حافظ أبو سعدة

الجبهة الدستورية المصرية.. لماذا الآن؟

الخميس، 04 أكتوبر 2012 12:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يتزايد الصراع فى الآونة الحالية داخل الجمعية التأسيسية للدستور وخارجها- فاقدة الشرعية بعد حل البرلمان – بين التيارات الدينية والليبرالية، ففى حين تصر الأولى على أن الأمور تسير على ما يرام، بل تصر أيضاً على كتابة الدستور حتى لو صدر حكم بحل التأسيسية، مقابل ذلك تتوالى تهديدات ممثلى التيار الليبرالى بالانسحاب من الجمعية، وذلك فى ظل هيمنة الإسلاميين على أعمالها- حيث تتجاوز نسبتهم %50 من مجموع أعضاء الجمعية– مما ينعكس بالطبع على كتابة الدستور، ويضاف إلى ذلك اعتراف المستشار حسام الغريانى، رئيس الجمعية التأسيسية للدستور خلال الجلسة العامة للتصويت على مصير مجلس الشورى بقوله «إن الجمعية تمر بمرحلة عصيبة لأن الهجوم يزداد عليها»، محذرا من تزايد الخلافات بين الأعضاء حول مواد الدستور، فى حين تنفى جماعة الإخوان المسلمين، وجود انسحابات من «التأسيسية»!!

فى حقيقة الأمر، وثيقة الدستور يجب أن تكون متزنة، ولا يجب أن تكون ذات لون معين أو تختلف عن رأى بقية المصريين، بل يجب أن يكون هدفها هو إعلاء المصلحة الوطنية، فالدستور لا يكون دستورا إلا إذا عبر عن جميع أطياف المجتمع وثقافته، ووسط هذه المخاوف المشروعة من محاولة تيار سياسى بعينه السيطرة على أعمال الجمعية التأسيسية للدستور ليخرج دستور لا يعبر عن شعب مصر، وقد تبين ذلك من مخرجات الجمعية، وفيما يخص مختلف أبواب الدستور، بل قد جاءت الصياغات الأولية لبعض الأبواب «باب الحقوق والحريات العامة على سبيل المثال» دون المستوى المطلوب، ولا تنسجم مع آمال وتطلعات الشعب المصرى.

وفى ضوء ما سبق، وباعتبار الدستور قضية مصر الأساسية، بادرت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان بتأسيس ما يسمى بـ«الجبهة الدستورية المصرية» وذلك بغية صياغة دستور ديمقراطى جديد يعبر عن جميع المصريين بمختلف طبقاتهم وفئاتهم شباباً ورجالاً ونساء، مسلمين وأقباطا، وذلك وسط مشاركة لفيف من نشطاء حقوق الإنسان وبعض ممثلى القوى السياسية والمجتمعية وأساتذة القانون والعلوم السياسية وشخصيات عامة وقضاة وإعلاميين وصحفيين، وهذه ليست المرة الأولى التى تبنى فيها المنظمة المصرية تحالفا دستوريا، فقد فعلت ذلك من قبل عام 2004 عندما شكلت «المنبر الدستورى المصرى» الذى نجح فى دفع النظام السابق لإدخال تعديلات جوهرية على دستور71.

ويؤكد المؤسسون فى بيانهم التأسيسى للجبهة الدستورية المصرية أن مصر تستحق دستورا جديدا يليق بها، وبشعبها الذى أثار إعجاب العالم بثورته وبقدرته على التغيير، ويحافظ هذا الدستور على مكتسبات الثورة وينميها لا أن يعوقها ويرجعنا ثانية للوراء حيث الاستبداد والفساد، ويحترم حقوق الإنسان، وينهض بأوضاع الديمقراطية ويرسخ لبناء دولة سيادة القانون والمواطنة، ويحقق الفصل والتوازن بين السلطات، ويضمن استقلالية السلطة القضائية، ويحد من الصلاحيات الواسعة لرئيس الجمهورية، ويوفر الحق فى تداول المعلومات، ويحترم حقوق المرأة والحق فى حرية الإعلام والصحافة، والحق فى التظاهر السلمى، هذا بخلاف حماية وتعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، على أن يصاحب سن دستور جديد لمصر الثورة إدخال تعديلات على القوانين المنظمة للحياة السياسية، وإلغاء القوانين المقيدة للحقوق والحريات، بمعنى آخر سن منظومة تشريعية جديدة تتوافق مع نصوص الدستور الجديد، وتتمثل المرجعية الأساسية لهذا الدستور فى المواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان، والدساتير المصرية السابقة منذ عام 1923 وحتى الآن، والأطروحات المختلفة للدستور من قبل منظمات المجتمع المدنى والأحزاب السياسية، والتجارب الدولية والإقليمية الدستورية الناجحة، وفى هذا الإطار، تدعو الجبهة الدستورية المصرية جميع المهتمين والمعنيين بالدستور من مختلف محافظات مصر للانضمام للجبهة والمشاركة فى فعالياتها المستقبلية، بغية صياغة دستور يحظى بالتوافق الوطنى، وذلك انتصارا لثورة 25 يناير ولأرواح شهدائها الذين دفعوا حياتهم ثمنا لإسقاط دستور1971، فلا «ثورة» بلا دستور لجميع المصريين لا لحزبى الحرية والعدالة والنور فحسب، فهذه قضيتنا المصيرية فى الوقت الراهن.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة