قلت أمس إن الحكم على سلامة الرئيس وهو رئيس، هو أصعب مرات كثيرة من الحكم عليه وهو مرشح، وهذا يجعلنا نعيد تقييم التوصية بالكشف الطبى على المرشحين دون أن أطالب بإلغائها، وأنهيت المقال بما يعنى أن الحكم بالسلامة أثناء الجلوس على الكرسى هو الأهم، ثم أشرت إلى قصة "هانز كريستيان أندرسون" ( 1805- 1875) للأطفال، وهى التى تؤكد دور المحيطين بما فيهم براءة وشجاعة الأطفال أكثر من دور المختصين فى الحكم على سلوك الحكام، ولعل هذا ما عنيته فى ختام ما قلت أمس نصا".. وما لم تكن مؤسسات ونظم الدولة قادرة على إيقاف نزيف الذاكرة الخفى هذا، ومواجهته بإجراءات تحول دون ضرره على الناس خاصة، وما لم ينتبه سيادته للفرق والفروق، فقد نجد أن من يحكمنا هو غير من اخترناه، والأهم هو غير من تم الكشف عليه وتمت إجازته إنه "صاغ سليم"..
حفظ الله مصر، وقدرنا على اختيار الصادق المتواضع الذى ينتبه لكل هذا، وخاصة حكم المحيطين به هداهم الله.
وإليكم نص القصة ( من حوالى قرنين من الزمان ) بدون تعليق :
القصة ( هانز كريستيان أندرسون: ملابس الإمبراطور الجديدة ) :
منذ سنوات بعيدة عاش إمبراطور بلغ عشقه للملابس الجديدة ما جعله ينفق كل ماله حتى يكون فى أبهى الملابس، كانت المدينة الكبيرة التى يحكمها يأتيها الزائرون كل يوم، وذات يوم جاء نصابان وادعيا أنهما نساجان وقالا إنهما يستطيعان نسج أرقى قماش، وأن تلك الملابس مصنوعة من نسيج له صفة غريبة إذ لا يراه من كان غير كفء لمنصبه ولا من كان غبياً. قال الإمبراطور: (لابد أن هذه الملابس مدهشة وسأعرف أى رجالى لا يصلح لمنصبه ولتبدآ بصنع القماش). وسلم الدجالين أموالاً كثيرة حتى يبدآ. وضع الرجلان نولين وتظاهرا بأنهما يعملان لكنهما لم يصنعا أى شىء.
وكانا بكل جرأة يأمران بأرقى أنواع الحرير وأنفس سبائك الذهب ثم يضعان ذلك كله فى حافظتيهما. قال الإمبراطور فى نفسه: ترى كم أنجزا من العمل فى القماش؟ ولكنه شعر بقلق بالغ عندما تذكر أن كل غبى وكل غير كفء لمنصبه سيعجز عن رؤية القماش. وقال: سأرسل وزيرى العجوز الأمين إلى النساجين فهو خير حكم على شكل القماش لأنه ذكى فى القيام بمهام منصبه). فذهب الوزير لهما ورآهما يعملان على نوليهما الفارغين. فقال فى نفسه وهو يفتح عينيه: (يا إلهى أنا لا أرى شيئاً!) لكنه لم يعلن ذلك.
دعاه كلا النصابين لأن يقترب وسألاه وهما يشيران إلى النول الفارغ عن رأيه ولكنه حملق عينيه وحدث نفسه: (هل يعقل أن أكون غبياً وغير كفء لمنصبى!).
قال النصاب: (مالك لا تقول شيئاً سيدى؟) فرد عليه الوزير: إنه جميل سأخبر الأمير أنه أعجبنى.
فأخذ النصابان فى وصف التصميم وتحديد كل لون باسمه وكان الوزير ينصت ويحفظ ما يقولانه لكى ينقله حرفيا للإمبراطور!
بعد ذلك طلب النصابان مزيداً من المال ليستمرا فى نسج القماش وكانا يضعان ذلك كله فى جيوبهما بينما لم يستخدما خيطاً واحداً. وأرسل الإمبراطور شخصاً آخر لهما وقد فعلا مثل ما فعلاه مع الوزير وصدقهما.
وذهب الإمبراطور ليرى القماش مع المسئولين اللذين أرسلهما من قبل وقالا له أليس رائعاً؟ فقال الإمبراطور فى نفسه: (إنى لا أرى شيئاً هل أنا غبى هل لا أصلح لأن أكون إمبراطوراً؟) ولم يشأ أن يكون كذلك فقال: (ياه إنه فى غاية الجمال)، ونصحاه أن يبادر فى ارتداء هذه الملابس الرائعة فكافأ النصابين بالمال الوفير والأوسمة فحثاه على ارتدائها وقالا: (إنها خفيفة كنسج العنكبوت حتى تظن أنك لا ترتدى شيئا فهلا تفضلتم بنزع ملابسكم لنتمكن من إلباسكم الملابس الجديدة هنا أمام المرآة) خلع الإمبراطور ملابسه كلها وتظاهر النصابان بأنهما يناولانه الملابس وقالا: إنه مقاسك تماماً إنه رداء ثمين!
وقال كبير رجال المراسم الإمبراطورية: إنهم ينتظروك خارج القصر. رد الإمبراطور: نعم أنا جاهز أليست ملابسى تناسبنى تماماً!
أما خدم الإمبراطور ومهمتهم حمل ذيل رداءه فتحسسوا الأرض. بأيديهم وتظاهروا بأنهم يحملون ذيل الرداء. خرج الإمبراطور لشعبه وكل الشعب يهتفون بأنه رداء رائع!، إلا أن طفلاً صغيراً قال: لكنه لا يرتدى شيئاً! قال أبوه: استمعوا لصوت هذا الطفل البرىء. فهمس البعض للآخر: إنه لا يرتدى شيئاً وفى النهاية هتف الجميع إنه لا يرتدى شيئاً. ارتجف الإمبراطور لأنه أدرك الصواب لكنه قال لنفسه لابد أن أتم مسيرة الموكب ثم تصرف على نحو أشد تكبراً ومن وراءه الخدم الذين يحملون ذيل الرداء الذى لم يكن موجوداً على الإطلاق !
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة