ثروة وطنية ضائعة، هكذا تحول انتصار أكتوبر وهكذا أصبح فى الوجدان الشعبى المصرى، ففى الوقت الذى تتفنن فيه دول العالم فى تمجيد تاريخها وترسيخه فى الوجدان، نتفنن نحن فى تحطيم تاريخنا وإهداره وجعله نهيبة للنسيان، وفى الوقت الذى تحاول فيه بعض الدول الفارغة من التاريخ والبطولات اصطناع تاريخ بطولى حتى ولو بالسرقة، نترك نحن تاريخنا للسارقين غير مكتوب ولا مسموع ولا مقروء ولا مرئى، وكأن أبطالنا من المغضوب عليهم والضالين، وكأن المقصود فحسب هو تصدير تلك الصور السلبية عن مصر والمصريين وإغماد نور التاريخ فى قبور النسيان.
انظر كيف يتعامل الغرب مع بطولاته وإنجازاته لتعرف كيف أجرمنا فى حق أبطال أكتوبر؟ انظر وتأمل كم الأفلام التى أنتجها الغرب ليعرض فيها تاريخه أمام أعين البشر عامة وأبناء بلاده خاصة لتعرف أننا نودى بأنفسنا إلى التهلكة؟ أفلام مليئة بالإنسانية الرهيفة، مدعمة بروح وطنية حانية، تفتح الجروح ولا تتجاهلها، تتعامل مع البشر باعتبارهم بشرًا، يصيبون ويخطئون، ومع الأبطال باعتبارهم أصحاب قرار فارق فى لحظة فارقة، فلا تظل البطولة بعيدة عنك، ولهذا تصبح أفلامهم نابضة بالحياة، مدعمة بروح الإنسانية والوطنية والعفوية، فتؤدى الرسالة على وجهها الأكمل، وتصبح البطولة أمرًا عاديًا لا تشترط شيئًا إلا الإرادة والإصرار.
محمد حسين مسعد، إبراهيم الرفاعى، محمد عبد العاطى، أحمد حمدى، إبراهيم عبد التواب، حسين رضوان، شفيق مترى، سيد هنداوى، غريب عبد التواب، شنودة راغب، نبيه جرجس، عشرات الأسماء البراقة التى سطرت بدمائها تاريخًا ناصعًا لا تشوبه شائبة، عشرات وعشرات، منهم من نعرف عنهم شيئًا، ومنهم من نتجاهلهم ونذيقهم الموت كل يوم فنموت نحن لأنهم "أحياء عند ربهم يرزقون" ولكى لا نظل نبكى على "الوطن" المسكون أقترح هنا أن تقوم وزارتا الدفاع والثقافة بمبادرة إيجابية لتشجيع هذه النوعية من الكتابات بعمل منحة تفرغ للأدباء والمبدعين من أجل الكتابة عن بطولات الجيش المصرى فى حرب أكتوبر وغيرها من حروبنا المجيدة، بحيث تتخلص الكتابات ذات الطابع الحربى من الإنشائية المجانية، وتتحول إلى صيغة إنسانية وطنية شاملة، بشرط أن يتبع الكتاب الحاصلون على هذه المنحة شروط التقصى العلمى المحكم عن طريق دراسة الأبعاد التاريخى والاجتماعية والإنسانية والشخصية للشخصيات المراد الكتابة عنها، وأن يقوموا بزيارة الأماكن الحقيقية التى حدث فيها هذه الأحداث ويعايشوا الأجواء التى عاشها هؤلاء الأبطال، فيصبح التاريخ حيًا أمامنا، ويظل "أكتوبر" رمزًا لشموخ الشعب المصرى وتحديه.
كل عام وأبطال مصر بخير
موضوعات متعلقة..
- الرئيس عبد الفتاح السيسى يهنئ المصريين فى المملكة المتحدة بمناسبة عيد الأضحى