بعد تطبيق الحد الأقصى للأجور.. البنوك العامة تواجه عودة تدنى الأرباح والأداء وزيادة الديون المتعثرة.. نزوح جماعى متوقع للكفاءات للمصارف الخاصة.. وربط الأجر بالإنتاج والمستهدفات والهيكلة أهم العلاجات

الإثنين، 04 أغسطس 2014 06:14 م
بعد تطبيق الحد الأقصى للأجور.. البنوك العامة تواجه عودة تدنى الأرباح والأداء وزيادة الديون المتعثرة.. نزوح جماعى متوقع للكفاءات للمصارف الخاصة.. وربط الأجر بالإنتاج والمستهدفات والهيكلة أهم العلاجات البنك المركزى المصرى
كتب أحمد يعقوب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بعد أيام قليلة من تقاضى قيادات الجهاز المصرفى لرواتبهم بالحد الأقصى للأجور، عاودت المخاوف من تدنى مستويات الأرباح بالبنوك العامة، وارتفاع الديون المتعثرة مرة أخرى، وتراجع الأداء الوظيفى للظهور، وسط توقعات بنزوح كبير للكفاءات المصرفية لبنوك القطاع الخاص.

وخلال أكثر من 10 سنوات خاضت البنوك العامة برنامجًا ناجحًا للإصلاح المصرفى، فى عهد الدكتور فاروق العقدة وهشام رامز، نجح هذا البرنامج فى العمل على تراجع معدلات الديون المتعثرة من 130 مليار جنيه عام 2003، إلى مستويات لا تذكر حاليًا، وزيادة أرباح البنوك المملوكة للدولة لتصل إلى عدة مليارات من الجنيهات، وارتفاع الأداء ليوازى المستويات المتحققة فى المؤسسات المصرفية الخاصة، ليأتى تطبيق الحد الأقصى للأجور بالبنوك العامة، لتعود المخاوف من تراجع الأداء وسط غياب الحافز على العمل ووسط مخاوف من عودة هذا الشبح مرة أخرى.

ويعد توزيع الأرباح أهم حوافز العمل بالبنوك على مستوى العالم، حيث يتم ربط مستهدفات الأرباح ونمو قطاعات المؤسسة المختلفة، بأرقام محددة للمؤسسة المصرفية عند تحقيقها يتم صرف توزيعات الأرباح بنسبة محددة سلفا من قبل الجمعية العمومية، وهو ما يؤكد قياس أداء أى عامل أو قيادة مصرفية وإثابته بناءً على مدى قدرته على تنفيذ أهداف المؤسسة الموضوعة سلفًا، أى برط الأجر بالإنتاج، وبالتالى دفع نمو المؤسسات وتحقيق أرباح تعود للدولة.

وعند تطبيق الحد الأقصى للأجور بالبنوك العامة بـ42 ألف جنيه، فإن إجمالى ما تتقاضاه القيادة المصرفية لا يرتفع سنويًا بالعلاوة السنوية المقررة من الدولة أو توزيعات الأرباح أو يراعى مستوى التضخم بل ويساوى بين راتب أكثر من 6 درجات وظيفية، مثل رئيس البنك والنواب ورؤساء القطاعات ومديرى العموم، وبالتالى ماذا يدفع الموظف إلى العمل ودفع معدل نمو المؤسسة التى يعمل بها ويفخر بالانتماء إليها.

وكانت فكرة استقدام المستشارين من البنوك الخاصة إلى البنوك العامة فى عهود سابقة، تأتى فى الأساس لاستقطاب الكفاءات والخبرات القادرة على تطوير الإداء فى البنك العام، وبالتالى الحصول على راتب عالى يسهم فى هذا الهدف، وبعد تطبيق الحد الأقصى للأجور بالبنوك العامة فإن بريق العمل بالبنوك العامة يتضاءل، فضلًا عن رفض الكثير من قيادات المؤسسات الخاصة العمل فى نظيراتها الحكومية لضعف الراتب.

وبعد تطبيق الحد الأقصى للأجور بالبنوك العامة تصعب معه عملية تصعيد واختيار الكفاءات القادرة على القيادة والتى حازت على مستويات راقية من التعليم والتدريب، والتى تتيح المحافظة على محافظ الائتمان بالبنك وتقليل مستويات الديون المتعثرة، والتى وصلت قبل سنوات الإصلاح المصرفى إلى 130 مليار جنيه.

وقد نمت مستويات الأرباح بالبنوك العامة خاصة الكبرى مثل الأهلى ومصر والقاهرة، من عدة ملايين من الجنيهات سنويًا قبل سنوات، لتصل إلى عدة مليارات من الجنيهات تؤول للخزانة العامة للدولة، وللمواطنين المصريين، ومع تطبيق الحد الأقصى للأجور، سوف يشعر الموظف بالتراخى، عند النظر إلى زميله فى مؤسسة مصرفية خاصة.

وبدأ عدد من القيادات المصرفية فى قطاعات مختلفة داخل البنوك العامة، فى التفكير فى الفرص البديلة وإعادة ترتيب الأوراق بعد تطبيق الحد الأقصى للأجور بالبنوك العامة والبنك المركزى، ومن هؤلاء من يقدر على مستوى معيشة بدخل أقل والأغلبية العظمى من هؤلاء المصرفيين من حصل على قروض من البنوك لشراء عقارات أو مستلزمات أخرى، واعتاد على مستوى معيشة تسمح به شريحة دخله الشهرى العالى، ويدرس أبناؤه بمدارس خاصة وأجنبية تحتاج إلى عشرات الآلاف من الجنيهات، وهو ما يضعه فى مأزق سداد هذه الأقساط بعد خفض راتبه الشهرى، ويدفعه إلى إعادة التفكير فى شئون حياته فى سن الأربعينات والخمسينات من عمره.

ولطبيعة العمل التى تحمل خصوصية "مستهدفات تحقيق الأرباح" بتلك البنوك العامة فإن الكثير من مديرى الإدارات والقطاعات والنواب ورؤساء البنوك العامة يتجاوز كثيرًا حد الـ42 ألف جنيه، المزمع تطبيقه خلال أيام، فمثلًا من يصل راتبه إلى 38 ألف جنيه لن يتم المساس براتبه فى هذا القرار الجمهورى بالحد الأقصى للدخل، على أن يخفض راتب من يتجاوز 42 ألف جنيه، ليصبح إجمالى الدخل الشهرى لرئيس القطاع بالبنك العام 42 ألف جنيه، وهو نفس راتب رئيس البنك وراتب نائب رئيس البنك وهو ما يمثل تشوهًا فى منظومة الأجور داخل الجهاز المصرفى، لها العديد من التداعيات النفسية والمعيشية والاجتماعية.

ومع تطبيق الحد الأقصى للأجور على بنوك القطاع العام، وهى المملوكة للدولة، تنفيذا للدستور، فإن هناك تغييرًا جذريًا فى خريطة الرواتب وإجمالى الدخل الشهرى للعاملين والقيادات فى البنوك العامة والتى سوف تلقى بظلالها على الرواتب فى البنوك الخاصة والأجنبية العاملة فى السوق المحلية، والسوق المصرفية ككل.

ويترواح الحد الأدنى للأجور بالبنوك العامة فى مصر بين 3500 و4500 جنيه شهريًا، بمتوسط 4000 جنيه، وقبل تطبيق الحد الأقصى للأجور، فإن الرواتب القيادات العليا كانت تصل إلى نحو 150 ألف جنيه شهريًا، بهامش زيادة ونقصان يترواح بـ10% فوق هذا الرقم، وهو ما يمثل 35 ضعفًا للحد الأدنى.

وهناك قطاعات محددة بالبنوك تستحوذ على إجمالى دخل شهرى لقياداتها هو الأعلى نسبيًا مثل الخزانة والمعاملات الدولية، والذى يصل إجمالى الدخل الشهرى لرئيس القطاع به فى البنوك الحكومية إلى متوسط 110 آلاف جنيه شهريًا، قبل تطبيق الحد الأقصى للأجور بـ42 ألف جنيه، وقطاع الائتمان الذى يصل بمتوسط 90 ألف جنيه شهريًا، ثم المخاطر الذى يصل إلى 85 ألف جنيه شهريًا والتجزئة المصرفية والفروع الذى يصل إلى 100 ألف جنيه شهريًا، وفقًا لمصادر مصرفية مطلعة، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع".

وتقل متوسطات الأجور بقطاعات مصرفية أخرى مثل المشروعات الصغيرة والمتوسطة والالتزام والموارد البشرية والعلاقات العامة وتكنولوجيا المعلومات وغيرها، مقارنة بقطاعات الخزانة والائتمان والمخاطر والتجزئة المصرفية، نظرًا لأن الأخيرة مستوى مخاطر العمل بها مرتفع، والكفاءات المتميزة بها قليلة وعليها طلب كبير فى السوق المصرفية، فضلًا عن تعاملات قياداتها وموظفيها فى مبالغ تتخطى ملايين الجنيهات فى بعض الأحيان بل وتصل إلى مليارات الجنيهات.

وفى بنوك القطاع الخاص العاملة فى مصر يتضاعف الأجر الشهرى لرئيس القطاع ليصل إلى 220 ألف جنيه فى قطاع الخزانة والمعاملات الدولية، وقطاع الائتمان الذى يصل بمتوسط 200 ألف جنيه شهريًا، ثم المخاطر الذى يصل إلى 180 ألف جنيه شهريًا والتجزئة المصرفية والفروع الذى يصل إلى 160 ألف جنيه شهريًا، مما يعنى أن نزوحًا متوقعًا من بنوك القطاع العام إلى البنوك الأجنبية والخاصة فى مصر والخليجية، خلال الفترة المقبلة، والذى وضع حدًا أقصى للأجور بالبنوك العامة بـ42 ألف جنيه وهو أقل كثيرًا من متوسطا السوق المصرفية.

ومن السلبيات التى سوف يشهدها تطبيق قرار الحد الأقصى للأجور بالبنوك العامة، هجرة العديد من الكفاءات المصرفية بالبنوك العامة إلى نظيراتها بالبنوك الخاصة والأجنبية والخليجية، نظرًا للرواتب الكبيرة ومنظومة الأجور التى لم تمس فى الأخيرة، وسلبية أخرى تتمثل فى ضعف آلية الحوافز التى يتم منحها وفقًا لتقييم الأداء الوظيفى، والأمر يحتاج إلى هيكلة شاملة لقطاعات مثل الشئون الإدارية والموارد البشرية، والأهم من ذلك أنه ستصبح عملية استقطاب الكفاءات المصرفية القادرة على تطوير الأداء والارتقاء بالحوافز بالبنوك العامة عملية فى غاية الصعوبة نظرًا لضعف الأجر.

وقالت مصادر مصرفية إن قرار الحد الأقصى للدخل بالبنوك العامة والبنك المركزى قرار لا مثيل له عالميًا فراتب محافظ البنك المركزى ورؤساء البنوك المملوكة للدولة فى بعض دول العالم يتجاوز كثيرًا رواتب رؤساء تلك الدول بأكثر من ضعف راتبهم.

والحل يكمن فى إعادة النظر فى قرار الحد الأقصى للأجور بالبنوك العامة المزمع تطبيقه خلال أيام، بإجراء إعادة هيكلة شاملة للأجور الدرجات الوظيفية خاصة الأدنى من 42 ألف جنيه، حتى لا تحدث فجوة اجتماعية ومالية ومعيشية كبيرة فى هذا الكيان الذى شهد إصلاحات عدة على مدار أكثر من 10 سنوات ليصبح القطاع المصرفى أقوى كيان اقتصادى فى مصر الآن.

وتضم قائمة البنوك المملوكة للدولة "الأهلى" و"مصر" و"القاهرة"، والاستثمار العربى والاستثمار القومى، وبنك التنمية الصناعية والعمال المصرى، والبنك العقارى المصرى العربى، وبنك التعمير والإسكان.

وقالت مصادر مصرفية إن تلك البنوك بالإضافة إلى البنك المركزى المصرى طبقت بالفعل الحد الأقصى للأجور بـ42 ألف جنيه على من يتجاوز هذا الحد مع رواتب شهر يوليو 2014.

وقال مسئول مصرفى رفيع المستوى بالبنك المركزى المصرى، إن تطبيق الحد الأقصى للأجور على العاملين بالبنك المركزى المصرى وبنوك عامة هى الأهلى المصرى وبنك مصر وبنك القاهرة، يوفر 6 ملايين جنيه فقط شهريًا، بإجمالى 72 مليون جنيه سنويًا.

وأضاف المصدر، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن حجم الأجور السنوية بالبنك المركزى المصرى وبنوك "الأهلى" و"مصر" و"القاهرة" يبلغ 5.6 مليار جنيه، مؤكدًا أن تلك البنوك تخضع لمظلة قانون الحد الأقصى للأجور الذى صدر بقرار جمهورى الأسبوع الماضى.

وكان "اليوم السابع" قد انفرد قبل أيام، بصدور قرار جمهورى بتعديل القانون الخاص بشأن الحد الأقصى لدخول العاملين بالجهاز الإدارى للدولة، على أن يتم إدراج البنك المركزى المصرى والبنوك العامة، والبترول وموظفى الطيران، وبدون استثناءات لأية جهة حكومية من هذا القانون بحد أقصى 42 ألف جنيه شهريًا، وهو ما صدر بالفعل ونشر بالجريدة الرسمية.

وطبق البنك المركزى المصرى والبنوك العامة الحد الأقصى للأجور بداية يناير 2013، وهو 35 ضعف الحد الأدنى، وكان هذا الرقم يتجاوز الـ100 ألف جنيه فى بعض المؤسسات المصرفية العامة، إلا أن القرار الجمهورى الصادر مؤخرًا بتعديل القانون الخاص بشأن الحد الأقصى للأجور بالدولة، وإدارج البنك المركزى المصرى، والبنوك العامة سوف يخفض الحد الأقصى للأجر إلى 42 ألف جنيه.

ونشرت الجريدة الرسمية فى عددها الصادر مؤخرا، قرار الرئيس عبد الفتاح السيسى بقانون بشأن الحد الأقصى للعاملين بأجر لدى أجهزة الدولة، بحيث يكون الحد الأقصى لما يتقاضاه أى عامل من العاملين فى الحكومة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة والقومية الخدمية والاقتصادية وغيرها من الأشخاص الاعتباريين والعاملين بقوانين وكادرات خاصة، هو مبلغ 42 ألف جنيه شهريًا، وهو ما يمثل 35 ضعفًا من الحد الأدنى 1200.





موضوعات متعلقة..


"اليوم السابع" ينشر خريطة رواتب البنوك بعد تطبيق الحد الأقصى للأجور

تأكيدًا لانفراد "اليوم السابع".. البنوك تبدأ تطبيق الحد الأقصى للأجور.. خفض رواتب هشام رامز وقيادات مصرفية لـ42 ألف جنيه.. مسئول: بدأنا التطبيق برواتب العاملين بالبنك المركزى

البنك الأهلى المصرى يصرف رواتب موظفيه اليوم بالحد الأقصى للأجور

بنك مصر: صرفنا رواتب يوليو.. وطبقنا الحد الأقصى للأجور

هشام رامز لـ"اليوم السابع": تطبيق الحد الأقصى للأجور بالبنك المركزى والبنوك العامة "فورًا" وفقًا للقانون.. والتنفيذ على رواتب شهر يوليو الجارى.. وخفض إجمالى الأجر لمن يتجاوز الـ42 ألف جنيه لهذا الحد

مسئول بالبنك المركزى لـ"اليوم السابع": 72 مليون جنيه سنويًا يوفرها الحد الأقصى للأجور بالبنوك.. و5.6 مليار قيمة الرواتب بالمركزى والأهلى ومصر والقاهرة.. نلتزم بالتنفيذ الشهر الجارى

مفاجأة.. القرار الجمهورى بالحد الأقصى للأجور يشمل البنك المركزى والبنوك العامة والبترول وموظفى الطيران.. مصادر: لا استثناء لأية جهات حكومية من سقف الـ42 ألف جنيه








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة