قال الباحث والناقد المصرى مدحت صفوت، إن ديوان "لا تحب القهوة إذًا" للشاعرة الفلسطينية صونيا خضر، تنطلق نصوصه من ثنائية المقدس وغير المقدس، أو "الجميل" بتسمية الشاعر حسن طلب، حيث تتأرجح النصوص بين الخضوع للمقدس وتفكيكه والتمرد عليه، إلى أن تنتهى إلى الميل للجميل والإعلان من شأنه على حساب "المقدس".
وأضاف صفوت، خلال الأمسية التى عقدها المركز الثقافى العربى بالعاصمة الأردنية عمان، أن الازدواجية المشار إليها تبدو بوضوح بدءًا من النص الإهدائى، والذى يهدى لمسميات إطلاقية، كالرحيل والنوافذ والضوء والظل والأزرق ذاته، وبعدها تلجأ الذات إلى أدونيس لتقتبس منه نصًا إهدائيًا، لتضع علامة شطب/ كشط/ محو under erasure، على المطلق، ليتحرر الحب بعدما يكسر قيثارته، ويمشى حافيا فوق أشلائه، بعدما كانت الذات تمشى على الماء كما كان يفعل المسيح "المقدس"!!
وأوضح صفوت أن النصوص تقوم باستضافة مفاهيم ومقولات وعلامات تدور فى فلك المقدس، وتحمل دلالاته، بيّد أن هذه الاستضافة تقع فى حيز اللاضيافة كما أوضحت "آن ديفور مانتيل" فى حوارها مع دريدا، حيث تنتشر فى النصوص علامات "الذنوب، الخطايا، الراعى، المقدس الأول، أول الحرف، أول القمح، أول الحليب، القديس، الصلوات، الملائكة، الحكمة، العبارات العتيقة، الجرس، بنية الصلاة، القربان، الأيقونة، اللعنة، الرب، الأزرق، المدى، التراب المصلوب، المصلوب، الصليب، الإيمان، الكنيسة، الجلجلة، أولياء الله، والمعنى ذاته،، الخ. لكنها تبدو ضيافة لنزع القداسة عن دلالات المفاهيم، وإخضاعها لسلطة "الجميل". وتابع، خلال الندوة التى أداراها الشاعر الأردنى سلطان القيسى، أن الجميل فى النصوص يتمثل فى المرأة/الأنثى التى تقوم بنزع مركزية "الرجل" والذى تصفه بـ"له المركز ولها الطواف"، مستخدمة لوصف قدسية الرجل استعارات تربط بين المذكر والسماء "المطلقة"، ومشيرة إلى "جمال" الأنثى بالماء، وبما أن "الرجل" بسلطته المقدسة يعادل السماء، فإن تفتيت مركزية السماء بالنص هى محاولة لنزع قداسة الرجل وتفتيتا لسلطته الذكورية، فهو الراعى الذى سيجرفه نهر "الذات الأنثوية" هو وعصاه؛ ففى الفنجان الأول "باللون الأول/ أغسل الزمان/ من صدئه/ ومن دهر ذنوب/ يذوب فى نهر/ يجرف الراعى وعصاه".
وأشار صفوت إلى أن نصوص الديوان الصادر عن "بيت الشعر الفلسطيني" تقوم فى سبيل تفكيك مركزية السماء والرجل معا، باللعب اللغوى مع النصوص الدينية؛ الإنجيلية والقرآنية، فبدلا من أن يكون السلام على اسم المسيح يكون على "شفتين ممتلئتين كرزا"، وبدلا من أن يكون المجد لله فى الأعالى، فهو لـ"عينين ذابلتين"، وبدلا من "مبارك شعب مصر" "مبارك وجهكِ بين النجمات"، إلى أن ينتهى المقطع بطلب الرحمة من الله، لكن الذات تعرف أن طلبها غير مجاب، بخاصة وأنها تصف "الرجل" فى المقطع التالى من نص "ذلك الوجه"، بـ"إله مكسور الخاطر". كما يضع النصُ علامة "المحو" أو الشطب على قداسة "الكتاب" مؤكدة أن لا أحد يبالى بما تقوله الكتب.
وكانت الندوة افتتحت واختتمت بإلقاء صونيا خضر لعدد من قصائد الديوان، وعدد آخر من نصوص الديوان المرتقب للشاعرة، فيما أشار سلطان القيسى مدير دار موزاييك إلى أن نصوص "خضر" تتخلص من الحس النسوى، ومن القضايا النسوية التقليدية؛ الأمر الذى أثار جدلا بين الحضور؛ منهم الشاعر زهير أبو شايب الذى أكد ابتعاد "لا تحب القهوة إذا" عن القضايا النسوية التقليدية "الإيريوتيكية" تحديدا، ومع ذلك فإن نصوص الديوان تجابه السلطة فى خطابها الذكورى، مختلفا مع "صفوت" أن "الجميل، مختلفا مع "صفوت" أن "الجميل" لا يقابل المقدس بقدر مقابلته مع "السلطة" أيابل المقدس بقدر مقابلته مع "السلطة" أيّا كانت.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة