جمال زهران يكتب: الضلع الثالث فى المثلث الشيطانى فى إدارة الفترة الانتقالية «3-3».. زيارات رموز الإدارة الأمريكية لحزب الحرية والعدالة وقيادات الإخوان تعنى قبول وصول الجماعة للسلطة مادامت تحقق مصالحهم

الثلاثاء، 13 مارس 2012 10:01 ص
جمال زهران يكتب: الضلع الثالث فى المثلث الشيطانى فى إدارة الفترة الانتقالية «3-3».. زيارات رموز الإدارة الأمريكية لحزب الحرية والعدالة وقيادات الإخوان تعنى قبول وصول الجماعة للسلطة مادامت تحقق مصالحهم جمال زهران

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يتأكد كل يوم ومع طلعة كل صباح، أن صفقة «المثلث الشيطانى» هى حقيقة وليست وهماً أو خيالاً، وأن الوقائع المتدفقة أمام الأعين تترجم مضامين هذه الصفقة، وأن الناكرين لها من الساكنين للمجلس العسكرى أو الإخوان المسلمين سواء أكان النكران بصورة فجة تؤكد «اللى على راسه بطحة» أو بصورة هادئة تعكس برود الأعصاب حتى تمر المسألة بأقل قدر من الخسائر وأعظم قدر من المكاسب، وسواء أنكر أحد الأطراف أو حتى كلهم، فإن التحليل السياسى بأدواته العلمية والمنهجية لهو قادر على الغوص وراء التصريحات وفهم الوقائع وربطها ربطاً محكماً، لاستخلاص النتيجة.

وقد طرحت فى المقالين الماضيين تحليلاً لطرفى الصفقة وهما: المجلس العسكرى وجماعة الإخوان المسلمين، وفقاً لعنصرى «الأهداف والمصلحة، والسلوك السياسى»، ويبقى تحليل الطرف الثالث فى الصفقة، وهو الإدارة الأمريكية، وقد خلصنا فى المقالين السابقين إلى أن الأهداف والمصالح قد تلاقت بين الطرفين، وأن سلوكهما السياسى يؤكد سعيهما الدؤوب لترجمة هذه المصالح إلى واقع حى، ومن ثم يبقى تحليل الضلع الثالث.

أولاً: الأهداف والمصالح الأمريكية:

من الطبيعى من تحليل السلوك السياسى الخارجى لدولة عظمى كالولايات المتحدة الأمريكية، أن تسعى للتدخل فى شؤون الدول الصغرى بما يتفق وتحقيق مصالحها وحمايتها، وعندما اندلعت الثورة المصرية فى 25 يناير 2011م، كانت مفاجأة للجيمع حتى الإدارة الأمريكية بجبروت مؤسساتها وفى المقدمة جهاز المخابرات المعروف بـ«السى أى إيه - (CIA)»، وعندما تأكد الرئيس الأمريكى وأجهزته إن هذه الثورة حقيقية، وأنها استهدفت إسقاط النظام ورأسه أولاً ثم الانتقال إلى جدول أعمال التغيير الجذرى، سعت على الفور إلى ممارسة الضغوط على مبارك للتنحى حتى أن «أوباما» صرح آنذاك، بأن على الرئيس مبارك أن يرحل أمس وليس اليوم أو غداً حتى، إشارة منه إلى حتمية رحيله، فهذه كانت قراءة المشهد الثورى فى مصر بعيون الإدارة الأمريكية، ومن ثم فإن أهم الأشياء للإدارة الأمريكية فى مثل هذه المواقف هو الحفاظ على المصالح الأمريكية وضمان استقرارها واستمرارها، ثم البحث عن كيفية تحقيق ذلك، وفى هذ السياق يمكن بلورة الأهداف والمصالح الأمريكية فيما يلى:

1 - استقرار الأوضاع القائمة فى المنطقة العربية والحفاظ على موازين القوى السائدة ضماناً لمصالحها.

2 - الحفاظ على استقرار المصالح الأمريكية وضمان استمرارها بغض النظر عن نظم الحكم السائدة «ديمقراطية أو استبدادية».

3 - الحفاظ على استقرار الدولة الصهيونية واستمرارها وضمان تفوقها على جميع الدول العربية بما يحول دون تهديدها.

4 - الحفاظ على استقرار النفط وضمان استمرار تدفقه إلى أمريكا، والغرب، استمراراً للهيمنة الرأسمالية بزعامة الولايات المتحدة.

5 - الحفاظ على استقرار السياسات الخارجية للدول الحليفة فى المنطقة واستمرارها ضماناً لمصالحها، دون التعرض لأية تغييرات قد تؤدى إلى العصف بالمصالح والإخلال بموازين القوى فى المنطقة.

6 - السعى نحو احتواء الثورات العربية وبصفة خاصة الثورة المصرية، وحتى الإجهاض الكامل، لكى يتم الحفاظ على الأوضاع القائمة واستقرار واستمرار مصالحها.

7 - إخماد أية تطورات تسمح بوجود قوى دولية أخرى منافسة للولايات المتحدة الأمريكية فى المنطقة، استمراراً للهيمنة الأمريكية حفاظاً على مصالحها وضمان استمرارها واستقرارها، ووضع كل شىء تحت السيطرة بما يحول دون أية تغييرات حقيقية.

8 - القبول بأية تغييرات شكلية فى الدول التى تفجرت فيها الثورات وفى المقدمة مصر، بما يحول دون إحداث التغييرات الجذرية التى قد تعصف بالمصالح الأمريكية ووضع إسرائيل وتفوقها.

ثانياً: السلوك السياسى الأمريكى يمكن بلورته فيما يلى:

1 - انتهاج السلوكيات السياسية التى من شأنها السيطرة الكاملة على ثورات المنطقة المسماة بالربيع العربى، وذلك بما يحول أن تؤدى إلى تغييرات جذرية قد تعصف بالمصالح الأمريكية ومن بينها مصلحة الكيان الصهيونى «إسرائيل» ومن أجل ذلك استخدمت مبدأ «ازدواجية المعايير» فى التعامل مع هذه الثورات، حيث يتغير أسلوبها فى تونس عن مصر، ثم ليبيا فاليمن فالبحرين فسوريا، واستطاعت أن توظف بعض الدول العربية لتحقيق أهدافها فى المقدمة السعودية وقطر، ومن خلالها أمكن سيطرتها على الجامعة العربية لحسابها السياسى تحقيقاً لمصالحها، ففى الوقت الذى كانت تبذل الجهد لاحتواء ثورة تونس ومصر ووضعها تحت السيطرة، راحت تجهض تماماً الثورة اليمنية والبحرينية، ثم حركت الثورة فى ليبيا للسيطرة على حقول البترول من خلال هجمات الناتو واغتيال القذافى، والآن تسعى لدعم وتحريك ما يسمى بالثورة فى سوريا لإسقاط نظام بشار الأسد، لتختفى الدولة السورية وقدراتها العسكرية مثلما حدث فى العراق عام 2003 م ليتبين فى النهاية أن المشهد هو إحداث تغييرات شكلية بإسقاط أنظمة حاكمة غير مرغوبة، واستبدالها بآخرين تحت السيطرة دون تغييرات جذرية.

2 - دعم المجلس العسكرى فى مصر لإدارة الفترة الانتقالية والتظاهر بممارسة ضغوط عليه لانتقال السلطة إلى المدنيين بما يحقق الإصلاح دون التغيير.

3 - الزيارات المتكررة لرموز الإدارة الأمريكية الرسمية للقاهرة وزيارة ميدان التحرير والحرص على مقابلة النشطاء والحرص الأكثر على مقابلة قيادات حزب الحرية والعدالة «حزب الإخوان المسلمين»، ومقابلة قيادات جماعة الإخوان وفى مقدمتهم المرشد د. محمد بديع، وخيرت الشاطر «نائب المرشد» وآخرين، وتعنى رسالة المقابلات، قبول الأمريكيين لوصول الجماعة إلى السلطة وعدم اعتراضهم، طالما أن هذا يحقق مصالحهم وأهدافهم السابق الإشارة إليها.

وفى مقدمة من زاروا مصر من الأمريكيين الرسميين: وزيرة الخارجية «هيلارى كلينتون»، ووزير الدفاع الأمريكى، ومساعد وزير الدفاع، ومساعدو وزيرة الخارجية، وقيادات المنطقة المركزية الأمريكية فى الشرق الأوسط وغيرهم.

4 - الزيارات المتكررة لرموز أمريكية بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية بعضها ينتمى للحزب الديمقراطى، وبعضها ينتمى للحزب الجمهورى «جون ماكين»، ومن بين المنتمين للديمقراطيين «جون كيرى» الذى كان مرشحاً أمام بوش الابن فى الفترة الثانية، وهو سيناتور بمجلس الشيوخ، وكذلك «جيمى كارتر» الرئيس الأمريكى الأسبق «77 - 1981» وهو الراعى لعملية السلام وكامب ديفيد والمعاهدة المصرية الإسرائيلية «أعوام 77، 78، 1979» وحرص هؤلاء جيمعاً على التصريح عقب زيارة الحرية والعدالة وجماعة الإخوان على قبول هؤلاء للمعاهدة المصرية الإسرائيلية واتفاقيات كامب ديفيد واستمرار تصدير الغاز لإسرائيل واستمرار الكويز، واستمرار المعونة الأمريكية، وذلك فى مقايضة صريحة تقضى بالقبول الأمريكى لوصول الإخوان للسلطة مقابل تحقيق المصالح الأمريكية وضمان أمن واستقرار إسرائيل وعلاقتها مع مصر واستمرار الاتفاقيات الحاكمة لذلك، وقد حاول بعض من قيادات الإخوان نفى ذلك بعد فترة من هذه التصريحات عن طريق تأكيدها بالقول «ليس هذا بالضبط، أو أننا لم نعط تصريحا بهذا المعنى»، وهى إشارات تؤكد ما يقوله الأمريكيون، وهناك البعض من قيادات الإخوان من صرح تعليقاً على ذلك، بأنهم يحترمون اتفاقيات كامب ديفيد باعتبارها اتفاقيات دولية، واتفاقيات وقعتها الدولة المصرية!!

5 - توريط جماعة الإخوان المسلمين فى إنهاء موضوع «تهريب المتهمين الأمريكيين فى قضية التمويل الأجنبى» وذلك عن طريق مقابلة رسمية تمت بين «جون ماكين» - الجمهورى - مع خيرت الشاطر قبل أيام من حدوث عملية التهريب وقد قام جون ماكين بتوجيه رسالة شكر للإخوان المسلمين على مساعدتهم بل وجه بعض القيادات الأمريكية فى الكونجرس الشكر لأصدقائهم فى مصر فى المجلس العسكرى والإخوان المسلمين!! فماذا كان رد فعل الإخوان؟! صرح د. عصام عريان، بأن الأمريكيين يتسمون بالخبث، ويسعون للفتنة الأمر الذى يدل على أن التوريط مستهدف، لتأكيد العلاقات بين الطرفين ومع المجلس العسكرى، تأكيداً لصفقة ثلاثية بين الأطراف الثلاثة.

6 - عملية إثارة قضية التمويل الأجنبى المتهم فيها عدد من الأمريكيين والأوروبيين، ما هى إلا محاولة لتقوية موقف المجلس العسكرى المهتز، ودعم شرعيته المنهارة فى داخل مصر، وكذلك للتمويه على صفقة المثلث الشيطانى، ولذلك لم يكن مستغرباً أن الخروج من الأزمة رغم تكلفته العالية وفى المقدمة التضحية بسمعة القضاء المصرى واستقلاليته أن يتم عبر تدخل المجلس العسكرى فى القضاء وعبر وساطة الإخوان المسلمين، الأمر الذى يؤكد تشاركية الأطراف الثلاثة فى صفقة.

7 - التوافق الأمريكى مع المجلس العسكرى على سحب رفض المجلس على قروض خارجية مقابل المساندة فى تيسير وتسهيل عملية قرض المليارات الثلاثة مع صندوق النقد الدولى والبنك الدولى، كجزء من عملية الصفقة لإبعاد فكرة الاستقلالية والاعتماد على الذات كصفة للثورة المصرية.

8 - التوظيف الأمريكى لدول عربية فى مقدمتها السعودية وقطر، لوقف مساعداتهم لمصر الثورة إلى أن يتم ترويضها، وحتى يتم اجهاضها بخنق الاقتصاد المصرى الذى قد يجد من خلاله المجلس العسكرى الفرصة لإجهاض الثورة وتحميلها كل المتاعب الاقتصادية واستمرار الأوضاع القائمة وتمرير الصفقة.

9 - التهديدات الأمريكية بقطع المعونة عن مصر، مقابل تهديدات من الإخوان المسلمين يحذرون من ذلك وإلا فسيراجعون اتفاقيات كامب ديفيد، كلها إشارات تؤكد عقد صفقة المثلث الشيطانى، لأن الأمريكيين الذين زاروا مصر والتقوا بالإخوان، أكدوا قبولهم لوصول جماعة الإخوان المسلمين إلى السلطة عبر حزب الحرية والعدالة، مقابل استمرار كامب ديفيد ومعاهدات السلام والتجارة مع إسرائيل السابق الإشارة إليها.

10 - القبول الأمريكى بالإصلاحات التدرجية والشكلية فى نظام الحكم فى مصر، ومحاولة ترويض الشباب الثائر عبر مقابلات مع بعض النشطاء لقبول ذلك وسط رفض من مجموعة شبابية أخرى ثائرة أيضاً، حماية واستمرار لنظام مبارك وقواعده.

11 - التأكيد الأمريكى على ضرورة استمرار نهج الاقتصاد الحر الرأسمالى، للنظام المصرى، وهو ما يتفق مع سياسات المجلس العسكرى باعتباره جزءا من نظام مبارك الرأسمالى، ومع سياسات الإخوان الرأسماليين أيضاً!!

12 - قيام الإدارة الأمريكية عبر منظماتها وأجهزتها التابعة لها فى الخارجية الأمريكية بمنح جوائز لرموز شبابية فى دول الربيع العربى فى اليمن ومصر وتونس، وذلك لإشعار الجميع بالدعم الشكلى للثورات، فى نفس الوقت وبالتوازى الشكر الدائم للمجلس العسكرى، وجماعة الإخوان المسلمين على جهدهم فى الانتقال السلمى للسلطة، وهو تأكيد لصفقة المثلث الشيطانى.

ووفقاً لمعيارى «المصلحة السياسية، والسلوك السياسى»، فقد تأكد وجود قاسم مشترك بين الأطراف الثلاثة يتمثل فى عدم قناعة وعدم حماسة هذه الأطراف لما يسمى بالثورة، وأن عليهم أن يعملوا جمعياً - وقد فعلوا - من أجل إجهاضها وذلك بضمان وصول آمن لجماعة الإخوان المسلمين للسلطة وتبوؤ رئاستى الشعب والشورى، والمعارضة المتوافقة معها «جماعة السلفيين» بما يضمن %70 فى الشعب، %85 فى الشورى، والتحكم فى إعداد الدستور، والمقابل ضمان المصالح الأمريكية، ومصالح المجلس العسكرى واستمرار نظام مبارك بقواعده وسياساته الداخلية والخارحية، وكذلك ضمان أن يكون الرئيس القادم من العسكريين أو أتباع المجلس العسكرى مؤقتاً، حقاً إنها صفقة لا تتم إلا بين الشياطين، لذا سميتها صفقة المثلث الشيطانى لأنها تحقق مصالح أطرافها على حساب الثورة وضد مصلحة الشعب المصرى وحقه فى التغيير الجذرى، ولذلك فإن المتوقع هو ثورة شعبية جديدة على هذه الصفقة حماية للثورة الأم 25 يناير، ومازال الحوار متصلاً ومستمراً.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة