ستة دروس يجب على المصريين تعلمها الآن من اليابانيين.. من بينها عدم دفع البقشيش والتخلى عن "الفهلوة" وإجبار المواطنين على سماع أغانى المهرجانات

الأحد، 19 أكتوبر 2014 05:30 م
ستة دروس يجب على المصريين تعلمها الآن من اليابانيين.. من بينها عدم دفع البقشيش والتخلى عن "الفهلوة" وإجبار المواطنين على سماع أغانى المهرجانات اليابان.. عادات وتقاليد نهضت بالمجتمع
كتبت رباب فتحى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما يميز المصريون حين يسافرون إلى أى مكان فى العالم، هو أنهم يحملون مصر داخل قلوبهم، وبمجرد أن يروا ما يثير إعجابهم، يبدأون فى التأمل "يا سلام لو كان عندنا كدة، إحنا بس لو التزمنا شوية هانكون أحسن بلد فى الدنيا، داحنا عندنا حاجات مش عند حد!". وغالبا نتفق جميعا أن مشكلتنا الأساسية بعيدا عن الوضع السياسى والاقتصادى والحقوقى فى البلاد، هى مشكلة أخلاق، فبعد أن كنا نعرف بكرم ضيافتنا وشهامتنا وحسن استقبالنا فى العالم أجمع، أصبحت "الفهلوة" شعارنا وبتنا نعرف بأننا مستغلين ولا نحب ما نفعل، غير مبالين كأنما خسرنا معركتنا مع قهر الحياة ولا نريد أن نبذل مجهودا لنخرج من الدائرة المفرغة التى حبستنا بداخلها.

وأنا عزيزى القارئ لا أختلف كثيرا عن هؤلاء، وعندما زرت اليابان، أو ما يطلق عليه البعض "الكوكب الآخر" الشهر الماضى لم أستطع أن أتوقف عن عقد المقارنات بين قاهرة المعز وطوكيو، وبالطبع هذه المقارنات لم تكن فى صالحنا، فبمجرد أن تبدأ يومك هناك، تعلم أن الفروق شاسعة على كافة الأصعدة، لاسيما الجانب الأخلاقى، لذا علينا تعلم الدروس الآتية من اليابانيين، علنا نتذكر أن تحت أرجلنا مثلما قال مصطفى محمود "تراب خمسة عصور وبقايا خمس مدن وآثار خمس حضارات..حضارة فرعونية وحضارة إغريقية وحضارة فارسية وحضارة رومانية وحضارة إسلامية".

وإليكم الدروس الستة المستفادة من اليابانيين:

	البقشيش غير محبب فى اليابان

البقشيش غير محبب فى اليابان

كان الوضع غريبا فى بداية الرحلة، فبمجرد أن تصل مطار ناريتا، تشعر وكأنك نجم هوليوودى شهير، فالجميع يعاملك باحترام فائق، الجميع ينحنى لرؤيتك ويبتسمون فى وجهك، ويعرضون أن يحملوا حقيبتك، ويحملونها بالفعل. ولا يريدون أموالك، وإن عرضت عليهم بقشيشا مقابل مساعدتهم لك، سيعتبرون ذلك إهانة، لأنهم يحترمون عملهم ولا يتوقعون منك أن تنظر إليهم بنظرة دنيوية. وبالمثل، تجد نفس المعاملة فى الفنادق، فعامل الفندق لن يسمح لك بحمل حقيبتك، وسيأخذها منك ويحرس على وضعها فى غرفتك. أما المطاعم، فهذه حكاية أخرى، فبرغم أنى تشاركت وجبة العشاء مع ثمانى صحفيات من ثمانى دول دعتهم الخارجية اليابانية لتغطية فعاليات مؤتمر المرأة، وهذا معناه اختلاف الأذواق ووجود قائمة بالممنوعات، فبعضنا لا يأكل لحم الخنزير، وأخريات نباتيات، فضلا عن حاجز اللغة –لأن الكثير من اليابانيين لا يتحدثون الإنجليزية – إلا أن العاملين فى المطعم –وكل المطاعم التى تناولنا فيها وجبة العشاء- كانوا فى غاية اللطف والصبر، ولم يفقدوا ابتسامتهم للحظة ولم ينسوا أن ينحنوا لنا احتراما عند أخذ الطلبات وعند إحضارها، ولم ندفع لهم بقشيشا أيضا، رغم أننا أردنا ذلك بشدة مقابل الخدمة المميزة التى ساهمت فى نجاح العشاء.

وبالمقارنة بما يحدث فى مصر؛ أعتقد عزيزى القارئ أنك تعرف ماذا يحدث، بمجرد أيضا دخولك مطار القاهرة، أو النزول فى أى فندق، أو تناول طعامك فى المطاعم المصرية، فالبقشيش أقرب أن يكون إجباريا وإن جازفت بعدم دفعه، لا أعتقد أنك ستستطيع دخول نفس المطعم مرة أخرى.

الرسالة: عزيزى المصرى عليك أن تحب ما تفعل وتحترمه حتى يحترمك الآخرون وبالرغم من صعوبة ظروف المعيشة، أن تفقد كرامتك سيفقدك إنسانيتك ولا تستطيع أموال العالم أن تغنيك عنها.

اليابانيون يغلقون هواتفهم النقالة فى المواصلات العامة ولا يتحدثون حتى لا يزعجون غيرهم

اليابانيون يغلقون هواتفهم النقالة فى المواصلات العامة ولا يتحدثون حتى لا يزعجون غيرهم

كانت تجربة فريدة عندما ركبت الأتوبيس من أمام مطار ناريتا وبعدما صمم العامل على أخذ حقيبتى الثقيلة، ففى هذه الجولة تعلمت أنه لا يمكن لأى راكب أن يقف والأتوبيس يسير، بل لا يستطيع أن يتكلم لأن هناك إشارة إلكترونية دورها تبلغك بمحطتك المقبلة –التى لا تستطيع أن تنزل من الأتوبيس إلا فيها – أن تغلق هاتفك وألا تتحدث إلا عند الضرورة حتى لا تزعج المسافرين الآخرين. بالطبع تبادر إلى ذهنى، مشهد الميكروباصات والتكاتك الذى لا تخلو منها شوارع القاهرة، وكيف يجبر المواطنين على سماع أغانى المهرجانات بصوت يكاد يجتاز حاجز الصوت، فضلا عن أن من يريد أن يدخن لا يجد حرجا فى ذلك، ولا يستطيع المتضرر أن يشتكى.

الأمر لا يتوقف على هذه الأتوبيسات يابانية الصنع المكيفة التى تجبرك على ربط حزام الأمان وعدم التحرك، وإنما يطبق على جميع وسائل المواصلات، ومن بينها المترو الذى رغم ازدحامه بشكل مستمر، إلا أنه يتسم بالهدوء لأن الجميع يغلقون هواتفهم النقالة ويلتزمون الهدوء.

الرسالة: عزيزى المواطن احترام أخيك المواطن ليس رفاهية وليس أمرا يمكنك اختياره. لا تيأس وطالب بحقك بعدم التعرض لتلوث سمعى وصحى، فإن حاولنا جميعنا، التغيير سيكون حتميا.

النظافة

النظافة..

لن أتحدث كثيرا عن نظافة اليابان واليابانيين، ويكفى أن أقول إن عدت بعد قضاء عشرة أيام بحذائى الأبيض، أبيض. ولكنى سأحكى لك عن مشهد أراه كل يوم فى طريقى إلى العمل على الدائرى، يتمثل فى وجود هدم ومواد بناء وطوب وحجارة ملقاة على قارعة الطريق يزيد حجمها بمرور الوقت وباتت أشبه بالتل الحجرى، ويوما بعد يوم، استباح المواطنون هذه المنطقة واعتبروها مقلبا للقمامة وباتوا لا يتوانون عن إلقاء أكياس القمامة من الناحية الأخرى للطريق وكأنما يتباهون بقدرتهم الرياضية على الرماية.

الرسالة: عزيزى المواطن النظافة من الإيمان الذى أضعفه أن تقوم بإزالة الأذى عن الطريق لا أن تضعه بيدك، ابدأ بنفسك وحاول ألا تلقى القمامة فى الشارع ناهيك عن التف والتبول فيه، وإذا وجدت من يلقى مخلفاته فى الشارع، قل له قولا لينا بابتسامة تجعله يفكر ألا يلقيها مرة أخرى.

	مراحيض اليابان

مراحيض اليابان..

رغم أن هذا البند يندرج تحت بند النظافة، إلا أن هناك الكثير الذى يجب أن تعرفه عن مراحيض اليابانيين، فهى ليست فقط نظيفة وتشبه حمامات فنادق الخمس نجوم فى مصر إن لم تكن أنظف، إلا أنها متطورة للغاية. فالمرحاض نفسه يدار بأزرار ويوجد به مياه ساخنة وهناك زر مخصوص للموسيقى، نعم موسيقى!. فضلا عن أن كل شىء مزود بأجهزة استشعار بمعنى أنه يكفى أن تضع يدك من بعيد حتى تتدفق المياه، وأن تفتح القمامة لتلقى المخلفات ثم تغلق تلقائيا، وكذلك يكفى أن تضع يدك لتأخذ الصابون وتغسل يدك. وهذا كله ضمن إجراءات عدم اللمس التى تطبقها اليابان كإجراءات احترازية للوقاية من الأمراض.

الرسالة: لا يوجد رسالة هنا، فلا يمكننا أن نفعل شيئا حيال هذا.

الأمانة

الأمانة..

عندما تكون فى اليابان يمكنك حرفيا أن تترك حقيبة يدك فى أى مكان، حتى وإن كان الشارع، ولا تخف، لن يأخذ أحد أى شيئا منها، فاليابان من بين أكثر الدول فى العالم أمنا، حتى أن الجميع هناك لا يغلقون أبواب منازلهم وسياراتهم. وسرد لى طبيب مصرى أقام فى اليابان فترة لعمل رسالة الدكتوراه أنه كان يشارك فى مهرجان للألعاب النارية ورأى كيف تترك السيدات حقائبهن فى الشارع ويركبن المترو للمحطات الأخرى التى تشهد المهرجان، ثم يعدن بعد ساعات لأخذها وهن واثقات أن جميع محتوياتها كما هى.

الرسالة: الأمانة ليست فقط عدم السرقة، وإنما الحفاظ على حقوق الغير فى جميع الأوقات، والأمانة فى مصر تواجه الكثير من الصعوبات رغم مزاعمنا بأننا شعب متدين يحب الله.

العمل الجاد

العمل الجاد..

المقارنة مع اليابان فى هذا المجال، بكل أسف محبطة، فهناك مشكلة كبيرة فى اليابان الآن يحاولون وضع حل لها وهى تشجيع العمال على العمل لساعات أقل ولكن بصورة أسرع، فمن المعروف أن اليابانى يقضى ساعات طويلة للغاية فى العمل حتى أن هذا أثر على الخريطة الاجتماعية للبلاد، لذا تشجع الحكومة اليابانيين على أخذ فترات راحة والاستمتاع بالحياة. أما الوضع فى مصر، خاصة القطاع الحكومى، فجميعنا نعلمه ويكفينا أن نحاول أن نستخرج أوراقا رسمية أو القيام ببعض الأعمال حتى تجد نفسك تصطدم بعقول بيروقراطية تعتقد أن العمل هو قضاء ثمانى ساعات فى مكان ما تتناول خلالهم وجبتين وعدد لا بأس به من أقداح الشاى والقهوة حتى تعود آخر اليوم لمنزلك منهكا تلعن البلد والحكومة على المبلغ الزهيد الذى تتلقاه كراتب آخر الشهر معتبرا أن هذا هو عذرك لعدم العمل بجدية.

الرسالة: بالعمل وحده تنهض الأمم، والعامل المصرى لا يحب العمل. وهذا يجب أن يتغير الآن، دون تقديم المزيد من الأعذار.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة