قال الروائى المصرى رءوف مسعد، إن هناك أسبابا عديدة للشعور بالاحتقان الطائفى أولها الإحساس بعدم الأمان بمواجهة الأغلبية المسلمة خاصة بعد "كسر العهود" والمواثيق ابتداء من الوثيقة العمرية التى تم توقيعها مع البطريرك بنيامين عند دخول العرب إلى مصر، ومرورا بمواثيق أخرى مع بعض الخلفاء والولاة، ووصولا إلى "ميثاق" فيرمونت الذى وقعه المرشح للرئاسة الدكتور محمد مرسى ووعد فيه بتعيين نائب قبطى له ولم يف بالوعد.
وأوضح رءوف أنه بالنسبة لنقض العهود والمواثيق والإحساس بعدم الأمان فهذا أمر ثابت فى "الثقافة المسيحية" المصرية، يضاف إليه أقوال بعض "الفقهاء والشيوخ" العلنية فى المساجد والميديا اتى تؤكد "غربة" المسيحى المصرى وسط محيطه الإسلامى بعدم تهنئته فى أعياده الدينية أو مبادرته بالتسليم عليه. .الخ واعتباره مواطنا "درجة ثانية".
وذكر فى تصريح لوكالة أنباء الشرق الوسط أنه يضاف إلى ما سبق انتشار شائعات لا صحة لها تؤدى فى النهاية إلى حرق كنائس أو محاصرتها بحجة اختفاء "مسلمة" اختيارا أو قسرا داخل كنيسة تحت دعاوى تنصيرها، أو نشوب مقتلة بين المسلمين والمسيحيين لأسباب بالغة التفاهة (كحرق قميص مسلم فى محل للكواء يمتلكه مسيحى) أو رسم صبية "غير محددين دينيا" صليبا نازيا معقوفا على مركز دينى إسلامى، كما حدث أخيرا.
ولاحظ الروائى رءوف مسعد أن "الوثيقة العمرية" كانت تنص على احترام المسلمين لدور عبادة المسيحيين، وعدم أخذ الجزية من الرهبان ورجال الدين، لكن مع الزمن، تمت جباية الجزية من الرهبان، بل إن بعض الخلفاء أمر بجباية الجزية من "أموات" الأقباط (انظر: مصر فى فجر الإسلام د. سيدة إسماعيل الكاشف، أستاذة التاريخ الإسلامى كلية بنات جامعة عين شمس مكتبة الأسرة 1999) وما أوردته هنا هو مثال واحد من عدة أمثلة فى المرجع السابق.
وأضاف أن ذلك حدث على الرغم من أن القرآن الكريم ينص على أنه "لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهن مودة الذين قالوا إنا نصارى ذلك أن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون" (المائدة).
وقال إن الأمر الآن فى مصر- خرج عن كونه خلافا تكون مرجعيته الكتب المقدسة وملحقاتها من الأحاديث والتفاسير، إلى صراع "هوية" يتمسك به المسيحيون قبل المسلمين، خاصة أن وثائق الهوية تنص على إثبات "ديانة" حامل الوثيقة، وهى وثيقة هوية قد تكون "قاتلة"، مثلما قال أمين معلوف فى بحثه "هويات قاتلة". فالمسيحى المصرى، مثله مثل المسلم المصرى، يضع ديانته واعتقاده الدينى فى محل عال مساو لقيمة الوطن وأحيانا أكثر منه أهمية بالتالى نجد أن التعصب موجود بقوة فى الطائفتين. . ولا صحة هنا لما يقال من تبرير أو تفسير انفجار الاحتقان الطائفى فى مصر بأنه نتيجة مؤامرة من أعداء مصر، فى الخارج أو الداخل. . انه احتقان متوارث عبر أجيال وأجيال.. يختفى أحيانا تحت الرماد ليستعر لأتفه الأسباب.
وأضاف أنه على الجانب الآخر فإن "محافظة" الكنيسة المصرية السياسية والاجتماعية خاصة فيما يتعلق بالطلاق، حدت ببعض المسيحيين إلى تغيير ديانتهم.. لكن الدولة قيدت ذلك، إذ أوكلت إلى "رجال الدين" من الطائفتين "امتحان" الراغب فى التغيير إن كان مسيحيا أو (فى النادر مسلما) وهى بالتالى أحالت الأمر مرة أخرى إلى المؤسسة الدينية من الناحيتين ونفضت يدها عن "حق المواطن " فى الاعتقاد.. وهكذا يجد المواطن المسيحى نفسه بين شقى الرحى. .الدولة من ناحية ومؤسسته الدينية من ناحية أخرى فيجأر بالصراخ طالبا العون من الأجنبى، وهنا تواجهه تهمة العمالة أو على الأقل "الاستقواء" بالخارج.