ورحل أحمد طوغان.. الفنان والحكاء الظريف والشاهد على الزمن الجميل

الأربعاء، 12 نوفمبر 2014 06:31 م
ورحل أحمد طوغان.. الفنان والحكاء الظريف والشاهد على الزمن الجميل غلاف كتاب أحمد طوغان.. سيرة فنان صنعته الآلام
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عندما يرحل فنان بحجم أحمد طوغان، تشعر بأن آخر حبات جيل كامل قد انفرطت من بين أيدينا، وأن جيلاً كاملاً قد أغلق دفاتره وتركنا فى حيرة لا ندرى لها نهاية، هو كما يقال جيل المخضرمين، الذين شهدوا كل عصور مصر، تاريخيًا منذ الاحتلال الإنجليزى حتى ثورات يناير ويونيو، وجغرافيًا منذ أن كانت القاهرة آخرها العباسية حتى اتساعها لدرجة غير متوقعة فى الصحارى والمدن الجديدة، وحضاريًا منذ أن كان الفن والموسيقى الإطار العام لمصر انتهاء بالوهابية المتشعبة فى كل تفاصيل المجتمع المصرى وانحسار مستوى الجمال فى العمارة والشارع المصرى.

من هذا الجيل كان الفنان الكبير أحمد طوغان، وقد كان للدار المصرية اللبنانية، حظ أن طبعت مذكراته "سيرة فنان صنعته الآلام" وهى سيرة مصبوغة بالحكايات والقدرة على صناعة الحياة ومواجهة الشدائد والحب الشديد للوطن وللإنسان، والتى تميزت بقدرة فائقة على الحكى.

الكتاب بث الروح فى كثير من الأساتذة الراحلين وأعادهم إلينا تملأهم الحياة والقدرة على الوجود خرجوا مرة أخرى كى يشتبكوا معنا كأنهم يتحركون فى تجاربهم من جديد، يعيدون لنا صياغة تاريخ مصر الثقافى، جيل الرواد فى كل شىء الذين أعادوا صياغة المفاهيم والأشياء وقدموا حالة تعبر عن مصر المتخيلة التى كانوا يرجونها ويتمنونها.

يجعل "طوغان" حياته منثورة بين حياة أصدقائه أينما كانوا، فهو فى المذكرات تلميذ مستمع لأساتذته أو ند لأصدقائه وأستاذ معلم لأجيال تالية له فى الفن والحياة، نجد مغامراته الشقية مع صديق عمره محمود السعدنى، كما يخوض تفاصيل حياة وأفكار الذين عانوا من أجل الآخرين أمثال الفنان الكبير الذى لم يأخذ حقه محمد عبد المنعم رخا ومصطفى القشاشى بتاريخه المجهول فى خدمة الصحفيين، وزكريا الحجاوى بما قدمه للمثقفين المصريين فى تلك الفترة.

المذكرات ممتلئة بالإيجابية وتلك نقطة تحسب للمذكرات بقوة، كما يمتلئ الكتاب بالحديث عن الطفولة والرسم والمراهنة على ذلك الفن، وعلاقة "طوغان" بالصحف والأماكن التى عمل بها، لكن الأهم والأخطر الشخصيات التى تكاد تكون مجهولة بالنسبة لنا، فيحدثنا عن الشجاعة النموذجية التى تمثلت فى أبو الخير نجيب الذى وقف فى وجه كل الأنظمة.

كذلك حفل الكتاب بالأماكن، حيث جعل من نقابة الصحفيين محورًا لكشف الكثير من العوالم المحيطة بها، كما كان للهزائم والانتصارات والفشل والنجاحات أن مثلت الأسطورة التى تدور حولها الحكايات، فالكتاب يجعلك تشعر بالضحك والبكاء فى آن واحد.

رحل أحمد طوغان بعد أن أدى رسالته كاملة فى الفن وفى حب الوطن، وكان من حسن حظنا أن العمر امتد به كى ينتهى من مذكراته كى تصبح شاهدًا على زمن الحياة الجميل.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة