بعد دعوة "السيسى".. 7 خطوات فى طريق "ثورة التصحيح الدينية".. توحيد نظام التعليم وتحجيم رجال الدين إعلاميًا وإعادة النظر فى التمييز بين المواطنين وكتب الأزهر وسيرة النبى وإشراك الثقافة والإعلام

الأربعاء، 07 يناير 2015 05:31 م
بعد دعوة "السيسى".. 7 خطوات فى طريق "ثورة التصحيح الدينية".. توحيد نظام التعليم وتحجيم رجال الدين إعلاميًا وإعادة النظر فى التمييز بين المواطنين وكتب الأزهر وسيرة النبى وإشراك الثقافة والإعلام جامع الأزهر الشريف
كتب بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أثارت دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى التى حمّل خلالها الأزهر الشريف، إمامًا ودعاة، مسؤولية تجديد الخطاب الدينى، وتصحيح الأفكار والمفاهيم التى ليست من ثوابت الدين، والعمل من أجل «ثورة دينية»، ردود أفعال العديد من الأدباء والمثقفين الذين أكدوا أن حل هذه الأزمة يكمن فى توحيد العقل المصرى، بتوحيد نظام التعليم، وجعل التخصص فى فقه الدين أمرًا خاصًا، إضافة إلى إعادة النظر فى التمييز بين الذكر والأنثى، والمسلم والمسيحى، ومراجعة كتب الأزهر، واستبعاد العنف وأسباب القتال والأحاديث الموضوعة، ومراجعة سيرة النبى صلى الله عليه وسلم، وإشراك الثقافة والإعلام.

الناقد الكبير الدكتور صلاح فضل قال لـ«اليوم السابع»: لا أعتقد أنه من شأن رئيس الجمهورية وهو يحمّل فريقًا من الناس المسؤولية أن يلجأ إلى الخطاب الدينى نفسه، ويستخدمه بهذه الطريقة قائلاً «أحاجكم عند الله»، فهذه المسألة غيبية لا تدخل فى سلطة رئيس الجمهورية، ولا فى طريقة ممارسته وظيفته، فإن يقف فى صف رجال الدين لكى يخاطبهم بهذه اللهجة فهو يتنازل عن حقه فى محاسبتهم بالقانون والدستور، ويتنازل عن حقه فى اتهامهم بالتقصير خلال أداء مهمتهم وتلفيق الأفكار الدينية التى تؤدى إلى التطرف والإرهاب وتبرر الجرائم التى يرتبكها هؤلاء المجرمون، فالقوانين المدنية وحدها هى الكفيلة بتصويب المخطئين والمقصرين، أما العقاب عند الله فهذه شأن دينى لا علاقة للسلطة المدنية به.

وأضاف «فضل»: إن هؤلاء الذين يتاجرون بالدين، ويتخذونه وظيفة للحصول على أرزاقهم هم فى حقيقة الأمر لا يقدمون الثقافة الدينية الحقيقية، وثقافتهم محدودة، ووعيهم بمتطلبات العصر ضعيف جدًا، ولابد لكى نجابه هذا التخلف الفكرى أن نقضى جذريًا على نظم التعليم الدينى التى تستوعب عددًا ضخمًا من الشباب وتتركهم فى فراغ علمى ودينى بشع، ففى منتصف الخمسينيات كان فى مصر خمسة معاهد أزهرية فقط، تؤهل الذين يريدون التخصص فى العقيدة والشريعة فى كليات الأزهر المحدودة، الآن لدينا خمسة آلاف معهد فى أنحاء الجمهورية يخرجون أفواجًا من الجاهلين بالدين وبالدنيا معًا من الشباب.

ورأى «فضل» أن الحل الجذرى الذى لا بد أن تتجه إليه مصر هو توحيد نظام التعليم، بحيث يكون هناك تعليم أساسى، يقدم الجرعة العلمية والمعرفية والثقافية والدينية المعتدلة، والأدبية والتكنولوجية والفنية بطريقة متوازنة، ثم تأتى الجامعات لكى تستوعب المتفوقين من هؤلاء الخرجين، ومن يريد منهم أن يتوجه إلى الكليات الدينية المتخصصة، لكن بعد أن يتلقى أساسًا معرفيًا متوازنًا فى جميع العلوم الطبيعية والإنسانية.

وتساءل «فضل»: هل يستطيع الرئيس أن يملك الشجاعة لتوحيد العقل المصرى، وإصلاح التعليم، وتفادى هذه الازدواجية التى لا نظير لها فى أى بلد عربى آخر؟، مضيفًا: إن تضخيم المؤسسة الدينية الإسلامية، ثم إغماض العين عن تهافتها وضعفها، واختراق التيارات المتطرفة لها طيلة العقود الأربعة الماضية هو السبب فى الكارثة التى نعيشها اليوم، فلابد من تحجيم دور رجال الدين، وليس إطلاق أيديهم فى وسائل الإعلام والتعليم، لأن وعيهم مقصور، ورؤيتهم أحادية، وطريقتهم فى التعامل مع الحياة من منظور دينى فحسب تقود لا محالة إلى التطرف.

وقال الدكتور على مبروك، أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة: من حيث المبدأ أنا أتفق تمامًا مع احتياجنا لهذه الثورة، وأننا بحاجة لتجديد الخطاب الدينى، لكن السؤال: هل المستوى المعرفى فى المؤسسات الموكل إليها تجديد الخطاب الدينى يؤهلها لإنجاز هذه المهمة؟، مضيفًا: فى الحقيقة أشك، فما نسمعه من الكبار فى هذه المؤسسات أن هناك عدم فهم للمفاهيم، مثل «تجديد» و«خطاب»، ولربما لم تستطع أن تخرج بمعنى حول هذه المفاهيم.

وقال «مبروك»: ولهذا السبب فأنا أختلف مع الرئيس فى توجهه إليهم، فهذه المؤسسات غير مؤهلة إلا بالخطابة فقط، فلسنا بحاجة إلى لغة تقوم على اللين كما هو شائع حينما نتحدث عن تجديد الخطاب، وعلينا أن نسأل: هل يعرفون معنى تجديد الخطاب؟، والحقيقة أننا بحاجة إلى أن نثير سؤالاً أهم، هو: هل نحن فى حاجة إلى تجديد خطاب تقليدى قديم بمعنى ترميمه وإعادة طلائه، أم أننا فى حاجة إلى خطاب جديد؟، والإجابة أننا- فى ظنى- نريد خطابًا جديدًا.

وأشار «مبروك» إلى أن الخطاب الفقهى على سبيل المثال يقوم على قاعدة أساسية، هى التمييز بين المواطنين، وهذا هو جوهره، وبالتالى حينما نتحدث عن التجديد، هل سيكون التجديد فى القاعدة العامة أم الأقوال الواردة أسفل هذه القاعدة؟، موضحًا: هذه القواعد العامة هى التى تشكل ما نسميه الخطاب، وهى التى نتحدث عنها، ونطالب بتجديدها، ونستخدم كلمة خطاب للدلالة على هذه القواعد العامة، ويبقى السؤال: على ماذا سنعمل لنجدد؟، مضيفًا: المطلوب هو ليس تجديد للخطاب، بل التفكير فى خطاب جديد، وبالتالى علينا أن نعمل على نقد الخطاب القديم، لنفتح الباب لبناء خطاب جديد.

من جانبه طرح الدكتور محمد نور فرحات عدة تساؤلات حول دعوة «السيسى» لإحداث ثورة الإصلاح الدينى، تمثلت فى: هل يقدر على الإصلاح من كان سببًا فى تدهور الأحوال؟، وهل يقدر الأزهر بعلمائه على مراجعة المناهج التى تدرس فى المعاهد الأزهرية اليوم، واستبعاد ما يحض منها على العنف والتمييز؟، وهل يستطيع الأزهر أن يعيد فهم وتفسير آيات القتال فى القرآن الكريم وفقًا لأسباب نزولها؟، وهل يستطيع الأزهر بعلمائه أن يؤكد على التفرقة بين السنة التشريعية والسنة غير التشريعية، وبين الأحاديث الصحيحة والأحاديث الموضوعة؟، وهل يستطيع مراجعة ما ورد فى كتب السيرة التى دونت بعد عشرات السنوات من وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، من روايات منافية للعقل؟، وهل يستطيع أن يعيد الاعتبار للاتجاهات العقلانية فى الفقه وفى علم الكلام؟، وهل الأزهر هو وحده المنوط به إصلاح الخطاب الدينى، أم أنه مهمة كبرى تقع على نظام التعليم، ومنظومة الثقافة والإعلام والدعوة؟








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة