أحمد عز يكتب.. انتخابات مجلس الشعب.. دعوة لقراءة التفاصيل

السبت، 25 ديسمبر 2010 07:56 م
أحمد عز يكتب.. انتخابات مجلس الشعب.. دعوة لقراءة التفاصيل أحمد عز أمين التنظيم بالحزب الوطنى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بقلم احمد عز

أرسل المهندس أحمد عز أمين التنظيم بالحزب الوطنى مقالاً مطولاً عن رؤيته لانتخابات مجلس الشعب الأخيرة، كما عرض ما وصفه بـ"إنجازات الحزب" والحكومة خلال الدورة البرلمانية الماضية، معتبراً أن مصر فى عام 2010 أفضل كثيراً مما كانت عليه فى 2005، مشيراً فى الوقت نفسه إلى أن مستوى دخل الفرد سنوياً ارتفع ليصل إلى 15500 خلال العام الحالى، كما تطرق إلى كثير من التفاصيل، فإلى نص المقال:
هذا المقال دعوة لقراءة الكثير من تفاصيل انتخابات مجلس الشعب الأخيرة، كثير من هذه التفاصيل يفسر أسباب فوز الحزب الوطنى بعدد كبير من المقاعد، يبرز أيضاً عوامل هزيمة المعارضة الحزبية ومرشحى جماعة الإخوان المحظورة فى عدد من الدوائر.. قد تكون الوتيرة السريعة للانتخابات وحدوثها على مستوى 222 دائرة فى يوم واحد، لم تمكن الإعلام من قراءة ما هو أبعد من النتائج بمجرد إعلانها.. النقاط التالية تساهم فى تحليل هذه النتائج:

أولا: مصر 2010 أفضل حالاً من مصر 2005:
صحيح أن أى حزب يحتاج لبذل جهد تنظيمى لحفز الناخبين لدعم مرشحيه فى أى انتخابات عامة، إلا أن هذا الجهد ليس هو الحل الفاصل بين الفوز بأغلبية أو خسارتها، خاصة إذا كنا نتحدث عن حزب الأغلبية المشكل للحكومة، فى هذه الحالة، فإن جزءا مهما من أى تصويت فى أى انتخابات عامة يكون اقتراع ثقة على ما حققته- أو ما لم تحققه- الحكومة القائمة.. ذلك هو العامل الرئيسى المحرك لاتجاهات التصويت.
انتخابات مجلس الشعب الأخيرة جرت على خلفية رئيسية مفادها أن مصر 2010 أفضل فى كثير من المجالات عما كانت عليه فى 2005، فى الوقت الذى كانت فيه المعارضة، وبعض وسائل الإعلام التى أصبحت تقوم عملاً بدور المعارضة، تشكك فى كل إنجاز يتحقق، تحاول خلق شعور عام بأن مصر تتدهور، لا تتطور، كانت الحكومة تنفذ برنامجا انتخابيا رئاسيا رقميا، ربما لأول مرة فى دولة عربية.

مخرجات هذا البرنامج كانت إيجابية على أصعدة شتى.. حقاً لم تحقق كل طموحاتنا، لكنها مثلت طفرة قوية فى كثير من المجالات.. الولاية الحالية للرئيس مبارك تحقق فيها أعلى متوسط لمعدلات النمو فى مصر على مدار أربعة عقود.. أكبر زيادة حقيقية فى الإنفاق العام.. أكبر نسبة زيادة فى الإيرادات العامة.. زادت فيها صادراتنا غير البترولية بأكثر من الضعف.. شهدت زيادة 7 أمثال فى الاستثمارات الأجنبية المباشرة.. خلقنا 4 ملايين فرصة عمل فى 5 سنوات.. متوسط الدخل السنوى للفرد زاد من 7700جنيه لـ15500جنيه... العاملون بالحكومة مرتباتهم زادت بنسبة 100%، 1.5 مليون مدرس مرتباتهم زادت بنسب من 100- 200%، ما يقرب من 300 طبيب مقيم فى وزارة الصحة دخلهم الشهرى زاد من 630 جنيها لـ1380 جنيها، العمالة الزراعية بلغ متوسط الزيادة فى أجرها فى بعض محافظات الوجه البحرى ما يقرب من 100%، العمالة بقطاع الإنشاءات ارتفع أجرها فى المتوسط بنسبة لا تقل عن 80%، بالنسبة لعمال اليومية فى هذا القطاع، أجرهم الشهرى زاد فى المتوسط من نحو 250 جنيها عام 2005 إلى أكثر من 700 جنيها عام 2010.

مستوى معيشة الطبقة المتوسطة المصرية ارتفع، يشهد على ذلك المليون و600 ألف طالب فى المدارس الخاصة، عدد يتزايد بمعدل 20% فى السنة.. مليون مصرى اشتروا سيارات جديدة فى الـ5 سنوات الماضية.. (80% من هذه السيارات سعرها أقل من 75 ألف جنيه).. تصاريح المبانى السكنية زادت أكثر من 10% خلال عام 2009 فقط.. يعمل فى مصر الآن 39 بنكا خاصا ومشتركا وأجنبيا لهم أكثر من 3400 فرع بمحافظات مصر المختلفة.. توفر هذه البنوك بالتوازى مع شركات الاتصالات والكمبيوتر ومكاتب الاستثمارات الهندسية وشركات البناء والتشييد الآلاف من فرص العمل لأبناء هذه الطبقة.. فرص عمل انعكست على تحسن دخل أبنائها.

انحيازنا للمواطن الأقل دخلاً خلال السنوات الماضية زاد.. نصف خمس إيراداتنا العامة لتغطية أجور 5 ملايين موظف حكومى.. صرف ثلث إيراداتنا على برامج الدعم والحماية الاجتماعية.. أصدرنا 1.4 مليون بطاقة تموينية جديدة.. المواطن المصرى نصيبه من الدعم زاد من 680 جنيها لـ1300 جنيه فى 5 سنوات.. أنشأنا 300 ألف وحدة سكنية للشباب.. طورنا 169 مستشفى عاما ومركزيا و1826 وحدة صحية أساسية.. استثمارات تخدم بالأساس المواطن المصرى البسيط.. كل هذه البرامج يتم تمويلها بالأساس من خلال الضرائب.. ضرائب أغلبيتها يتم تحصيلها من شرائح المجتمع الأعلى دخلاً.. حقاً نحتاج لبذل المزيد فى هذا الإطار.. لكن هذا لا ينفى حجم ما تحقق.

البنية الأساسية باتت أفضل.. 60 مليار جنيه تم صرفها على مشروعات مياه الشرب خلال الخمس السنوات الماضية.. لا يمكن أن تكون قد ضاعت هباءً.. لابد وأن يكون المواطن شعر بأثرها على حياته.. أضفنا 33% فى حجم الطاقة الاستيعابية لشبكات الصرف الصحى.. انتهينا من إجراء تصوير جوى أدى إلى اعتماد أحوزة عمرانية جديدة لكافة قرى الجمهورية.. 900 قرية وتابع تمت إداراتها فى الأربع السنوات الأخيرة.. 377 ألف أسرة من سكان العشوائيات تم ربطهم بشبكة الكهرباء بصورة قانونية.

كل هذه مؤشرات قد لا يستشعرها عدد من وسائل الإعلام التى تحصر تركيزها فى المناطق الحضرية أو مناطق ما حول العاصمة، لكنها مؤشرات تصنع فارقا فى حياة الملايين من المصريين فى الريف، (بالمناسبة، الريف المصرى يشكل الكتلة التصويتية الرئيسية فى 72% من دوائر الجمهورية).. أمانة السياسات فى الحزب، وهى تدرس ظروف المواطن، وتصيغ السياسات الملائمة التى تنفذها الحكومة، كانت تعرف جيداً أن هذه المؤشرات هى التى تصنع الفارق فى حياة الفلاح الذى وجد، ربما لأول مرة منذ 30 عاماً، أن الدولة وضعت نظاماً للتوسع العمرانى المنظم يسمح له ببناء مسكن له وعائلته بالقرب من زراعته، هو نفس الفلاح الذى استشعر زيادة حقيقية فى دخله على مدار الأعوام الخمسة الماضية (ربما باستثناء عام 2009) كنتيجة لسياسة الحكومة الخاصة بأسعار توريد المحاصيل الزراعية، هذه المؤشرات صنعت الفارق فى حياة المواطن الذى لاحظ تحسناً ملحوظاً فى خدمة مياه الشرب والصرف الصحى، فى حياة مئات الآلاف من العاملين فى المحليات الذين رأوا تصحيحاً ثورياً فى هيكل الأجور لصالحهم، (فى مايو 2008، تم رفع الحد الأدنى لحافظ الإثابة لحوالى 3 ملايين موظف بالإدارة المحلية من 25% إلى 75%، بالإضافة إلى الـ30% التى حصل عليها جميع العاملين فى الدولة فى هذا العام)، قلل ذلك من خلل كان موجوداً على مدار سنوات لا يمنح موظفى الإدارة المحلية نفس رواتب العاملين بالوزارات المركزية ممن على نفس الدرجة الوظيفية.

انتخابياً، تلك كتل تصويتية كبيرة وضخمة.. بعض منها اتجه للتصويت العقابى ضد الحزب فى انتخابات 2005 فى انتخابات 2010 تحسن أحوالها عكس هذه الظاهرة.. صحيح أنه لا يزال أمامنا الكثير لتحقيق طموح أى مواطن مصرى.. لا نقول إنه ليس فى الإمكان أبدع مما كان، لا ندعى أن ما حدث من تحسن إيجابى هو كاف، لكن التحسن فى أى مجتمع يتم قياسه بصورة نسبية.. ما حدث لا يمكن إنكاره، ما حدث كان حتماً سينعكس على صندوق الانتخاب.. شكل هذا الأساس العملى لاختلاف نتائج انتخابات 2010 عن انتخابات 2005.. خاصة وأنه فى المقابل، كل القوى الأخرى كانت تسعى إلى تيئيس الناس.. تحاول أن توهمهم بأن كل ما يطرأ على حياتهم من تغيير غير حقيقى.

أضف إلى ذلك أن الحزب الوطنى فى 2010 لم يكن هو نفس الحزب فى 2005.. إعدادنا كحزب لانتخابات 2010 تم منذ عام 2005.. أدخلنا الكثير من التغيرات والمبادرات التى أعلت من قيمة العضو.. عززت من مبدأ الالتزام الحزبى للعضو العامل.. للنائب البرلمانى.. ولعضو المجلس المحلى عن الحزب.. بداية من إجراء انتخابات داخلية لشغل عضوية لجان الحزب على مستوى جميع تشكيلاته التنظيمية.. انتخابات تجربتها الأولى كانت فى 2007 ثم كررنا نفس التجربة فى 2009.. (عدد المقاعد التى كان يتم التنافس عليها كانت فى المتوسط 140 ألف مقعد على مستوى الجمهورية).. خلال هذه الأعوام أيضاً دربنا كوادرنا 3 مرات فيما كان يعرف بـ"منتديات الوطنى للأعضاء التنظيميين".. المحتوى التدريبى تضمن موضوعات تنظيمية، فضلاً عن عدد من القضايا العامة وسياسات الحكومة للتعامل معها.. تجربة من التدريب السياسى أعتقد أنها فريدة سواء من حيث المحتوى التدريبى، أو ضخامة عدد القيادات المشاركة فيها (أكثر من 5 آلاف متدرب فى المرة الواحدة).




صورة أرشيفية للمجمعات الانتخابية للحزب الوطنى لاختيار مرشحيه

بدأ بعد ذلك الاستعداد المباشر لانتخابات 2010.. نقطة الانطلاق كانت اختيار 3 مسارات للترشيح.. المجمعات الانتخابية، والانتخابات الداخلية، واستطلاعات الرأى.. الجمع بين المسارات الثلاثة معناه عملاً أننا استطلعنا آراء أكثر من 2 مليون مصرى على مدار 5 أشهر قبل الدفع بأى من مرشحينا.. أعددنا خطة للتحرك الحزبى بتكليفات ومهام محددة لأعضائنا التنظيميين تقوم على تكوين حلقات اتصال مع الناخبين تتفرع لدوائر أوسع لضمان تغطية ما يقرب من 5 ملايين ناخب على مستوى الجمهورية.. شكلنا ودربنا لجان استقبال ناخبين لتوجيه ناخبينا أمام كل مقر انتخابى.. يوم الانتخابات أدرنا منظومة تضمنت غرفة عمليات مركزية فى مقر الأمانة العامة بقوة 260 مسئول اتصال وأخرى فى مقر الحزب بكل محافظة.. النتيجة كانت أننا كنا على اتصال دائم كل ساعة بكافة المقار الانتخابية التى يزيد عددها عن 10 آلاف.. كنا نقوم بمتوسط 8218 اتصالا فى موجة الاتصال الواحدة.. منظومة مكنتنا من الرصد والمتابعة بصورة نادراً ما تتوفر لأى حزب سياسيى آخر فى مصر.

كل هذه التطورات الجذرية أنشئت أكثر كفاءة فى العمل.. أكثر قدرة على حفز ناخبيه.. أكثر استعداداً للحفاظ على أغلبيته فى انتخابات 2010.

ثانياً: الجماعة المحظورة فى 2010 أضعف من 2005:
انتخابات 2005 شهدت أكبر تمثيل برلمانى لجماعة الإخوان المحظورة فى تاريخها.. عاملان رئيسيان ساهما فى حصول مرشحى الجماعة فى هذه الانتخابات على هذا العدد الكبير من الأصوات، أصوات تعرف حتى قيادات الجماعة نفسها أنها أكبر بكثير من قوتها التصويتية الحقيقية.

العامل الأول: تمثل فى استخدام الشعارات الدينية على نطاق غير مسبوق.. شعارات مدعومة فى نفس الوقت بعدد كبير من مرشحى الجماعة فى الدوائر.. المجتمع المصرى مجتمع متدين بطبعه.. احترامه وتقديره الشديدين للدين يدفعه لاحترام وتقدير أى شخص يتحدث باسم الدين.. النتيجة كانت حالة تشبه الانبهار بمرشحى الجماعة فى 2005 وبشعاراتهم الدينية القوية فى اللفظ والتعبير وبالتالى التأثير.. شعارات ولدت لدى المواطن فى عدد من الدوائر شعورا خاطئا بأنه أمام تيار جديد من السياسيين ربما لم يعهده من قبل.. انعكس هذا الشعور على صندوق الانتخابات فى هذه الدوائر بصورة ضخمت من الكتلة التصويتية الرئيسية للجماعة.




عز برر صعود الإخوان فى 2005 بتدين الشعب المصرى

العامل الثانى: كان حسن استغلال مرشحى الجماعة لطبيعة النظام الانتخاب المصرى.. قد يكون الاسم المتعارف عليه لدى المواطن العادى وبعض وسائل الإعلام للنظام الانتخابى المطبق فى مصر، أنه نظام فردى.. الواقع أن النظام الانتخابى المصرى ليس نظاما فرديا بصورة كلية.. فعلي عكس أي نظام فردي بحت، في إطار النظام الانتخابي المصري، ينجح عن الدائرة الانتخابية الواحدة مرشحان اثنان.. قانوناً، بطاقة الاقتراع تصبح باطلة لو لم يتم فيها اختيار مرشحين اثنين.. النتيجة المباشرة هى ضرورة نشأة تحالفات بين أزواج من المرشحين فى كل دائرة.. تحالف بموجبه يحصل كل مرشح على أصوات مؤيدى المرشح الآخر وبالعكس.. غالباً ما تكون هذه التحالفات بين أحد مرشحى الفئات من جهة وأحد مرشحى العمال/ الفلاحين من جهة أخرى.. تلك التحالفات تسمح لكل مرشح طرف فيها الحصول على تأييد مركز ثقل المرشح الآخر الذى ما كان له أن يحصل عليه لولا هذا التحالف.. واقعنا الانتخابى هو صعوبة فوز مرشح بأى من مقعدى الدائرة دون حليف من المرشحين على المقعد الآخر.. التعبير المتعارف عليه فى الريف المصرى: "مين حيرمى على مين" (هذا الواقع قد يدفع المجتمع إلى إدخال تعديلات على هذا النظام ليصبح فردياً بصورة كلية).

مرشحو الجماعة أحسنوا استغلال هذه الصفة الهيكلية للنظام الانتخابى المصرى فى 2005.. أبرم مرشحوهم تحالفات على مستوى كل دائرة انتخابية سمحت لهم بالحصول على أصوات مؤيدى مرشح آخر فى ذلك الدائرة.. حدث هذا فى نفس الوقت الذى فتت فيه الحزب الوطنى آنذاك كتلته التصويتية فى الدائرة الواحدة بعد أن أصر على دعم مرشح واحد من أبنائه مما أغضب أعضاءه الآخرين الذى رغبوا فى الترشيح.. دفع هذا هؤلاء إلى خوض الانتخابات كمستقلين والتحالف مع مرشحى الإخوان عتاباً منهم للحزب.. وفر هذا السياق أرضية خصبة لمرشحى الجماعة لتحقيق التكتيك الانتخابى القائم على تعظيم كتلة المؤيدين من خلال التحالفات.

الوضع فى 2010 اختلف كثيراً.. الاختلاف كان من شأنه ألا يتكرر حدوث هذين العاملين.. أو على الأقل بنفس الأثر الذى كانا عليه فى انتخابات 2005.

أولاً: نظرة الناخب المصرى نفسه لنواب ومرشحى الجماعة اختلفت.. فى عدد كبير من الدوائر بات الناخب المصرى ينظر إلى نائب الجماعة على أنه سياسى يخوض عمليه انتخابية، كأى نائب أو مرشح آخر.. تلاشت إلى حد كبير صورة مرشح الجماعة على أنه رجل دين.. هذه نتيجة ساهمت تصرفات الجماعة فيها أكثر من أى شىء قلناه أو فعلناه.. بداية من حادثة العرض العسكرى لميليشيات الجماعة فى حرم جامعة الأزهر.. مروراً بتصريحات مرشد الجماعة السابق التى قال فيها حرفاً "طظ فى مصر".. وأنه لا يمانع فى أن يحكم مصر مواطن ماليزى أو نيجيرى ما دام كان مسلماً.

أضف إلى ذلك أداء نواب الجماعة تحت القبة الذى كان عبارة عن اعتراضات لا نهائية وغير منطقية.. مماطلة لا معارضة.. أداء امتزجت فيه المعارضة بالتعريض.. أصبح فيه الهجوم شخصيا أكثر منه موضوعيا.. امتزجت فيه المعارضة بالامتعاض.. الأولى تعكس قدرا من التفتح فى حين أن الثانية تعكس نفورا سياسيا وفكريا.. النتيجة كانت أن الكتلة البرلمانية للجماعة لم تكن "كتلة معارضة" قد تشاركك الطريق نحو نفس الهدف ولكن برؤى مختلفة.. لكن "كتلة معطلة" بحيث تقطع أى طريق لأى هدف.. المشهد الختامى كان صورة امتزج فيها رفع الحذاء باعتراض ورفض عنيفين عندما اقترح نائبنا "محمد أبو المجد نصار" الإشارة إلى اسم الشهيد المصرى على حدودنا مع غزة "أحمد شعبان" فى بيان للمجلس.. هذا الشهيد الذى أريق دمه برصاص من كنا نحسبهم أصدقاء.. لكن الأهم عند نواب الجماعة من دم هذا الشهيد، كان عدم المساس بحركة حماس.

ملخص أداء نواب الجماعة تحت القبة طوال الخمس السنوات السابقة كان الإصرار على رفض كل مشروع قانون.. بل كل مادة (وكل فقرة فى كل مادة) فى كل مشروع قانون دون أى مبررات منطقية.. نواب الحزب الوطنى وحكومته شرعوا قوانين لحفز الاقتصاد المصرى.. هم لم يوافق منهم أحد.. شرعنا قوانين لزيادة الأجور ورفع أسعار الطاقة على الصناعات الثقيلة.. هم لم يوافق منهم أحد.. جرمنا ختان الإناث، شرعنا للسماح بنقل الأعضاء لإنقاذ مرضانا.. هم أيضاً لم يوافق منهم أحد نوابنا ناقشوا، وعدلوا، ثم وافقوا على قانون يسمح بمشاركة القطاع الخاص فى مشروعات البنية الأساسية لكى تتخطى بلدنا سقف إنفاق الموازنة.. هم لم يوافق منهم أحد.. نحن من شرع لقانون الضرائب العقارية.. الذى يؤسس لعدالة اجتماعية تفرض سعر ضريبة أعلى على العقارات الأكثر قيمة.. هم لم يوافق منهم أحد.. بل برروا رفضهم بأنهم يريدون إعفاء المسكن الخاص بالرغم من أن 95% من المساكن الخاصة معفاة عملاً طبقاً للقانون.. المنازل الوحيدة التى يفرض القانون ضريبة عليها هى منازل المواطنين الأعلى دخلاً.. وكأن نواب الجماعة أصبحوا نواباً عن هؤلاء بالأساس.

أعرف أنه ليس هناك مشهد أكثر جاذبية لأى سياسى من ذلك الذى يجلس فيه داخل بلاتوه برنامج حوارى.. يعترض من خلاله على كل سياسة حكومية فى أى مجال يشاء.. سعيداً بما يلقاه ذلك من استحسان على وجه المشاهد أو حتى المحاور.. ويا حبذا لو تم تطعيم ذلك بشىء من خفه الدم المصرية المعهودة.. مع كل احترامى وتقديرى، إلا أن ذلك وحده غير كاف لتغيير أى سياسة للأفضل.. السياسات تتغير للأفضل بمقترحات عملية واقعية.. تفاصيلها الفنية التى تخاطب العقول أكثر من اللغوية التى تخاطب القلوب.. تكلفة تنفيذها تكون محددة قبل ذكر مزاياها.. فلا أسهل من سرد مزايا أى مقترح.. لا أصعب من حصر تكلفته، وإمكانية تنفيذه، وآثاره الجانبية.

مبرر آخر لاختلاف نظرة الناخب للجماعة هو إصرارهم على الدفع بمرشحين من غير أبناء الدوائر.. غرباء عنها.. الانبهار المفترض بأفكارهم سمح لهم بالنجاح فى ذلك فى انتخابات 2005. ما حدث فى دائرة بندر المنيا مثل جلى على ذلك.. دفعوا فيها بالنائب المحترم الدكتور "محمد سعد الكتاتنى" المنتمى لأسرة سوهاجية جرجاوية عريقة.. فى 2010 المجتمع كان قد فطن إلى أن هؤلاء النواب ما هم إلا غرباء عنهم.. غير مدركين لأحوالهم.. فرفضوا هذه الفكرة.. رفضوها أيضاً فى دائرة البدرشين بمحافظة 6 أكتوبر.. حيث دفعت الجماعة فيها بمرشحها المهندس "رزق حواس" الذى كان غائباً عن الدائرة لمدة 20 سنة عمل خلالها فى المملكة العربية السعودية.. الحزب الوطنى فى المقابل خاض الانتخابات فى هذه الدائرة بمرشحين هما: "شريف عنانى"، والدكتور "خليل لمعى".. مرشح الجماعة تواجد فى الدائرة قبل الانتخابات بسبعة شهور.. مرشحانا نائبان عنها منذ عام 2005.

أيضاً فى دائرة مركز شرطة الفيوم، بمحافظة الفيوم.. خاضت الجماعة بمرشح قضى العشرين عاماً السابقة بين اليمن وقطر.. هو الأستاذ "محمد خليل عبد العاطى" الذى وصل الفيوم قبل الانتخابات بشهرين وعمل فيها فعلياً قبل الانتخابات بشهر.. مرشح الحزب الوطنى الذى فاز هو "عمرو أبو السعود".. هو نائبنا عن تلك الدائرة منذ 2005.. مرشحنا الآخر "محمود مسعود" متواجد فى الدائرة ويستعد لخوض الانتخابات فيها منذ أكثر من أربعة أعوام.

كل هذه التصرفات جلت الانبهار بالجماعة الذى شاهدناه فى 2005 يخفت.. جعلت المجتمع يشعر بأن مصر التى فى خاطرهم، ليست هى مصر التى فى خاطر كل منا.. حقاً نحن مجتمع متدين لكننا فى نفس الوقت مجتمع يعاقب من يتظاهر بالتدين وتأتى أفعاله على عكس أقواله.. فى عدد كبير من الدوائر فى الانتخابات الماضية كان التصويت فى جزء منه تصويتاً عقابياً من المواطن ضد من تاجر بالدين على مدار 5 سنوات.

ثانيا: المتغير الثانى هو استيعاب الحزب الوطنى لاستراتيجية التحالفات الانتخابية فى الدوائر.. رد فعلنا تمثل فى الدفع بترشيحات متعددة للحزب على المقعد الواحد.. استراتيجية أحد الأغراض الرئيسية منها كان تكتيل الكتلة التصويتية المؤيدة للحزب فى الدائرة الواحدة فى الجولة الأولى.. تكتيل يمنع فى أغلب الدوائر فوز أى مرشح من الجولة الأولى، على رأسهم مرشح الجماعة.. يمنع فى نفس الوقت نشأة تحالفات، تكون فى أغلب الوقت لا إرادية ودون استيعاب كامل، بين مرشحى الجماعة وأعضاء الحزب الخائضين للانتخابات، لأنه- أولاً- أوجد مرشحا للحزب ممثلا لكل مركز ثقل انتخابى بالدائرة الواحدة، وبالتالى سمحت لتحالفات مرشحى الحزب أن تكون وطنى ـ وطنى، دون أن يكون أحد طرفيها أى مرشح خارجى.. وثانياً: لأنه احتوى عددا كبيرا من أعضاء الحزب الراغبين فى خوض الانتخابات بصورة أزالت أى رغبة فى تعبئة الناخبين ضد الحزب.. سواء فى الجولة الأولى أو فى جولة الإعادة.

أمثلة كثيرة تؤكد كيف أن القوة التصويتية "المجمعة" لمرشحى الوطنى جعلت من المستحيل على مرشحى الجماعة تحقيق الفوز من الجولة الأولى:
- فى دائرة شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية.. كان من الصعب على نائب الجماعة "محمد البلتاجى" أن يحصل على غالبية الأصوات فى الجولة الأولى فى مواجهة مرشحى الحزب "مجاهد نصار" و"هانى توفيق".. حصل مرشحانا الاثنان فى هذه الجولة على 26434 صوتا مقابل 9798 صوتا للنائب السابق "محمد البلتاجى".. هذه الأصوات كنا مستعدين لتوجيهها كلها مرة أخرى فى الإعادة لتقف خلف مرشحنا "مجاهد نصار" الذى كان يواجه "محمد البلتاجى" فى الإعادة.
- فى دائرة قسم شرطة كفر الشيخ بمحافظة كفر الشيخ.. ما كان من الممكن أبداً لمرشح الجماعة الأستاذ "عبد الله مصباح" أن يحصل على 50% +1 من الأصوات فى الجولة الأولى فى مواجهة مرشحى الحزب "أشرف عبد الونيس" و"أشرف صحصاح" اللذين حصلا على 28413 صوتا مقابل 7807 أصوات لـ"عبد الله مصباح".

- فى دائرة مركز شرطة بنى سويف بمحافظة بنى سويف.. مرشح الجماعة، الأستاذ "حمدى زهران" سقط فى فخ مرشحينا الثلاثة.. "أبو الخير عبد العليم"، "مجدى عبد الوهاب" وأسامة الجندى".. مرشحونا الثلاثة حصدوا مجتمعين 43546 صوتا فى مقابل 12707 أصوات لـ"حمدى زهران".

- فى دائرة مركز شرطة المنيا، بمحافظة المنيا.. رئيس كتلة الجماعة المحظورة الدكتور "سعد الكتاتنى" كان يواجه 3 مرشحين للحزب الوطنى.. "محمود مروان"، و"محمود خلف الله" و"شادى أبو العلا" مجموع أصوات مرشحينا كان 27770.. الدكتور "سعد الكتاتنى" حصل على 5565 صوتا.

لدينا أمثلة أخرى لحالات فضلنا فيها أن نواجه مرشحى الجماعة المحظورة بمرشحينا الأقوى منفردين، وإن اقتضى ذلك خوضهم الانتخابات على مقاعد غير مقاعدهم الأصلية فى نفس الدائرة.

فى دائرة قسم شرطة الضواحى بمحافظة بورسعيد، خاض نائبنا "الحسينى أبو قمر"، نائب الدائرة على مقعد العمال فى دورة 2005، الانتخابات على مقعد الفئات، ليواجه الدكتور "أكرم الشاعر" النائب المحترم السابق للجماعة، على الرغم من أن "الحسينى أبو قمر" كان على الأرجح سيخوض نزهة انتخابية إذا ما خاض الانتخابات على مقعده الأصلى، إلا أننا فضلنا مواجهة الجماعة بأقوى مرشحينا .. "الحسينى" خاض معركة شرسة على مقعد الفئات، لكنه كان أهلاً لها.. أى شخص على صلة بالشارع البورسعيدى يعرف تماماً أن هذه الأرقام تعبر عن الشعبية الحقيقية لـ"الحسينى أبو قمر".. "الحسينى" ينتمى لقسم الجنوب الذى له كثافة تصويتية مرتفعة.. فى الوقت نفسه لا ننسى أن الحزب قد دفع على مقعد العمال بمرشحين اثنين من قسم العرب الذى له قوة تصويتية أكبر.. لم يتبق للدكتور "أكرم الشاعر" سوى أصوات قسم الضواحى (الذى ينتمى له)، وهو القسم ذو القوة التصويتية الأضعف فى الدائرة بأكملها.. لا مجال لأى حديث آخر لتفسير نتيجة انتخابات تلك الدائرة.

الحال لم تختلف فى دوائر أخرى كثيرة تم فيها تطبيق نفس التكتيك الانتخابى.. منها دائرة قسم شرطة الأربعين بمحافظة السويس، التى قرر فيها نائبنا "جلال مازن" خوض الانتخابات على مقعد الفئات بدلاً من مقعد العمال لمواجهة مرشح الجماعة "عباس عبد العزيز"، حيث حسم المقعد للحزب بـ31764 صوتا فى مقابل 1909 أصوات لمرشح الجماعة.. منها أيضاً دائرة كفر الزيات بمحافظة الغربية، حيث خاض نائبنا اللواء "أمين راضى" الانتخابات على مقعد العمال/ الفلاحين لكى يواجه مرشح الجماعة "حسنين الشورة"، وحسم بالفعل المقعد لصالحنا بـ 59664 صوتا فى مقابل 21326 صوتا.

بناءً على هذا المدخل الذى اتبعناه فى تكتيل قوتنا التصويتية ضد مرشحى الجماعة، ومواجهتهم بأقوى مرشحينا.. توقُعنا الذى استقر عليه الحزب قبيل الجولة الأولى للانتخابات بما يقرب من أسبوع كامل كان أن الجماعة ستحصد ما بين 12-13 مقعدا من جولة الإعادة.. نتائج الجولة الأولى بالنسبة لمرشحى الجماعة سارت فى نفس الاتجاه.. مرشحو الجماعة كانوا طرفا فى الإعادة على 27 مقعدا.. أغلب الظن أنهم كانوا سيتمكنون من حصد ما بين 12 – 13 مقعدا من جولة الإعادة.. نتائج الجولة الأولى بالنسبة لمرشحى الجماعة سارت فى نفس الاتجاه... مرشحو الجماعة كانوا طرفا فى الإعادة على 27 مقعدا.. أغلب الظن أنهم سيتمكنون من حصد ما بين 12-13 منهم.. تقديرنا أن الجماعة توصلت إلى نفس النتيجة.. هذا هو ما دفعها للانسحاب بعد الجولة الأولى.. كمحاولة لإيجاد مخرج لانخفاض كبير فى تمثيلها عن برلمان 2005.. انخفاض عوامله دارت رحاها قبل الانتخابات بفترة طويلة وليس يوم الانتخابات.

ثالثا: حزب الوفد فى انتخابات 2010:
حزب الوفد حزب عريق، ارتبط اسمه بفترة نضال وطنى فى تاريخ وطننا، حزب الوفد الذى خاض انتخابات 2010 فى المقابل ارتكب خطأ محوريا فى حملته الانتخابية، كون تصورا خاطئا لشعبية مرشحيه، فيه تضخيم أكثر من الواقع بكثير، تصور أن زيادة وجوده الإعلامى مؤخرا يعنى بالضرورة شعبية لمرشحيه فى الدوائر، الواقع أن الشعبية الحقيقية للعدد الأكبر من مرشحى حزب الوفد كانت ضعيفة، هذا ما تأكدنا منه من خلال موجات متتالية من استطلاعات رأى، أجريناها على المقاعد التى ترشح عليها مرشحون لحزب الوفد.

منذ عام 2005، أجرى الحزب الوطنى حوالى 10 جولات من استطلاعات الرأى، شملت أغلبها جميع دوائر مصر، تحليلها أظهر لنا حقيقتين: الأولى أنه من الصعب على أى مرشح الفوز بمقعد البرلمان إذا لم تتعد شعبيته فى الدائرة نسبة الـ50% قبل الانتخابات، الثانية هى أن أى مرشح تترواح شعبيته بين 20-30% يكون فوزه بالمقعد صعبا جدا من الجولة الأولى، إذا قمنا بترتيب مرشحى الحزب الوفد تنازليا طبقا للشعبية، نجد 4 مرشحين منهم فقط شعبيتهم تجاوزت الـ20% فى الاستطلاعات قبل الانتخابات أكثرهم شعبية كان حاصلا على 39%.. المرشحون الثلاثة الآخرون نسب تأييدهم فى الاستطلاعات كانت 34.8%، 32.9%، ثم 25.4% بالترتيب، كل من يلى هؤلاء حتى المرشح رقم 17، حصل على نسب تأييد من 18% حتى 10%، 12 مرشح فقط حصلوا على نسبة تراوحت بين 9.9% و1%، كل المرشحين المتبقيين، أى 130 مرشحا، حصلوا على نسب تأييد أقل من 1%.

قد يكون د. سيد البدوى، لم تكن نيته الدفع بهذا العدد الكبير من هؤلاء المرشحين الذين كانت فرصهم محدودة جدا فى الدوائر، إلا أنه وجد نفسه أمام تيار هائل من راغبى الترشيح على قائمة الوفد، تيار تزامن مع تزايد تواجد الوفد الإعلامى فى صيف 2010، بصورة جعلت من الصعب عليه رفض ترشيحهم وإلا ظهر وكأنه يغلق باب الوفد أمام مؤيديه انتقل الآن إلى قرار الوفد بالانسحاب، صرح حزب الوفد أنه انسحب بعد الجولة الأولى لأن مرشحيه خسروا بسبب تجاوزات العملية الانتخابية، ردى على ذلك فى ثلاث نقاط رئيسية.




عز حمل "نجوم الوفد" مسئولية خسارة غالبية مرشحيه فى انتخابات 2010
أولا: السؤال الأول الذى أحب أن أوجهه لحزب الوفد عند سماعى لهذا الحديث هو: "من هو مرشح الوفد- وفى أى دائرة- الذى كان من المفترض أن ينجح من الجولة الأولى، ولم ينجح بسبب تجاوزات؟" توقعاتنا كان تؤكد أن هناك حوالى 7 أو 8 مرشحين للوفد قد يفوزون فى تلك الانتخابات، معظمهم من الجولة الثانية... لكن الحقيقة أن الطريقة التى أدار بها حزب الوفد ومرشحوه من "النجوم" تلك الانتخابات هى السبب فى نتيجتها.




عز كان يتوقع زيادة فرص لكح لو كان ترشح فى الظاهر
- رامى لكح: النائب السابق المحترم عن دائرة الظاهر، سياسى خاض انتخابات برلمانية سابقة، توقعاتنا كانت أنه سيخوض معركة انتخابية قوية فى دائرة الظاهر فى مواجهة خالد الأسيوطى، كانت غالباً ستنتهى لصالح خالد الأسيوطى بفارق صغير، لكنه فاجأنا بقرار خوض الانتخابات فى دائرة شبرا بدلاً من الظاهر قبل الانتخابات بأسبوعين، أى منطق يقول بأن أى مرشح يستطيع أن يفوز بانتخابات فى دائرة لا تتعدى علاقته بها أسبوعين؟!

- طاهر أبو زيد: النجم الكروى اللامع صاحب الجاذبية الكبيرة فى برامجه الرياضية، مرشح الوفد عن دائرة الساحل، أول يوم ظهر فيه فى تلك الدائرة كان 8 أكتوبر 2010، فى شياخة منية السيرج، أى قبل الانتخابات بشهر وعشرين يوم فقط.. هل يعقل أن يستطيع هزيمة مرشحنا "على رضوان" نائب الشورى السابق عن الدائرة حتى 1998، ثم نائب الشعب عن نفس الدائرة فى دورة 2000 – 2005؟.

- النائب الوفدى السابق والسياسى الذى نكن له كل الاحترام، لأنه من وجهة نظرنا من نواب الوفد الذين كان لهم دور متميز فى الدورات السابقة للبرلمان "منير فخرى عبد النور".. له تصريح مسجل فى أحد البرامج الحوارية، يوم 1 نوفمبر 2010، أى قبل فتح باب الترشيح للانتخابات بيومين، يقول فيه إنه لا يعرف عن أية دائرة سوف يخوض الانتخابات.

- مرشحة الوفد فى باب الشعرية، الفنانة "سميرة أحمد"، كانت تخوض الانتخابات بأجندة مزدوجة.. كانت تقوم بحملتها الانتخابية فى الدائرة، والتى بدأتها متأخرة أيضاً، بهدف تصويرها واستخدامها كمشاهد فى المسلسل الذى تقوم بالإعداد له وبإنتاجه، والذى يحمل عنوان "سيدة فى البرلمان" من إخراج رباب حسين بل إنه فى إحدى جولاتها الانتخابية رافقها الفنان الكبير الأستاذ "محمود ياسين" والفنانة "رانيا فريد شوقى" اللذان يشاركان بطولة نفس المسلسل حيث تم تصوير بعض مشاهد المسلسل بصورة حية، استفادة من "المشهد الانتخابى الواقعى" كل هؤلاء نجوم نعتز بهم ونقدرهم جم التقدير وقد تكون لهم شعبية غير قليلة فى منطقة باب الشعرية بالذات، لكن من قال إن الانتخابات تدار بهذا الشكل؟

فى المقابل كان مرشحنا "سعيد عبد الخالق"، عضو نقابة محامى مصر، ابن باب الشعرية الذى ولد ونشأ ويعمل بها، يستعد لتلك الانتخابات منذ ما يقرب من أربع سنوات.

إذا كان خوض الانتخابات، والنجاح فيها، بهذه السهولة، فما الحاجة لأى نائب للتحرك فى دائرته على مدار سنوات استعدادا لخوض الانتخابات؟ لماذا يبذل أى تنظيم حزبى فى العالم أى مجهود لمساندة مرشحيه لأشهر، بل سنوات، سابقة عن الانتخابات إذا كانت تحركات الشهر الأخير كافية؟ لو كانت الانتخابات بهذه السهولة، لكانت الأمانة العامة للحزب الوطنى اتخذت قرارا بحل التنظيم الحزبى توفيرا للجهد وساعات العمل الطويلة.

ثانيا: يذكر حزب الوفد أنه تكبد خسائر فى الجولة الأولى بسبب تجاوزات فى العملية الانتخابية، بالرغم من أنه، وفقا لأى معيار حسابى، لا يمكن القول بأن حزب الوفد حقق خسائر انتخابية فى انتخابات 2010 فمستوى تمثيل الوفد فى مجلس الشعب طوال العشرين عاما الماضية بما فيها انتخابات 2010 ثابت إلى حد كبير، التحليل الرقمى لحجم الهيئة البرلمانية للوفد على مدار الـ 4 مجالس السابقة يعزز ذلك.. فى انتخابات 1995 حصل حزب الوفد على 6 مقاعد فى انتخابات 2000 حصل على 5 مقاعد فى انتخابات 2005 حصل على 6 مقاعد فى انتخابات 2010 نفس مستوى التمثيل التاريخى للوفد ظل كما هو تقريبا، حيث حصل على 6 مقاعد، فوفقا لمعيار عدد المقاعد لم يشهد الوفد خسارة فى انتخابات 2010.

قد يذهب البعض إلى أن حزب الوفد ربما كانت فرصته أقوى فى انتخابات هذا العام بحكم أنه- كما ذكر عدد من قياداته قبيل الانتخابات- استطاع تكتيل عدد أكبر من المرشحين.. الواقع أنه لا يوجد تغيير جوهرى فى عدد مرشحى الوفد الذى تقدموا لخوض الانتخابات هذا العام بالصورة التى تنبئ بحدوث طفرة فى عدد المقاعد التى قد يحصدها، فعدد مرشحى الوفد فى انتخابات 2010 كان 195 لا يختلف كثيرا عن عدد الـ150 مرشحا الذين تقدم بهم فى انتخابات 2005 ولم يفلح عندئذ إلا فى الفوز بـ6 مقاعد أيضا.

ثالثا: نأتى إلى حديث الوفد عن تجاوزات الجولة الأولى، حيث صرح د.سيد البدوى أن سبب اتخاذه قرار الانسحاب من جولة الإعادة هو التجاوزات الانتخابية للجولة الأولى.. المفارقة هى أنه قبل هذا القرار بأقل من 48 ساعة وبعد انتهاء التصويت فى الجولة الأولى د. سيد البدوى له تصريح رسمى ومسجل فى جميع وسائل الإعلام يؤكد فيه أن "ما حدث من تجاوزات لا يبرر الانسحاب" إذن فحجم تجاوزات الجولة الأولى لا يمكن أن يكون المبرر الرئيسى لقرار الانسحاب، لأنه لا جديد حدث على هذا الصعيد بين تصريح رئيس الوفد الأول والثانى.

السبب الرئيسى للانسحاب هو الضغوط الهائلة التى يتعرض لها رئيس الحزب بعد الجولة الأولى من قبل مرشحى الوفد الذين خسروا فى هذه الجولة، نحن نقدر قيادة د.سيد البدوى لحزب الوفد، فقد تولى منصبه بعد فترة كان فيها الحزب لقرابة 8 سنوات فى أزمات داخلية عنيفة، حقا بدأ فى تنظيم صفوف الحزب، إلا أنه خاض هذه الانتخابات وهو يواجه صراعات كثيرة وأجنحة مختلفة داخل الحزب، وهو أمر مفهوم بعد فترة عدم الاستقرار الطويل التى مر بها الحزب، نتائج الجولة الأولى أعلنت على هذه الخلفية، وضعت د. سيد البدوى فى موقف لا يحسد عليه، وجد نفسه أمام تيار كبير من مرشحى الحزب الذين خسروا الجولة الأولى، مطالبين بعدم خوض أى مرشح للوفد لجولة الإعادة كرد فعل عصبى على هزيمتهم، بالرغم من أن مرشحى الوفد الأقوى نسبيا هم من كانوا أطرافا فى جولة الإعادة، من هنا كان قرار الانسحاب هو القرار الوحيد أمام د.سيد البدوى، حتى لو لم يكن هو شخصيا راضيا عنه، فما نعرفه عن د.سيد البدوى أن حساباته دقيقة وأنه يدرك تماما أن المقاعد الـ6 التى حصدها الوفد فى جولة الإعادة مكسب للوفد.

رابعا: كلمة أخيرة بشأن ما شهدته بعض الدوائر من تجاوزات:
عملية الاقتراع شهدت تجاوزات وخروجا عن الانضباط فى عدد من الدوائر، تجاوزات ضد مرشحى الحزب وضد مرشحين آخرين، ولعل أبلغ ما يصف ما حدث من تجاوزات، وأثره على الانتخابات هو ما جاء فى خطاب الرئيس مبارك أمام الهيئة البرلمانية للحزب يوم 12 ديسمبر الحالى والذى جاء فيه:
إن ما شهدته الانتخابات من تجاوزات، جاء ليعكس سلوكيات سلبية ومرفوضة من بعض المرشحين ومؤيديهم، نسعى جاهدين لتغييرها إلى الأفضل، سلوكيا ندينها، حاولت الافتئات على إرادة الناخبين، باستخدام المال، واللجوء للعنف والترهيب، سلوكيا ت وتجاوزات تعاملت معها اللجنة العليا للانتخابات بدور مسئول ومحايد ومتوازن، كما تعاملت معها أجهزة الدولة بما يضمن سلامة الانتخابات والناخبين، وعلى أية حال، فإن هذه التجاوزات لا تنفى حقيقة أن الانتخابات قد تمت، وفى الغالب الأعم من الدوائر، بما يتفق مع صحيح القانون والإجراءات، وبعيدا عن العنف والانحراف والتجاوز.

فى هذا الإطار أريد أن أؤكد على عدد من الأمور:
أولا: مع أسفنا لحدوث مثل هذه التجاوزات، إلا أن رؤيتنا أنها لا تشكل الصورة العامة، الصورة العامة تعكس تنافسا انتخابيا قويا فى غالبية الدوائر، هناك الكثيرون ممن يسقطون، ما شهدته بعض اللجان من تجاوزات على دوائر الجمهورية الـ222، دون أن تكون لديهم أية آلية لتغطية الصورة العامة على مستوى الجمهورية، الجهة القادرة على رصد الصورة العامة هى اللجنة العليا للانتخابات، من خلال اتصالها دائما أكثر من 10 آلاف مقر انتخابى طوال ساعات التصويت، وفقا لتقرير هذه اللجنة فإن "التجاوزات لم تؤثر على سلامة ونزاهة النتائج" تضيف اللجنة فى تقريرها الذى أصدرته عقب الجولة الأولى أنها "ترفض رفضا قاطعا الادعاءات التى تزعم أن بعض محاولات التزوير التى حدثت وتصدت لها الجنة، كانت هى الطبع العام لهذه الجولة من الانتخابات".

ثانيا: أزعم أننا ربما كنا أكثر القوى المتنافسة فى الانتخابات التى بذلت جهدا قبيل الانتخابات لجعلها خطوة نحو تنافس أكثر شفافية ونزاهة، كافة توجيهاتنا لأعضائنا قبل الانتخابات كانت تدفع باتجاه الالتزام الكامل بالقوانين، الأمين العام للحزب السيد/ صفوت الشريف أكد فى أكثر من مناسبة أن الحزب يعمل من أجل ضمان نزاهة تلك الانتخابات وانضباطها، رسائلنا المتكررة لأعضائنا كان مضمونها واضحا، "وخسارة مقعد بشرف أكرم من الفوز دون حق"، ليس منا من يعبث بصندوق انتخابات، وليس منا من يفسد بطاقة اقتراع، عشية الانتخابات أرسلنا 6000 رسالة محمول لأمناء وحداتنا الحزبية على مستوى الجمهورية تؤكد هذا المضمون، قبلها بأسبوع أرسلت أمانة التنظيم رسالة صوت وصورة لأمين كل وحدة حزبية تشدد على نفس المعنى.

ثالثا: الانتخابات فى الدوائر التى شهدت تجاوزات ليست هى نموذج الانتخابات الذى نريده لمصر، ( بالمناسبة نفس نوعية هذه التجاوزات رصدناها أيضا فى بعض الدوائر فى انتخابات 2005) المعارضة، قبل أعضاء الحزب الوطنى، يعرفون أننا بذلنا جهودا فوق الجهد على مدار أشهر، بل سنوات، استعدادا لهذه الانتخابات، كل من قام بأى تجاوز فى الدوائر التى شهدت تجاوزات كأنه قد سرق من الحزب مجهود مضنى تم القيام به على مدارى خمس سنوات لم يضر الحزب شيئا أكثر ممن قام بأى تجاوز تحت اسمه.

رابعا: نشكر أعضاء اللجنة العليا للانتخابات على ما قاموا به للتأكد من أن هذه التجاوزات لا تؤثر على النتيجة النهائية، على المجتمع أن يعرف أن اكتشاف التجاوزات عن الفرز أمر غير صعب، ليس بكاميرات التليفونات المحمولة، ولكن بأسلوب أكثر قوة اتبعه القضاة أعضاء اللجنة العليا للانتخابات، باستبعاد الصناديق التى يكون بها إما نسبة مشاركة أعلى بكثير من المتوسط العام فى الصناديق الأخرى، أو الصناديق التى تكون كلها موجهة نحو مرشح واحد فى مركز ثقل مرشح آخر، المحصلة كانت استبعاد 1053 صندوقا من إجمالى حوالى 40 ألف صندوق عند إعلان النتيجة النهائية، نشكر اللجنة العليا للانتخابات على استبعادها أى صندوق به ولو شبهة ضعيفة لتجاوزات.

خامسا: هدف الحزب الوطنى فى أى انتخابات تحقيق الأغلبية، ليس إقصاء المعارضة نهائيا
المعارضة جزء من أى نظام يسعى نحو مزيد من الانفتاح السياسى، كلما أصبح فى مصر معارضة حزبية أكثر تنظيما وأكثر تواجدا فى الدوائر، كلما كان ذلك أفضل لمستقبل بلدنا، الحزب معارضة حزبية أكثر تنظيما وأكثر تواجدا فى الدوائر، كلما كان ذلك أفضل لمستقبل بلدنا، الحزب الوطنى يدرك ذلك، فى نفس الوقت، لا يمكن أن يكون الحزب الوطنى مطالبا أن يخلى دوائر لمرشحى المعارضة لكى يزيد تمثيلها، ليس فقط لأن مثل هذا القرار يعنى، عملا، حل التنظيم الحزبى فى هذه الدائرة لمدة 5 سنوات قادمة، ولكن لأن المعارضة التى يزداد تمثيلها البرلمانى، لأن حزب الأغلبية أخلى الطريق أمامها، ليست هى المعارضة التى يتصور أن تصب فى مصلحة مستقبل مصر.

فى نفس الوقت، يجب أن يتذكر الجميع أن الحزب الوطنى هو أيضا فقد عددا من قياداته الذين كانوا فى طليعة هيئته البرلمانية فى الدورة السابقة، والذى كان يأمل فى وجودهم فى الدورة، فقدنا 2 من أعضاء الأمانة العامة، السيد "أحمد منسى عياد" أمين الفلاحين، والدكتور" عمرو الحسينى"، فقدنا كذلك عددا من رؤساء اللجان منهم على سبيل المثال النائب السابق/ أحمد أبو طالب، رئيس لجنة الثقافة والإعلام والسياحة، والنائب ماهر الدربى، رئيس لجنة الإدارة المحلية والتنظيمات الشعبية، والدكتور/ شريف عمر، رئيس لجنة التعليم، والدكتور/ حمدى السيد، رئيس لجنة الصحة، والدكتور/ مصطفى السعيد، رئيس اللجنة الاقتصادية، فقدنا أيضا الأستاذ "إبراهيم الجوجرى" وكيل اللجنة التشريعية فى البرلمان السابق، والأستاذ "ياسر عمر" نائب أسيوط اللامع، وكذلك الأستاذة الدكتورة "منى الشحات"، مرشحتنا على مقعد المرأة بمحافظة قنا وأستاذة اللغة العربية، وغير ذلك الكثيرين ممن لا يتسع المجال لذكرهم، ولكن قدرهم لدى الحزب كبير.




نقيب الأطباء أحد أبرز كوادر الوطنى البرلمانية الغائبة عن برلمان 2010
وأضف إلى أننا لا نتعامل مع الدورة البرلمانية القادمة وكأنها بلا معارضة كما يقول البعض، أولا: لأن المعارضة الحزبية ممثلة فى المجلس الحالى بالفعل من خلال 16 مقعدا (بالمفارقة عدد مقاعد هذه المعارضة فى البرلمان السابق كان 14 مقعدا فقط)، ثانيا: لأن المعارضة غير الحزبية موجودة سواء تم تمثيلها داخل المجلس أم لا، وثالثا: لأن خبرة السنوات الماضية أكدت أن المعارضة فى الإعلام- التى هى لن تتوقف- تكون أحيانا أعلى صوتا من المعارضة تحت القبة.

بالنسبة للمجلس الحالى، لعلها فرصة لأن يثبت للمجتمع أن الرقابة العلمية والمنهجية والقوية، أن المساءلة الموضوعية والمستندة إلى حقائق ودلائل، قد تكون نموذجا يرسى منهجا جديدا للرقابة أكثر تأثيرا فى صنع السياسات العامة، لعلنا نقنع المواطن بأن هناك بالفعل وسيلة أفضل للجرائد أو المجلات، الرقابة الحقيقية تكون من خلال طرح أسئلة مهمة مستندة إلى بيانات صحيحة تقنع المسئول قبل من يقدم السؤال.. قد يكون طلب مناقشة عامة واحد من أعضائنا أكثر تأثيرا من 20 استجوابا للمعارضة.. هذه هى مسئولية الحزب الوطنى فى البرلمان الحالى.

لعل المجلس الحالى كذلك يبادر بالتعامل مع موضوعات مهمة، وأظهرتها الدورة البرلمانية السابقة، منها طرح إطار جديد لدور نائب الشعب، إطار يحقق توازنا مطلوبا بين التمثيل النيابى والاهتمام بمشكلات الدوائر الانتخابية، إطار يحد من الاعتقاد السائد بأن دور النائب هو تقديم الخدمات، إطار يسمح للنائب بخدمة أبناء دائرته دون تدخل مباشر لتوفير فرصة عمل فى هيئة حكومية أو الحصول على موافقة على طلب علاج على نفقة الدولة، فمثل هذا التدخل سلبياته أكثر من إيجابياته، قد يوفر خدمة ضرورية لمواطن واحد، لكنه يضر بمبدأ تكافؤ الفرص للآلاف.

لنتصور مثلا، كيف أن تبنى مشروع التأمين الصحى الشامل من شأنه تحييد دور النواب فى الحصول على موافقات لطلبات العلاج، ويؤسس فى نفس الوقت لمعايير العدالة والمساواة فى تقديم الخدمة، لنتصور كيف أن تعديل قانون الوظيفة العامة بحيث يصبح شغلها من خلال مسابقة شفافة وجادة من شأنه أن يعفى مؤسسيا النائب من مهمة التوظيف، بينما جعل معايير الحصول على هذه الوظيفة معروفة للكافة بدلا من أن يكون المعيار هو قدرة الشاب على الوصول لنائبه وقدرة هذا النائب على التدخل لتأمين هذه الوظيفة، دور النائب حينها يكون مراقبة تنفيذ هذا القانون، تعديله عند الحاجة لتطوير آلياته، دوره اللاحق يكون السعى لجذب استثمارات عامة وخاصة لدائرته بما يخلق فرص عمل، هذا هو دور النائب المنطقى فى التعامل مع مشكلة البطالة، ليس التدخل المباشر لتوظيف شاب أو أكثر، كل شهر أو اثنين.

من هذه الموضوعات الهامة أيضا، علاج مسألة التضارب بين المصالح الشخصية للنائب ودوره الرقابى والتشريعى تحت القبة، الأداة قد تكون صياغة تشريع يجبر كل نائب على الإفصاح عن ما يرتبط به من مصالح شخصية أو تجارية أو قانونية، هذا مبدأ متبع فى الكثير من دول العالم، الأصل هو أنه لا يوجد ما يمنع أن تكون للنائب مصالح شخصية، فى المقابل يكون واجبا على النائب الإفصاح عن كل هذه المصالح بالشكل الملائم وفى التوقيت الملائم، عندئذ يكون باقى أعضاء المجلس- والإعلام والمجتمع من بعدهم- فى موضع الرقيب والحكم فى مدى تأثير مصالح النائب الشخصية على توجهاته.

هذه الموضوعات وغيرها ربما تشكل اختبارا حقيقيا للبرلمان الجديد لإثبات نفسه، هدفنا أن يطرح هذا البرلمان نموذجا جديدا للعمل البرلمانى المنضبط، يكون محورا لحوارات ومناقشات تأخذنا لما هو أفضل لوطننا.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة