كتبت فى أبريل العام الماضى على حساباتى الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعى وكتبت مقالا فى يونيو الماضى يحمل نفس العنوان وأشرت فى كليهما أننى لست من أنصار فكرة العفو الرئاسى، أرى أن العفو لا يحقق العدالة للجميع وأعلم أنه مسار قد يكون مهما فى حالة الخلل الراهن فى منظومة العدالة فى مصر بشكل عام، ولكن ليس فى حالة العفو على من صدر لهم أحكام قضائية فى قانون التظاهر حيث أرى أن هناك مسارا أكثر عدلا ومساواة وسيطبق على الجميع دون استثناء واختيار من نعفو عنهم، ونترك الباقى مستمرا فى محبسه على ذمة نفس قانون التظاهر.
ولكن لم يستمع لمثل هذا الكلام، وصدر عفو جديد الأسبوع الماضى يشمل أكثر من 300 سجينا. وطبعا بالتأكيد نرحب بمثل هذا العفو لأنه فى الأول والآخر «حرية وحق» لهؤلاء الشباب حتى إن أتى متأخرا جدا، لأنه لو طبق على هؤلاء الشباب «مادة الإفراج بعد 3/4 المدة حسن سير وسلوك» لكان الشباب خرجوا من محبسهم قبل هذا العفو بكثير، فمعظهم قضى مدته كلها عدا شهور قليلة! وبغض النظر عن ذلك التأخر المريب «فإن تأتى متأخرا خير من ألا تأتى». وحيث إنه لا إنسان على وجه الأرض يستطيع أن يعوضهم عن سنوات عمرهم الضائعة خلف قضبان السجن غير المولى عز وجل فالشكر والحمد لله سبحانه وتعالى.
وسأحاول أن أعتبر هذه خطوة جيدة فى محاولة الإصلاح والعدول عن الظلم وإرساء الحق والعدالة، ولكن إذا كانت هناك نية جيدة لذلك وليس مجرد «شو إعلامى» يؤثر داخليا وخارجيا لابد أن يتبع هذا القرار بسلسلة قرارات لمحاولة إصلاح ما تم إفساده فلابد أن يعدل هذا القانون طبقا للدستور الجديد أن يؤخذ بالتعديلات القانونية التى أصدرها المجلس القومى لحقوق الإنسان ولابد أن يطلق سراح باقى الشباب المحبوسين على ذمة القانون، فتطبيق القانون بالعدل على الكل أفضل كثيرا من «عفو» يشمل البعض ويظلم البعض. ولابد أن ينظر أيضا فى فترات الحبس الاحتياطى الممتدة لسنوات طويلة دون محاكمات مما يجعلها تندرج تحت بند الاعتقال باختلاف المسميات، هذا إلى جانب الاختفاء القسرى الذى حدث مؤخرا لعمرو على منسق حركة 6 أبريل وقبله إسراء الطويل ورفاقها. بجانب أنه لا يمنع أحد من حقه فى السفر لمدة تقرب من العام دون توجيه أى تهمة أو خضوع لأى نوع من التحقيقات. فكيف تتوازى الأمور الإصلاحية بين عفو من جهة واعتقال وخطف وانتهاك حريات من جهه آخرى!
وختاما أويد تغريدة د. أيمن الصياد عندما كتب «جميل أن يخرج ولو مظلوم واحد من سجنه، ولكن الأجمل أن يخرج كل المظلومين. أما الأفضل من هذا وذاك هو ألا يكون لديك نظام يسمح أصلا بحبس المظلومين».