عاطف حسانين يكتب: أنور السادات من النصر إلى الشهادة

الخميس، 11 أكتوبر 2012 07:21 م
عاطف حسانين يكتب: أنور السادات من النصر إلى الشهادة أنور السادات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الأسطورة المصرية محمد أنور السادات، الرجل الذى كابد مرارة مصر، وتحمل قدرا من أقدارها الجسام، استلم مقاليد الحكم فى أحلك الأوقات؛ حيث شعب مهزوم فى وطن مهزوم، تحيطه أمة مهزومة، مراكز قوى فى الداخل تسيطر على كل شيء، وجيش مهترئ لا يقدر فى وضعه على شيء، وعدو على الضفة الثانية من القناة لا يعبأ فى جبروته بشيء..

أربع سنوات هى عمر حكمه قبل المعركة من 70 إلى 73، صفى فيها مراكز القوى بالصبر والصدق فى توجهه لإزاحة الهم عن هذا البلد المنكوب، وبالذكاء الذى أعطاه الله لمن أراد لهم أن يجرى على أيديهم تغييرا فى أرضه، ونصرا وعزا لدينه..

سنوات من الصبر والجلد والتحمل للسخرية اللاذعة من أبناء شعبه، وللقادة البائسين اليائسين من قدرتنا على الخروج من ظلمة الهزيمة والانكسار لنور الأمل والنصر والكرامة.. وأعداء تحيط بمصرنا من كل جانب، ومؤامرات تحاك ضدها لكى لا تقوم لها قائمة.. ماذا يفعل الرجل؟

استعان بالله، أعطى لكل إنسان من العاملين معه حقه، كل عمل فى تخصصه، عزف سيمفونية رائعة للتوحد والتضامن بين قادته، خدع العالم كله بفضل قريحته ورجال حوله صدقوا ما عاهدوا الله عليه لنصرة هذا البلد، قاد المجتمع المصرى لليأس من أن يدخل معركة فقاد العالم كله لنفس النقطة البعيدة من اليأس، ثم فاجأ الجميع برجاله وقادته وأعظم جند الله يعبرون اليأس والقهروالذل وصولا للأمل والعزة والكرامة.. أهداه الله النصر المبين على عدو ظالم جائر فاجر، وأذل الصهاينة المتكبرين بفضل الله عليه وعلى هذا البلد.. نعم أهداه الله النصر وأجراه على يديه..

تفرس الرجل المثقف الواعى، والسياسى المحنك.. إلى أن أوراق اللعبة فى يد أمريكا، ففتح معها جبهة لمعركة سياسية، وأراد أن ينفذ قوله فى خطبة يوم النصر حين قال: "لقد حاربنا من أجل السلام".. ولكن من حوله لم يفهموه، لم يدركوا جديته وعزمه على إنهاء الصراع ولو إلى حين..

ذهب إلى القدس فى مشهد ولا أروع لمناضل من أجل تحقيق الحرية والعدل.. ومن أجل استرداد الأرض، واسترداد الحقوق، وكما ناضل من أجل النصر وتحمل القرار وحده، ناضل من أجل السلام وتحمل القرار وحده.. ثم أراد لهذا الشعب البائس أن يحيا حياة طيبة؛ فكان الانفتاح الاقتصادى ولأول مرة فى معظم

البيوت المصرية الفقيرة يعرف الناس وسائل الراحة.. وإذا كنا نتفق مع الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين أن الانفتاح كان على حد تعبيره "سداح مداح"..إلا أن الفكرة والغاية كانت من أجل هذا البلد وهذا الشعب.. وماذا يريد الوطن -أى وطن- من رئيسه سوى أن يفكر فيه ويشعر به ويتخذ القرارات لأجله أخطأ بعدها أم أصاب..
لقد كان السادات مخلصا لهذا البلد؛ ولكنه ككل العباقرة كان سابقا لجيله وسابقا لكثير من العقول حوله، وكل أمر جديد مرفوض.. فالناس أعداء ما يجهلون.. من هنا كانت ثورة الجهلة الذين ارتدوا وشاح الدين كذبا وتم تضليلهم أو هكذا ارتضوا أن يضللوا أنفسهم واعتبروا قتله جهادا؟
أى جهاد فى هذا؟ ما الجهاد فى أن تقتل رئيسا يشهد أن لا إله إلا الله محمد رسول الله ويقيم الصلاة، ويؤتى الزكاة ويحج البيت ويصوم رمضان ثم بعد هذا كله يعمل من أجل وطنه..ذلك فى رأيى هو الضلال المبين.

فخالد الإسلامبولى الذى تمجده إيران وتعتبره شهيدا ما هو إلا قاتل لرجل من أعز رجال هذا البلد، رجل أعطى وضحى ووفى بقدر استطاعته، وهو كغيره من البشر له أخطاؤه وله مزاياه.. ولكنه بحق أعاد لهذه الأمة شرفها وكرامتها، وبالمناسبة فقد تراجعت جماعة الجهاد عما كانت تنتهجه من فكر وتبين لها كذب الفتويين اللذين مهّدا الطريق لهذه الجماعة لقتل هذا الرجل العظيم.. وقال زعيم الجماعة الإسلامية بمصر كرم زهدى عام 2003 أن الجماعة تعتبر السادات شهيدا. أو كما قال: "شهيدا مات فى قتال الفتنة" وأن الزمان لو عاد به وبالجماعة إلى عام 1981 لما أجاز قتله؛ بل لعمل على منعه.

أما عن تمجيد القاتل فله أسباب؛ ذلك أن السادات بحكم ثقافته وبعد نظره رأى فى الثورة الإسلامية مصيبة كبرى على منطقة الشرق الأوسط، وكان يدرك خطر أن يتولى رجال الدين القول الفصل فى السياسة.. وأتذكر أنه فى إحدى خطبه تكلم عن عدد القتلى من المعارضين الإيرانيين، وأن رئيس الجمهورية ذهب ليقبل يد الخمينى قبل أن يتولى زمام منصبه، وقال: هذا هو حكم الدين الذى ارتضوه أن يذهب رئيس الجمهورية ليقبل يد الفقيه قبل أن يتولى أمور الحكم!!

السادات استضاف شاه إيران بعد أن رفض العالم كله استضافته، لكنه كرجل وفى وكسياسى متمرس قِبل به ولم ينس له وقفته معه فى 73.. فنشأ الصراع بين مصر وإيران ممثلا فى السادات والخمينى، والحقيقة أرى أن السادات كان فى موقفه أكثر تعقلا ووعيا بملابسات التاريخ من غيره ممن هللوا لهذه الثورة.. وإذا كان السادات قد وضع يده فى يد اليهود جهرا؛ فقد أعلن هذا فى خطاب له يوم 14 سبتمبر 1981 حين قال: "والله أنا لما اتكلمت مع إسرائيل اتكلمت على الترابيزة قدام العالم كله، وعلشان نعيش فى ود، وأخذنا أرضنا وبنتفاوض علشان نحط الفلسطينيين على الطريق السليم.. لكن خمينى اللى بيدعى كان بيهاجم الفلسطينيين بقى له 3 أيام، وباتفاق وبيأخذ قطع الغيار وأسلحة وطعام من إسرائيل.. لكن فى الغرف المغلقة على طريقة إخواننا العرب إياهم"... هكذا كان السادات وهكذا كان خصومة، وذلك كان حال من مجدوا قاتله.

لقد أعطى السادات الكثير لهذا البلد، وحتى الذين انتقدوه فى حياته وبعد السنوات الأولى من مماته، اليوم يعودون ليعطوه حقه، أما قتلة السادات خالد الإسلامبولى وأعوانه من المتطرفين؛ ففى مستنقع الجهل والغدر ترقد سيرتهم، فما هم بمجاهدين وما هم حتى بأنصاف متعلمين، أما المجاهد الحقيقى فهو أنور السادات، الذى ناضل وحارب، وإذا كان المجاهد ينتظر فى النهاية
إحدى الحسنيين النصر أو الشهادة؛ فقد كافأ الله السادات بأن جعله ينال الحسنيين "النصر والشهادة".. النصر فى المعركة، والشهادة يوم الاحتفال بنصر الله له يوم المعركة.
فتحية لهذا الرجل العظيم فى يوم نصره ويوم استشهاده..








مشاركة

التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

هيثم الهجرسي

لله درك يا رجل ورحم الله الأب والقائد والبطل محمد أنور السادات

عدد الردود 0

بواسطة:

مصرى أصيل

من خير من أنجبت مصر

عدد الردود 0

بواسطة:

احسن رئيس لمصر

الله يرحمه

الله يرحمه

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد علي

صدقت

في زمن قل فيه من يقول الحق .... شكراً لك

عدد الردود 0

بواسطة:

ياسر

السادات شهيد الكرسى وليس مصر

عدد الردود 0

بواسطة:

مجدي عبدالله

انور السادات منالنصر الي الشهادة

لن يجود هذا الزمن بمثل هذا الرجل

عدد الردود 0

بواسطة:

kamal

أحسنت قولا

عدد الردود 0

بواسطة:

عادل حشيش

عاش من اجل السلام..ومات من اجل المبادىء

عدد الردود 0

بواسطة:

اخناتون المصرى

السادات صاحب المدرسه

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد احمد

كلمة حق ليس لها مقابل ولا اجر سوى الحق

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة