"صباح مناسب للقتل" لأسامة جاد. . المراهنة على الكتابة

الأربعاء، 26 مارس 2014 01:52 م
"صباح مناسب للقتل" لأسامة جاد. . المراهنة على الكتابة الشاعر أسامة جاد
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء




يقدم الشاعر أسامة جاد فى مجموعته القصصية "صباح مناسب للقتل" الصادرة عن دار العين، شكلا مختلفا ورؤية مغايرة للقص، فهو يراهن على شعرية الكتابة، كما أنه يملك رؤية متسعة وخيالا شعريا جامحا يصل حد أنه يرى أن "الجِمال" تشبه "الطيور".

وأسامة جاد، يملك سمات كتابية تخصه وتمثل ميزة له، كما يملك مفاهيم خاصة به عن الكتابة، وله وجوه إبداعية مختلفة ومتنوعة منها: أنه شاعر وصحفى ومترجم وناقد أدبى وفنى وسينارست ومعد برامج، وعضو نشط فى عدد من الجمعيات الأهلية المهتمة بذوى الاحتياجات الخاصة، وله مشاركات واضحة فى كل ذلك.

كما أنه هنا فى مجموعة "صباح مناسب للقتل" سارد/قاص، والقصة فن نوعى يقتضى أمورًا فنية متنوعة، لذا فإن السؤال الذى نطرحه متعلق بعلاقة المجموعة القصصية بالوجوه المتعدد لأسامة جاد.. وما أثر ذلك فى تشكيل السرد؟.

أولا: الشاعر: ربما أكثر الوجوه وضوحا "فى صباح مناسب للقتل" هى شخصية الشاعر، فالضمانة الأولى فى أن يكتب الشاعر نوعا آخر من فنون الإبداع هى أنك ستجد لغة شعرية ممتلئة بالدلالات والصور الموحية، و"صباح مناسب للقتل" تكاد فى معظمها تصل لمستوى القصيدة، ويتحقق ذلك فى كثير من المواضع، كما فى المقدمات القصيرة الشعرية التى تتقدم القصص، يقول فى "دموع طارئة": أبكاها العجز/ وهى ترى الدجاجة تروح منها/ وكانت السكين سريعة/ وعلى الغداء/ كانت تبكى آخر ما يربطها بالدنيا، وتأكل ببطء.. شديد.
والملاحظ لعناوين القصص والجمل القصيرة والنهايات المفتوخة غالبا يلمح قدرًا من الشعرية فى هذه المجموعة.

كما تحتوى القصة لدية دلالات احتمالية كثيرة مثل "ينتظر القطار" فهناك اثنان فى حالة انتظار وبعد الانتهاء من قراءة القصة تجد نفسك أيضا فى حالة انتظار معهما.
كذلك الشكل الشعرى الذى يبدأ ويختم به الكتابة القصصية، فقد كانت هذه النصوص تكتب بطريقة السطر الشعرى.

ثانيا:الصحفى: الوجه الصحفى فى "صباح مناسب للقتل" له تأثيران؛ الأول أن أسامة جاد لم يلجأ إلى اللغة الصحفية المباشرة التى تهدف إلى وصول المعنى فقط بشكل حاد وقاطع، والآخر تأثير إيجابى فقد استفاد "جاد" من البناء الصحفى فى اختيار منطقة الحكى التى يلقى عليها ضوءه بحيث يكون لها معنى مؤثر وفارق.

ثالثا: السينارست: أسامة جاد هنا لم يكتب "سيناريو تجارى" أى ما يطلبه الذوق كأن يكون "مثيرا" أو محطما للتابو من أجل مغازلة جائزة ما، أو لفت انتباه معين، لكنه كتب "سيناريو إنسانى" يعيش مع كثرة القراءة وهو هنا يراهن على القارئ الواعى لا على الجمهور العادي.

رابعا: الناقد: أما تأثير الناقد أسامة جاد، فيظهر فى ابتعاده عن الزيادات والحشو الذى لا طائل منه، فالقصة لديه لها مفهوم محدد يرتبط بالتركيز والتكثيف الذى يقترب من حواف القصيدة.
أما عن اهتمامه بالحالات الخاصة: فـ"صباح مناسب للقتل" تحتوى نصوصا ممتلئة بلحظات الضعف، على مستويات متعددة، ففى الجزء الأول نلمح الضعف الجسدى كما فى "تحدث الغائبين.. وتقسم حبوب الضغط" حيث الوحدة والضياع والتشتت النفسى، وعين القاص هنا تسكن وجه المتعاطف الذى يقدم صورة هو يعرفها تماما ويريد من القارئ أن يشاركه فيها.

وفى القسم الثانى "لم تعد تستدعى الشمس إلى جلستها كل صباح" يدخل هذا القسم كله فى إطار من الضعف الإنسانى حتى إن بدت للقارئ فى المرة الأولى ذكريات طفولة ملحة على ذهن السارد، لكنها فى الحقيقة هى أكثر من ذلك فهى كتابة تعتمد على الفقد والضياع وقصص هذا الجزء ممتلئة بالراحلين الذين يتذكرهم السارد حزينا.

والقسم الثالث يحظى بقدر من متابعة الضعف المنتشر فى أرجاء النفس البشرية وما يحيط بها، وذلك بدءا من الانتظار وانتهاك الطفولة والإحساس بالعجز بسبب ضعف الدولة التى يخرج متهموها من المطار الرئيسى بكل يسر، بينما يناقش مثقفوه قضايا فرعية لا طائل منها.

من الملامح الأساسية التى اعتمد عليها "جاد" كانت المشهدية الحاضرة بقوة فى النص القصصى، ولكن تظل " يوم أن نفضت يديها من العجين" تمثل قمة المشهدية إذ تظل عيوننا معلقة مع الفتى الطائر فى الهواء بعد أن لامس "السباطة" وبين العجين الذى لامس التراب.
وتظل "صباح مناسب للقتل" تحتوى نصوصا لها طابع خاص، تعول على الخيال واتساع الصورة، ويظل أسامة جاد قادرا على الخوض فى الفنون الكتابية المختلفة لأنه يراهن على اللغة الشعرية.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة