لماذا اضطرت الحكومة للتصالح مع متهمى الكسب غير المشروع لتسترد أموال الدولة؟.. التصالح يعالج «الأيدى المرتعشة» ويعيد الثقة لدى المستثمرين الأجانب ويحفز الاقتصاد

الثلاثاء، 20 أكتوبر 2015 10:00 ص
لماذا اضطرت الحكومة للتصالح مع متهمى الكسب غير المشروع لتسترد أموال الدولة؟.. التصالح يعالج «الأيدى المرتعشة» ويعيد الثقة لدى المستثمرين الأجانب ويحفز الاقتصاد المستشار أحمد الزند وزير العدل
تحليل يكتبه: محمود عسكر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
محمود عسكر- 2015-10- اليوم السابع

رغم رفض الكثيرين لمبدأ التصالح مع متهمى جهاز الكسب غير المشروع، خصوصا من المنتمين لنظام ما قبل ثورة 25 يناير، فإن دعوة وزير العدل المستشار أحمد الزند لهم بسرعة تقديم طلب التصالح، لاقت استحسانا من الكثيرين، مع استمرار رفض آخرين.

الرافضون للتصالح ينطلقون من منطلق ثورى، ويتساءلون: كيف تتصالح الدولة مع من نهبوا الشعب واستولوا على المال العام؟ مؤكدين أن مجرد التصالح معهم سيشجعهم على الاستمرار فى أساليبهم السابقة فى الاستيلاء على المال العام، معتبرين أن ذلك سيكون بمثابة تقنين للفساد وليس محاربة له.
أما الموافقون فرأيهم أنه لا سبيل أمام الدولة لاستعادة أموالها المنهوبة إلا بالتصالح مع متهمى الكسب غير المشروع، بعدما فشلت كل محاولات استعادتها بغير التصالح، كما أن التصالح سيكون له مردود آخر على الاستثمارات بشكل عام، حيث ستزول المخاوف لدى المستثمرين من التعامل مع المسؤولين الحكوميين خوفا من تعرضهم لاتهامات بالفساد مستقبلا، مثلما حدث فى قضية رخص الحديد والأسمنت مثلا.

كما يرى هؤلاء أن التصالح سيعالج مشكلة «الأيدى المرتعشة» لدى المسؤولين الحكوميين، الذين أصبحوا يتخوفون من التوقيع على أى عقود استثمارية، تلافيا لتعرضهم لاتهامات بالإضرار بالمال العام والفساد، بالإضافة إلى أن المؤيدين للتصالح يؤكدون أن كثيرا من المتهمين بالكسب غير المشروع لم يكونوا فاسدين، وإنما اضطروا إلى التعامل مع بعض الفاسدين فى الحكومات السابقة لإنهاء مصالحهم.
بين هذا وذاك لا بد أن نعرف ويعرف الجميع أن الوضع الاقتصادى الحالى فى مصر يقترب من الخطر، إذا لم تتخذ الحكومة إجراءات سريعة وقوية لتحفيز الاستثمار المحلى والأجنبى على السواء وبقوة، حتى لو كانت هذه الإجراءات يرفضها البعض، وأن المؤشرات الاقتصادية الأخيرة تؤكد حاجة الاقتصاد الملحة لمحفز قوى، بعد استمرار تراجع الصادرات بشكل كبير، واستمرار تدهور الاحتياطى النقدى لدرجة أصبحت خطيرة، بالإضافة إلى توقف العديد من الصناعات التى تعتمد على استيراد المواد الخام من الخارج بسبب نقص الدولار أو نقص الطاقة.

البنك المركزى بدأ هذا الإجراء بتخفيض مفاجئ لقيمة الجنيه أمام الدولار، ورغم أن هذا الإجراء له تداعيات كبيرة على أسعار السلع وبالتالى التضخم وحياة المواطنين البسطاء، فإنه فى جوهره قرار سليم، للحفاظ على البقية الباقية من الاحتياطى النقدى.

كما يأمل «المركزى» أن يساعد تخفيض الدولار على زيادة حجم الصادرات المصرية، لكن المشكلة أن أغلب الصناعات المصرية تعتمد فى جانب كبير منها على استيراد مواد الخام أو قطع الغيار، وهو ما تسبب فى استمرار تراجع الصادرات.

وللخروج من هذه الأزمة لا بد على الحكومة أن تتخذ عدة إجراءات مهمة لتحفيز الصناعة المحلية أولها منع أو على الأقل زيادة الجمارك على كل السلع التى تستورد ولها نظير محلى، بهدف تقليل الضغط على النقد الأجنبى، وتشجيع الصناعة المحلية والتصدير أيضا، كما يجب على الحكومة العمل على إعادة المصانع المتوقفة للعمل وتوفير الطاقة اللازمة لذلك لتحفيز الاقتصاد وزيادة معدلات التشغيل ومنع الاقتصاد العام من الدخول فى موجة ركود عامة.

ثم جاءت تعديلات قانون الكسب غير المشروع لتسمح بالتصالح مع متهمى جهاز الكسب بشرط إعادة المبالغ التى استولى عليها، وأن تكون المصالحة قبل المحاكمة، ومضاعفة هذه الأموال إذا جاءت التسويات فى مراحل لاحقة للمحاكمة، وهى إجراءات رغم ما بها من مآخذ فإنها ستعيد جزءا كبيرا من أموال الدولة صعب الحصول عليه بالطرق التقليدية، بالإضافة إلى أنها ستزيل جانبا من مخاوف المستثمرين الأجانب من الاستثمار فى مصر.

ونرى أنه على الجميع أن يستوعب أن المرحلة الحالية لا تتحمل الاختلاف وليس هناك طريق للنهوض بالاقتصاد المصرى إلا بالالتفاف حول برنامج واضح للإصلاح، حتى لو كانت له أضرار جانبية، مع التأكيد على أن واجب الحكومة أيضا أن تحمى الفئات الفقيرة، خصوصا فيما يتعلق بأسعار السلع الأساسية عند اتخاذ مثل هذه الإجراءات، التى تتركهم فريسة للتجار الجشعين، لاستغلال الظروف وتحقيق مكاسب سريعة.

وكان المستشار أحمد الزند، وزير العدل، دعا منذ أيام جميع الخاضعين لأحكام قانون جهاز الكسب غير المشروع من أصحاب القضايا، إلى سرعة الإفصاح عن رغبتهم فى الاستفادة من التيسيرات الواردة فى التعديلات التى طرأت، مؤخرا، على القانون، والتى من شأنها إجراء التصالح معهم نظير ردهم لكامل مستحقات الدولة المستولى عليها.

وقال المستشار عادل السعيد، مساعد وزير العدل لجهاز الكسب غير المشروع، فى بيان له، إن تلك التيسيرات تأتى فى ضوء استجابة الدولة بإقرار التعديلات المقترحة على القانون رقم 62 لسنة 1975 فى شأن جريمة الكسب غير المشروع، بإصدار القانون رقم 97 لسنة 2015، وذلك لاسترداد أموال الدولة، تحقيقا للمطالب الشعبية فى هذا الشأن، وترسيخا لدولة القانون واستقرار أوضاع الخاضعين وتدعيما للاستثمار الذى يحتاج إلى بنية تشريعية مناسبة، وكذلك حرصا على الصالح العام وتوعية المواطنين، مشيرا إلى أنه تم بدء العمل بهذا التعديل اعتبارا من 21 أغسطس الماضى.

وأضاف المستشار السعيد أن طلبات التصالح تقدم من المتهمين أو ورثتهم أو الوكيل الخاص، كتابة إلى رئيس جهاز الكسب غير المشروع بالطابق السابع بمبنى وزارة العدل الكائن بميدان لاظوغلى، على أن يتضمن الطلب الإقرار برد قيمة الكسب غير المشروع كاملة، لتتولى هيئة الفحص والتحقيق بالجهاز استكمال الإجراءات القانونية المنصوص عليها.

وأكد مساعد وزير العدل لجهاز الكسب غير المشروع، أن قبول طلبات التصالح واسترداد أموال الدولة، يترتب عليه العديد من المزايا التى كفلها القانون للمبادرين بذلك، منها انقضاء الدعوى الجنائية وجميع الإجراءات التحفظية (التحفظ على الأموال والمنع من السفر) ووقف تنفيذ العقوبات المقيدة للحرية وامتداد أثر التصالح إلى جميع المتهمين وإلى جرائم العدوان على المال العام وغسل الأموال المرتبطة بجريمة الكسب غير المشروع. وأشار إلى أنه تحفيزا للخاضعين، فقد نص القانون على أن يلتزم من يبادر إلى تقديم طلب التصالح أثناء إجراء التحقيق، برد مبلغ الكسب غير المشروع فقط، فإذا تقدم فى مرحلة المحاكمة يتم إلزامه بغرامة تعادل قيمة الكسب.


اليوم السابع -10 -2015









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة