نقلا عن العدد اليومى...
لعل من يتابع ما يجرى فى منطقة الشرق الأوسط والتحركات والصراعات الدائرة، يكتشف إلى أى مدى نجحت الدولة المصرية فى بناء سياسة تقوم على التوازن الدقيق، وإدراك تحديات الأمن القومى المصرى والعربى. وأن أبجديات الأمن تقوم على حفظ بناء الدول، واستحالة حل مشكلات المنطقة من دون القضاء على الإرهاب.
كان الموقف المصرى واضحا من أن الإرهاب يهدد المنطقة والعالم، ولا يمثل تهديدا فقط للدول التى يتركز فيها، وكان التهاون الأمريكى والأوروبى مع الإرهاب والتخلى عن الدول التى شهدت مطالب شعبية بالتغيير سببا فى توسع التنظيمات الإرهابية، وتراجع مصالح الشعوب فى ليبيا وسوريا.
واعترف مسؤولون بريطانيون بحلف شمال الأطلنطى بأنهم أخطأوا عندما ركزوا على إسقاط نظام معمر القذافى فى ليبيا من دون دعم حل سياسى يخلق بدائل، وأن هذا أدى للفوضى، ونفس الأمر اعترف به الرئيس الأمريكى أوباما. وفى سوريا كان التراخى الأوروبى والأمريكى أحد عوامل توسع التنظيمات الإرهابية، واستقدام مئات المقاتلين الأجانب من المرتزقة، مما أدى إلى تعقيد الوضع السياسى فى سوريا، وجعل الشعب السورى بين نارين. كما ظهرت النيات فى اتجاه تنظيم داعش لانتزاع مساحات من العراق وسوريا لإقامة دولة يمكن أن تحتضن الإرهاب.
الشاهد أن المنطقة والعالم أصبحا رهنا للإرهاب، ومن هنا كانت التحذيرات المصرية مبكرا من ترك الإرهاب وتهديداته للمنطقة والسلام فى العالم. وظهرت أزمات اللاجئين والضحايا للإرهاب الأسود، ولهذا فقد كان التحرك الروسى لمواجهة التنظيمات الإرهابية، وتم هذا كله بنقاش عام فى منظمة الأمم المتحدة، واتهمت روسيا على لسان رئيسها بوتين أمريكا بالتسبب فى الفوضى الجارية، وكان أوباما دعا لقمة مواجهة الإرهاب، وبالتالى كان حديث بوتين فى نفس السياق.
وربما يلمح المحللون المدققون إلى أن تشكيل التحركات على المستوى الدولى، وتغيير اتجاهات الرأى الرسمى لدى دول الاتحاد الأوروبى كانا نتيجة لتحركات ومساعٍ مصرية روسية كانت تسلط الضوء للكشف عن أسباب تراجع الحل السياسى فى المنطقة لصالح الحل العسكرى، وخطورة الإرهاب على الأمن القومى والعالمى، وأن الحل العسكرى ودعم المسلحين فى سوريا أديا لتعقيد القضية وليس حلها، وهو ما دفع مصر للدفع نحو الحل السياسى فى سوريا لضمان حقوق الشعب السورى.
وجاءت التحركات الروسية لتكشف عن قلق روسيا على السلم الدولى فى ظل غياب الحسم الأمريكى، والحديث عن مواجهة داعش من دون نتائج. وعندما تدخلت روسيا وهى كانت تساند بشار الأسد من البداية تباينت ردود الأفعال الأوروبية والأمريكية، لكنها بدت رافضة للتحرك الروسى، وإن كانت تؤكد وقوفها ضد داعش والإرهاب.
وبصرف النظر عما يمكن أن يقود له التوتر، فإن التدخل الروسى حرك مياها راكدة فى السياسات الإقليمية، ويمكن أن يدفع نحو حل سياسى، أو تحجيم وإنهاء التنظيمات الإرهابية التى كانت سببا فى إفساد المنطقة وتغير شكل الصراع، فضلا عن تهديد وإرهاب المواطنين العرب والأقليات المختلفة التى تعرضت لأبشع طرق القتل الإرهابية من داعش وغيرها. والنتيجة أن الرؤية المصرية تثبت الوقائع أنها صحيحة وتسير مع ضرورات الأمن القومى العربى والعالمى.
موضوعات متعلقة
- ابن الدولة يكتب: لماذا يجب أن نذهب إلى الانتخابات؟.. وجود مجلس النواب ضرورى لفرض التشريع والرقابة.. إتمام برامج التنمية والتحديث الإدارى وكسر تحالفات الفساد والظلام على رأس أولويات البرلمان القادم
- ابن الدولة يكتب: منظمات حقوق الإرهاب.. بعض هذه المنظمات يكتب عن مصر الأعاجيب.. بعضها يصدر بيانات وكأنه لا يرى إرهاب الإخوان وعنفهم
- ابن الدولة يكتب: رسائل الانتصار.. من الماضى إلى المستقبل.. نحتاج لدرس أكتوبر فى مواجهة تحديات الأمن القومى.. وتحديات داخلية أخطرها الفساد والإهمال