مؤخرًا، وصلت روايته "لا سكاكين فى مطابخ هذه المدينة" للقائمة القصيرة لجائزة الرواية العالمية فى نسختها العربية "البوكر"، وقبل ذلك الرواية ذاتها بجائزة نجيب محفوظ للرواية العربية، وفى هذه الرواية يتمرد "خالد خليفة" على الخوف، ويجسد عزلة عائلة ومدينة على حافة الانهيار، إذ ترصد الرواية تفاصيل مجتمع عاش بشكل متواز مع البطش، عبر سيرة عائلة اكتشفت أن كل أحلامها ماتت، إذ يمضى الكاتب السورى إلى حقول الخس فى حلب، ليحكى على لسان أحد شخصياته قصة عائلة عاشت حياة موازية لحياته تحت وطأة الاستبداد.
وتبدأ الرواية بجملة يعلن فيها الراوى، وهو أصغر أفراد هذه العائلة، عن موت أمه؛ وبسبب هذا الموت المفاجئ، ستنهمر الذكريات على رأسه مستعيداً تاريخ عائلته،... حول هذه الرواية كان لـ"اليوم السابع" حوار خاص مع "خالد خليفة"... وإلى نص الحوار:
من جائزة نجيب محفوظ للقائمة القصيرة للبوكر.. كيف ترى هذا الاحتفاء العربى والعالمى بروايتك؟
أعتقد بأنها رواية محظوظة لما لاقته من اهتمام نقدى وإعلامى، واهتمام من قبل القراء والجوائز؛ وبالطبع أنا سعيد لهذا الاحتفاء الكبير.
تكرارك للفظ "الحياة الموازية" هل قصدت به"حزب البعث" وخاصة بعد قلت أنه قام بتغيير ملامح الحياة فى حلب؟
أنا لم آتِ على ذكر كلمة البعث لكننى تحدثت عن الحياة الموازية التى عاشها السوريون مع الحزب الذى قام بتغيير كل تفاصيل الحياة السورية بعد خمسين عام من حكمه، إنها الحياة الموازية التى عاشتها الكثير من الشعوب التى خضعت لحكم الحزب الواحد، وليست حياة السوريين فقط.
الرواية تقدم لنا مدينة حلب مساجدها وساحاتها وحقولها وطرقها، مثلما قدم لنا نجيب محفوظ مصر وحاراتها القديمة.. فهل إغراقك فى وصف البيئة المحلية نتيجة تأثرك بنجيب محفوظ، أم أنك تسابق الوقت لوصف مدينة قد تدمرها الصراعات؟
أعتقد بأننى أنتمى إلى مدرسة مختلفة تمامًا عن مدرسة المعلم نجيب محفوظ، ووصف التفاصيل التى ذكرتى هو جزء من السرد واحتفاء بالأمكنة التى تغيرت أيضاً أكثر منه وثيقة عن مدينة قد تدمر أو دمر جزء كبير منها حالياً.
الرواية تجسد معاناة الشعب السورى فى نصف قرن، وجاءت الثورة السورية وحملت الشعب السورى مزيدًا من المعاناة.. فإلى متى يستمر السوريون فى هذه المعاناة؟
لا أعتقد بأن الثورة هى سبب استمرار معاناة السوريين، النظام المستمر بحلوله الأمنية والعسكرية هو السبب الرئيسى، وليس أحلام الناس بالحرية والكرامة والعدالة، أما إلى متى ستستمر هذه المعاناة لا أعرف ولا أحد يعرف خاصة وأن كل آفاق الحلول السياسية مغلقة حتى الآن. نعم الألم سيستمر لكنى مؤمن بأن سوريا جديدة ستنهض من تحت الأنقاض كما فعلت فى كثير من أزمنة الماضى.
نشرت روايتك فى وقت متأزم بسوريا، ويطغى عليه الصراعات، فهل ترى للثقافة دورًا للمساهمة فى وضع حلول لهذه الأزمة؟
الثقافة لها دور دائم ولا يمكن التقليل من قيمته، خاصة بحجة أن تأثيراته غير مباشرة، أن تكون شاهدًا نزيها على ما يحدث لشعبك هو ضرورة، ودور يجب أن لا يهرب من استحقاقاته المثقفون، تجار الحروب لن يستمعوا إلى المثقفين لكنهم لا يستطيعون منعهم من كتابة الحقيقة والمجاهرة بها.
بعض الكتاب يتأثرون بشخصيات رواياتهم ويصعب عليهم الخروج منها، فهل تركت الرواية بداخلك نوعًا من الحزن وأنت تكتبها..خاصة وأن شخصياتها تواجه واقعا قاسيا يتشكل من الخوف والفشل والإحباط؟
أنا أكتب بشكل بارد وغالباً ما أنجو بنفسى من التأثيرات المباشرة بينى وبين أبطالى، لكن هذا لا يمنع من أننى قد أتغير دون أن أشعر، بمعنى آخر بأن الكتابة تحفر فى أعماقنا ألمها وعلى المدى الطويل تغيرنا دون أن نشعر بأننا قد أصبحنا أشخاصا آخرين بعد زمن طويل.
هل كانت لديك أية محاذير أثناء كتابة "لا سكاكين فى مطابخ هذه المدينة" خاصة بعدما تعرّضت روايتك "مديح الكراهية" للمصادرة فى سوريا؟
لم أفكر يوماً فى الرقابة والمنع ولم أكترث بها، إنه شىء لا يستحق التوقف عنده ونقاشه، إنها معركة مستمرة بين الإبداع والمنع، ولن تتوقف فى الثقافة العربية على الأقل فى المدى المنظور، لذلك لم أفكر فى هذه النقطة حين بدأت أكتب لاسكاكين، لدى أشياء أهم تشغلنى.
لماذ اخترت نشر رواية "لا سكاكين فى مطابخ هذه المدينة" هذه المرة فى مصر؟
كتبى منذ سنوات تنشر فى بيروت، لكن النشر فى مصر له طعم خاص، أردت التواصل بشكل مباشر مع القاهرة التى تعتبر من أهم عواصم ثقافة العرب اليوم، والتواصل مع القراء المصريين أسعدنى كثيراً وقدم لكتبى الكثير.
ماذا عن مشاريعك الروائية القادمة؟ وهل ستكون أيضًا عن الألم والواقع السورى؟
مازلت فى بداية رواية جديدة، ومازال الوقت مبكرا للحديث عنها.