د. مصطفى النجار

منى مينا ومشكلة العمل الجماعى

الخميس، 20 فبراير 2014 08:07 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان خبر استقالة الدكتورة منى مينا مؤسسة حركة أطباء بلا حقوق والأمين العام المنتخب للنقابة العامة لأطباء مصر صادما للكثيرين، ولكن انهالت عليها قذائف التخوين من البعض والشماتة من البعض الآخر وتطوع بعضهم بالمزايدة على شخصها الكريم رغم أنه لم يقدم شيئا مما بذلته هذه المناضلة بحق للمهنة، والمطالبة بحقوق الأطباء منذ عصر مبارك حين كانت المطالبة بالحقوق جريمة يلاحق صاحبها.
شمت الإخوان فى منى مينا وقالوا هاهى القوى المدنية لا تملك مشروعا سوى الاحتجاج وإذا وصلوا للمسؤولية تخلوا عنها وهاجم بعض المحسوبين على القوى المدنية الطبيبة الصامدة واتهموها بالهروب والخذلان وبين هؤلاء وهؤلاء انطلق بعض المزايدين الذين لا يعرفون شيئا عن وضع الأطباء فى مصر ومشاكلهم التى يدرك من عايشها أنها جزء بائس من المنظومة العامة المنهارة فى مصر، وأنه لا يوجد شخص ولا مجموعة تستطيع أن تحل هذه المشاكل دون شراكة حقيقية مع الدولة، وإرادة سياسية جازمة تعيد ترتيب الأولويات فى ملفات كبرى و بالغة الخطورة مثل الصحة والتعليم.
لم يلتفت المزايدون إلى ما كتبته منى مينا فى استقالتها – التى رفضها مجلس نقابة الأطباء فيما بعد – حول الطعنات التى تتلقاها من الخصوم ومن الأصدقاء المقربين، لم يفهموا ما قالته حين استنكرت موقف من ينتظرون التغيير وهم لا يريدون أن يخوضوا المعركة، وتساءلت كيف ينتصر قائد بلا جيش وماذا ينتظر هؤلاء الجالسون فى بيوتهم أن أفعل لهم أنا وثلة معى ؟ بينما هم يقولون لنا اذهب انت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون وبعضهم لا يكفيه خذلاننا بل يقوم بطعننا من ظهورنا والتآمر علينا.
هذا هو الجزء الأهم فى استقالة منى مينا الذى يشير إلى مشكلتنا الأكبر فى مصر وهى عجزنا عن العمل الجماعى بسبب التشوه الإنسانى الذى أصابنا جميعا وعدم إدراكنا أن نجاح الفريق يعنى نجاح كل واحد فيه، كل التنظيمات فى مصر سواء كانت سياسية أو نقابية أو متعلقة بالمجتمع المدنى والعمل التطوعى تعانى من هذه الآفة التى تؤدى إلى ضعف أو انهيار هذه الكيانات أو تمزقها أو بقائها مع عدم فعاليتها.
لا يدرك المزايدون الذين يسترخون فى فراشهم ويحتسون مشروبهم المفضل فى أجواء الهدوء والرفاهية مرارة العمل الجماعى ومشاكله التى عاشها كل من شارك فى تجربة للعمل الجماعى فى مصر، وعانى وهو يحلم فى البداية بأحلام كبرى ثم تتهاوى هذه الأحلام بأيدى أصحابها أنفسهم بعد أن تدب بينهم نار الكراهية والشقاق، ويتحولون من أصدقاء الى خصوم ومن متحابين الى متباغضين، صدق العالم الجليل أحمد زويل حين سألوه لماذا لا ننجح فى العمل فى مصر معا فقال (فى الخارج يساعدون الفاشل حتى ينجح وعندنا يحاربون الناجح حتى يفشل)، وما أصعب أن تكون الحرب ممن يرافقونك الطريق ليصيبك الإحباط والزهد فى عمل أى شىء.
نعم لا نجاح بلا ألم ولكننا بشر نتألم حين يطعننا أقرب الناس إلينا ويصيبنا الإحباط، تربينا على الفردية والأنانية وحب الذات وتضخمها، من بيننا من يعتبرون أن نجاح شخص بينهم هو هدم لهم، لذلك بدلا من أن ينشغلوا ببناء أنفسهم، يجتهدون فى هدم من سبقهم حتى يرضوا غرورهم ولو بذلوا جهد الهدم فى البناء لسبقوا وفازوا ولكنه التشوه الإنسانى!
لن تتقدم مصر ونحن عاجزون عن بناء فرق عمل جماعى فى كل كياناتنا التنظيمية بصورها المختلفة الصغيرة والكبيرة الحكومية وغير الحكومية، ولا نكتفى بالبناء بل التماسك والاستمرار والفعالية لتحقيق الأهداف التى قام الكيان من أجلها، ومراجعة الذات والتقييم المستمر، وتصويب الأخطاء والبعد عن الشخصنة وأمراض النفس التى تهدم الكيانات، وتقصر عمر الفكرة والمشروع، سيظل هذا هو التحدى الأكبر الذى يواجهنا كل حين، فهل نتعلم من أخطائنا وننطلق للأمام؟








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة