سعيد الشحات

المحافظ يبيع الطماطم

الأحد، 31 أكتوبر 2010 12:12 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اكتشف الناس فى محافظة بنى سويف (صعيد مصر) أن رجلا أنيقا ينزل من عربة فاخرة مزودة بستائر سوداء، ووقف الرجل فى ميدان عام اسمه ميدان "الحارث"، وكان بجواره عدد من صناديق الطماطم، ونادى: "بتلاتة جنيه ونص كيلو الطماطم"، فاندفع الناس نحوه ليكتشفوا أن الرجل هو محافظ بنى سويف الدكتور سمير سيف اليزل، وحسب ما أوردته صحيفة "الشروق" فى عددها الصادر يوم الأربعاء الماضى: "تجمع العشرات لشراء الطماطم أوحتى طلبا لمساعدات إنسانية وفرص عمل".

حمل الخبر أكثر من نقطة مثيرة، أبرزها أن حاكم المحافظة هو الذى ينزل بنفسه ليقوم بهذا الفعل، وبقدر ما يحمل هذا السلوك منحى فرديا من مسئول بدرجة محافظ وهو سلوك حميد ليس فى ذلك ريب، إلا أنه بقدر آخر لا ينفذ إلى قلب حل مشكلة الأسعار تماما، ويؤكد ذلك باقى تفاصيل الخبر الذى يقول إن المحافظ لجأ إلى هذا السلوك بعد أن وصل سعر كيلو الطماطم فى بنى سويف إلى عشرة جنيهات، فيما يمكن للتجار أن يبيعوه بأربعة جنيهات فقط لأنهم يشترونه من المزارع بثلاثة جنيهات فقط، وتلك هى نقطة الإثارة الثانية فى قضية الأسعار وارتفاعها عموما، فمعنى أن التجار يشترون الطماطم من المزارعين بثلاثة جنيهات ثم يبيعونه بعشرة جنيهات، فهذا قمة الاستغلال الذى لا ينفع مواجهته بنزول المحافظ شخصيا ليبيع الطماطم.

قضية الأسعار هى فى الأصل قضية عامة وليست سلوكا فرديا، فالأصل فى الأشياء أن التجار يريدون البيع بأغلى سعر ليحققوا أرباحا خيالية فى وقت قياسى، ويتشجعون على فعل ذلك فى ظل غياب أى رقابة قوية عليهم، والدولة بكل أجهزتها هى المعنية بهذه الرقابة، وإذا كان المسئولون يتشدقون بأنهم لا يمكن فرض تسعيرة جبرية لأن هذا ضد الاقتصاد الحر بما يعنيه من عرض وطلب، فليبحث هؤلاء عن أى آلية أخرى تؤمن وصول السلعة إلى الناس بأسعار معقولة وبهامش ربح طبيعى للتجار الذين يتشجعون بعدم وجود رقابة، فيفرضون ما يحقق لهم وحدهم مكاسب مادية خيالية.

ستنتهى أزمة الطماطم فى يوم ما، لكنها ستحقق نتائج كارثية أولها، استنزاف مالى للفقراء يتحقق مع ارتفاع باقى الأسعار، وثانيها أن هناك طبقة من التجار ستجمع ثروات طائلة على حساب الفقراء فى غياب من يحاسبهم على انعدام ضميرهم فى حركة البيع والشراء، وأخيرا ستعمق هذه الأزمة لدى المواطن العادى غياب دور الدولة فى حمايته، وهى الحماية التى لا تتحقق أبدا بسلوك نواياه طيبة من محافظ بنى سويف حين نزل إلى ميدان عام ليبيع الطماطم بنفسه.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة