نادر الشرقاوى

بلاها سياسة وخليها اقتصاد

الأربعاء، 26 ديسمبر 2012 07:18 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أقضى هذه الأيام محاولا فهم الوضع الاقتصادى لمصر، خاصة بعد سؤال العديد من أصدقائى وقرائى عن رأيى فيما يحدث سياسيا، خاصة بعد تمرير الدستور وبصرف النظر عن كم الانتهاكات غير العادية التى شابت عملية الاستفتاء والادعاء من البعض أن هذا الدستور سيجلب الاستقرار.

طبعا أنا لست بخبير بعلم الاقتصاد لكنى أتناوله كمحلل من خلال قراءاتى لتقارير محلية ودولية مع الأخذ فى الاعتبار آراء قامات اقتصادية، على رأسها الدكتور حازم الببلاوى الخبير الاقتصادى والمالى العالمى.

بصرف النظر عن آرائى السياسية التى لا تعجب البعض، فإن ما سأطرحه فى الكلمات التالية ما هو إلا حقائق مجردة عن وضعنا الاقتصادى الحالى وما ينتظرنا فى المستقبل.
دعونا أولا نبرز بعض الحقائق عن الاقتصاد المصرى حتى عام 2010 أى العام السابق لثورة يناير المجيدة.

كان الاقتصاد المصرى حتى عام 2010 هو ثانى أكبر اقتصاد عربى بعد المملكة العربية السعودية وثانى اقتصاد أفريقى بعد جنوب أفريقيا بناتج محلى سنوى حوالى نصف تريليون دولارا وحسب تقارير دولية أصبح الاقتصاد المصرى له القدرة على امتصاص الصدمات نظرا لتنوع مصادره فاعتمدت مصر على قطاعات الزراعة والصناعة والسياحة والإنتاج الإعلامى والثقافى والخدمات بجانب دخل قناة السويس وتحويلات المصريين بالخارج، وبذلك حققت مصر نموا اقتصاديا عاليا.

سيسألنى البعض ولماذا قام المصريون بثورة إذا كان لديهم كل هذه الإنجازات؟
الإجابة ببساطة شديدة أنه مع كل هذا الإنجاز كان دخل الفرد المصرى منخفضا جدا بسبب عدد السكان الهائل ثم يأتى السبب الأهم وهو مشكلة توزيع الدخل فكان الجزء الأكبر من الاقتصاد تملكه أقلية صغيرة أما أغلبية الشعب كان بالكاد يعيش على حد الكفاف أو أقل، وهذا الفساد فى توزيع الدخل أخل بمعادلة العدالة الاجتماعية مع تحويل مصر لدولة بوليسية كان فيها دور أجهزة الأمن هو الحفاظ على أمن النظام والحاكم ثم ظهر مشروع التوريث الذى أشعل نار غضب الشعب والجيش معا، وأخيرا خنق النظام نفسه بنفسه عندما تم تزوير انتخابات الشعب 2010 بشكل، فأجر وكانت هذه القشة التى قسمت ظهر البعير وقد أصبحت لاحقا فتيل الثورة.

وماذا عن الوضع الاقتصادى الحالى؟
إن التقارير التى بين يدى تقول إننا على شفا الهاوية، ولم نسقط بعد ولم ندخل فى حالة الإفلاس بعد، دعونا أولا نقسم دخل الدولة إلى قسمين قسم بالجنيه المصرى، والآخر بالدولار والعملات الأجنبية الأخرى.

تجمع الدولة دخلها من الجنيه من مصادر محددة منها الضرائب بأنواعها والرسوم والدمغات والخدمات مثل السكك الحديدية والكهرباء والموانئ، وتستخدم الدولة هذا الدخل لدفع مرتبات الموظفين، وأصحاب المعاشات مع التزامها بخدمات التعليم والصحة وغيره ويبدو أن الدولة عاجزة عن الالتزام بتوفير الخدمات السابقة بشكل مرضٍ، نظرا لأن حجم مصروفاتها أكبر بكثير من حجم ما تحصله والدليل هو الدين الداخلى للحكومة الذى بلغ أكثر من 1200 مليار جنيه.

أما دخل الدولار والعملات العالمية فتجمعه الدولة من السياحة وقناة السويس والتصدير وتحويلات المصريين بالخارج والاستثمارات الأجنبية المباشرة، والجدير بالذكر أن هذا الدخل مهم لدفع فاتورة دعم السلع كالقمح الذى نستورد معظمه والسولار والبنزين وغيره ثم يضاف عليهم خدمات الديون الخارجية.

ماذا حدث لدخل الدولار؟

انخفض تماما بعد الثورة ثم بدأ بالانهيار بعد القرارات السياسية العجيبة التى قامت بها الرئاسة مؤخرا، وأدت إلى حالة الانقسام السياسى الرهيب وعليه انهار قطاع السياحة وتوقف التصدير، نظرا لتوقف الصناعة وأوقف المصريون بالخارج تحويلاتهم نظرا لعدم ثقتهم فى البنوك فى هذا الوضع المتأزم وهرب الاستثمار الأجنبى المباشر إلى دول أخرى ولن يأتى جديد فى هذه الظروف، ولم يبقى إلا قناة السويس التى لا يكفى دخلها للاعتماد عليه وحده.
لذلك نجد طوابير السولار والبنزين وقد نجد طوابير الخبز لكن بشكل مخيف بمجرد عجز الحكومة عن شراء القمح من الدول المصدرة، وبمجرد انتهاء المخزون الذى لا أعرف حقيقة كمياته والتى لن تزيد عن ثلاثة شهور بأى حال لن تجد الحكومة بدا إلا رفع الضرائب وإلغاء الدعم أو بعض منه لكن المشكلة الحقيقية ستكون عندما يصبح الجنيه لا قيمة له أمام العملات الأخرى ويزداد التضخم ولا نجد سلع لشرائها فى الأسواق، أى ستجد معك سيولة نقدية لكن بدون سلع فى الأسواق.

هل هناك أمل فى الخروج من هذا النفق المظلم؟

نعم ما زال هناك أمل فى الخروج من المأزق لكن بالشروط السياسية التالية:

أولا: توقف الرئاسة عن اتخاذ قرارات غير مدروسة تثير الرأى العام وترسخ الاستقطاب.
ثانيا: احترام الهيئات القضائية بتدخل من الدولة فورا لضبط وإحضار من يقوم بتهديد القضاء أو القضاة.

ثالثا: تغيير حكومة الدكتور قنديل واستبدالها بحكومة ذات خبرات اقتصادية على أن يكون لديها كفاءات مهنية فى كافة المجالات.

رابعا: إعطاء وزارة الداخلية الغطاء السياسى اللازم لكى تتصدى لأى جماعة أو مجموعة تعتقد أنها بديلة لدولة القانون، على أن تقوم بعملها بالشكل الذى يحقق الأمن الحقيقى وليس الأمن الشكلى.

خامسا: عمل خطة سريعة لعودة السياحة مع ضبط الانفلات الأمنى والأخلاقى فى المناطق السياحية والمطارات، حيث إن هناك عناصر تؤدى إلى طرد السائح وليس جذبه.

إذا تم ذلك تستطيع السياحة وحدها سد العجز فى العملة الصعبة وفى خلال فترة قصيرة، نظرا لأنها لا تحتاج لرأس مال فبنيتها التحتية والفندقية جاهزة للعمل وعلى أعلى مستوى.
هناك نقاط كثيرة لكنى أكتفى بهذا القدر وأكرر، الاستقرار السياسى هو العمود الفقرى للاقتصاد، ولن يكون هناك تحسن فى الاقتصاد إلا بالاستقرار السياسى، وبما أن الحاكم هو من جماعة الإخوان المسلمين فإن الكرة فى ملعبه لجلب الاستقرار السياسى، ولا أريد أن أسمع من الحاكم أن المعارضة هى السبب هذه حجة واهية لا تستخدم فى الدول الحرة، فهذه أحد استحقاقات الديمقراطية.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة