«المتحولون».. ثورة الهوية ورفض «الجنس» تغيير النوع يتطلب 6 جراحات شديدة الخطورة.. والإجراءات العلاجية تبدأ بالنفسى والهرمونى «الطب الشرعى» ترفض تغيير بيانات البطاقة الشخصية

الثلاثاء، 19 أغسطس 2014 12:24 م
«المتحولون».. ثورة الهوية ورفض «الجنس» تغيير النوع يتطلب 6 جراحات شديدة الخطورة.. والإجراءات العلاجية تبدأ بالنفسى والهرمونى «الطب الشرعى» ترفض تغيير بيانات البطاقة الشخصية المتحولون
كتبت : أمل علام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نقلا عن العدد اليومى :

أخذت ترمق بعينين قلقتين طفلتها، ترصد سلوكياتها فتحس مخالب القلق تنهش صدرها، فالبنت تميل إلى الخشونة، وتحب أن تلعب ألعاب الأطفال، وبدلا من أن تلهو بالدمى، تميل إلى اقتناء المسدسات وما إلى ذلك من ألعاب توصف بأنها «ذكورية».

لم يكن قلق الأم من فراغ، أو من دون مبرر، فالظاهرة غدت متكررة، وأيضًا حادة ومتفاقمة، إلى درجة أن الطفلة تتشبث بأن ترتدى السراويل، وتغرق فى نوبات حادة من البكاء حين ترتدى فستانًا، وكانت كلما كبرت صارت أميل إلى التصرفات الذكورية، وأصبحت تتساءل كثيرًا عما إذا كان ممكنًا أن تصبح «ولدًا» لأن الأولاد أقوى وأفضل- «حسب تعبيرها».. بلغت الخامسة عشرة، ولم يأت الطمث بعد.. الأمر صار محيرًا مزعجًا، وأصبحت تتعمد أن يكون صوتها خشنًا، وتتجنب الفتيات بنات العائلة، الأمر الذى استدعى أن تصطحبها الأم إلى طبيب أمراض نفسية، أوصى بدوره بعرضها على متخصص فى الجينات، لتسقط الحقيقة مثل صاعقة على رأسى الأم والأب معًا، فالفتاة تعانى من اضطراب فى الهوية الجنسية.

قصة صارت تتكرر على نطاق واسع، وغدا من المألوف أن نقرأ فى الصحف عن عمليات تحويل الجنس، التى تتداخل فيها عوامل معقدة ومتشابكة.

الأطباء النفسيون يؤكدون أن هذه الحالات «مرضية» ويجب أن يخضع المصابون بها للعلاج لمدة عامين قبل اتخاذ قرار بإجراء جراحات تحويل الجنس، كما يحذرون من أن إهمال العلاج النفسى يقذف بالمريض فى جحيم الاكتئاب الذى قد يدفعه إلى الانتحار.

ويحتاج التدخل الجراحى إلى العديد من الإجراءات والترتيبات، فقبل أن توافق لجنة تصحيح الجنس بنقابة الأطباء، على إجراء عملية التصحيح لابد أن يجرى المريض إجراءات وتحاليل طويلة للتأكد من أنه «مخنث» أو يعانى من مرض نفسى يجعل الجراحة ضرورة لكى تستقيم حياته.

صعوبة الأمر، حسبما يؤكد أعضاء لجنة تصحيح الجنس، تكمن فى أن المريض قد يتعرض لإجراء أكثر من 6 عمليات متتالية، وهى عمليات توصف بأنها شديدة الخطورة، مما قد يعرض حياته للموت.

ولا ينتهى الأمر عند هذا الحد، فبعدما يجرى المريض الجراحات، وفى حال نجاحها، يتعرض لمشكلات اجتماعية منها النبذ والاستنكار، لكن هذا ليس كل شىء، فعملية تغيير بيانات البطاقة الشخصية، وما على شاكلتها من أوراق رسمية شديدة الصعوبة والتعقيد، ويحدث فى أغلب الأحيان أن ترفض مصلحة الطب الشرعى تغيير البيانات، لأن الموافقة على ذلك ترتهن بتحليل «الكروسومات» التى لا تتغير مهما أجرى المريض جراحات.

عدم تغيير بيانات البطاقة الشخصية يفتح أبوابًا لتعرض المريض إلى مشكلات قانونية، فالصورة الجديدة بالبطاقة بعد تغيير الاسم والجنس، قد توقعه فى «كارثة» إذا صادف وتم استيقافه فى كمين للشرطة على سبيل المثال.

وتبدأ رحلة المريض من سكرتير لجنة تصحيح الجنس محمود أمين الذى يتلقى ملف المريض الذى يتكون من تقرير طبى بالحالة من مستشفى حكومى أو مستشفى خاص.

ويقول إن رحلة المريض تبدأ من بداية تقديمه الملف بنقابة الأطباء حيث تتم كتابة طلب بالجنس الذى يرغب التحول إليه، مع إرفاق التحاليل المطلوبة من صورة دم كاملة والخريطة الكروموسومية XY 46 إذا كان ذكرا وXX 46 إذا كان أنثى، بالإضافة إلى تحليل الهرمونات، ثم تقرير نفسى لحالته النفسية.

وأوضح سكرتير اللجنة، أن طلبات تحويل الجنس أو تصحيحه فى ازدياد، فهناك 50 حالة تم رصدها منذ بداية عام 2013 وحتى الآن.

وقال إن لجنة تصحيح الجنس بالنقابة تتكون من 7 أعضاء برئاسة الدكتور أسامة عبدالحى، وكيل النقابة، وتضم الأعضاء الآخرين، وهم أستاذ ذكورة وأستاذ جينات وراثية وغدد وأطفال واثنين من الأساتذة النفسيين وأستاذ أصول الفقه من الأزهر للموافقة الشرعية على التحويل.

وأوضح الدكتور طه عبدالناصر، أستاذ طب وجراحة الذكورة والتناسل بطب القاهرة مقرر لجنة تصحيح الجنس بنقابة أطباء مصر، أن المرضى ينقسمون إلى مجموعتين، المجموعة الأولى التى تعانى من اضطرابات عضوية كحالات الخنثى الذكرية أو الخنثى الأنثوية.

وأضاف أن الخنثى هو الشخص، الذى لا تتوافق أعضاؤه التناسلية الخارجية بالجنس الحقيقى من ناحية الكروموسومات، ففى حالة الخنثى الأنثوية مثلا يكون التركيب الكروموسومى XX والأعضاء التناسلية الداخلية أنثوية «رحم ومبيض» ولكن الأعضاء التناسلية الخارجية تشبه الذكر، وبالنسبة للذكر يكون تركيبه الكروموسومى XY والأعضاء الداخلية «رجل» أى خصيتان وقنوات منوية ذكرية، ولكن لا يوجد رحم أو مبيض وتكون أعضاؤه التناسلية الخارجية شبيهة بالأنثى، ولذلك يتم تسميته على أنه أنثى عند مولده، موضحا أن هذا الشخص عند بلوغه يظهر له أعراض رجولة ثانوية كظهور الشعر فى الوجه والشارب وخشونة الصوت ولا يتكون له ثدى ولا تكون هناك دورة شهرية ويذهب به الأهل إلى طبيب النساء والتوليد بسبب هذه التغيرات وعدم حدوث طمث وهذا ما نسميه الاضطراب العضوى.

وأشار الدكتور طه إلى أن النوع الثانى من المرضى، وهو الذى يعانى من اضطراب فى الهوية الجنسية وهو الإحساس الداخلى بالأنوثة أو الذكورة وهو ما يسمى بالجنس العقلى، كاشفا أن الهوية الجنسية تبدأ فى التشكيل من عمر ثلاث سنوات وتكتمل عند 6 سنوات ويميل الطفل الذكر فى هذا السن إلى الألعاب العنيفة والأنثى تميل إلى الألعاب الناعمة والإحساس من الداخل، مؤكدا أن اضطراب الهوية الجنسية معناه أن يكون إحساس الشخص العقلى بالأنوثة أو الذكورة مخالفاً للجنس العضوى والبيولوجى بالرغم من اكتمالها حيث يشعر أنه أنثى رغم أنه كامل الذكورة، وهذا ما يسمى اضطراب الهوية الجنسية الذكورى والعكس بالنسبة للأنثى.

ونوه الدكتور طه عبدالناصر بأنه لا يمكن معرفة أسباب اضطراب الهوية الجنسية حتى الآن، وهل نتيجة تعرض الجنين فى بطن أمه لجرعات من هرمونات الذكورة أم التربية والتنشئة الخاطئة، حيث إن الأب يشعر الطفل ويربيه على حسب النوع الذى يرغب الأب أن يكون عليه ابنه ويقوم بإسناد أعمال الرجال له، أو أن هذا الشخص يعانى من خلل فى المخ، ولكن لم يثبت حتى الآن الأسباب الحقيقية خلف هذا ويكون خللا وظيفيا وليس تشريحيا ولم يثبت بالفحوصات ولا بالرنين وجود مشكلة بالمخ ولا يوجد لديهم خلل بالهرمونات.

ويتابع، اضطراب الهوية الجنسية قد يصيب الشخص نتيجة تعرضه فى مرحلة الطفولة إلى ممارسة الجنس مع شخص من نفس جنسه بحيث يمكن أن يسبب له هذا الاضطراب فى الهوية الجنسية وهو غير مرتبط بالرغبة فى ممارسة الجنس بطريقة معينة.

موضحا أن المرحلة الأولى والمهمة هى التقييم الطبى بالتشخيص الدقيق بحيث يجب أن يتم تشخيص الجنس الجينى أو الكروموسومى والجنس الداخلى والجنس الظاهرى سواء ذكر أو أنثى أو خنثى، ثم تشخيص الحالة الهرمونية وهل هناك أى اضطراب فيها أم لا، ثم يأتى التقييم النفسى لتحديد الهوية الجنسية ومستوى الذكاء ووجود أمراض نفسية أخرى كالوسواس القهرى مثلا أو حالات الاكتئاب الحاد أو المزمن أو انفصام الشخصية، ويتم كذلك تقييم سلوكيات المريض هل هى طبيعية أم غير طبيعية كما يتم من خلال الطبيب النفسى استبعاد حالات الشذوذ الجنسى.

وأوضح مقرر اللجنة، نحن كلجنة طبية نوافق بالتحويل الجنسى من عدمه بعد أن نكون قد استوفينا كل مراحل التشخيص والعلاج سواء علاج نفسى أو هرمونى، حيث يتم وصف علاج للمريض لمدة عامين بعد تشخيص الحالة ثم يسير فى طرق العلاج الصحيحة ثم نطلب من المريض أن يكتسب الشخصية التى تتوافق وعقله، مضيفا، هذا الشخص الذى يرغب فى التحول ويكون لديه إصرار غريب ويغير المجتمع الذى يعيش فيه ويعيش فى مجتمع آخر وبعد مرور العامين يستطيع أن يأخذ القرار النهائى لأننا إذا وقفنا على عكس رغبته يمكن أن ينتحر.. ولفت الدكتور طه إلى مشكلة طبية حقيقية يواجهها هؤلاء الذين يرغبون فى التحول حيث تحدث لهم مضاعفات صحية خطيرة بعد إجراء عملية التحول، حيث إن مثل هذه العمليات تتم عبر أكثر من مرحلة ويتعرض المريض للعديد من العمليات الجراحية ويدخل غرفة العمليات أكثر من مرة وبالتالى يتعرض هذا المريض للعديد من المضاعفات فإذا كانت أنثى وترغب فى التحول إلى رجل فلابد أن تخضع لعملية استئصال للثدى وتجميله، ثم عملية أخرى يتم فيها استئصال المبايض والمهبل، وعملية ثالثة لتخليق عضو ذكرى وزرع دعامات سليكونية حتى يستطيع ممارسة الجنس.

ويتابع د. طه، هذا بالإضافة إلى تناول العلاج الهرمونى حتى يظهر له شارب وذقن ناهيك عن العلاج الهرمونى وما يسببه من مضاعفات محتملة، ويشير إلى أن إجراء مثل هذه الجراحات معقد ويحتاج إلى جراحين متمرسين وعلى مهارة عالية لإجراء مثل هذه الجراحات لأنها قد ينتج عنها الكثير من المشاكل فى المثانة والجهاز البولى، مؤكدا أن التحويل من رجل لامرأة سهل أما من امرأة لرجل فعملياتها صعبة ومعقدة وقلة قليلة من الجراحين فى مصر يقومون بمثل هذه الجراحات. ويلفت د. طه إلى مشكلة أخرى صعبة تواجه المريض بعد إجراء كل هذه العمليات، حيث يذهب إلى مصلحة الأحوال المدنية لتغيير البطاقة والأوراق الرسمية فيتم إحالته إلى مصلحة الطب الشرعى التى ما إن تنظر إلى تحليل الكروسومات حتى ترفض عملية التحويل ويظل المريض فى معاناة من نوع آخر.

وأوضح، أن لجنة تصحيح الجنس برئاسة الدكتور أسامة عبدالحى وكيل عام النقابة، خاطبت مصلحة الطب الشرعى بانتداب أحد أعضائها لحضور اجتماعات اللجنة والمشاركة كعضو فيها وفى اتخاذ القرار حتى تكون مصلحة الطب الشرعى على دراية بمعرفة تفاصيل كل حالة وحتى لا يدخل المريض فى معاناة طويلة لأن الكروسومات تظل كما هى لا تتغير حتى بعد إجراء عملية التحويل وبعد تناول الهرمونات وتغيير الشكل الظاهرى فقط بما يتوافق مع الجنس العقلى أو الهوية الجنسية، ولكن تظل الكروسومات كما هى لا يمكن تغييرها لذلك يتم رفض طلبات تحويل الجنس وعدم التصريح بتغيير البيانات فى البطاقة الشخصية واسمه.

مشيرا إلى أن هذه المشكلة تمثل كارثة للمريض لأنه فى البداية كان اسمه مطابقاً لشكله، وإنما بعد عمليات تغيير الجنس أصبح شكله مخالفا لما فى البطاقة، وإذا صادفه كمين شرطة يقع فى مشكلة كبيرة.

وكشف الدكتور طه، أن عمل اللجنة بدأ منذ 10 سنوات قمنا خلالها بالموافقة على تغيير 10 حالات بخلاف الحالات التى تقوم بإجراء عمليات تغيير الجنس دون موافقة اللجنة سواء فى الخارج أو داخل مصر.



المتحولون


دكتور-اسامة-عبد-الحي


دكتور-طة-عبد-الناصر


محمود-أمين








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة