأمن مستتب

رجال الشرطة أيضاً لهم وضع خاص فى ليلة رأس السنة، فالعمل يكون على أشده بسبب رغبة الجميع فى الاحتفال والاستمتاع بمطلع العام الجديد فى أمان ومن دون إزعاج، وهم يحتاجون فى ذلك لرجال الشرطة لحماية الأماكن العامة والمرور والأفراد. مصدر أمنى أخبرنا، أن أبرز الحوادث فى ليلة رأس السنة، هى حوادث السيارات، وذلك بسبب السرعة الشديدة، والقيادة فى حالة سكر. هذا بالإضافة إلى حوادث الآداب، وقال إن رجال الشرطة يحرصون فى هذه الليلة على الحفاظ على الهدوء والأمان فى الشوارع قدر الإمكان، حتى لا تفسد فرحة الناس بليلة رأس السنة.

كل سنة وأنت طيب
جاد أحمد أمين شرطة له منطقه الخاص حول رأس السنة، وهو أنها ليلة عادية لا فرق بينها وبين أى ليلة أخرى "ليلة زى غيرها، وسنة زى غيرها، هاتفرق إيه عن أى سنة فاتت أو أى سنة جاية" لكن جاد لا يفوت الليلة دون أن يكون له فيها نصيب أيضاً فيقول، إن عبارة "كل سنة وأنت طيب" لها مفعول السحر حين يلقيها على أى سائق سيارة فيمنحه بعدها مباشرة ما استطاع من إكرامية ويقول جاد، فى اليوم ده الناس كلها بتبقى مبسوطة وفرحانة وما يستخسروش يدونى فلوس أتبسط بيها أنا كمان.

معاك تذكرة؟
إذا كنت من هواة ارتياد المسارح احتفالاً بالعام الجديد، فإن كريم عبد العال محمد (28 عاما) ينصحك بالحجز قبلها بعدة أيام، لأنه من المحتمل جداً ألا تستطيع الحصول على مقعد لو حاولت الحجز يومها أو حتى قبلها بيوم واحد، كريم يعمل فى أحد المسارح الخاصة ووظيفته الأساسية هى إرشاد كل شخص إلى المقعد المخصص له "دخلى يعتمد على الإكرامية التى أحصل عليها من الزبون بشكل أساسى، لأن المرتب ليس سوى إثبات لأننى أعمل فى هذا المكان" كريم لا يضايقه العمل ليلة رأس السنة "دا أحسن وقت للشغل، المسرح بيبقى زحمة ومليان عرب والبقشيش بيبقى كتير"، كريم قرر بينه وبين نفسه ألا يحتفل بالعام الجديد إلا إذا استطاع الحصول على عمل آخر يتناسب مع مؤهله، ليسانس حقوق، بدلاً من هذا العمل الذى لا يحبه ولكنه مجبر عليه بسبب الظروف المادية "لما ألاقى الشغل ده، هحتفل بالسنة الجديدة، لأن هيبقى فى حاجة فعلاً تستحق الاحتفال".

امتحانات امتحانات

وكما هى العادة كل عام يقضى طلاب المدارس والجماعات جميع المناسبات الخاصة فى المنزل استعداداً لامتحانات نصف العام، والتى تبدأ دائما مع بداية العام الجديد، أحمد جمال الدين (16 عاما) طالب فى الصف الثانى الثانوى يقول، إنه يتمنى أن ينهى تعليمه بالكامل لكى يستطيع أن يحتفل بكل المناسبات التى ضاعت عليه بسبب التعليم والدروس "الواحد من ساعة ما بدأ تعليم مش عارف يحتفل لا برمضان ولا بعيد ولا برأس السنة، لأن دايما فيه امتحانات وجو قلق وتوتر، لو مش امتحانات السنة تبقى امتحانات شهر أو شفوى"، أحمد كان يتوقع أنه سيحتفل خلال عامين الثانوية العامة، لأنه لا يوجد امتحانات نصف العام، لكنه فوجئ بامتحانات الدروس التى يراها ككابوس أسوأ من امتحانات المدرسة على حد تعبيره.

آية عاطف طالبة فى الفرقة الثانية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية لديها امتحان أول يوم فى السنة الجديدة، لذلك قررت أن تعتكف ليلة رأس العام فى غرفتها للمذاكرة وستستمع فقط لأغنية فيروز "ليلة عيد" حتى تشعر بأى اختلاف بمناسبة قدوم عام جديد تأمل أن يكون سعيداً.

خلف القضبان

وبعيداً عن الشارع والأماكن العامة التى يملأها المبتهجون بالليلة والعاملون على تأمينها أو على إبهاج المحتفلين بها، هناك أيضاً القابعون خلف قضبان السجون والمعتقلات السياسية المحرومون اضطرارياً من الاحتفال برأس السنة. بعضهم من دون وجه حق، فهناك 18 ألف سجين إدارى محتجزين بموجب أوامر من وزارة الداخلية، بعضهم محتجز منذ أكثر من 10 سنوات برغم صدور قرارات بالإفراج لم تنفذ حتى الآن، وبالإضافة إلى كل ما سبق بعضهم يحرم نفسه إرادياً من مشاركة الآخرين الابتهاج بليلة رأس السنة بحجة أنها حرام وبدعة ولا يصح الاحتفال بها.

لكن تظل ليلة رأس السنة مميزة كما هى، مبهجة كما هى، ليس لكونها نهاية سنة وبداية أخرى قد لا تختلف عنها كثيراً، بل لأنها فى حد ذاتها تمثل مناسبة سعيدة يلتقى فيها الجميع على حب وسلام.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة