يرفع شعار «الإنسان أولا»

إسماعيل الشاعر.. قصة مدير أمن «الشارع» فى مصر

الخميس، 13 أغسطس 2009 04:27 م
إسماعيل الشاعر.. قصة مدير أمن «الشارع» فى مصر إسماعيل الشاعر
كتب محمود سعد الدين - تصوير : أحمد إسماعيل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يتواجد فى كل الحرائق والكوارث.. ويترك لمساعديه حرية اتخاذ القرار دون إفساد النص

قبل سنوات قليلة وقف اللواء إسماعيل الشاعر، مدير أمن القاهرة، أمام المستشار عادل الغرباوى بمحكمة جنح الدخيلة متنازلا عن كل حقوقه لدى طبيب الأسنان محمد جمال الدين الذى تسبب فى وفاة ابنه الأكبر «عمر» فى حادث أليم بالكيلو 21 بالطريق الساحلى، أخذ القاضى بكلام الشاعر وحكم بالحبس 6 أشهر مع إيقاف التنفيذ، وبقى من هذا الموقف الأليم على الشاعر كأب، أنه أصبح نموذجا لكل رجل أمن فى العفو عند المقدرة.

وإذا كان موقف العفو حدث من الشاعر حينما كان مديرا لمباحث العاصمة، فالعديد من المواقف الأخرى وقعت بعد أن تولى المسئولية الكاملة لإدارة شئونها، وكثيرا ما حقق الشاعر فى قضايا جنائية بنفسه من أجل إرجاع الحق لأسرة فقدت ابنها أو سيدة ترملت بعد وفاة زوجها.

الشاعر لا يتعامل مع القاهرة على أنها تحتوى على العشرات من المنشآت السياحية والوزارات وملاعب الكرة ومئات القنصليات والسفارات ومواكب الوزراء وكبار الزوار، والتى تحتاج إلى تأمين دائم على مدار 24 ساعة متواصلة، إنما يتعامل معها على أنها المديرية التى تحوى 16 مليون مواطن، كما يقصدها ما يقترب من 5 ملايين آخرين يوميا عليه تأمينهم وتسهيل السيولة المرورية لحرية انتقالهم بالعاصمة وإنهاء أعمالهم بها.

المنهج الأمنى لإسماعيل الشاعر، كما يقول اللواء عادل عبد العليم مدير الإدارة العامة الأسبق لمكافحة التهرب الضريبى، يعتمد على نظرية «اللقطة الأمنية» وهى «تحديد خط السير الصحيح للبحث، مع الإسراع فى محاولة الوصول إلى نتيجة إيجابية فى النهاية»، ويضيف عبدالحليم أن ذلك ما يحاول إسماعيل نشره بين تلاميذه مستندا إلى خبرته الجنائية الكبيرة فى مئات القضايا على مدار 30 عاما من العمل بمديرية أمن القاهرة، بدأت بتخرجه فى كلية الشرطة عام 1971 ثالثا على دفعته، ثم ضابطا بقسم شرطة المعادى ووصولا إلى مدير مباحث العاصمة والرجل الثانى فى القاهرة بعد حبيب العادلى مدير أمن العاصمة آنذاك فى عام 95 حتى تقلد منصب مدير أمن القاهرة فى 2004.

ولتحقيق ذلك تجده ينتهج أسلوبا مختلفاً فى عمله الأمنى بالقاهرة، حيث كون فريقا مكتملا يقبل الإضافة لا العزل، ووضع معايير محددة فى التعامل من خلاله، وهى نفس الأسباب التى دفعت العادلى ليختاره فى عضوية المجلس الأعلى للشرطة.

الحس الأمنى للشاعر مرتفع بشكل كبير وهو ما يجعله يتواجد فى كل الحرائق والكوارث التى شهدتها القاهرة فى الشهور الماضية بداية من مجلس الشورى والمسرح القومى والشرابية وعمارة رمسيس.. وكارثة الدويقة يتابعها ويباشر عمليات الإنقاذ بنفسه.. ويساهم فى نقل المواطنين إلى إسطبل عنتر وتسهيل إقامة مخيمات الإيواء للضحايا.. وفى أزمة الخنازير تواجد بمنشية ناصر وساهم فى إقناع مربى الخنازير بوقف نشاطهم والبدء فى أى نشاط آخر.. إلا أن هذا الحس قد خانه فى بعض القضايا التى كادت أن تتسبب فى إقالته مثل سفاح المعادى، والتى أعقبها شائعات بأنها لعبة أمنية من كبار قيادات الداخلية للإطاحة به، وهو ما جعله يأخذ الحذر فى عمله ويدقق فى كل كبيرة وصغيرة وينزل إلى شوارع المعادى ويشارك فى البحث عنه، وبعد القبض على «السفاح» وإحالة ملفه إلى القضاء، وقعت تفجيرات الحسين لتعلو أصوات بأن هناك تقصيرا أمنيا، وزاد البعض فى انتقاده بضرورة إقالة الشاعر، وقبل أن تهدأ تلك الأصوات جاءت تفجيرات كنيسة العذراء لتزيد من الانتقاد، غير أن العمل فى صمت وبعيدا عن الأضواء أثمر عن القبض على المسئولين عن التفجيرين.

إسماعيل الشاعر يعمل مع مجموعة الخبراء الأمنيين بمحافظة القاهرة، يواصلون اجتماعاتهم بطريقة دورية لمناقشة كل كبيرة وصغيرة بالقاهرة، ويتكون هذا الفريق من فاروق لاشين مدير إدارة البحث الجنائى، وعبدالجواد أحمد حكمدار القاهرة، ومساعدى المديرين الآخرين ونواب القطاعات، إضافة إلى عدد كبير من رؤساء مباحث العاصمة الذى يحافظ الشاعر على ثباتهم فى أماكنهم، وبالدرجة التى تساهم فى ترقيتهم، منهم ثروت المحلاوى الذى ظل بالمعادى كرئيس مباحث لمدة 9 سنوات متواصلة، وعندما تمت ترقيته ظل المحلاوى فى مكانه بعد أن أصبح رئيس فرقة بالمعادى، وشريف العوضى الذى ظل بقسم شرطة مصر القديمة لفترة طويلة وعندما ترقى أصبح رئيس فرقة بمصر القديمة، ونفس القصة تكررت مع أشرف العزب بمدينة نصر، فضلا عن ذلك فإن الشاعر يكتشف عقولا أمنية جديدة كل عام ويعمل على تصعيدها وتعميق الفكر الأمنى عندها، بإشراكهم فى العمل مع أصحاب الخبرة، بل إن قيادات أمنية عملت تحت يد الشاعر وتقلدت حاليا منصب مدير أمن مثل اللواء محسن مراد مدير أمن أسيوط الحالى ورئيس مباحث شرق القاهرة الأسبق.

ورغم كل أجواء الألفة التى يعمل بها الشاعر مع فريق عمله من الضباط، إلا أنه لا يتهاون مع أى ضابط يخطئ، فعندما وجد ضابطا يضع «فاميه» على زجاج سيارته، كما يضع عليها لوحات معدنية سوداء اللون، قام بتحويله للتحقيق والتحفظ على سيارته لحين تحديد موقفه.

المنهج العلمى والنظرية الأمنية التى يتبعها الشاعر، جعلته يحدد 4 نقاط ضعف أمنية فى القاهرة تبدأ بالفتنة الطائفية التى تشتعل فى منطقة شرق القاهرة، خاصة فى عين شمس والمطرية، والخطر الثانى المتمثل فى الجماعات الإسلامية التى تولد فى محافظات أخرى، وتأتى للقاهرة لتنفذ عملياتها بها على اعتبار أن الانفجار أكثر تأثيرا بالقاهرة، والخطر الثالث هو الجرائم الجنائية المتركزة فى العنف الأسرى والتى تخرج من مناطق العشوائيات المنتشرة فى أطراف القاهرة، أما الخطر الرابع والأخير فهو خطر التنظيمات السياسية والمظاهرات والوقفات الاحتجاجية بمنطقة وسط البلد التى تعتبر أرضا خصبة للعمل السياسى.

خطر الفتنة الطائفية المنتشرة فى شرق القاهرة دفع الشاعر لزيادة قوات الأمن بتلك المناطق، مع إجرائه اتصالات هاتفيه بخطباء المساجد وقساوسة الكنائس فى تلك المنطقة، لتهدئة الأجواء بين المسلمين والمسيحيين فى المنطقة مع تبادل الزيارات بينهما.

أما الخطر القادم من الجماعات الإرهابية وأصحاب فكر العنف، فينسق الشاعر مع مباحث أمن الدولة فى الوصول لذيول تلك التنظيمات فى القاهرة والمحافظات والكشف عنها، إضافة إلى تزويده الأماكن السياحية بعدد كبير من رجال الشرطة مع تركيب 27 كاميرا تليفزيونية فى الحسين والأزهر والغورية لمراقبة الحالة الأمنية.

تأتى أصعب اختبارات إسماعيل الشاعر الأمنية فى عمليات تأمين مواكب الوزراء والوفود والاجتماعات التى تجرى بجامعة الدول العربية، أو فى وزارة الخارجية، ويحضرها كبار المسئولين فى الدول العربية والعالم.

وكان آخر تلك الاختبارات وأكثرها جودة فى العمل الأمنى، هو تأمين موكب الرئيس الأمريكى باراك أوباما الذى استغرق 7 ساعات من الـ 9.5 صباحا حتى الساعة 4.5 عصرا، واستخدم الشاعر خطة أمنية محكمة تعتمد على وجود خط تأمين أول وثان وثالث، فضلا عن خط تأمين بديل وخط آخر للتأمين يسمى بخط المخاطر، وبخلاف كل تلك الخطوط فإن هناك سيناريوهات أخرى لعمليات التأمين بعيدة عن كل تلك الخطوط فى حالة الخطر المفاجئ، وكل خط تأمين يجرى العديد من البروفات للوصول إلى الشكل النهائى، والنجاح الباهر لهذه الخطة دفع صحيفة «الواشنطن بوست» للإشادة بها، وبالأمن المصرى الذى تولى رسمها على الورق وتنفيذها فى الشارع.

ووسط كل هذا الملف الأمنى المتداخل والممتلئ بالأحداث والفعاليات اليومية، فإن الشاعر خلق لنفسه علاقة اجتماعية طيبة مع العديد من رموز المجتمع المصرى، فى نفس الوقت الذى حظى الشاعر الإنسان بشعبية كبيرة، لدرجة أن جماهير النادى الأهلى هتفوا باسمه في استاد القاهرة عندما حل أزمة مشجعى الألتراس مع أمن استاد القاهرة باتصال هاتفى مع الكابتن حسن حمدى.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة