حافظ أبو سعدة

متى تتوقف حملة ذبح المنظمات غير الحكومية؟

الخميس، 12 يناير 2012 05:33 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كثير من المراقبين للوضع فى مصر، هالهم الحملة المنظمة التى استهدفت- ولا زالت تستهدف- منظمات حقوق الإنسان فى مصر، والاتهامات التى تصل إلى حد التخوين، هدفها إخراجهم من الصف الوطنى، إلى حد الاتهام بالعمالة،والحملة موجهة بالأساس للمنظمات المصرية غير الحكومية المستقلة، وقد جاءت على الهامش الاستهداف للمنظمات الدولية غير الحكومية حتى تعطى تبريراً منطقياً للحملة، وقد صاحب هذا مقولات لتخويف المواطنين من الدول وكأنها تريد أن تحتل مصر.
وقنبلة الدخان التى يتم إطلاقها لتغطى على هذه الحملة وأسبابها الحقيقية، كانت قضية التمويل الأجنبى، رغم أن القانون ينظم هذا التمويل، وهو يتم بموافقة وزارة التعاون الدولى أولاً التى تبرم الاتفاقيات الدولية للتعاون الدولى والتجمعات الدولية مثل الاتحاد الأوروبى، وثانياً موافقة وزارة التضامن.
ودليلى على ذلك هو انزعاج معالى الوزيرة فايزة أبو النجا، عندما تابعت جلسة الكونجرس الأمريكى، بشأن تخصيص مبالغ لمنظمات غير حكومية تعمل فى مصر. وهى بالطبع تتحدث عن منظمات أمريكية لها مكاتب فى مصر، وتعمل وفقاً لتفاهمات تمت فى مصر مع الإدارة الأمريكية، أما الحديث عن أن هذا التمويل كان تمويلاً سياسياً على أساس أنه نشاط دعم الديمقراطية، وأنه يعد نشاطاً سياسياً، فأنا أختلف مع معاليها فى ذلك، لأن الاتفاق مع الاتحاد الأوروبى بعنوان إتفاقية الشراكة المصرية الأوربية، نص فى المادة الثانية من الاتفاقية التى تم توقيعها، وصدق عليها مجلس الشعب فى عام 2002، «تقوم العلاقات بين الطرفين وكذلك كافة أحكام هذا الاتفاق على احترام المبادىء الديمقراطية وحقوق الإنسان الأساسية، كما هى مبينة فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان».
أما البند الأهم وهو جاء فى الخطة التنفيذية رقم 20101، وعنوانه «تحسين الحوار السياسى والإصلاح»، وفى عنوان آخر موضوع الديمقراطية وسيادة القانون الذى ينص على الموضوعات الآتية: تشجيع المشاركة فى الحياة السياسية، تبادل التجارب فى مجال الانتخابات العامة، دعم مؤسسات المجتمع المدنى وتحسين قدرته فى العملية الديمقراطية والعملية السياسية، ومواصلة تقوية وضمان استقلال القضاء. وتم تخصيص منح منذ عام 2007 إلى 2010 تضمنت أنشطة كثيرة، منها تحديث الصناعة المصرية، وتطوير النظام البنكى، والأهم هو تخصيص عدد من المبالغ للإصلاحات فى مجالات الديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة.
ويمكن بالطبع الرجوع إلى نصوص الاتفاقية، وهى منشورة باللغة العربية على صفحة وزارة التجارة والصناعة ووزارة الخارجية، هذا يؤكد أن دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان والحكم الجيد فى وجهة نظر الحكومة المصرية، ليس شأنا داخلياً، أو أمراً سياسياً محظورا، لذلك وقعت اتفاقيات دولية فى هذا الشأن مع الاتحاد الأوروبى، وكذلك هيئة المعونة الأمريكية، وللأمانة كان هناك اختلاف بين الحكومة المصرية والحكومات الأجنبية فى تعريف منظمات المجتمع المدنى، كانت الحكومة تتبنى تعريف أنها تلك المسجلة فى وزارة التضامن فقط، أما المسجلة فى وزارة العدل أو نقابة المحامين فكانت لا تعترف بهم.
الخلاصة تقول أن هذه الحملة ليست بسبب العمل السياسى، أو التمويل أو التدخل فى الشؤون الداخلية، وإنما هى حملة ضد المؤسسات التى تهتم بقضايا حقوق الإنسان والديمقراطية، ودولة سيادة القانون، وبشكل واضح حملة إقصاء المجتمع المدنى.
وهى ليست المرة الأولى التى تتم، وإنما ومنذ تاريخ نشأة المنظمة المصرية لحقوق الإنسان عام 1985، وقبل أن تحصل المنظمة على أى تمويل قبل الاتهام، ورفض الترخيص للمنظمة إنطلاقاً من رفض أى رقابة على أداء الحكومة فى مجال حقوق الإنسان، وتوفير أى شكل من أشكال الحماية للحقوق والحريات، فدلالة إقصاء منظمات حقوق الإنسان، تعنى الاستعداد لحملات منظمة، لانتهاك حقوق الإنسان، لذلك أعتقد أنه لتغيير هذه الوضعية التى تتناقض مع التزامات مصر الدولية، يجب العمل على تعزيز دور منظمات حقوق الإنسان عبر تغيير القانون لكى تتم إزالة القيود كافة، وهذا يتطلب أن تعلن الحكومة، وأن تجدد إلتزامها بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، ومنها الاعتراف بدور منظمات حقوق الإنسان، وليس الإقصاء والإبعاد. فمتى تتوقف حملة ذبح المنظمات غير الحكومية؟








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة