سعيد شعيب

يعيش عاكف ويحيا نظيف

الثلاثاء، 27 أكتوبر 2009 12:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بدون أى تعسف من الصعب أن تجد فروقاً بين تعليمات الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء التى تمنع أى مسئول من الإدلاء بأى أحاديث صحفية دون الحصول على تصاريح من الوزراء والمحافظين، وبين غضب مهدى عاكف رئيس جماعة الإخوان من الصحافة التى تناولت بالأخبار والرأى نبأ استقالته أو إقالته.

بالطبع هناك فروق كبيرة بينهما فى السياسة، ولكن لا فارق كبير بينهما فى التعامل مع حرية الصحافة، فكلاهما يؤمن أن دورها الوحيد هو تقديم الخدمة الإعلانية عن إنجازاته.. وليس الإعلامية، والفارق ضخم، فالأول يعنى خدمتهم، وليس خدمة البلد. والثانى يعنى التفاعل بالخبر وجميع أشكال العمل الصحفى مع ما يمارسونه من دور عام.. فكلاهما لا يتولى إدارة أملاك شخصية، لا يجوز لى ولك، أن تعرف عنها أى شىء، فعاكف وجماعته يستندون إلى السرية، والحجة الشهيرة هى أنهم مطاردون من أجهزة السلطة الحاكمة البوليسية، وهذه حجة باطلة طالما أنهم ارتضوا العمل السياسى العام، ولهم نواب فى البرلمان، ومن حق المجتمع الذى يخططون بإصرار لحكمه أن يعرف أدق تفاصيل ما يفعلون.

الدكتور نظيف لا يدير دولة لا علاقة لنا بها، ولكنها فى الحقيقية ملكنا نحن المواطنين، وهو، مع كامل الاحترام له، مجرد مدير لها، إذا أخطأ ننتقده، بل ومن حقنا إقالته، وإذا أصاب نمدحه.. فليس منطقيا أن تأتى بمن يدير لك أموالك وممتلكاتك، وتعطيه المقابل، ثم يقرر أن يكون وصياً عليك، يفعل ما يريد دون الرجوع إليك، بل ويحرمك من حقك البديهى فى المعلومات، بل ومن حقك البديهى فى أن تحاسبه.

أعرف أن هناك حجة جاهزة لدى مسئولى الحكومة، وهى أن المعلومات يجب أن يكون الكبار هم مصدرها الوحيد حتى تكون «دقيقة»، ناهيك عن ركام من التبريرات من نوع إرباك الرأى العام والتأثير على استقرار البلد.. وغيرها من الكلام الفارغ الذى يخفى رغبة حاسمة فى مصادرة الحق فى المعلومات من مختلف مصادرها، وهذا حق للمواطن الذى يختار ما يراه صواباً.

الحقيقية أن حجب المعلومات وإخفاءها، لا يخص عاكف ونظيف وحدهما، ولكنها ثقافة سائدة فى بلدنا، لا يفرق فيها المسئول، داخل الحكومة أو خارجها، بين عمله العام وحياته الخاصة، فيحول عمله العام إلى خاص ويتصور أنه يدير أملاكه كفرد.. رغم أن حق الحصول على المعلومات وحرية تداولها حق من حقوق الإنسان، يكفلها الدستور والمواثيق الدولية، وتعطيلها هو العقبة الأصعب فى الطريق إلى أى تقدم من أى نوع.. فمن المستحيل أن تكون هناك حريات حقيقية بدون معلومات، ومن المستحيل أن يكون لدينا تقدم اقتصادى، وأنا وأنت محرومان من المعلومات حول مختلف الأنشطة الاقتصادية.

الصحافة ليس عملها «الرخامة والتطفل على خلق الله»، ولكن وظيفتها الأولى هى الإخبار، أى نقل المعلومات إلى المواطنين، ومن ثم تمكين المجتمع من ممارسة الرقابة الشعبية فى بلده وعلى دولته.

ومن يرفض هذه الرقابة الشعبية، وهذا حقه، فعليه العودة إلى بيته ويغلق عليه بابه، ليريح نفسه ويريحنا من وجع القلب.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة