محمد والمسيح... كتاب المحبة ينزع فتيل الفتن الطائفية

الإثنين، 05 يناير 2015 07:09 م
محمد والمسيح... كتاب المحبة ينزع فتيل الفتن الطائفية غلاف الكتاب
كتب - أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يجتمع فى هذه الأيام ميلاد المسيح عيسى بن مريم والكريم محمد بن عبد الله، وذلك فى أوقات مباركة، تجمع أعياد المسلمين والمسيحيين معاً، وتطل على الشعب المصرى بقطبيه المسلمين والمسيحيين بكثير من الرضا والسعادة، التى تنعكس على حياة المواطن البسيط العادى الذى تم تحريره ومنحه كرامته عن طريق ما جاء به النبيان الكريمان من عدالة وأخوة ومحبة.. فحين يجتمع ميلاد النبيين تشرق السعادة فى المساجد والكنائس ويجد المصريون فى ذلك فرصة ليتأملوا لحظتى الميلاد السعيدتين، فى بيت لحم، حيث جاء المسيح ليدخل «الخراف الضالة» فى حظيرة الرب، وفى مكة جاء محمد «ليخرج الناس من الظلمات إلى النور» ومعا لينشرا الحق والعدل والمحبة والسلام والجمال.. وهنا سنطالع العلاقة التى تجمع بين المسيح ومحمد فى كتاب «محمد والمسيح» معا على الطريق لـ«خالد محمد خالد» وذلك فى طبعة جديدة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.
فمنذ 1400 عام قال الرسول محمد: «والذى نفسى بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم مقسطا» إذن هو نور واحد ذلك الذى يخرج منه النبيان، محمد وعيسى جاءا ليقيما العدل الذى سرقه ظلم الإنسان لأخيه، وليؤكدا حقه فى المعاش وحمايته من الاستغلال والنهب وحماية مال الشعب من السرقة والاستحلال ويحفظا للإنسان حق تعبه وعرقه.

ما بين محمد وعيسى عليهما السلام نحو 600 عام، ومع ذلك تجدهما كلمة واحدة لم تنقطع بل موصولة فى المحبة والخير، هما روحان عظيمتان سقيتا بماء واحد، فهما معا على طريق الرب، كما ذكر خالد محمد خالد، فى كتابه «معا على الطريق» حيث قال المسيح: «جئت لأخلص العالم» بينما قال محمد: «إن الله أرسلنى للناس كافة.. وأرسلنى رحمة للعالمين» ولأنهما كانا صادقين فى دعوتهما ومخلصين لها فقد دخلت دعوتهما إلى كل بقاع العالم، وكان من حظ مصر أن تجاورتا معا وشكلتا روح هذه الجماعة الوطنية.
إن المسيح ومحمد جاءا من أجل «الإنسان» ليخلصاه من الجهل الذى هو صنيعة الظلم والاستبداد الذى كان سائدا فى هذه البلاد وللقضاء على الكهنوت الذى كان مسيطرا من الذين كانوا قبلهما من اليهود فى فلسطين الذين يعبدون المال ومن المشركين فى مكة الذين يحتقرون من هم دونهم، فهما جاءا ليحطما الأغلال التى تحيط بهذا الإنسان الذى هما جزء منه وعليه تم اختيارهما منذ البداية فقد كانا رجلين من البشر.. اثنين من عباد الله ومن أولاد آدم.. يأكلان الطعام ويمشيان فى الأسواق، لذا هما يعرفان عذاب الإنسان ومآسيه ووجعه، وكانت البداية الإنسانية لهما أنهما يرفضان المزايدة فى توقيرهما فقال عيسى: «أنا ابن الإنسان» وقال محمد: «أنا بشر مثلكم» كما قال: «لست سيدا لأحد، إنما أنا عبد الله ورسوله» حتى إن معجزاتهما كانت من الإنسان وإليه سواء فى علاج المرضى فى المسيح أو القرآن الكريم لمحمد، كان همهما أن يحررا الإنسان من الأساطير الموروثة.
محمد وعيسى وقفا طويلا أمام الرجل الفقير العادى الذى طحنه الظلم وذلته سياط البغاة وبحثا عن راحته وهنائه، فقال عيسى: «طوباكم أيها المساكين، لأن لكم ملكوت الله، طوباكم أيها الجياع الآن، لأنكم تشبعون، طوباكم أيها الباكون الآن، لأنكم ستضحكون» وقال: «روح الرب مسحنى لأبشر المسكين، أرسلنى لأشفى منكسرى القلوب، لأنادى للمأسورين بالانطلاق، وللعمى بالبصر، وأرسل المنسحقين فى الحرية» كل ذلك فعله المسيح لحساب الفقراء والعاديين من البشر ولكرامة الإنسان وحقوقه.
أما محمد فكان يقول عن الفقراء والعبيد: «أهلا بمن أوصانى بهم ربى» وكان يقف بين يدى ربه ضارعا يقول: «اللهم احينى مسكينا، وأمتنى مسكينا، واحشرنى فى زمرة المساكين» وقال أيضا: «قمت على باب الجنة، فإذا عامة من دخلها المساكين» وعن دورهم الاجتماعى العظيم قال: «إنما تنصرون وترزقون بضعفائكم» وهو هنا يقصد الفقراء والمستضعفين فى الأرض، كما أن حياة محمد كانت فقيرة قد كان يمر الشهر ولا يوقد فى بيته نار.

ومن قبل صاح المسيح فى الكهنة الذين جاءوا يزفون امرأة خاطئة والحجارة فى أيديهم: «من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر» ثم التفت إلى المرأة وسألها: ها دانك أحد؟ وأجابته: كلا يا معلم، فيقول لها: ولا أنا أدينك.. اذهبى ولا تخطئى. إننا أمام موقف يليق بابن الإنسان الذى جاء ليخلص الأنفس لا ليهلكها.
أما محمد فقد جاء إليه رجل يتهم آخر بالنفاق فقال له النبى: هل شققت عن قلبه، فيرد الرجل: يا رسول الله، إنه يخفى عن نفسه غير ما يعلن، ويجيبه الرسول: إن الله لم يأمرنى أن أشق صدور الناس لأرى ما فيها، لقد جاء محمد عليه السلام ليحمى الضمير الإنسانى ويحرره من أساطير الأولين، فلا يجعل بين الله والناس وسطاء، ولا فضل لعربى على عجمى ولا أبيض على أسود، فقال: «ليس لابن البيضاء على ابن السوداء فضل» وقال ذات يوم «والذى نفسى بيده لو لم تذنبوا، لذهب الله بكم، ولجاء بآخرين يذنبون فيستغفرون، فيغفر لهم».

وفى ظل العالم الممتلئ بالظلم وبعد كم كبير من الحروب المهلكة التى أودت بحياة الملايين من البشر والشجر والحيوان والحجر لأجل أطماع شخصية ارتكبها المتطرفون من كل نوع الذين يرهبوننا لأن الخوف يسكنهم هم فى الأساس.. يتذكر الناس لماذا جاء الأنبياء، لقد جاءوا لأن العالم كان فى حاجة إليهم جاءوا ليحرروا العالم من العنصرية التى كانت سائدة ويقضيان عليها وكذلك يحرران العقل البشرى من الاستغلال والجهل والظلم.. ولينشروا الأمل والرجاء فى طريق البشرية.

ومن الأجزاء المهمة فى حياة المسيح ومحمد عليهما السلام رعايتهما للطفولة، فعندما سأل التلاميذ المسيح: من هو أعظم فى ملكوت السموات، فدعا يسوع إليه ولدًا وأقامه فى وسطهما وقال: «الحق أقول لكم، إن لم ترجعوا وتصيروا مثل هؤلاء الأولاد فلن تدخلوا ملكوت السموات.. ومن قَبِل ولدًا واحدا مثل هذا، فقد قَبِلنى ومن أعثر أحد هؤلاء الصغار المؤمنين بى، فخير له أن يعلق فى عنقه حجر الرحى ويغرق فى لجة البحر».

كان المسيح «خبز الحياة» كما قال عن نفسه، وهو الحب الذى لا يعرف الكراهية.. هو السلام الذى لا يعرف القلق.. هو الخلاص الذى لا يعرف الهلكة، كما يقول خالد محمد خالد فى كتابه «معا على الطريق».
وكان محمد «صديق الحياة» أجود الناس كفا.. وأجرأهم صدرا.. وأصدقهم لهجة.. وأوفاهم ذمة.. وألينهم عريكة.. وأكرمهم عشرة» على حد وصف كتاب «معا على الطريق».








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة